أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد جمعة زبون - السجن والمعتقل بين سطوة التعذيب وسلطة الخلود.














المزيد.....

السجن والمعتقل بين سطوة التعذيب وسلطة الخلود.


احمد جمعة زبون
أستاذ أكاديمي وسياسي عراقي

(Ahmed Jumaa Al-bahadli)


الحوار المتمدن-العدد: 4811 - 2015 / 5 / 19 - 04:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السجن والمعتقل بين سطوة التعذيب وسلطة الخلود.
===========================
يعتقد أغلب الطغاة بأن واحدا من أسرار قوتهم هو تفعيل السجون والمعتقلات، ليقمعوا بذلك كل صوت رافض لاستبدادهم، ومخالف لأهوائهم ومنظومتهم المحاطة بأجواء سرانية وحواجز متعددة ومنيعة. ولهم فيها أساليب عجيبة وغريبة لتعذيب الافراد الثائرين والرافضين، غير أن المعادل الموضوعي لمقاومة هذا القمع المستبد، ليس في الانصياع لمهاترات الفكر المنحرف الذي ينشده الطغاة، وإنما يتمثل بالرفض له وبالتعايش مع المأساة بطريقة تفوق ما للواقع من مستلزمات للتعايش نفسه.

وحين نطالع السجون وعلى مر التاريخ سنجدها تتعكز على منظومة من التقشف، وكأنها ذات بنية معدة مسبقا للعيش في مكان يسلب منا كل واقعية أعتدنا عليها، بل ويسلب كل شيء، في تقابل غريب، فمن النور إلى الظلمة، ومن سعة المكان إلى ضيقه، ومن الزخارف والنقوش إلى حيطان مجردة، ومن أناسة وتفاعل مع الاخر إلى وحدة صماء. وهكذا... فضلا عن التعذيب الدوري وعن لوائح السلوك والجلوس والاشغال الشاقة، وبإختصار إنه محطة (للنفي) بكل ما لهذه الكلمة من معنى.

هذه الاشارات على ما فيها من بساطة، كافية لكشف السمات والعناصر التي ولع بتطبيقها الطغاة، إذ جعلتهم في موقف التخويف الدائم للشعوب المستضعفة، وكانت سببا لاسكات الجماعات الثائرة، ولذلك بالغوا فيها وجعلوها واحدة من مآثرهم وكانت سببا في ديمومتهم، بل ولعلها من اوضح الطرق واكثرها اختصارا لنفي الذات (الفردية) المحركة للجماعات الثائرة. وكلما كان الطاغية متمسكا بالدنيا كانت سمات وعناصر أمكنته القمعية وأفرادها القائمين عليها أكثر أبتعادا عن الواقع المألوف وأقرب إلى المخيال الاسطوري الذي تضخمه الحكايات الشعبية فيما بعد.
غير أن أكثر الاشياء إنتهاكا للفرد (السجين) هو (جسده)، ليس الجسد بما هو وعاء خارجي لصورة الذات، وإنما بما هو حضور لفاعلية الذات بكل ما فيها من قيم ومبادئ، ولذلك يعذب في (السجين) جسده الذي يعني في مرأة السطوة تعذيب للقيم وللمبادئ ذاتها. وحينها يتوجب على السجان أداء الدور بأقسى صوره في محاولات دؤوبة لسلخ الجسد وهو يعني سلخ تلك القيم والافكار المعارضة لفكر الطاغية الحاكم. بينما يتوجب على (السجين) التفاعل مع استراتيجية المظهر الجديد لجسده الذي يبدو وكأنه قد خضع لعملية تشويه متعمد.

ويغفل أغلب الطغاة عن حقيقة متجاوزة للجسد بل ومتجاوزة للزمكان، حتى وان تمت السيطرة على كامل الوجود الفعلي (للسجين)، هذه الحقيقة هي (الفكر).. وكلما كان الفكر قادما من مصادر رفيعة كلما كان سيالا ومنزلقا كالماء لا يمكن السيطرة عليه، ولذلك لا سبيل أمام كل هذه الانتهاكات لكينونة الذات (السجينة) إلا الخلود والبقاء، وهنا يبدو أن التفاعل مع السجين في حجب كل متقابلات الواقع بنظام من التقشف، تكسرها الفضاءات والملكات الذاتية لفكر السجين ومبادئه وقيمه. خصوصا إذا ما كان متجاوزا لحدود جسده. فالفكر منظومة لا مادية تسبح في دائرة الحضور الجمعي وسرعان ما تنتشر هذه المنظومة تحديدا إن كانت تبغي رفعة المجموعة ذاتها.

