أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الرحمن جاسم - حينما كنت عميلاً














المزيد.....

حينما كنت عميلاً


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1332 - 2005 / 9 / 29 - 11:06
المحور: كتابات ساخرة
    


يحكى يوماً أنني ذهبت إلى تجمع عربي قومي، ذهبت موحداً، قومياً، محباً، وخرجت عميلاً.
في تلك القصة التيي لم أجد يوماً روايتها، صرت عميلاً وصار الكل حولي من المناضلين والأبطال، صاروا مهمين لدرجة أن دولهم ستضع عليهم رقباء، صاروا من القيمة بدرجة أن سجونهم الكبرى المسماة أوطاناً، ضاقت بهم، فلحقتهم حتى هذا المكان، وأحضرت عميلاً-أنا- لكي تلاحقهم به.
حينما كنت عميلاً، تخلى عني الأصدقاء، والأقرباء منهم قبل الأبعدين، فالعميل مخيف يا أحبتي، وأن تتسخ عباءة أحدنا بالعمالة فهي أقسى الدنس، ولا يهم إن كنت عميلاً أم لم أكن، المهم أن الجميع اعترف بضلوعي في المسألة، ومن لم يعترف وافق على رجمي، فالعملاء يستحقون الرجم أوليس كذلك؟
حينما كنت عميلاً، يتحول الأصدقاء إلى مجرد معارف، ويتحول بعضهم إلى رجال مباحث وعملاء فيدراليين-بالإذن من أصدقائي الأميركان، وأقول أصدقائي، نظراً لعمالتي- فيطلب أحدهم رقماً ليطلب شقيقه الذي لا يتجاوز العشرين سنة ليتأكد من عمالتي المدهشة، ويتأتى له بعد كل هذا أني عميل، ويجب صلبي، وبكل حب.
حينما كنت عميلاً، سقطت كل الحجب عني، فما عادت كلماتي اللطيفة، ولا أحاديثي المؤدبة، ولا حتى عقلي اليقظ له قيمة، صار من لا قيمة له يكتسبها بذمي، كما لو أن دمي صار مستباحاً إلى هذا الحد! صارت المتعة في أن يتحول فردٌ إلى صيدٍ سهل، لأنه فقد قائمةً أو اثنتين، مع علمي بأنني لا زلت أستطيع المشي.
يا أحبتي، أخبروني لما نحيل الناس خرافاً لنذبحها؟ أهي تسليةٌ أم هو خوف؟ لِمَ نترك مجتمعاتنا تأكلنا إلى هذا الحد؟ لِمَ نترك وغداً حاكماً يتسلط على عقولنا لهذا الحد؟ كم من الأشخاص –غيري- دفعوا ثمن شكِ حقير؟ كم من الطيبين دفعوا ثمن ارهاصات السخفاء والأغبياء؟ لِمَ نجعل المجتمع المخابراتي والأمني هاجساً يسكننا لدرجة الصلب؟ ومن نشك فيه يصبح عدواً!
حينما كنتُ عميلاً، فقدت صفاتي العادية كإنسان، وصار الجميع يتابع ما الذي سيحدث، وهل سيقبض عليه بالجرم المشهود؟ وكلٌ يحاول ابعاد التهمة عن نفسه، وصار الذي يعرفني لا يعرفني لأنه لا يرى إلاه، (وإلاه هنا تفيد هو-نفسه، لا أكثر ولا أقل).
يا أحبتي ما لا تعرفونه سأقوله الآن، أولاً لست المسيح كي أسامحكم ولن أكون، كما أنني سأقول شيئاً لا ريب أنكم لا تعرفونه أكثر من اعترافي الأول، أجل كنت عميلاً.
كنت عميلاً لكل شيء جميل، عميل لكل ما أؤمن به، عميل لكل قلب صالح ودمعة تنزف، عميل لكل يدٍ قطعت، لكل نفس ذرفت في هذا الحزن المتجدد يومياً في بلادي، أجل عميل، وسأبقى عميلاً فيه وله.
حينما كنت عميلاً للمحبة، اصطادني أحدهم، فوقعت...
وكما أقول دائماً يا أحبتي، الأمر لكم وبيدكم، فلا تنسوه، غيروه...





#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لدي ما يكفي من الحزن
- بلا أسماء
- رواية مطولة...(تنشر على حلقات)
- أكتب لنفسي...
- أنتظره
- تلفزيون، كثيراً وللغاية...
- لا أريد أن أجوع
- سأخون وطني
- لغة الخطاب


المزيد.....




- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...
- الغاوون:قصيدة (مش ناوى ترجع مالسفر )الشاعر ايمن خميس بطيخ.مص ...
- الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة -بوليتزر-
- الثقافة العربية بالترجمات الهندية.. مكتبة كتارا تفتح جسرا جد ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية على الأفلام السينمائية المنتجة خ ...
- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...
- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...
- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد الرحمن جاسم - حينما كنت عميلاً