أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد جمعة زبون - الأخلاق الثالثة .. تطور في جغرافيا السلوك المتطرف.














المزيد.....

الأخلاق الثالثة .. تطور في جغرافيا السلوك المتطرف.


احمد جمعة زبون
أستاذ أكاديمي وسياسي عراقي

(Ahmed Jumaa Al-bahadli)


الحوار المتمدن-العدد: 4344 - 2014 / 1 / 24 - 22:22
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الأخلاق الثالثة .. تطور في جغرافيا السلوك المتطرف.

منذ أن جاء اليونان بفكرة المثال، والفكر العالمي يحاول إنتاج أفعاله على مستوى تلك القيم، لكن هذا المشروع القيمّي لم يدم طويلا، ويبدو لي أن العالم قد تغير، أو لنقل انه انحرف في مساره الأخلاقي، لان المحدد في علاقة المجتمعات وبعض الدول قد فقَدَ المرجع الأخلاقي تجاه بناء مؤسسة الإنسان، فأخذت علاقة المجتمعات هذه الأيام تنضج في مطبخ (السياسة)، وهذا المولود الأخير لا ينظر إلى تلك الأفكار النبيلة في كلاسيكيات الحضارات الإنسانية على ما فيها من اختلاف. وإنما ينظر إلى فرض هيمنة الشمولية للتحكم بثروات البلاد، وإخضاعها كليا، وصولا للسيطرة على تصرفات (الفرد)، فقد أسست (السياسة) أنظمة جديدة تعلن من خلالها عن ما هو مقبول ومرفوض سلوكا، إزاء (الذات والآخر). وهي بذلك تنشئ مفاهيماً جديدة في أنظمة التداول الاجتماعي، فقد أصبح العقل الشمولي، (الكوني: الكوزمولوجي)، يفكر في إخضاع أي علاقة (فردية) ام (جمعية)، محلية ام دولية، يخضعها إلى المثال الأخلاقي السياسي الجديد.

فهو ينظر إلى حجم الفوائد والمكاسب التي يجنيها من تلك العلاقة. وهذا نجاح للبراكماتية الأمريكي في المنطقة، نجاح للنفعي الذرائعي. بعد أن تهشمت مطالب الشيوع تلك التي كانت تنادي بـ(الاكسيولوجيا: القيمّية) عبر الأخلاق والجمال.

لقد تأكد لي كـ(باحث) عن السلام، أن فكرة الهيمنة على (الآخر)، فكرة لا أخلاقية، وبذلك أبدو مواطنا من عصور قديمة يفهم الأخلاق على أنها تقديم المساعدة والعون إلى الآخر، دون فرض الهيمنة عليه واستغلاله. لأن المعيار المثالي الكلاسيكي متمثل بـ(أحبب لأخيك ما تحب لنفسك). كما تأكد لي كذلك أن السلام الإنساني أمر ممتنع الحصول أو التحقق، بل وممتنع الفرض؛ لان الأفكار الشمولية التي تصدرها بعض الدول العظمى، كلها مغلفة بذلك النبل الرفيع (الحضاري) النشأة، غير أن حقيقتها من الداخل وفقا للمفهوم الأخلاقي السياسي الجديد، تعني تنفيذا لمخطط الهيمنة، وفرض ستراتيج مرسوم ومعد مسبقا، وعليه أن يكون على ارض الواقع. لذلك أخذت انظر إلى كل المفاهيم والأفكار الكبرى من زاويتين متغايرتين، (الفردية والجمعية)، (المحلية والإقليمية)، فليس هناك من دعوى للتحرر والمطالبة بالحريات إلا ويرافقها سلوك الأخلاق الجديدة في هيمنة طرف ما على طرف آخر. حتى اندثرت تلك الأخلاق الحضارية القديمة (تماما) عند أغلب الأفراد والجماعات (المتطرفة)، وأخذت وبشكل متسارع تنشأ أخلاقا لا تعرف الأخلاق ولا تمت لها بصلة. الأخلاق (الثالثة) هذه، لا تحاول الهيمنة على الآخر فقط، وإنما تحاول إلغاء وجوده بالكامل. إنها أخلاق (الذبح والقتل والتفجير والتهجير و التمثيل بالأعضاء والاغتصاب وهتك المحرمات) وتحريف كل المنظومات الأخلاقية السابقة.

