أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - قرن على الهولوكوست الأرمني: حان وقت اعتذار تركيا















المزيد.....

قرن على الهولوكوست الأرمني: حان وقت اعتذار تركيا


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4775 - 2015 / 4 / 12 - 10:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




قد يرفع كثيرون حواجبهم تعجباً إن لم يكن استنكاراً للانشغال ولو الجزئي بالحديث والكتابة عن الإبادة الأرمنية، التي راح ضحيتها أكثر من مليون أرمني والتي يمر عليها قرن كامل هذا الشهر، إذ يُؤرخ لها بيوم 25 نيسان (أبريل) 1915. سيُقال إننا نعيش حروباً وشبه إبادات في المنطقة تفرض علينا الكتابة عنها، وتحليلها، عوض أن نهرب للتاريخ ونتحدث عن حروب وإبادات انقضت منذ قرن. جانب من الجواب (وليس كله) على هذا الاستنكار ينبع من الادعاء الذي يقدمه ذاته، أي استعار الحروب والصراعات الشرق أوسطية ذات السمة الطائفية البشعة، وضرورة التعلم من دروس التاريخ القاسية والدموية. ذلك أن فصل الإبادة الأرمنية كما هي سائر الفصول المحزنة والمريرة التي تقدمها كل الإبادات في تاريخ البشرية يطرق رؤوسنا بالدرس ذاته: الطائفية والشوفينية المتعصبة والتطرف يقودان إلى بحار الدم، ويصير القتل على الهوية ممارسة عادية! استدعاء درس الهولوكست الأرمني في هذا التوقيت بالذات يصبح فائضاً بالمغزى، ودالا على أن طمر الرؤوس في الرمال لا يدفع المآلات البشعة والمظلمة من أن تغتال الحياة بين ظهرانينا. وجانب من الجواب أيضا (وليس كله) على الاستنكار المُفترض يكمن في ضرورة الالتزام ببوصلة الهم الإنساني والدوران معه أنى دار واستشعار آلام الآخرين واستدعائها. من دون الشعور بمعاناة من يعاني مهما كان جغرافيته بعيده، وحتى لو كان المُتسبب في معاناته «شقيق» أو «قريب» فإننا نفقد جزءاً كبيراً من إنسانيتنا، وكذا من مناشدتنا الآخرين أن يستشعروا معاناتنا ويساندوننا.



في ذلك العام الرهيب 1915، وما سبقه وما تبعه من سنوات شهدت إبادة الأرمن، كانت الامبراطورية العثمانية تنهار بتسارع شديد داخلياً وخارجياً. في الداخل كانت سياسات السلطان عبد الحميد الثاني الاستبدادية والانغلاقية المديدة قد أدخلت الدولة مترامية الأطراف في طور التجمد والتكلس.



في الخارج، كان أعداء السلطنة، في الشرق روسيا القيصرية وفي الغرب دول أوروبا التي سيضمها لاحقاً محور الحلفاء، يراقبون عن كثب تهالك الحصان العثماني وشيخوخته المُتعبة، منتظرين فرصة الانقضاض على أطرافه. على الحدود الشرقية تحديداً استعرت حروب ومعارك شنتها روسيا كي تستعيد أراضي كانت ترى أن الدولة العثمانية احتلها منذ القرن السادس عشر، ومنها أرمينيا المسيحية، ومع روسيا ثار الأرمن مطالبين بالتحرر والاستقلال. كان ذلك في نفس الوقت والزمن الذي ثار فيه العرب في الحجاز وبلاد الشام على الدولة العثمانية مطالبين أيضاً بالتحرر والاستقلال. الأرمن، كالعرب تماماً، طالبوا بالانفصال عن امبراطورية لم يبق فيها عنصر قوة سوى سياسة التتريك القائمة على إقصاء كل ما هو غير تركي (سواء أكان مسلماً أم غير مسلم)، توازياً مع اشتداد قوة حزب الاتحاد والترقي وتهميش «الباب العالي» تماماً.



في سعار المعارك الحدودية والاستقلالية (أو الانشقاقية من وجهة نظر سياسي الاتحاد والترقي وبقايا سياسي العثمانية) ثار الأرمن على الحكم التركي الطويل لبلادهم وأراضيهم، ومع ازدهار فكرة القومية في أوروبا تبلورت مطالبهم القومية بالتحرر والاستقلال، وتحالفوا مع روسيا. كان الرد العثماني التركي صارماً وقاسياً ولا هوادة فيه، وقام على اعتبار الأرمن، وهم نظرياً واسمياً من رعايا الدولة العلية، خونة وعملاء للغازي الأجنبي، روسيا. وكان التعامل الوحيد المطروح مع «الخونة والعملاء» بحسب الأتراك هو القتل والإبادة، وهو ما شرع الحكم التركي في تطبيقه في شكل وحشي ومذهل. فعلى مدار عام 1915 حيث بلغت مذابح وسياسات إبادة الأرمن ذروتها وما سبق وما تلى تلك السنة، تعرض الأرمن لواحد من أبشع فصول التوحش والقتل البشري الجماعي في التاريخ. تقول الشواهد التاريخية المثبتة أن عشرات الألوف من المدنيين كانوا يُساقون من قراهم ومدنهم كالخراف ويقتلون إما ذبحاً أو رمياً بالرصاص. وكان عشرات ألوف آخرون يجبرون على الهجرة الفورية تاركين وراءهم كل شيء، ويجبرون على التوجه إلى الصحراء والأراضي المفتوحة التي لا تنتهي وليس لهم أمل في الخروج منها أحياء. المحظوظون منهم وهم قلة استطاعوا اختراق المساحات الهائلة والوصول إلى شمال العراق أو سورية وارتموا منهكين وجائعين بين أيدي العرب، سواء في البوادي أو المدن. ومنهم من واصل رحلته جنوباً وغرباً وصولاً إلى لبنان وفلسطين، وفي المدينة المقدسة احتضنوا الصليب برعاية مستضيفهم المسلمين وكثير منهم اقتحم الحي الأرمني في قلب القدس القديمة وصار جزءاً منه.



