أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - العرب السنة بين الإبادة أو التهجير















المزيد.....

العرب السنة بين الإبادة أو التهجير


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 4823 - 2015 / 5 / 31 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صحيح أن أشلاء ضحايا التفجيرات والمجازر التي يرتكبها داعش في بغداد ومدن أخرى تهيمن على المشهد الأمني والاجتماعي في العراق، ولكن التمعن العميق في هذا المشهد سيؤكد لنا أن الخطر الأكبر يستهدف العراقيين من العرب السنة أكثر من غيرهم على المدى البعيد، وهناك الكثير من الوقائع والأدلة التي تؤكد أنهم سيواجهون جديا خطر الإبادة أو التهجير من بلادهم أو من مناطقهم ومدنهم داخل البلاد.

فبعد سقوط الرمادي "غير المفاجئ" للبنتاغون، بحسب الناطقة باسمه إليسا سميث، والتي قالت إنهم كانوا يتوقعون سقوط الرمادي قبل شهرين، ولكن العاصفة الرملية في ذلك اليوم حسمت المعركة لصالح داعش، بعد سقوطها، يبدو أن الانقسام والتشتت العشائري تكرس تماماً في الوسط "العربي السني"، وأنه سيكون مدمراً لهم قبل غيرهم، فالعشائر والمدن والبلدات انقسمت على نفسها بعمق مع أو ضد داعش وانتهى زمن الحياد.

التطور الجديد والأخطر هو أن الانقسام والصراع الدموي انتقل الى داخل كل عشيرة وقرية وبلدة، وأصبحت العداوات والثارات والدماء تسيل من شبكة بشرية معقدة ومأساوية.

في مواجهة هذا الواقع انقسمت الزعامات السياسية، التي تزعم تمثيل هذا المكون، إلى قسمين متصارعين الأول، يشارك وينتفع من لعبة "العملية السياسية" القائمة على نظام المحاصصة الطائفية والعرقية مع استمراره بلعب دور الناقد والمعارض للتوجهات الثانوية للحكم بهدف زيادة حصصه من مغانم الحكم، والثاني، اختار المعارضة السلمية والمسلحة من منطلقات طائفية وفئوية ولم يتبنَ حلا أو مشروعا وطنيا مناقضا للحكم القائم.

في جميع الأحوال، وسواء هزمت داعش في مدى زمني متوسط، أو تقدمت وتمددت، فسينزف العراقيون في المناطق الغربية والشمالية المزيد من الدماء، وستظهر العديد من المقابر الجماعية ومخيمات النازحين، وستدمر المدن والحواضر مزيدا من التدمير. ففي حال سيطر تنظيم الدولة/ داعش على أي منطقة أو مدينة جديدة فإنه سينفذ مذابح بشعة بالعشائر أو أجزاء العشائر التي قاتلت مع الحكومة أو بمفردها، ودفاعاً عن نفسها وليس عن الحكومة، ومجازر داعش بالمئات وربما الآلاف من عشيرة آلبو نمر في هيت وعشيرة الجبور في صلاح الدين ونينوى حاضرة في الأذهان. وإذا سيطرت القوات الحكومية على مدينة أو منطقة وطهرتها من داعش فستضطر العشيرة أو أجزائها التي قاتلت مع داعش الى الهرب والتشرد، وتمنع من العودة إلى ديارها من قبل العشائر والسكان الذين انحازوا إلى جانب الحكومة، كما حدث مع عدد من عشائر وبلدات صلاح الدين. بل أن مأساة النازحين من محافظات ديالى وكركوك وصلاح الدين بلغت درجة رهيبة، قد لا يستطيع البعض تصديقها داخل أو خارج العراق. ففي مؤتمر صحافي أعلنت النائبة ناهدة الدايني عن محافظة ديالى، أن النازحين من هذه المحافظات منعوا من العودة إلى مناطقهم وديارهم بعد السماح لعدد قليل منهم بذلك، وإن هذا المنع دفع النازحين في مخيم "عين ياوه" إلى تحميلها شخصياً رسالة إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي يطلبون منه فيها أن يأمر بقصف مخيمهم بالطيران الحربي لقتلهم وإنهاء معاناتهم من التشرد والجوع والتسول والإذلال!

