أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - سأخون وطني














المزيد.....

سأخون وطني


عبد الرحمن جاسم

الحوار المتمدن-العدد: 1294 - 2005 / 8 / 22 - 06:21
المحور: الادب والفن
    


سأخون وطني(بالإذن من كاتبنا الكبير محمد الماغوط)

من البداية، أقر وأعترف، أنني سأخون وطني، كأي امرأة أخرى أخونها.
لن أدخل في نقاشات وجدالاتٍ مع كثيرين عن وطني وإن كنت أحبه أو لا، وسأتجنب الدموع، وسأجد طريقاً لي يبعد عن كل الخطابات الوطنية التي مزجت بدمي لدرجة أعجز عن فصل الخلايا عن بعض.
سأسكت وأدير رأسي، أخفضه وأمشي بعيداً عن كل ما يذكرني بوطني، فأنا أعلم منذ زمن بأن علاقتنا بأوطاننا هي علاقة حبٍ من طرف واحد، ونحن نكذب على أنفسنا ونقول بأن هذا الوطن الكبير الغالي يحبنا، ويبادلنا الحب، ونرفع الأيادي ونشد القبضات، ونلوح بغضب، وننشد بحرقة.
أغانٍ وطنية، أشعار كادحة، صور حزينة، والحب في قلبنا يكبر أما آن للحب أن يتبادل؟ سأخون الحب؛ سأخون حب وطني، ولن أخون شيئاً له، فالخيانة هنا فعلٌ يخصني لا يخصه، فأنا إن خنته أدفع أنا الثمن، لا هو؛ وأنا لا أفعل في حياتي شيئاً سوى دفع الأثمان عن هذا الوطن "الكبير المعطاء".
وطني لا يعرف مبادلة الحب للمحبين، وطني يعرف فقط مبادلة الحب مع الأشرار والسارقين وأصحاب الطريق، وطنٌ لا يحب أحداً، ويختفي عشاقه الواحد تلو الآخر. ويبقى المستفيدين، هل هو عته وطن؟ أم أنه تخلف عشق؟ لا أعرف، لكن ما أعرفه، أنني سئمت علاقات الحب من طرفٍ واحد.
أخبروني قديماً بأنك يجب أن تضحي في علاقة حب، وأنه عليك دائما أن تقدم تنازلاتٍ للشريك لكي تشعره بأنك تحبه لا قولاً فحسب بل فعلاً، ولكن ماذا أفعل إن كان حبيبي/حبيبتي لا يفهم مهما فعلنا بأننا نحبه!
كيف نقنعه بأننا نحبه، أيجب أن نموت ويتشرد أطفالنا وأهلنا في الشوارع من بعدنا لكي يقتنع بحبنا؟
كيف نخبره بأننا نعشقه، هل بتفجيرنا لأنفسنا في سيارة غاضبة، طريقة للتعبير عن الحب؟ (ملاحظة: ليس الأحمر دائماً دليل حب).
سأخون وطني، سأخونه مع أي وطنٍ عابر، سأصعد إلى أي قطار وطني آخر، وسأنتمي إلى بلاد لا أحزان فيها، سأرحل إلى بلادٍ قد تحبني يوماً، وأعيش مع الأمل، ولا أفقد الأمل في بلادٍ لا أمل فيها.
خائناً؟ أنا خائن؟ سموني ما شئتم ولكني أملك الشجاعة على الأقل أن أقف وأرفض حباً دام لسنين في قلبي دون تبادل. أملك الشجاعة لكي أرفض دوام الحال. ما الذي ننتظره من وطنٍ خلق صغيراً وسيبقى صغيراً، من وطن لا يحترف الحب إلإ مع الغانيات.
يا أخوتي مللت، صدقاً مللت.
أريد وطناً أمارس معه الحب، أمارس فيه الحب، أموت فيه من الحب. لا أريد أن أموت ناقصاً عمراً، لماذا يقضي المواطن في سويسرا أسبوعاً في العمل الاجتماعي خدمة لبلاده ويذهب إليها مسحوراً، ممتناً وسعيداً؟ هذا هو الحب. ولم يذهب فتيتنا إلى خدمة العلم/الجيش مطأطأي الرؤوس ويبقى الضباط خلال فترة الخدمة يقنعونهم بنبل هذه المهمة عملاً، هذا ليس حباً، ولا يشبه الحب بشيء.
في دمي "الأحمر" هناك ألوانٌ باتت تنقصني، لقد لاحظت الأمر منذ فترة، لماذا لا يشدني شيءٌ لهذه الدرجة، لماذا يشت انتباهي بسرعة كلما رأيت لوناً أحمراً في مكان، هل هو "فقر حب"؛ ربما، يا أحبتي، اكتشفت أنني لا أشعر بشيء، وبان حبي للأشياء بدأ يضئل.
يا وطني الغريب، اكتشفت أنني لا احب طبيعتك، كما أنني منذ زمن طويل أخبرتك لا أحب أناسك، فماذا أحب فيك؟ لماذا أضيع كل هذا الوقت على حبٍ -غير متبادل- لا أحبه. وقبل أن يقفز بطل من هنا أو هناك، ويطلب مني الرحيل، سأرحل لوحدي، ولن يكون طرداً من الجنة أبداً.
سأخونه وأتركه لكم امرأة ثكلى، امرأة تحكي عن أحد عشاقها الراحلين، تحكي لكن لا أحد يسمعها...
سأخونه، وسأثبت لنفسي أنني قد أحب مرة أخرى من وطن، يحترم نفسه، ويحترمني.



#عبد_الرحمن_جاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لغة الخطاب


المزيد.....




- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...
- الغاوون:قصيدة (مش ناوى ترجع مالسفر )الشاعر ايمن خميس بطيخ.مص ...
- الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة -بوليتزر-
- الثقافة العربية بالترجمات الهندية.. مكتبة كتارا تفتح جسرا جد ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية على الأفلام السينمائية المنتجة خ ...
- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...
- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...
- أدّى أدوارًا مسرحية لا تُنسى.. وفاة الفنان المصري نعيم عيسى ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحمن جاسم - سأخون وطني