انتصاراً للمطالبة بحقوقهم المنتهكة من قبل الامبراطورية العثمانية في تلك السنوات المضنية أصدر الحسين بن علي، شريف مكة، عام 1917 أمراً من الديوان الهاشمي لـ «رعيته» في البلدان العربية يقول فيه: «... وإن المرغوب بتحريره المحافظة على كل من تخلف بأطرافكم وجهاتكم وبين عشائركم من الطائفة اليعقوبية الأرمنية تساعدونهم على كل أمورهم، وتحافظون عليهم كما تحافظون على أنفسكم وأموالكم وأبنائكم وتسهلون كل ما يحتاجون إليه في ظعنهم وإقامتهم ... وهذا من أهم ما ننتظره من شيمكم وهممكم».



تركيا الحديثة والمتشكلة أنكرت دوماً حدوث الإبادة الأرمنية ووقوعها نتيجة لسياسة تركية مرسومة سلفاً. ما يتبناه الموقف التركي الرسمي وإلى حد كبير الأكاديمي والإعلامي هو أن «مقتلة» الأرمن كانت نتيجة غير مقصودة من نتائج الحرب العالمية الأولى، وتحديداً مع روسيا القيصرية في الشرق. بيد أن كل الأدلة والشواهد من ذلك التاريخ وحتى الآن، أو على الأقل في معظمها، أكدت وجود سياسة قصدية كانت تهدف إلى القضاء على الأزمن العثمانيين باعتبارهم «طابوراً خامساً» داخل الامبراطورية. الموقف التركي التقليدي قام على التوتر من مراجعة الماضي والخشية من فتح ملف مرير قد يفتح ملفات لا حصر لها، أولها التعويض المادي الذي قد يلحق بأي اعتراف واعتذار سياسي ورسمي.



تركيا اليوم وصلت مرحلة النضج والثقة بالنفس ومستوى من المكانة السياسية تؤهلها لمواجهة أية حقب مظلمة من ماضيها، والإبادة الأرمنية تأتي في مقدمها. الاعتذار عن المذابح الأرمنية هو استحقاق طال انتظاره من تركيا، ولا بد أن يأتي في يوم من الأيام مهما تأخر التوقيت، لذلك فإن الحكمة تقضي بأن يتم استثمار الذكرى المئوية لحدوث الهولوكوست الأرمني وتقديم الاعتذار الرسمي التركي للأزمن وأحفادهم. لن يقلل ذلك من شأن تركيا بل سيعمق احترام الآخرين لها. الاعتذار يرقي مكانة المُعتذر ويؤشر على ثقته بنفسه، والإنكار يخفض مكانة المُنكر ويؤشر على اهتزاز ثقته بذاته... وتوتره وهشاشته!



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركسية عدن وأصولية صنعاء!
- ثقافة الدم «الداعشية»
- «حي الأمريكان»: الحياة ضد الأصوليات
- «الدولة الإسلامية» أم حتمية الحداثة؟
- إيران وأميركا.. «انتظار» الصفقة!
- الهوية الوطنية الفلسطينية
- دعوة شجاعة ل «حماس» لمراجعة سياساتها وميثاقها
- مأزق «حماس».. وضرورة المراجعة
- تغيير قواعد اللعبة.. والملعب!
- أميركا والعالم.. في خدمة إيران وإسرائيل!
- الإعلام الديني والفتوى واحتلال «الحيز العام»
- رسالة إلى «حسن نصرالله»
- بين دفء «قانا الجليل».. ووحشية -داعش-
- حرب غزة وتصريحات «ليفني»
- الانتفاضة الثالثة.. قلب الطاولة وتصحيح المسار
- «الجدار الحديدي».. والإرادة الفلسطينية
- الوحش الإسرائيلي يلتهم نفسه!
- «المشروع الحضاري».. ضد مريم إبراهيم
- مجرمو -بوكو حرام- ... والموقف المطلوب!
- -الخضر- مخطوفا وقديسا لإنجلترا


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - قرن على الهولوكوست الأرمني: حان وقت اعتذار تركيا