أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - حيوان غريب جدا















المزيد.....

حيوان غريب جدا


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 353 - 2002 / 12 / 30 - 15:41
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


21.12.02

 

     المستشار القضائي للحكومة هو حيوان غريب جدا، وقد اثبت في الايام الاخيرة ان نشاطه غريب ايضا.

     مثل الكانتاوور الأسطوري، الذي كان نصف انسان ونصف حيوان. ان وظيفة المستشار القضائي مؤلفة من حيوانين مختلفين. فمن جهة، هو اسم على مسمى، أي انه يسدي الاستشارة الى الحكومة، والحكومة هي بطبيعة الحال هيئة سياسية. انها مزيج من السياسيين. عندما تختار الحكومة مستشارها القضائي فانها تختاره مناسب لتوجهاتها وآراءها.

     من جهة أخرى، فان المستشار القضائي هو صاحب اعلى وظيفة في جهاز تنفيذ القانون  وهو المدعي العام. لديه صلاحيات كبيرة جدا. فهو يقرر المصائر ويحدد من يمثل امام القضاء ومن لا يمثل، من يتم التحقيق معه ومن لا. من المتوقع ان يكون المستشار القضائي الذي يتولى هذا المنصب مستقلا تماما، نقي من أي انتساب سياسي وحزبي. حتى الحكومة ووزرائها بمن فيهم وزير العدل غير مخولين بإصدار التعليمات له.

     لأول وهلة، هناك تناقض بين هاتين الوظيفتين، فالشخص الذي يتم تعيينه من قبل مجموعة من السياسيين تسمى "حكومة" لا يستطيع ان يكون مستقلا، فالمستقل لا يمكنه إرضاء الحكومة، ولذلك كانت هناك العديد من الاقتراحات التي تقضي بفصل هاتين الوظيفتين، بحيث تقوم الحكومة بتعيين مستشارها القضائي، اما المدعي العام فيعينه رئيس المحكمة العليا او لجنة مستقلة. هذه الاقتراحات لم تخرج الى حيز التنفيذ لان الوضع القائم حاليا يلائم كل الحكومات.

     حاول كل المستشارون القضائيون الذين شغلوا هذا المنصب، حل هذه المشكلة على طريقته. عندما شغل حاييم كوهن هذا المنصب في الخمسينيات كان مدمنا تماما على رئيس الحكومة دافيد بن غوريون، أما مئير شمغار وأهارون باراك ويتسحاق زمير فقد تمسكوا باستقلالهم المطلق وتميزوا بمستوى عال من النزاهة. إلياكيم روبينشطاين...

     إلياكيم روبينشطاين هو غير ذلك. انه شخصية بحد ذاتها.

     لقد كان روبينشطاين، في كل الأوقات، منغمسا في السياسة من رأسه حتى اخمص قدميه. فقد كان مرافق لموشيه ديان الذي رأى في الشاب الذي يعتمر "الكيبا" نابغة. بعد ذلك خدم روبينشطاين مناحيم بيغين في كامب ديفيد الأول (المحادثات مع الرئيس أنور السادات). وقد كان في حينه اكثر من مستشار قضائي.  ولان بيغن لم يكن ليتحمل وزير العدل في حكومته آنذاك شموئيل تمير، فضل روبينشطاين عليه، ومنذ ذلك الحين تحول "إلياكيم"  الى شخصية دائمة في حلقات المفاوضات السياسية.

     يبدو ان حصته الاساسية كانت في مجال الفكاهة، فهو مليء بالنوادر اليهودية، رغم انه ليس الجميع يحبون هذا النوع، وقد تذمر العرب اكثر من مرة من كون هذه النوادر والنكت مضايقة ومحقِّرة. لقد قال الرئيس كلينتون، على ذمة الراوي، انه لا يمكن احتماله.

     بعد ان عينه شارون في منصب المستشار القضائي، تصرف روبينشطاين، في بادئ الامر بحذر. ولكن موقفه السياسي قد بدأ ينكشف في الآونة الاخيرة شيئا فشيئا.

     لدي شهادة شخصية مضحكة بعض الشيء. فبعد ان حذّرت "كتلة السلام" من نشاطات معينة قام بها الجيش، يمكن ان تعتبر جرائم حرب، وان تشكل خطرا على الضباط المسؤولين عند تواجدهم خارج البلاد، طالب شارون ، في لحظة غضب، باتهام نشطاء اليسار بالخيانة. صحيح ان المستشار القضائي  اضطر الى القول بان هذا الامر لا يرتكز على أي مسوغ قضائي، ولكنه هددهم بتقديمهم للمحاكمة بتهمة انهم "يخيفون" الضباط. ربما تكون هذه نكتة يهودية: إخافة نشطاء السلام لانهم يخيفون اكثر الاشخاص قوة ونفوذا في الدولة.

     غير ان هذه القضية ليست مهمة مقارنة بلعبة المستشار القضائي الاخيرة: لقد طلب من لجنة الانتخابات رفض مشاركة الحزب العربي الديموقراطي التي يتزعمها عزمي بشارة.

