فلوجة الإنتقام الرخيص

واصف شنون

الحوار المتمدن-العدد: 4818 - 2015 / 5 / 26 - 08:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

خرجتُ قبل ليلتين مع صديقتين أستراليتين ، الأولى تعمل كـ(راعية ) للحيوانات ،تنظف وتطعم وتطبب الحيوانات في محمية تبعد عن سيدني 5 ساعات ونصف في الطائرة ، والثانية تعمل في سيدني سائقة باص ودليل سياحي في المحميات الخاصة للحيوانات الأسترالية النادرة ، أمضينا أمسية هادئة جميلة فجميعنا قد تجاوز الخمسين من العمر ، لكن الذي شدّني كثيرا هو أسئلتهنّ التي لاتنقطع عن داعش والعراق والإسلام وظلم النساء وبؤس الحياة والحروب ، حتى رجعت للمنزل منهكاً ذهنياً ،فإجاباتي لهنَّ يجب أن تكون دقيقة ومقنعة وباللغة الإنكليزية ،فليس من السهولة إقناعهنّ بإجابات سطحية إنفعالية ، بعد تلك الأمسية قررت أن أرتاح قليلاً ، من مطالعة الأنباء وفيس بوك ، حتى هذا الصباح الذي بزغ عليّ بجثة شاب معلقة في اعلى جسر في مدينة الفلوجة العراقية ، هذه الفلوجة تعد كارثة عراقية بامتيارز فقد ساهمت كثيرا بتخريب التغيير(إحتلال أوتحرير لم يعد هناك فرق) الذي جرى بعد (2003 ) ، لم أزر هذه المدينة طوال وجودي في العراق ، وأعرف عنها أربعة أشياء :
- ضباط عنصريون
- عاش فيها معروف عبد الغني الرصافي
- شهرتها في مطاعم الكباب
- فيها 100 مسجد مع متشددين اسلاميين...
الذي يهمني هو الأخير ، 100 مسجد يدعو للرحمة والتسامح والعطف على المساكين والفقراء وأل السبيل والوالدين والغريب والأسير .....100 مسجد تهتف بأسم القرآن والسنّة والسيرة (المعطرة الطاهرة ) في التعامل مع الآسرى ، لم تمنع روح الإنتقام في النفوس الشريرة ،أليس هذا ما يثبت بطلان تلك المساجدجميعا ..؟ جندي جريح أسير يتم وضعه في شاحنة تدور في شوارع تلك المدينة وسط أهاليل الزعاطيط والشيوخ على حد سواء ومحلات الرزق مفتوحة والناس على جانبي الشوارع يتكدسون يتفرجون على اسير جريح محاط بثلة من الملثمين الأوغاد المغسولة عقولهم وأفئدتهم بالحقد الجنوني على الناس جميعاً ، فمهما تعمقت الأسباب ، لايمكن لبشر أن يفعل افعالهم التي فاقت الكوابيس ...!
لقد شنقوه من أعلى الجسر ...أقدامه فوق رؤوسهم العفنة ..لو كان أخي أو أبني لما بكيت ..!!
أي انتقام غبي ورخيص ..!
*****
نهاية الفتى
صوتك َ وحيد ٌ يُشبه عنق رأسك،
لاتخشى القيامة فحين ترتطم،
لاتجدَ سوى موتى يخفون حياتهم بعيداً عنك،
أنت وحيد لكن صوتك حيُّ فيه عشب وماء .

#واصف_شنون (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل