أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - صبيحة شبر - رسالة الى صديقتي المقتولة














المزيد.....

رسالة الى صديقتي المقتولة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 1323 - 2005 / 9 / 20 - 11:04
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


هذه رسالتي الأخيرة لك ، سبقتها رسائل عديدة ،أبثك لوا عج قلبي ، وتحدثينني عن متاعبك الآخذة بازدياد وتفاقم ، رأيتك آخر مرة ، وكنت كالعادة دائما ، تضحكين على المصاعب ، وتهزئين بالكوارث ، تقولين عندما نستفسر متعجبين : انك تطردين الهموم والأحزان بضحكك المستمر ، وابتسامتك المتواصلة ، وان الأحزان كلها من الضعف والضالة ، حيث لا تستطيع الصبر ، والمكوث أمام إصرارك ، فتولي مذعورة ,,, مندثرة ,,,, تهرب من دربك ,,,, بعد أن أدركت ,,,, أنه من المستحيل ، أن تئد الضحكة المتواصلة ، الهازئة بالمصاعب ، وأن تقطع الابتسامة الجميلة التي تعلو محياك وتزينك
رأيتك آخر مرة وأنت شبه وحيدة ، في بيتك القديم المتهدم الجدران ، الواطيء السقف ، المشقق ، المقلوع النوافذ ، لقد مضوا جميعا ، وتركوك صلبة ، لا تنال منها المصاعب ، فأنت مازلت تضحكين ,,, تلك الضحكة العالية ، المتواصلة ، ينظر إليك الجميع ، باستغراب ، ثم بعد لحظة ، يقتدون بك ، وتنتقل إليهم العدوى ، تجدينهم يضحكون ، بتواصل ، وبدون انقطاع ، حنى تنتهي أنت من ضحكتك الجميلة

