أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة















المزيد.....

لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة


أوري أفنيري

الحوار المتمدن-العدد: 299 - 2002 / 11 / 6 - 00:18
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


2.11.02

                                     بسبب حبة زيتون صغيرة

لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة.

لقد بدأ ذلك كرواية للأطفال: كان ياما كان حبة زيتون صغيرة في قرية فلسطينية، وقد كبرت وأينعت هذه الحبة على غصن شجرة قديمة في كرم أعلى التل. "اقطفوني! أريد أن أعطى زيتي!" كانت تصرخ حبة الزيتون الصغيرة.

إلا أن حبة الزيتون استمرت في النضوج، والقاطفون لم يأتوا. انهم لا يستطيعون المجيء. لان المستوطنين وضعوا على رأس التل بيتين متنقلين، وتحولت المنطقة بأسرها إلى منطقة أمنية لهذه المستوطنة. عندما اقترب أصحاب الكرم، شتمهم المستوطنون وضربوهم وأطلقوا النار عليهم، وقد حدث ذلك في عشرات المواقع في الضفة الغربية.

توجه القرويون إلى الجيش، الذي يسيطر الآن على جميع المناطق الفلسطينية. إلا أن الجيش لم يأت لحمايتهم. جزء كبير من المسؤولين فيه هم مستوطنون بحد ذاتهم. الجيش يرى في أن وظيفته هي حماية المستوطنين، وليس لديه أية نية في مواجهتهم. عندما تدخل الجيش، طرد القرويين من كرومهم القريبة من المستوطنات ونقاط الاستيطان الصغيرة.

صرخ القرويون مستنجدين بمنظمات السلام الإسرائيلية، وقد وجدوا فيها آذانا صاغية. ينقسم "معسكر السلام" الإسرائيلي إلى قسمين: الأول وفي طليعته حركة "السلام الآن"، مرتبط بحزب العمل، الذي كان جزءا من الحكومة. وقد تولى رئيس حزب العمل منصب وزير الدفاع ولذلك كان مسؤولا عن كل الأذى الذي لحق بالمناطق الفلسطينية.

أما القسم الثاني من معسكر السلام، فيتألف من منظمات راديكالية كثيرة، تعمل في قطاعات اختارتها لنفسها. "كتلة السلام" هي مركز سياسي – أيديولوجي. "تعايش" وهي منظمة إسرائيلية عربية - يهودية، تمد يد العون للشعب الفلسطيني المحاصر. "بتسيلم" تجمع وتنشر المعلومات، وهكذا أيضا "مركز المعلومات البديلة"، "وأطباء من اجل حقوق الإنسان" الذين يقومون بعمل مقدس في مجال الصحة، ويجمع "ائتلاف النساء" و"بات شالوم" بين حقوق الإنسان والحركات النسوية. "اللجنة ضد هدم البيوت" تبادر من جديد إلى بناء البيوت التي تم هدمها، "حاخامون من اجل حقوق الإنسان" تعمل باسم الجمهور المتدين (قليلون مع الأسف)، ولا تنجر وراء علم وطني - متطرف. "محسوم ووتش" تضع التقارير وتحاول منع التنكيل على الحواجز، "ييش غفول" تشجع رافضي الخدمة في المناطق المحتلة، "بروفيل حداش" تعمل على الهدف ذاته، والقائمة طويلة. في بعض الأحيان تكون مشاركة بين نشيطي هذه المنظمات والكثير منهم منتسب إلى اكثر من منظمة.

تجند نشيطو هذه الحركات لمساعدة القرويين، فخرجوا للمساعدة في قطف الزيتون، وبالأخص لحماية القرى كدرع بشري. وانضم إليهم نشيطون من حركات السلام في أوروبا، الذين يأتون إلى البلاد بالتناوب لمساعدة الشعب الذي احتلت أرضه. كان عددهم في بعض الأيام يصل إلى العشرات وفي أيام السبت إلى المئات. انتشروا في القرى وتسلقوا رؤوس التلال وهاجمهم المستوطنون. في عشرات الحالات أطلق المستوطنون النار عليهم وأطلقوا النار في الهواء وعلى الأرض وحول قاطفي الزيتون.

لم يسمع الجمهور عن هذه الحوادث لمدة أسابيع طويلة. فهناك صمت في وسائل الإعلام بالنسبة لوجود معسكر السلام الراديكالي. تعتبر حركة "السلام الآن" جزءا من الإجماع الوطني، ولذلك تتم تغطية نشاطاتها. أما بالنسبة للنشاطات الأكثر حيوية ("اليسار العميق" حسب تسمية إيهود باراك) فليست هناك أية تغطية إعلامية، إلا إذا سفكت الدماء.

