أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - كوابيس التخفي زمن الدكتاتور














المزيد.....

كوابيس التخفي زمن الدكتاتور


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 4804 - 2015 / 5 / 12 - 12:13
المحور: الادب والفن
    


كوابيس التخفي زمن الدكتاتور

ـ أين أنا؟!. وما متاهة اللذة هذه؟!.
حشرت أصابعي بأذني، وانطلقت بأقصى ما أستطيع، ركضت.. ركضتُ.. حتى النفس الأخير في امتداد العتمة المضاءة من أسفل بأضواء المنافذ، هارباً من سعير الجسد المجنون، إلى أن وجدت نفسي في فسحة دافئة، رطبة وكأن جدرانها من اللحم الساخن الحي. فسحة أطللت منها على فضاء مساحة حميمة، حانية تنتهي ببناء مكورٍ يبدو خفيضاً من الدكة التي أقف عليها. حدقت بالجدران فطالعتني عشرات العيون المحدقة صوبي. عيون واسعة شبقة تحاصرني في الصمت ودفء المكان، وتدفعني دفعاً نحو شقٍ ضيقٍ بنتوء المبنى المتكور وكأنه امرأة تحضن وليدها. أمتصني الشق الرطب، وألقاني في باطن عنق صخري يبدأ ضيقاً، ثم يشرع مع كل خطوة بالاتساع. لملمس جدرانه طراوة اللحم المبتل. إنسرحت في التجويف مسترخياً، أتأرجح على حافة السكرة وعبق روائح أمومية، شهوانية يهب من العمق السائل الحار. روائح هي خليط من رائحة حضن أمي وجسد حبيبتي العاري الملتصق بعريَّ في ليل السرير. رسوتُ جوار عامود من أعمدة، تحمل سقف قاعة تشكل جوف الشكل المكور الذي رأيته من على الدكة قبل الدخول. جوف حميم، نابض، مضاء بأنوارٍ خافتةٍ تتسلل من مشاكٍ مخبوءة بالزوايا والأركان وزخارف الحيطان والسقف. نور يسيل وكأن القاعة غاطسه في قاع بحرٍ. نور هو خليط من زرقة البحر ونصاعة النزف. حدقت في السلالم القصيرة المؤدية إلى دكه واسعة تتوسط التجويف. حدقت في الصمت، في النصب الحجري المنحوت بامتداد ناصيةٍ تنبثق من مركز الدكة، قضيب حجري مدور يرتفع عدة أمتار، وفي أسفله تتلوى حلقات مختلفة السمك تضغط على جدار القائم المنتصب، فيبدو للرائي أكثر توتراً. سحرني النصب. أطلت التحديق فتراءى لي نصباً من لحمٍ حي لزجٍ حار جعل حيواني الغافي يستيقظ مستعيداً لحظة الإيلاج في ذروة الاحتدام، وذلك الضغط الفريد لعضلة الفرج الخبيرة بلحظة المحق عند الوصول إلى الناصية الخاطفة اللافظة الفريدة. أمسكت بوسطي الموجه فوهته نحو النصب الذي شرع بالتحرك والدوران على إيقاع صراخ وآهات جعلتني أنتبه إلى دكة مستديرة أسفل النصب. وجدتها محشودة بالبشر العراة. يتماوجون في سوائل الأضواء النارية المنصبة من مشاعل يتراقص وهجها على طلاوة النهود والأفخاذ والمؤخرات. حشدٌ متكتلٌ يفترق زوجاً.. زوجاً على البلاط الناعم السائل. احتقنت وتراً مشدوداً محبوساً جوار فخذ العامود الطري. تحولت مجرد قضيب أتمايل على إيقاع الأجساد في اتساقها مع هزهزة النصب المترجرج بالصراخ المتلون الصادر عن الكتل العارية المتألمة النازفة في عراك لبلوغ الناصية المحيرة. كنت أهتز ولم يوقفني سوى دهشة أخذتني من وتري إلى الوجوه المنغمرة باللذة والتي استطعت تشخيصها عند تدحرجها في البقع المضيئة البعيدة عن ظلال النصب، وجه أمي وأبي، أعمامي وزوجاتهم، أخواتي، النسوة اللواتي حلمت بالنوم معهنّ. مهرجان من نسوة أحلامي الحميمات في طفولتي ومراهقتي. توترت من جديد، توهجت. أحسست بجسدي يبثق ناراً. انفصلت عن فخذ العامود الساخن وتقدمت نحو الدكة المستديرة الصارخة المهتزة أبغي الذوبان في الكل. تقدمت عارياً وكأنني أغوص في قاعٍ لزجٍ. وما أن وطئت حافتها حتى أحسست بدفقٍ من سوائل لزجة يجرفني بعيداً ويلقيني في العماء.
ص66-68 الإرسي صدرت عن دار -الدار- القاهرة 2008



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان الحقيقي لا يخشى من الصدق وعرض تجاربه
- مشاهدات من زيارتي الأولى إلى العراق 2004 2- المثقف العراقي ا ...
- مشاهد من زيارتي الأولى للعراق 2004 1- المثقف العراقي الجديد
- السرد العراقي وتطوره التاريخي 2- الرواية
- السرد العراقي وتطوره التاريخي: 1- القصة القصيرة
- 2- ضد الحرب وحتى العادلة
- الطيران الأخير
- 1-ضد الحرب حتى العادلة (مشهد الزوجة العراقية عند مقتل زوجها)
- أصدقائي الأدباء 1- شاكرالأنباري
- باب الظلام
- أساتذتي 1- وفاء الزيادي الشيوعي الوديع
- أيها المثقف العراقي لا تزيد سعار الحرب الطائفية العراقية الم ...
- فداحة العنف حتى الثوري -فصل يثبت العنوان-
- قصائد عن تجربة قديمة
- من كافكا إلى غوركي
- كّتاب قادسية صدام 9- جاسم الرصيف
- كتاب قادسية صدام 8- الكتابة المضادة.
- كتاب قادسية صدام 8- بثينة الناصري
- كتاب قادسية صدام 6- محمد مزيد
- كتاب قادسية صدام 5- المغني حسين نعمة


المزيد.....




- لولو في العيد.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 وتابع أفضل الأفل ...
- فيلم -قلباً وقالباً 2- يحطّم الأرقام القياسية في شباك التذاك ...
- أول تعليق من مصر على مشاركة ممثل مصري في مسلسل إسرائيلي
- مستقبل السعودية..فنانة تتخيل بصور الذكاء الاصطناعي شكل الممل ...
- عمرو دياب في ضيافة ميقاتي.. ما كواليس اللقاء؟
- في عيد الأضحى.. شريف منير -يذبح بطيخة- ليذكر بألوان علم فلسط ...
- ممثل مصري يشارك في مسلسل مع إسرائيليين.. وتعليق من نقيب المم ...
- فنانة مصرية تبكي على الهواء في أول لقاء يجمعها بشقيقتها
- فيلم -Inside Out 2- يتصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية مح ...
- أحدث المسلسلات والأفلام على المنصات الإلكترونية في العيد


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - كوابيس التخفي زمن الدكتاتور