أعدموا زوجك ، وأبنك الكبير ، فقدت ابنتك الوحيدة ، بعد ان صارت ملتاعة ، محطمة القلب ، مكلومة الفؤاد ، ضربوا زوجها أما م عينيها ذلك الضرب المبرح ، وبلا أي مبرر معقول ، بقيت وحيدة ، غريبة ، في ذلك المنزل الكبير والمتهدم ، تمنين النفس ، أن يعود ابنك المتبقي لك في هذه الحياة ، الغريبة بحوادثها العصية على الفهم والتفسير ، عند سقوط النظام الدكتاتوري الأليم ، صفقت بسعادة ، للحدث العظيم ، يمكنك الآن أن تكحلي العين ، برؤية ابنك العزيز ، ذهبت إلى كل السجون والمعتقلات التي تعرفينها والتي علمت بشأنها بعد السقوط ، على الأرض ، وتحتها ، تهرأت قدماك ، وأنت تبحثين وتبحثين ، ثم تطلقين تلك الضحكة المجلجلة التي تثير الاستغراب في البداية ، ثم لا تلبث الضحكات أن تنطلق من الأفواه ، بإصرار غريب ، انتظرت أن يعود ابنك الوحيد ن وان تلتئم الشمل أخيرا في أسرة بقي من أفرادها اثنان ، بعد أن طالت يد الظالمين أغلب أفرادها ، طال بك الانتظار ، تورمت ساقاك ، ولم تعودا بقادرتين على حمل جسدك الآخذ بالنحول ، يوما بعد يوم ، يأتيك النبأ بأن ابنك قد أبيد مع الآخرين ، وان حكما بالإعدام قد صدر بحقه ، دون ان تعلمي او يبلغوك ، وإنهم نفذوا الحكم بسرعة ، وأنت هنا في بيتك المتهدم ، تمنين النفس ، ان تري ابنك قريبا ، بعد ان يطلق سراحه ، لم تفقدي اليقين مع كل أنواع البشاعة التي صادفتها ، وجميع فنون القسوة التي تعرضت إليها ، مع أبنائك وزوجك ن وأفراد عائلتك ، حين سمعت بالمصاب الأليم ، هرعت الى مساعدتك ، عل كلماتي القليلة تخفف بعض معاناتك ، تراكمت عليك أنواع من الحزن ، ترمل وثكل ... وفقدان الأحبة ، يصيبك الوجوم في البداية ، وكأنك فوجئت برؤيتي ، فانا مثلك تماما ، وكنت بعيدة عنك ، فلم تتوقعي رؤيتي بعد هذه السنين الطوال ، فانطلقت ضحكاتك المألوفة بإصرار ، فلم أجد نفسي إلا وأنا أشاركك الضحك المستمر الطويل أنا، من كان يظن أنني نسيت كيف أضحك ، وفقدت القدرة على الابتسام ، أحذو حذوك ، وأضحك ,أضحك مما يثير استغراب الزائرات اللاتي يأخذن بضحك متواصل ، تتقطع معه الأنفاس .
تبادلنا حديث الذكريات ، كنا نقرأ معا ، ونمشي المسافات الطويلة ، ونحن نغني أغاني فيروز وعبد الوهاب ، مع الفارق الكبير بين الاثنين ،طالما حفظنا الأغاني ،كما نحفظ القصائد ، والآن نسينا كل ما حفظناه ، وكأنه لم يمر على فكرنا ،،،
أخبرتني أنك لم تعودي تقرئين بذلك النهم المعهود ، فقد أنهكتك الأعمال ،أعمال خارج المنزل ، وأعباء داخله ، ترهق الجبال ، ولكنك لست جبلا وإنما امرأة لم يكن الزوج بقربها ، عشت أرملة على الدوام ، تواصلين العمل بعد فقدانك للأحبة
تكثرين من الأعمال بعد استفحال الغلاء ، وزالت كل الأمنيات بالحصول على لقمة لذيذة ، وشراب هنيء ،،، أخبرتني أنك وحيدة ، غريبة ، تطل عليك أحيانا إحدى الجارات والتي هي مثلك ، قد فقدت الأحبة ، الواحد بعد الآخر ، ويبس منها القلب ، ونشف الدم ، وجفت الدموع ، أخبرتني أنك تشتاقين إلى الأحباب الذين رحلوا ، وتركوك وحيدة ، وأنك تحلمين أحيانا بأنهم يزورونك ، ويبادلونك الحديث ، سائلين عن أحوالك ، مطمئنين على صحتك ،،،، غادرتك وأنا على يقين أنك بخير ، وان الأحزان التي مررت بها لم تعد قادرة على هزيمة القوة الكامنة في أعماقك ،،، تنيت أن أكون مثلك ، أتحلى بنفس التفاؤل ، وتلك القدرة الكبيرة على انتزاع الضحكة من بين براثن الألم
وأنا جالسة في منزلي في الرباط ، أشاهد إحدى الفضائيات ، رأيت أمام عيني ، مشهدا لتفجير سوق شعبي ، بسيارة مفخخة ، رأيت الضحايا المقتولين ، ينقلون ، كنت أنت بعينك ، بعباءتك السوداء السميكة ، ووشاحك الثقيل ، ترقدين بسلام ،لا أحد بجانبك ، فقدت الجميع ولم تتمكني من توديعهم ، ولم تعثري على قبور لهم فقد لايكون لهم قبور ، وها أنت تقتلين ، بايد غادرة ، فمن سيقوم بما يلزمك من دفن وبكاء ، وانزال داخل القبر ، قد تشبهين أحبابك الذين رحلوا في أنك لاتحصلين على القبر فيضم جثمانك ،،،، أمعن النظر اليك ،، لان الكاميرا تتوقف عندك طويلا ،، فأرى طيف ابتسامة ، تلوح على وجهك ، لقد استطاعوا أن يقمعوا تلك الضحكة المجلجلة ، كما نجحوا في ان يفقدوني ، صديقتي الوحيدة




#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطاعون : قصة قصيرة
- استاذتي .... ماعاد لك : قصة قصيرة
- البناية
- سطو : قصة قصيرة
- ساق للبيع


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - صبيحة شبر - رسالة الى صديقتي المقتولة