فإن كانت الأخلاق الأولى: الكلاسيكية، تفتح طاولة الحوار مع الآخر، وان قلبت الأخلاق الثانية: السياسية الطاولة رأسا على عقب لغرض هيمنتها عليه، فان الثالثة (المتطرفة) تلغي وجود الآخر بل وتلغي الطاولة ذاتها. ولا اعرف كغيري من المتأملين بهذه المتحولات الأخلاقية المرجع الذي يؤكد حضور فعل الإلغاء أو الإقصاء أو القتل. لأننا نعلم جميعا بان الإنسانية كمفهوم ذهني أو كوجود تكويني تعني التساوي بين (الذات والآخر). والميزان المتساوي الكفتين تغيب فيه أفضلية ما كان في الشمال عن ما كان في اليمين. والغريب في الأمر أن أخلاق المتطرف التدميرية تنادي بوجوب تفعيل الأخلاق والقيم، بل وتصرخ بأعلى مثال شَرَعَ الأخلاق والقيم ذاتها.. خصوصا عندما تتصدى لقتل الآخر.. إنها تحاول أن تؤكد بأن (الله أكبر) يعني الاقتتال والذبح والإقصاء والتفجير ... وكل ما في الجيل الثالث من ابتكارات للأخلاق التدميرية.

لقد تأملتُ في الأخلاق الحضارية والسياسية المتطرفة، مبتعدا في الحوار عن الأخلاق (الثيولوجية: الدينية)، لرفعتها وسموها ولا جدال في ذلك. مطالبا بالعودة إلى مفاهيمها وترجمتها كفعل واقعي في دائرة الحضور بين (الذات والآخر)، ليس لأنها محلا للكشف ولتهذيب النفس، وإنما لكونها محل لإصلاح دائرة الحضور بين (الذات والآخر). علما أن الطفرة الجينية في تطور الأخلاق المتطرفة (على الأقل في العراق والجزيرة العربية وبلاد الشام)، تمتد كرونولوجيا إلى تلك الصحراء في ارض كربلاء المقدسة حيث (قطعت الرؤوس) الشريفة، وسلبت الأجساد المباركة. فمثل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ولد الزهراء ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا يستحق أن يعامل بمثل هذه الأخلاق التدميرية.

د. أحمد جمعة زبون
جامعة بغداد



#احمد_جمعة_زبون (هاشتاغ)       Ahmed_Jumaa_Al-bahadli#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشباب وأزمة تفعيل الخطاب الفني والثقافي.
- استطيقا صورة (الجسد) : الظاهرة (الانطولو - ثيولوجية)
- انطباع وتساؤلات .. خارج حدود المنهج .
- صورة الجسد الجمالية في فن الفوتوغراف (photography)
- سكسيولوجيا الجسد، حفر أركيولوجي للمفهوم
- الجسد والانطولوجيا – مفهوم وتساؤلات
- مفهوم الخطاب والخطاب الجسدي
- نظام الأنظمة .. عبارات في الدلالة والصورة والمعنى.
- ( العِلمُ ) .. المفهوم والتفسير.
- المنطق والمعرفة ، والحاجة الراهنة .
- الجماعات والطقوس التعبدية والولائية.


المزيد.....




- محكمة استئناف فرنسية تقضي بالإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله ...
- من هي الجماعات المسلحة المتصارعة في سوريا؟
- الجيش السوري ينسحب من السويداء.. الشرع يؤكد أن الدروز جزء أس ...
- سوريا ـ انسحاب قوات الحكومة من السويداء وتكليف الدروز بحفظ ا ...
- أوبر تفتح أبوابها للتاكسي الصيني ذاتي القيادة.. والشرق الأوس ...
- الولايات المتحدة ترحّل مهاجرين لدولة أفريقية وسط مخاوف حقوقي ...
- لماذا تغيب روسيا عن التطورات الأخيرة في سوريا؟
- كيف تربح أميركا من حرب روسيا على أوكرانيا؟
- إصابة 5 جنود إسرائيليين والقسام تعلن عن عمليات في غزة
- لا يسكنها أحد.. كيف أصبحت عشرات القرى البلغارية خالية؟


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - احمد جمعة زبون - الأخلاق الثالثة .. تطور في جغرافيا السلوك المتطرف.