لهذه الأسباب والوقائع وغيرها، فإن من يقول إن تنظيم الدولة/ داعش قتل وسيقتل من العرب السنة أكثر من غيرهم لا يجانب الصواب، وستكون حصة ساسة وزعامات هذا المكون المؤيدين أو المتعاطفين أو الساكتين على جرائم تنظيم الدولة، وخصوصا من المقيمين في فنادق عمان وأربيل، من المسؤولية حصة ثقيلة جدا.

وإذا قيل اليوم، إن الخاسر الأكبر في هذه الحرب البشعة هم العرب السنة فيجب أن يصدق الناس ذلك، ولكن هل ثمة من يسأل أو يتساءل: مَن هو المستفيد الأكبر من خسارتهم، ومن تضحيات إخوانهم من الطوائف الأخرى، وخصوصا إقليميا!

إن مجرد طرح السؤال يعني الحصول على مفتاح مهم لصندوق الفهم والأسرار.. ويبقى الأمل معقودا على الشجعان من شباب عشائر الغربية الذين يقفون في وجه مسلحي داعش و"الساسة الدواعش" للدفاع عن أهلهم وعراقهم!

ومع ذلك، ينبغي الاستدراك بهدف توضيح، أن المراهنة على قوة مسلحة مكونة على أساس إثني أو طائفي خطيرة جدا، خصوصاً في ظل حكم قائم على أساس المحاصصة الطائفية، وفي ظل دعوات دولية ومحلية علنية لتقسيم البلاد إلى دويلات طائفية، ولهذا فإن الأمل المعبر عنه بالكلمات السالفة هو أقرب إلى التمني والطموح أكثر منه استشرافاً واستنتاجاً عقلياً معلَّلاً لكي يقوم شباب هذه المناطق بواجب الدفاع عن مناطقهم وأهلهم بما يتوفر من سلاح، وتنظيم أنفسهم على أساس جغرافي. وأدرك أيضاً أن مهمة كهذه ستكون صعبة جدا لأسباب كثيرة منها: أن هؤلاء المقاتلين الشباب من أبناء عشائر ومدن المنطقة الغربية والشمال كانوا وسيكونون مستهدفين من عدة أطراف وقوى، مباشرة أو بشكل غير مباشر، فهم مستهدفون من قبل عصابات داعش وخلاياها المسلحة النائمة في مناطقهم، كما انهم ضحية لخداع واحتيال "مقاولي الصحوات" الذين يريدون أن يغتنوا عبر المتاجرة بدمائهم وسلاحهم، وهم مستهدفون من قبل أجهزة الحكومة الأمنية التي لا تثق بهم لأسباب لا تخرج عن إطار "العُصاب الطائفي" ولا تريد لهم أن يتحولوا إلى قوة مسلحة ذات بأس ومستقلة عن حكم المحاصصة، بل تريد أن تجعل منهم ذراعاً مسلحاً من أذرع الأخطبوط التابع لهذا الحكم. وأخيرا، فهؤلاء الشباب سيكونون موضوعاً للاستهداف والمنافسة الفئوية من قبل القوى والمليشيات المسلحة للمكونات الطائفية والإثنية الأخرى. إضافة، طبعاً، إلى أنهم سيكونون مستهدفين من قبل جواسيس وعملاء الأجهزة المخابراتية الأجنبية الموجودة في مناطق نشاطهم.

وعلى هذا، فإن مهمة هؤلاء الشباب ستكون صعبة جدا رغم نبلها وبطولتها لأنهم لن يكونوا القوة الأهم التي يتعلق بوجودها، إضافة إلى عوامل وقوى أخرى، مستقبل منطقتهم وأهلهم فحسب، بل - وأيضا- مستقبل العراق كله.