     ليس لهذه الخطة اية سابقة. ليس للمستشار القضائي اية صفة فيما يتعلق بلجنة الانتخبات، فهي هيئة مستقلة. انها مؤلفة من ممثلي الاحزاب برئاسة قاض. يمكن لكل عضو من أعضائها ان يطالب برفض مشاركة قائمة ما أو مرشح ما، غير انه لا يوجد أي قانون يخوّل المستشار القضائي بذلك، فهو يُعيّن من قبل الحكومة. يشكل هذا الامر، بحد ذاته، تدخلا مرفوضا من قبل السلطة التنفيذية في نطاق صلاحيات السلطة التشريعية.

    يرتكز روبينشطاين على بندين من قانون سنّته الكنيست التي تم حلها بأغلبية يمينية، ويدعي كما يلي: (أ) ان بشارة وقائمته لا يعترفان بإسرائيل "كدولة يهودية ديموقراطية". (ب) انهما يؤيدان نضال أعداء اسرائيل المسلح. وقد اعتمد على تقارير سرية تابعة للمخابرات الاسرائيلية (الشاباك).

     انني، امام هذا الامر، أواجه مشكلة شخصية. أنا لا أومن بكلمة واحدة مما تتفوه به المخابرات. أنا لا اقول بأنهم يكذبون دائما لا سمح الله، فاحيانا يقولون الصدق، ولكن المحكمة قد قررت اكثر من مرة بان رجال المخابرات يكذبون. كل من هو على اطلاع بالأمور، يعرف بان رجالات المخابرات والناطق بلسان الجيش يفتعلون التعتيم بكميات تجارية. انني لا اصدق المتعاونين الذين تم شراؤهم وابتزازهم، ولا "المعلومات" التي توصلوا اليها عن طريق التعذيب، وبالتأكيد لا اصدق التقييم السياسي الذي يتفوه به اصحاب المناصب الكبيرة ممن تتعلق ترقيتهم برئيس الحكومة.

     ان تأييد نضال اعداء الدولة المسلح هو مخالفة جزائية، وهناك العديد من القوانين التي يمكن الاستناد اليها في محاكمة شخص ما. يعتبر كل انسان بريئا (حتى العربي) حتى تثبت إدانته، ولا توجد اية امكانية في رفض ترشيحه الى الكنيست.

     (ان فكاهة روبينشطاين اليهودية تتمتع، على ما يبدو، بالمفارقة: فهو قد قدم دعوى جزائية ضد عزمي بشارة، وإذا قررت لجنة الانتخابات رفض ترشيحه سيتوجه الاخير الى المحكمة العليا – وعندها ستضطر المحكمة العليا الى النظر في قضيته قبل ان تبت فيها المحكمة المركزية.)

     أما بالنسبة لماهية الدولة، فان بشارة ينادي "بدولة لكل مواطنيها". يمكن ان نوافق على هذا ويمكن ان نرفضه، غير أن تناول هذا الموضوع يعتبر شرعيا. يحق لكل إنسان، في دولة ديموقراطية، ان يغير القانون بطرق قانونية. ان الكنيست موجودة لتشكل حلبة لمثل هذه النقاشات. عندما كنت عضو كنيست اثرت هذا النقاش اكثر من مرة. يبدو انه بعد انهيار النظام الشيوعي في الاتحاد السوفييتي، اصبحت اسرائيل وإيران والصين وكوريا الشمالية هي الدول الوحيدة التي تمنع فيها معارضة الركيزة الايديولوجية للسلطة الحاكمة بطرق قانونية.

     يدّعي روبينشطاين بان بشارة لا يريد، عمليا، إسرائيل "لكل مواطنيها"، بل يريد دولة ثنائية القومية علمانية وديموقراطية في البلاد كلها. حتى لو كان ذلك صحيحا فلا يجب إفحامه. انني اعارض هذا الموقف معارضة قاطعة واعتقد بأنه غير واقعي بتاتا. ولكن طالما يعمل بشارة في نطاق القانون فهذا حقه.

     لهذا الموضوع جدول أعمال مستتر. يهدد عزمي بشارة بأنه إذا تم رفض قائمته، فسيناشد المواطنين العرب بمقاطعة الانتخابات. هذا هو حلم أريئيل شارون الوردي: الاّ يتوجه خمس مواطني الدولة وجميعهم منتخبي اليسار الى صناديق الاقتراع، وبذلك يمنح هذا الخمس الفوز لليمين.

     انا افهم منطق شارون جيدا. وافهم منطق روبينشطاين جيدا، غير انني لا فهم، في هذا السياق، منطق بشارة.



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نساعد شارون
- الهدف: انقلاب!
- الثأر لطفل
- عزيزي عمرام ميتسناع
- كان لنابوت كرم
- لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة
- الحرب الان


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - حيوان غريب جدا