أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف كريبي - رواية -وجع- الجزء الثامن














المزيد.....

رواية -وجع- الجزء الثامن


سيف كريبي

الحوار المتمدن-العدد: 4794 - 2015 / 5 / 2 - 10:49
المحور: الادب والفن
    


لا زال صوت الراجمات يعزف ترنيمة الموت على صوت صراخ الثكالا والأطفال .. دويها يمزقني لم أحتمل حجزي بين أربعة جدران ضيقة متهاوية .. لطالما كنت أنتعش على نسيم الصباح العليل .. لم أعتد الجدران الضيقة لم أعتد صوت القصف والعويل .. لم أعتد الحصار الطويل .. أشعر أن جدران الزنزانة تطبق على صدري تكسر ضلوعي .. تمزق أوصالي بالكاد أستطيع إلتقاط أنفاسي .. أنا أحتضر لم أتمالك نفسي عن الصراخ .. كان صوتي يملأ حنجرتي ولكنه يرتد لي بقسوة وكأني أعيش في الفراغ .. يا جدران تطبق على صدري إنفكي من حول أضلعي لي غزال تحت القصف له جراح لم تندمل بعد .. أرجوك يا جدران زنزانتي قطعت على غزالي وعد بحراسته لا تدعني أخلف الوعد .. كانت كلماتي البائسة تلطم جدران الزنزانة .. سمعت خطوات تقترب من الزنزانة .. أخذت أصرخ يا سجان أنا بريء بأي ذنب أنا هنا لما أعتقل وأنا المسكين في هذه الدنيا .. أخذت الخطوات تقترب سمعت صوت مفتاح يفك قيد الزنزانة .. دخل عدد من العساكر حملوني وأنا مقيد في زقاق مظلم أصرخ دون جدوى وكأني أحاكي جمادا .. وصلنا أمام غرفة فتح الباب رميت هناك على كرسي وغادر العساكر المكان .. كانت الغرفة مظلمة مع ضوء مسلط علي .. بالكاد أستطيع فتح عيني .
دوى صوت في الغرفة يسألني ما إسمك؟ أين تقطن؟ وما هي اهتماماتك وتوجهاتك الفكرية؟ ..
علمت حينها أنني على ذمت التحقيق تمالكت أنفاسي مجاوبا أنني إنسان بسيط كنت مستأجرا غرفة في عمارة في المدينة بجانب الحانة أعمل في البرمجيات ليس لي إهتمامات فأنا من هوات العزلة منعدم العلاقات ..
قاطعني الصوت هل غادرت مقر سكناك لتحفظك على الحانة ..؟ أنت على حق هذا كفر و حرام وجب منعه في المدينة ..
إستغربت السؤال وكان جوابي بحروف متقطعة .. لا سيدي ليس للحانة علاقة بمغادرتي المدينة بل الأسباب كانت شخصية وللعلم لقد كنت من رواد تلك الحانة بين الفينة والأخرى إلا أنني أقلعت عنه لما سببه لي من متاعب في حياتي الشخصية ..
طال الحوار في الغرفة مع ذلك الصوت الغريب "س" و "ج" حتي مرور ساعات على ما أعتقد وكان آخر سؤال ما سبب رجوعي للمدينة المفاجئ .. قلت إني أحبها وأخاف عليها وعند سماعي دوي الإنفجارات وقد كنت في مقربة منها عدت مسرعا خوفا على ما قد يحل بها وعمت على صوت إرتعاشة وإنفجرت ببكاء لم أعهده متوسلا أرجوك سيدي لقد وعدتها أن أحميها وهي وحيدة في هذه الدنيا أرجوك أطلق سراحي لست مذنبا أمضيت عمري أسير بجانب الحائط نملة لم تطالب يوما بقطعة سكر ..
فتدارك الصوت مرة أخرى مقاطعا كلماتي .. جيد جدا أن تكون محبا للوطن بهذه الدرجة ولكن ممن كنت تخاف عليها ؟ وممن عدت لتحميها؟
إربكت فجأة ..
عن أي وطن يتكلم ؟ يبدو أني صرت متورطا في ما يحدث في المدينة من متاعب.. إلتقطت أنفاسي وأجبت يا سيدي لقد أسأت فهمي .. صحيح أنها كانت هي الملجأ والوطن والعرين وصحيح أن لا شيء أحب على قلبي من حب الوطن لكن أنا كنت أسرد لك قصة غزالي فتاة في المدينة وحيدة يتيمة أعشقها وقد غادرت بسبب هجرانها لي وعند سماعي دوي القصف وأنا على مقربة لم أتمالك نفسي وعدت مسرعا خوفا عليها وفي محاولة جاهدة لإماطة الأذى عنها فقط هاذا ما كنت أريد قوله لا غير سيدي وكما سبق وأن قلت لك ليس لي إنتماءات ولا ولاءات ..
