أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - المهجرة














المزيد.....

المهجرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 1331 - 2005 / 9 / 28 - 13:56
المحور: الادب والفن
    


البرد يخنقني, يسيطر على بدني, يكتم أنفاسي, و أنا أرتجف, أرتعد, و مفاصلي تؤلمني, عظامي تئن و تتوجع, قواي تنكسر و تتبدد, الثلج يحطمني, ينخرني, يعصرني و يسطو على طاقتي, قدرتي على الاحتمال تهرب مني, جيراني شباب يضحكون للحياة و يتبادلون معها الأنخاب, امرأة في سني تبتسم لي بمودة و تفهم, تحيا حياتها حتى الثمالة, تتمتع بشبابها, ترتدي قميصا خفيفا مفتوح الصدر, تنظر إلي بإشفاق, و أنا أرتعش, أرتجف, أموت, أتضائل, تلحفت بما قدموه لي من أغطية و معاطف, و ارتديت ما أملكه من فساتين صوفية و وضعت فوقها ما أعارته جارتي من ملابس و أنا أرتجف, أتبدد, ينظرون إلي و يبتسمون, لعلهم يجدونني مخلوقة غريبة أسرفت في معاناتها و هم يعينونني على متاعبي و يخففون من شدة وطأتها على نفسي, ملأت الكيس بالماء المغلي و وضعته على بطني, و أنا أرتجف, حاولت أن أجلب شعورا بالدفء و لكن عبثا, القشعريرة مازالت تمسك بتلابيبي, إنهم يتكلمون و أنا صماء لا أفهم مما يقونه شيئا, وصلت إليهم قبل شهور أردد كلماتي على مسامعهم, يبدو أنهم يفهمون ما اعنيه لكنهم لا يستطيعون أن يردوا بلغتي
ـ البرد, هاتوا المدفأة إني أموت, أتجمد, الثلج يخنقني
يراكمون الأغطية على سريري, أياد عديدة تقترب ثم تبتعد, تمطرني أغطية و معاطف, و لكن دون جدوى, البرد أقوى من كل المحولات الجارية لإخماده.
عائلتي كانت سعيدة و متماسكة, لم يمد أحد الفراق, أرغموا على الذهاب إلى أماكن مختلفة, زوجي جاؤوا و أخذوه إلى منطقة نائية, قال إنه سيعود بعد ساعة و أنه مطالب أن يجيب على بعض الأسئلة, وعدني أنه عائد حتما, و طالت غيبته.
ـ البرد, رحماكم, البرد يقتلني, افعلوا شيئا, أنجدوني
ولدي الأكبر خرج وعدا إياي بالعودة بعد ساعة, و الساعة تكبر وتتضخم و تتضاعف وتتناسل, و الرعب يجتاحني و يمتلك قدرتي, وشل إرادتي.
ـ البرد, النجدة, سأموت.
الأغطية تتراكم, الأيدي تتحرك, أذرع عديدة تسرع, تهرع لمساعدتي, أناس غرباء عني لا أعرفهم يغيثونني, ابنتي الوحيدة ذهبت لزيارة صديقتها, طلبت منها أن لا تخرج,ثم تراجعت عن طلبي, فهل أقيد ابنتي؟ طال انتظاري لأوبتها, كلهم رحلوا و ما كانوا يريدون الرحيل.
ـ البرد, أولادي, زوجي,هاتوا الغطاء, انجدوني.
الأذرع تتحرك, الأيدي تهرول, تتسارع, تتراكم الأغطية, و أنا وحيدة, أسرتي لا أعرف عنها شيئا.
ـالبرد,أريد اخوتي, أولادي, جيراني, أصدقائي, هاتوا الدفء أنجدوني.
سارعت إلى المغادرة قبل أن يئدوني, يد كبيرة تسحب الأغطية, تمسك بيدي, تلمس جبيني, وجوه كثيرة تحيط بي ترقب حركاتي بمودة.
ـ لا شيء بك سيدتي, لا علة جسمية, أنت في صحة ممتازة
ـ البرد, أريد الدفء أرجوكم, أولادي, أصدقائي, و طني
أصدقائي كانوا كثيرين فقدوا خلال أيام, ذهبوا و لم يعودوا, وبقيت وحيدة, عيون ملؤها الشفقة تنظر إلي بتفهم.
ـ البرد, أغيثوني, لا أريد أن أموت, أحب الحياة.
جيراني يهرعون إلى نجدتي, أيديهم تسارع إلى انتشالي من بؤسي, يفقد البرد شيئا فشيئا جليديته, أرى أنني يمكن أن أقاومه, أرمي بالأغطية واحدا بعد الآخر و أقرر البداية من جديد و وأد الهزيمة في أعماقي

صبيحة شبر



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المساواة خرافة
- أحرام أم حلال؟
- نوع من العنف مسكوت عنه
- الايجابي والسلبي في الاديان
- ثرثرة حول حقوق المرأة
- الامثال والحكم يمثلان الطبقة الحاكمة
- الوشاية : قصة قصيرة
- رسالة الى صديقتي المقتولة
- الطاعون : قصة قصيرة
- استاذتي .... ماعاد لك : قصة قصيرة
- البناية
- سطو : قصة قصيرة
- ساق للبيع


المزيد.....




- -أنخاب الأصائل-.. إطلالة على المبنى وإيماءة إلى المعنى
- -الأشرار 2- مغامرات من الأرض إلى الفضاء تمنح عائلتك لحظات ما ...
- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - المهجرة