غير أن أي أمل بخلاص العراق وشعبه لا يمكن أن يكون ممكناً وواقعياً إلا على المستوى الوطني، وليس على المستوى الفئوي والجهوي والمكوناتي، أو على الأقل على مستوى المكون القومي العراقي الأكبر الذي يشكل أكثر من 85% من سكان البلد وأعني عرب العراق - طالما استمرت الزعامات الكردية بالانكفاء على ذاتها وطموحاتها القومية الاستقلالية - من أجل قيام قوة عراقية تستهدف إنهاء نظام حكم المحاصصة الطائفية والعرقية القائم في العراق قبل وأثناء وبعد عمليات التصدي للخطر الفاشي الذي تمثله عصابات داعش الظلامية. فكيف السبيل إلى اجتراح المأثرة الكبرى وتحويل هذا الأمل إلى عمل لإنقاذ العراق الموحد وشعبه الواحد في ظروف معقدة وبالغة الصعوبة، ظروف غاب فيها القطب الوطني والديموقراطي العراقي بشكل فاجع، وتحولت الحركة الوطنية التقليدية إلى مجرد تراث جميل يجتره البعض في الاحتفالات الحزبية، وقد انتحلت قوى طائفية متخلفة ومضادة لحركة التاريخ أسماء ورايات تلك الحركة الغائبة المغيبة، وفي ظل تدمير وتشويه الانتماء والهوية الحضارية العربية الغالبة للعراقيين بعد تجربة الحكم القومي البعثي طوال نصف قرن تقريبا من المجازر والخيبات تحت هذه الراية والشعارات القومية العروبية! وفي ظل تشويه وتدمير الانتماء والهوية الوطنية العراقية وإعلاء شأن الهويات الفرعية الطائفية في عراق ما بعد الاحتلال؟
كيف السبيل إلى هزيمة داعش ونظام المحاصصة الطائفية معا؟ هذا هو السؤال التحدي، والذي كلما زادت صعوبته زاد نبل وعظمة الشباب العراقيين الذين يواجهونه بهدف تجسيده والإجابة عنه!



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطلب إعادة كتابة الدستور في مبادرة الكبيسي
- قرارتقسيم العراق : أوامر الكونغرس والتنفيذ للطائفيين العراقي ...
- فيلم عن إبادة الأرمن: مزرعة القبرات
- ماذا حدث في الثرثار ياحكومة المحاصصة؟
- متابعة يومية للتجاوزات الإجرامية في تكريت
- مع وزيري النقل والخارجية.. بصراحة
- جريمة ضرب الأطفال في المدارس العراقية
- نحو بغداد : نيران أميركية وإيرانية -صديقة-
- تهويلات وأكاذيب واشنطن بوست ومن يترجم عنها
- الحق مع دعاة التريث .. مركز تكريت
- لماذا تسكت القيادة العليا وماذا يحدث في مركز تكريت
- دلالات معركة تكريت
- موضوعان مشهديان من عراق اليوم
- دماء بروانة: القتيل واحد والقاتل أيضا!
- انتصار كروي آسيوي ثمين ولكن!
- أونفيري ومساواة التكفيريين-الجهاديين- بعموم المسلمين
- طبقة كتاب نظام المحاصصة الطائفي ومشتقاتها!
- مجزرة -شارلي ايبدو- و التضامن النقدي المراد
- في العراق معضلة نظام لا أزمة زعامات
- من إفراط المالكي إلى تفريط العبادي


المزيد.....




- مسجد باريس الكبير يدعو مسلمي فرنسا لـ-إحاطة أسرة التعليم بدع ...
- جيف ياس مانح أمريكي يضع ثروته في خدمة ترامب ونتانياهو
- وثيقة لحزب الليكود حول إنجازات حماس
- رئيس الموساد: هناك فرصة لصفقة تبادل وعلينا إبداء مرونة أكبر ...
- لقطات جوية توثق ازدحام ميناء بالتيمور الأمريكي بالسفن بعد إغ ...
- فلسطينيو لبنان.. مخاوف من قصف المخيمات
- أردوغان: الضغط على إسرائيل لوقف حرب غزة
- محلات الشوكولاتة في بلجيكا تعرض تشكيلات احتفالية فاخرة لعيد ...
- زاخاروفا تسخر من تعليق كيربي المسيء بشأن الهجوم الإرهابي على ...
- عبد الملك الحوثي يحذر الولايات المتحدة وبريطانيا من التورط ف ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - العرب السنة بين الإبادة أو التهجير