وفي هذه الايام المباركة أدعوكم لنستذكر لحظات الامام (موسى بن جعفر) عليه السلام، في سجن طاغية عصره هارون اللارشيد، وآليات السيطرة على جسد الامام المبارك، ظانا بأنه سيسيطر على المنظومة الفكرية الإلهية، وهنا نكتشف غباء الطغاة وعدم قدرتهم على إنتاج مجتمع حقيقي، له القدرة على إيصال الشعب او الجماهير إلى درجة من الكمال المنشود أو المبشر به في كل أدبيات الأديان السماوية المباركة.

وفي الحقيقة يمكننا أن ننظر إلى الطغاة بوصفهم شلة من الاغبياء على مر التاريخ، وأن ننظر إلى السجن والمعتقل وسطوة التعذيب على أنها محطة من محطات القرب الإلهي ننطلق منها إلى (سلطة الخلود). كما فعل إمامنا (موسى بن جعفر) عليه السلام، إذ حول الفكر إلى سلطة خالدة تأثر بها الملاين من الأحرار والمصلحين في مختلف بقاع العالم، وكما فعل كل الأئمة عليهم السلام المتجاوزين لأجسادهم الشريفة.

د. أحمد جمعة البهادلي.
بغداد 25/ رجب الاصب/ 1437
الخميس 14 / 4 / 2015



#احمد_جمعة_زبون (هاشتاغ)       Ahmed_Jumaa_Al-bahadli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاهداف العامة لصناعة التطرف في المنطقة العربية والإسلامية.
- هل تملكون قائدا مثل الجعفري؟
- مؤشرات إصلاحية عامة حول توالي الدورات الانتخابية وتعاقب الحك ...
- قانون الاحزاب العراقية .. مقدمة واجبة لتحقق الديموقراطية.
- الأخلاق الثالثة .. تطور في جغرافيا السلوك المتطرف.
- الشباب وأزمة تفعيل الخطاب الفني والثقافي.
- استطيقا صورة (الجسد) : الظاهرة (الانطولو - ثيولوجية)
- انطباع وتساؤلات .. خارج حدود المنهج .
- صورة الجسد الجمالية في فن الفوتوغراف (photography)
- سكسيولوجيا الجسد، حفر أركيولوجي للمفهوم
- الجسد والانطولوجيا – مفهوم وتساؤلات
- مفهوم الخطاب والخطاب الجسدي
- نظام الأنظمة .. عبارات في الدلالة والصورة والمعنى.
- ( العِلمُ ) .. المفهوم والتفسير.
- المنطق والمعرفة ، والحاجة الراهنة .
- الجماعات والطقوس التعبدية والولائية.


المزيد.....




- حجة الاسلام شهرياري: -طوفان الاقصى- فرصة لترسيخ الوحدة داخل ...
- القناة 12 الإسرائيلية: مقتل رجل أعمال يهودي في مصر على خلفية ...
- وزيرة الداخلية الألمانية تعتزم التصدي للتصريحات الإسلاموية
- مراجعات الخطاب الإسلامي حول اليهود والصهاينة
- مدرس جامعي أميركي يعتدي على فتاة مسلمة ويثير غضب المغردين
- بعد إعادة انتخابه.. زعيم المعارضة الألمانية يحذر من الإسلام ...
- فلاديمير بوتين يحضر قداسا في كاتدرائية البشارة عقب تنصيبه
- اسلامي: نواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وفق 3 أطر
- اسلامي: قمنا بتسوية بعض القضايا مع الوكالة وبقيت قضايا أخرى ...
- اسلامي: سيتم كتابة اتفاق حول آليات حل القضايا العلقة بين اير ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد جمعة زبون - السجن والمعتقل بين سطوة التعذيب وسلطة الخلود.