إلا أن روايات الزيتون بدأت، رغم ذلك، تتسرب شيئا فشيئا إلى وسائل الإعلام، ونشرت أنباء عن أن مستوطنين قد طردوا قاطفي الزيتون الفلسطينيين بالقوة ونهبوا الزيتون الذي كانوا قد قطفوه. وان مستوطنين كانوا قد حرقوا الكروم، والحاخام الشرقي الأكبر (السابق) الذي اصدر فتواه بالسماح لليهود بسلب باكورة عمل القرويين، لان "هذا يمنح كل منتوجات البلاد لليهود".

لقد كسر حاجز الصمت تماما عندما تجند أخيرا عدة أدباء مشهورين لقطف رمزي. وسائل الإعلام التي تغافلت عن نشاط مئات النشيطين غير المعروفين، فرحت في مرافقة علية القوم مثل عاموس عوز وأ. ب. يهوشوع ودافيد غروسمان ومئير شليف، وقد نشأ إجماع حول قطف الزيتون.

 

لم يكن المستوطنون في مرة من المرات مرغوبين لدى أوساط كبيرة داخل الجمهور، وقد زاد الغضب عندما كشف النقاب عن الأموال الطائلة التي تسلب من الفئات الفقيرة في إسرائيل لتغذية المستوطنات. يختلط هذا الغضب بالخوف على حياة الجنود الذين يتلقون الضربات في اكثر من مرة ويخاطرون بحياتهم لحماية نقاط استيطانية نائية، نصف فارغة. إن القصص حول التنكيل القاسي الذي يلحق بقاطفي الزيتون الذين لا حماية لهم جعلت السيل يبلغ الزبى، فقد أثارت حتى اشمئزاز الأغلبية الصامتة.

لقد اثر ذلك أيضا، بشكل غير مباشر، على بنيامين بن اليعيزر، فقد لاحظ الشعور الشعبي المتغير وقرر انه من الأصح له ولحزبه ترك الحكومة. فبحث، باذل ا قصارى جهوده، عن سبب يكون مقبولا. أظهرت له استطلاعات الرأي بان المستوطنين هم اكثر الفئات غير المرغوبة. ولذلك قرر الانسحاب من الحكومة مستخدما هذه النقطة: لقد طالب بعدم تخصيص الأموال للمستوطنين على حساب المتقاعدين.

صحيح أن هذه هي مجرد ذريعة، غير أن هذا يبرهن على أن جزءا كبيرا من الجمهور قد ضاق صدره بالمستوطنات. لقد تحولت أخيرا إلى نقطة الخلاف الأساسية في الدولة. في حين يحاول شارون إقامة حكومة ترتكز كلها على المستوطنين وحلفائهم في اليمين المتطرف، سيضطر حزب العمل المعارض إلى وضع برنامج حزبي غير استيطاني. هذه المطالبة التي كانت تخص أقلية هامشية أصبحت مبتغى معسكر كبير.

انه مثال على نظرية "العجلة الصغيرة" التي وضعناها قبل عشرات السنوات: عجلة مسننة صغيرة، لها قدرة تحريك ذاتية كبيرة، تدير عجلة اكبر، وهذه بدورها تدير عجلة اكبر وهكذا، حتى الوصول إلى تحريك الماكينة كلها. بهذه الطريقة تحرك فئة سياسية صغيرة،  ذات موقف مستقل وصارم، عمليات سياسية حاسمة، في الوقت المناسب.

ما زالت الطريق أمامنا طويلة، ومازال يخيم على الدولة خطر الفاشية. ولكن رغم ذلك تبين انه يمكن تحريك المسارات بالاتجاه المعاكس. من الممكن أن تكون حبة الزيتون الصغيرة الموجودة على رأس التل أقوى من قنبلة تزن طنا.

     



#أوري_أفنيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب الان


المزيد.....




- مصدردبلوماسي إسرائيلي: أين بايدن؟ لماذا هو هادئ بينما من ال ...
- هاشتاغ -الغرب يدعم الشذوذ- يتصدر منصة -إكس- في العراق بعد بي ...
- رواية -قناع بلون السماء- لأسير فلسطيني تفوز بالجائزة العالمي ...
- رواية لسجين فلسطيني لدى إسرائيل تفوز بجائزة -بوكر- العربية
- الدوري الألماني: هبوط دارمشتات وشبح الهبوط يلاحق كولن وماينز ...
- الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجا ...
- البيت الأبيض يكشف موقف بايدن من الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ف ...
- السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسل ...
- هل ينجح نتنياهو بمنع صدور مذكرة للجنائية الدولية باعتقاله؟
- أنقرة: روسيا أنقذت تركيا من أزمة الطاقة التي عصفت بالغرب


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - أوري أفنيري - لماذا انهارت حكومة شارون- فؤاد- بيرس؟ بسبب حبة زيتون صغيرة