دانا جلال
الحوار المتمدن-العدد: 1330 - 2005 / 9 / 27 - 11:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
احتمالات عدم نشر صحيفة الشرق الأوسط لهذه المقالة المرسلة إليهم وبعنوان مختلف كثيرة ، ومنها مراعاة مشاعر العنصري غسان الإمام ، ولان الاحتمالات كثيرة لا نستطيع غير أن نقول إن الذي يهمنا لاشرق يتوسطه مؤخرة غسان ولا متوسط متخم بنماذج مثل الإمام ، إن الذي يهمنا العراق ويمكن النقاش حول كونها الأولى أو الثالثة في عشقنا للأشياء وللاتجاهات
غسان الإمام والكتابة في حدود السراب
رغم التركة الثقيلة لعهدة الراوي في التاريخ العربي والإسلامي كونها المخرج الذكي والملاذ آلامن الذي لجأ إليه الرواة لصعوبة التحقق من الحدث والحديث لأسباب متعلقة بمستوى تطور أدوات البحث العلمي و حركية الزمن إضافة إلى صعوبة الاتصال، فإنها تبقى محتفظة بأهميتها التاريخية لاستنادها على سلسلة الرواة الذي يتجاوزه البعض من كتابنا في عصر القرية الالكترونية وما توفره من إمكانيات هائلة للبحث والتحقق بدلا من الاعتماد على ( ألانا ) وما قبلها وقد تكون مدفوعة ألاجر أو محكومة بمنطق العداء للآخر ، والآخر الذي يجب معاداته عبر تشويهه بالنسبة للسيد غسان الإمام ليس إلا العراق وكورد العراق ، ففي مقالته ( تعريب طالباني بلا استكراد للعرب) في جريدة الشرق الأوسط ( العدد 9793 /20سبتمبر2005 ) والتي لاتخرج عن إطار الحملة المعادية ضد العملية السياسية التي تهدف إلى بناء النظام الديموقراطي الاتحادي ألتعددي في العراق الجديد ، والذي بحاجة إلى خروج البعض من حدود ألانا وسراباتها لفهم احداثها وآفاق تطورها بعد سقوط الصنم الفاشي الذي خلف مقابرا جمعتنا و أسلحة كيميائية خنقتنا في حلبجة الكورد باسم عروبة يريد البعض منها أن تكون شوفينية في سياساتها وأفكارها مثلما ورد في أفكار السيد غسان الإمام في مقالته والتي تضمنت :-
1- الإساءة بل الإهانة الواضحة لتاريخ وحضارة شعبنا العراقي الذي ورث اولى الحضارات الإنسانية وبدء ذاكرتها باسلوبها الأسطوري نقلا والأبجدي لوحا من خلال اتهامه بضعف الذاكرة حيث كتب (نهاية لمخلوق يعيش ويتنفس السياسة 24 ساعة يوميا . متقلب يعتمد على ذاكرة الناس الضعيفة في نسيان مواقفه وسياساته المتناقضة ...) .
2- عدم امتلاك الكاتب معلومات دقيقة في الشأن العراقي بشكل عام والشأن الكوردي بشكل خاص لذا كنا نتمنى منه إن يبذل بعض الجهد كي لا يرتكب اخطاء مثل اعتباره أعوام السبعينيات بداية انشقاق السيد الطالباني عن المرحوم البارزاني في حين يدرك الجميع إن الخلاف الفكري والتنظيمي قد بدأ في الستينيات من القرن الماضي .
3- لم يشكل السيد الطالباني تنظيمه الجديد بالانشقاق عن الحزب الوطني الكوردستاني وذلك لعم وجود حزب بهذا الاسم في كوردستان فالحقيقة كان هناك ( الحزب الديموقراطي الكوردستاني – العراق ) .
3- يصور الكاتب جرائم النظام بحق الشعب الكوردي عام 1974وحرب الابادة التي استخدم فيها كافة أنواع الأسلحة المحرمة دوليا بأنها حرب مشاغلة من قبل القيادة الكوردية ضد النظام الفاشي الذي مازال البعض يتباكى على رحيله ، ذلك النظام الذي تنازل عن نصف شط العرب لإيران ضمن اتفاقية الجزائر الخيانية عام 1975 مقابل رأس الثورة الكوردية .
4- إن كاتب المقال ومن منطلق فكر إلغاء الآخر ومصادرة هويته القومية لا يمكنه تصور إمكانية العيش المشترك للشعوب في ظل علاقة شفافة ومتوازنة (كيف يمكن تعريب طالباني، من دون السماح له باستكراد العرب واستغفالهم ) . فالسيد غسان الإمام يخلق معادلة كاريكاتيرية احادية الجانب، فأما أن يقوم العرب بتعريب الكورد على طريقة صدام أو اعتبارهم اغبياء ( مستكردين ) . أي إهانة يوجهها القوميين تجاه قوميتهم !.
