أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد الحروب - الوحش الإسرائيلي يلتهم نفسه!














المزيد.....

الوحش الإسرائيلي يلتهم نفسه!


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4498 - 2014 / 6 / 30 - 08:42
المحور: القضية الفلسطينية
    


على مدار عقود دأبت الاستراتيجية الإسرائيلية على السير في مسارات متوازية، منها خلق وقائع جديدة على الأرض يكون من الصعب تغييرها، ويكون في مقدورها إزاحة قواعد الصراع بالاتجاه الذي ترغبه. ومنها تمزيق الأرض الفلسطينية بالاستيطان وإنهاك الفلسطينيين سياسياً واقتصادياً وعسكرياً طبعاً. وتتوازى مع ذلك خطة دعاية متواصلة تحمل الفلسطينيين مسؤولية عدم الوصول إلى تسوية سياسية لأنهم «إرهابيون ورفضويون». وفي ضوء الضعف الفلسطيني والعربي وتطاول القوة الإسرائيلية المدعومة من الغرب والولايات المتحدة، اشتغلت الاستراتيجية الإسرائيلية بنجاح، وأورثت صناع القرار الإسرائيلي نشوة بالغة بالقوة وغروراً إلى درجة العمى السياسي. وقد حققت إسرائيل كل أهدافها وتجاوزت نقطة الإشباع، واتجهت الآن إلى مرحلة التآكل الذاتي. وخلال أكثر من عشرين سنة، هي عمر اتفاق «أوسلو» الوليد المشوه الذي ازداد تشوهاً مع مرور السنوات، تمكنت إسرائيل من تخليق وضع فلسطيني كامل الفرادة في تاريخ الاحتلالات الاستعمارية. فعبر رسم هدف سرابي للفلسطينيين يحوم حول إمكانيــة إقامة دولة لهم (منقوصة السيادة ومنزوعة السلاح) أُخضع الفلسطينيون وقيادتهم لسلسلة اختبارات لا نهائية مُذلة كي يثبتوا أنهم يستحقون تلك الدولة. ولكن بالتوازي مع ذلك، استمرت استراتيجية إسرائيل في خلق وقائع جديدة على الأرض، خاصة استيطانية، تأكل من الأرض الفلسطينية وتنهش لحم ذلك الهدف حتى غدا من شبه المستحيل الوصول إليه.

إقليمياً، تفاقم الضعف العربي وتُرك الفلسطينيون وحيدين في مواجهة الوحش الإسرائيلي المتغول. وفي أقصى لحظات التغول ذاك، لم تؤد الظافرية الإسرائيلية إلى غلبة التيار البراغماتي، الضعيف دوماً في المعسكر الإسرائيلي، والذي يرى ضرورة استغلال الضعف العربي والفلسطيني والوصول إلى تسوية تنتهي بشكل من أشكال الدولة للفلسطينيين وتكون في إطار خطة السلام العربية. وقد قدمت هذه الخطة فرصة تاريخية وفريدة لإسرائيل تقوم على اعتراف كل الدول العربية بالدولة العبرية مقابل دولة فلسطينية على حدود 1967. ويُنقل عن الرئيس أوباما وكثير من السياسيين الأميركيين اتهامهم للإسرائيليين بالغباء السياسي وقِصر النظر بسبب عدم تبنيهم تلك الخطة؛ لأنها تقدم لإسرائيل ما كانت تحلم به طوال عقود، ويتمثل في علاقات طبيعية مع العالم العربي. ولكن لم يتم التقاط تلك المبادرة التي لم يسمع بها أكثر من 60 في المئة من الإسرائيليين، وعوضا عن ذلك ازدادت قوة وشراسة اليمين السياسي والديني وفي القلب منه دولة المستوطنين. وعلى مدار سني «أوسلو» العقيمة حاولت إسرائيل تحويل السلطة الفلسطينية التي أمل الفلسطينيون أن تكون نواة دولتهم المستقبلية إلى مجرد وكيل أمني، يقوم عملياً بتنفيذ الأجندة الأمنية الإسرائيلية ويحمي أمن المحتل. وقد أدى ذلك، وكان من المحتم أن يؤدي، إلى نتيجتين حتميتين لا مناص منهما: الأولى تحطيم شرعية السلطة وقيادتها في نظر شعبها، والثانية تشتيت الجبهة الفلسطينية وتقسيمها. فالسلطة التي اتفق على أن تكون مؤقتة، ونصت شهادة ميلادها «الأوسلوية» على أن عمرها لن يتجاوز الخمس سنوات، أصبحت هي السقف الفلسطيني النهائي، وعليها وعلى حكومتها (فاقدة السيادة الحقيقية) يتنافس الفلسطينيون انتخابياً، بل ويتقاتلون عسكرياً كما حدث في غزة. وكأن هدفها الرئيس والمزدوج هو إعفاء الاحتلال من مهماته المباشرة وعبء الاحتلال الإداري والمالي، والنيابة عنه أمنياً، وهذا ما حدث أحياناً في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء ولو بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة.