وعم الصمت المكان لم يجبني ذاك الصوت ولم يوجه سؤال آخر ..
أخذت أصرخ أين ذهبت؟
أين أنت سيدي؟ أرجوك أنا بريء وفتح الباب ودخل العساكر وحملوني وأنا أصرخ أرجوك سيدي أرجوكم كان آخر مشهد رأيته مشهد أرضية الزقاق المظلم تحت ضربة على الرأس من أحد العساكر لتهمد صوتي المتعالي .. وإستيقظت لأجد نفسي بجانب الحانة مرميا وسط الركام وقد قصف الزقاق وحل عليه الدمار .. إنتفضت مرعوبا ماذا حل بالزقاق ألقيت عيني على بيت غزالي وقد تهاوى منه جزء كبير إتجهت مسرعا وقد ذهب نطقي كان الباب الخشبي مكسورا تحت الركام حاولت جاهدا تجاوز الركام متعثرا متلهفا باكيا .. يا إلاهي ماذا حل بغزالي كانت الغرفة التي لطالما تجلس فيها على الأريكة لتأسر قلبي لا تزال سليمة بعض الشيء دخلت مسرعا وكانت الفاجعة ..
وجدت غزالي مرميا على القاعة وقد سال على مستوى رأسه بعض الدماء مع غبار غطى جل جسدها .. نزلت على ركبتي محاولة حملها كانت هامدة دون حراك ..
إقتربت منها ألامس عنقها كان النبض ضعيفا جدا حملتها إلى ركن في الغرفة لازال بخير وذهب إلى أنبوب مياه يضخ الماء على إثر ثقب من وطئة الإنفجار ملأت يداي بالماء وإتجهت كالمخبول مسرعا أبلل غزالي عساها تستيقظ وأنا أبكي وأحاكيها يا ملكة عريني أرجوك إستيقظي لا تعيديني إلى حياتي المظلمة لا تتركيني أرجوك ليس لي أحد سواك ..
عذرا إن نكثت عهدي بحراستك أنا نذل أرجوك أستيقظي وعانقتها باكيا ودمع العين ينهمر .. كيف الحياة بدونك هدمت المدينة وسيهدم برحيلك عمري .. شعرت بإرتعاشة طفيفة في وجنتها اليمنى .. جعلتها تستلقي على الأرض وإقتربت منها وضعت أناملي على وجنتيها التي لطختها دموعي .. إقتربت منها فتحت ثغرها الملائكي ووضعت شفتي عليها برقة وبدأت أسعفها على ألتقاط أنفاسها مرة تلو الأخرى ونبض قلبي يتسارع ويتسارع معه أنهمار الدمع خوفا من خسارتها وفراقها ..
شعرت لوهلة بريح دافئ يخرج من بين شفتيها تداركته ملكة عريني بسعال كاد يمزق صدرها .. شعرت حينها بفرحة ليس لها مثيل فتح الريم عينيه ثانية وهذه المرة ليس كابوسا ولكنه حلم جميل يداعبني غزالي يعود للحياة وبعودته ترياق ينتشر في عروقى يبث في طيات روحي الحياة .. عانقتها فرحا وخوفا عليها لم تكن قد أستعادت كامل وعيها .. أقتربت منها وهمست لا تهلعي يا غزالي أنا حارسك أرجوك كوني هادئة أنا بقربك ولن يمسسك ضر بعد اليوم حملتها وضعتها على بساط في ركن الغرفة .. نزعت عني معطفي غطيتها به لتدفئتها ورحت أبحث عن إناء لملأ الماء وبعض الخشب المتناثر من الباب الخشبي العتيق لإضرام النار وتدفئة ملكة عريني ...



#سيف_كريبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -وجع- الجزء السابع
- رواية -وجع- الجزء السادس
- رواية -وجع- الجزء الخامس
- رواية -وجع- الجزء الرابع
- رواية -وجع- الجزء الثالث
- رواية -وجع- الجزء الثاني
- رواية -وجع- الجزء الأول
- القطر التونسي وتداعيات المسألة الوطنية
- لن تسكت شهرزاد
- الجهل الجنسي المقدس
- الماركسية اللينينية .. والمناضلين -الجدد-
- -أبناء الفعلة-
- كهنة القرون الوسطى
- -الإرهاب لا دين له-؟؟
- -النهقة ونداء الخراب .. ضد الإرهاب-


المزيد.....




- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيف كريبي - رواية -وجع- الجزء الثامن