5- عدم معرفة الكاتب بتاريخ العراق المعاصر حيث كتب (لقد حقق أكراد العراق مكاسب «دستورية» سيادية بدعم من أميركا وفي ظل احتلالها) . إن عدم معرفة الكاتب أو رغبته بعدم المعرفة لانتفاضة شعبنا ضد النظام الفاشي عام 1991 والتي حررت اغلب المحافظات العراقية وخاصة محافظات كوردستان العراق ومناطق الوسط والجنوب ، وما نتج عنها من تحول كوردستان العراق إلى قاعدة للقوى والأحزاب الوطنية والديموقراطية والدينية العراقية ومن ثم تحول السيادة من سلطة الفاشية لسلطة الشعب العراقي ، تلك الاحداث القريبة تفند ما طرحه الكاتب من سيادة ناتجة عن ظروف حرب إسقاط الفاشية ، أما المكاسب الدستورية فنقول بان العراقيين كتبوا دستورهم بالتوافق بين مكوناته وفي تشكله القزحي ، وسوف يتم الاستفتاء عليه ليعبر عن صوت الشعب وابجديته لكتابة قصيدة مستقبله .
6- إن الكاتب يلمح ولغاية في نفس يعقوب إلى الخطاب الشوفيني العنصري الذي يهدد بحملة تطهير عرقي ضد الكورد في وسط وجنوب العراق (ويتطلع الأكراد إلى التنقيب والاستثمار في الغاز والنفط في المنطقة التي يسيطرون، ويحاولون مد حدودها جنوبا وشرقا وغربا، بالإضافة إلى حصتهم التي سينالونها من نفط كركوك التي يتنازعون مع العرب والتركمان عليها. ولعل سيطرة الأكراد على كركوك سوف يقابلها التهديد بتهجير نحو مليون كردي من بغداد.)
7- لا نعرف أي منطق يستند عليه كاتب المقال حينما يعتبر شعور الكوردي بالانتماء إلى قوميته تفجيرا لنسيج المجتمع العربي متناسيا بذلك إن الأفكار العنصرية التي تلغي الوجود القومي لامة تناهز الاربعين مليون نسمة هي التي ستفجر النسيج الجيوسياسي في المنطقة بأكملها فعصر إذابة الشعوب والأمم قد ولى وان دعا إليها السيد غسان الإمام ( ان العرب باتوا مقتنعين بحجم اكراد العراق في التمايز وحماية هويتهم القومية والثقافية. وها هو الاعلام العربي يفتح صدره للساسة والمثقفين الاكراد، بمن فيهم المتشنجون والعنصريون الذين يحاولون تفجير نسيج المجتمع العربي الهش، بايقاظ ذاكرة ألوف الأسر الكردية التي استعربت واندمجت عبر القرون في صميم المجتمعات العربية، امتداداً من النيل الى الفرات ) حقا إنها أفكار لاتتلائم حتى مع منطق القرون الوسطى فهل رفض الهوية القومية التي فرضها البعث الشوفيني على العديد من الكورد وبالذات في كركوك والكورد الايزيديين يعتبر تفجيرا لنسيج المجتمع العربي الذي نراه ونريده إنسانيا لا شوفينيا كما أراد له إن يكون راس النظام المقبور في العراق .
8- في إطار عملية خلق تاريخ الوهم في سراب ألذات يتحدث الكاتب عن نصف مليون كوردي هاجروا إلى سوريا ويعتبرهم ضمن عملية مقارنة ومقاربة أشبه بالإرهابيين الذين يفجرون أجساد الطفولة العراقية عبر السيارات والأجساد المتسللة عبر الحدود، ولم يذكر الكاتب المكان الذي هاجروا منها لسبب بسيط لأنهم هاجروا من جزر ذاكرته مع تحديده للسنوات الخمسين الأخيرة لعملية الهجرة ، علما إن السنوات الخمسين الأخيرة لم تشهد سوريا أي هجرة مليونية وخاصة بالنسبة للكورد ( ها هو طالباني يساهم في الحملة الاميركية الشعواء على سورية التي كان يقول انه «لا ينسى فضلها»، فهو يطالبها من واشنطن بوقف تسلل «الإرهابيين» إلى العراق متناسيا نحو مليون كردي «تسللوا» وتكاثروا في سورية في السنوات الخمسين الأخيرة، وباتوا يشكلون عبئا على استقرارها ووحدة ترابها ).
9- فشل الكاتب بإعطاء أي دليل على وجود قواعد عسكرية إسرائيلية في كوردستان العراق وكل ما جمعه من إثبات ودلائل لا يتعدى عن مقولة ( قيل لي ) كدليل على اتهاماته واختلاقه للأشياء وتبقى دعوة حكومة إقليم كوردستان مفتوحة لكل من يريد إن يكتشف الحقائق لا إن يختلقها بدليل ( قيل لي ) .
10- وضمن عملية الخلق والخلط المقصودة يكتب الأستاذ غسان الإمام (عندما رفض العرب، من خلال عمرو موسى، مشروع الدستور العراقي الذي يجرد العراق من هويته العربية، اضطر الزعيمان الكرديان إلى الموافقة على أن العراق «دولة عربية»، وتمَّ إدخال تعديل ينص على أن العراق «جزء من الأمة العربية والإسلامية ). لقد كان الأجدر بالكاتب أن يقرأ مسودة الدستور و بالذات المادة (3) التي نصت على : العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب، وهو جزء من العالم الاسلامي، وعضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها .كنا نتمنى من الأستاذ غسان الإمام أن يقرأ مواد الدستور قبل أن يكتبها ، بالرغم من قناعتنا بان تغيير وجه التاريخ لابد أن ينتهي بتشويه روحها التي لم تولد بعد .
#دانا_جلال (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