ولكن الآن، بعد ذلك كله، وصلت الأمور كلها إلى طريق مسدود. فالسلطة الفلسطينية يمكن أن تفقد معنى وجودها. ولكن الأهم من ذلك أن الاستراتيجية الإسرائيلية وقد حققت كل أهدافها في خلق الوقائع على الأرض، وفي تشتيت وإضعاف الفلسطينيين، قد وصلت هي الأخرى أيضاً إلى طريق مسدود. فقد أنهت فكرة حل الدولتين، وأنهت الاعتدال الفلسطيني، وكشفت ظهر القيادة السياسية الفلسطينية التي اقتنعت بالتسوية السلمية وانخرطت فيها عملياً منذ نهاية عقد ثمانينيات القرن الماضي. وعلى الأرض، مزقت الجغرافيا الفلسطينية بشكل صار فيه قيام كيان فلسطيني متواصل ومعقول شبه مستحيل بسبب الخريطة الاستيطانية المتغلغلة في كل أنحاء الضفة الغربية. ولم تبق إسرائيل أمام الفلسطينيين أي حل سوى رمي كل المسؤولية في وجهها والتخلي عن فكرة الدولتين والمطالبة بالدولة الواحدة التي هي الواقع الوحيد على الأرض. وليتحول النضال الفلسطيني إلى نضال باتجاه المساواة المواطنية والمدنية في كل أرض فلسطين، وعند ذلك لتطبق «الدولة اليهودية»، كما يريدها نتنياهو ويمينه الاستيطاني، كل أنواع العنصرية على نصف السكان الموجودين على الأرض. ولن يتحمل عالم اليوم المعولم بإعلامه الكاشف واليومي واللحظي دولة عنصرية مفضوحة الممارسات على شاكلة نظام الفصل السابق في جنوب أفريقيا. وعندما تُسحب من هذه الدولة كل المسوغات التي تستخدمها الآن للتغول في استراتيجيتها الوحشية، خاصة مسوغ استخدام السلاح والتحول إلى النضال الشعبي السلمي، فإنها ستفقد المبرر الذي تضلل به العالم للتحريض على الفلسطينيين وهو مبرر «مقاومة الإرهاب»!

ولكن يحتاج كل ذلك إلى قرارات فلسطينية شجاعة، وعلى مستوى كل القيادات، تتضمن التخلص من السلطة، وإعادة تسليم ملف القضية للأمم المتحدة، وإعادة عبء الاحتلال إلى المحتل نفسه، والتوقف تماماً عن العمل العسكري واستبداله بالمقاومة الشعبية السلمية الشاملة (التي أسقطت أنظمة حكم عتيدة)، والاتفاق على ذلك كله ضمن استراتيجية موحدة.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «المشروع الحضاري».. ضد مريم إبراهيم
- مجرمو -بوكو حرام- ... والموقف المطلوب!
- -الخضر- مخطوفا وقديسا لإنجلترا
- مرة اخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
- السلطان عبد الحميد بين الحقيقة والايديولوجيا
- -غراميات شارع الاعشى-: السعودية في السبعينات
- وحش بغداد
- الهند وديموقراطية موسيقارها العظيم بسم الله خان
- أردوغان: غطرسة السلطان تطيح به!
- عقاب مصر للشعب الفلسطيني
- سحب السفراء من قطر ... يعزز الدور الإيراني
- هاشم الشعباني: شاعر عربستان وشهيدها
- عنفنا الدموي لم يقطع رأس نعامتنا!
- الرواية العربية: “الفصاحة الجديدة”
- الإعلام العربي: بين الإنجاز وفقدان البوصلة (١ من £ ...
- الرواية العربية: بين الإبداع وكسر التابوهات
- تونس: عبقرية التوافق وروح خير الدين باشا
- المثقف العربي: تناسل المآزق, وأفول التأثير
- فلسطينيو سورية: مآس مزدوجة وخذلان عربي ودولي فاضح
- ساقان اصطناعيتان فلسطينيتان تتسلقان كليمنجارو


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد الحروب - الوحش الإسرائيلي يلتهم نفسه!