أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - رسالة إلى «حسن نصرالله»














المزيد.....

رسالة إلى «حسن نصرالله»


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4562 - 2014 / 9 / 2 - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



لاشك أن أحد أخطر أسباب الدمار الفكري والسياسي والاجتماعي، الذي تشهده بعض بلداننا يكمن في انتشار الطائفية والتعصب الديني، الذي يفتك ببعض مجتمعاتنا، ويذريها في كل اتجاه. وسيكتب مؤرخو المستقبل عن هذه الحقبة السوداء أن الانجراف الحاد نحو التطرف الديني، الذي يأخذ وجوهاً لا حصر لها، هو المسؤول الأول عن الشلل الذي ضرب المجتمعات وقواها وطاقاتها. فقد تم اختطاف الدين وقيمه الإنسانية التسامحية، وأُعيد تفسيره كي يخدم الفكر الطائفي، والمذهبي، ليتم حشره في أضيق نظرة ممكنة، عوض الإبقاء على اتساع أمديته الأصلية زماناً ومكاناً. لقد اختُطف الدين وتم تحويله الى أداة لخدمة السياسة والأهداف الآنية والمصلحية إن بيد الدول والحكومات أو بيد المنظمات والجماعات التي تتناسل بشكل مدهش. ولن تتخلص المنطقة وبلداننا وشعوبنا ومجتمعاتنا من هذه الحقبة المظلمة ما لم تتم إعادة الدين إلى رحابه الروحية، وعدم خلطه بالسياسة، وكشف كل خاطفيه ومستخدميه. وحول هذه المعاني قرأت مؤخراً رسالة في غاية العمق والمرارة والتعبير الداخلي الدقيق عن الحالة المجتمعية التي تحولنا إليها بسبب تسييس الدين وتديين السياسة، موجهة إلى حسن نصرالله الأمين العام لـ«حزب الله»، وقد وجهها له الكاتب اللبناني رؤوف قبيسي. الرسالة طويلة جداً وتستحق أن تُنشر كاملة في الإعلام العربي وأن تُقرأ في كل مكان وتعمم، ليس لأنها موجهة إلى نصرالله فحسب، بل لأنها تفكك ادعاءات إسلاموية كثيرة حول الطائفية التي لا تعمل إلا على تفتيت النسيج الاجتماعي وتدمير البلدان.

وأستسمح هنا في اقتباس بعض الفقرات المهمة من تلك الرسالة التي لا تحتاج إلى تعليق أو أي إيضاح. يقول قبيسي:


«... أحسبكَ تعرف من اسمي أيها السيد، أنني أنتمي بالهوية المسجلة في الدوائر الحكومية اللبنانية، إلى الطائفة الشيعية في لبنان، ولا أحسب من عائلتي في لبنان من ينتمي إلى غير هذه الطائفة، ولكن أحب أن أقول في مستهل خطابي هذا إليك إنني لست شيعياً ولن أكون، ولست متديناً ولن أكون، وأعتبر هذه التصنيفات تقليداً يفسد الوصية، كما جاء على لسان المسيح في الأناجيل، وخروجاً على الإيمان الإسلامي، الذي يعلو على التمذهب، لا نور لي هنا ولا هداية، إلا الآية الكريمة.. التي تقول (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا). لا أريد أن أفهم حبل الله هذا إلا الإيمان برسالة تحضّ على عدم التفرقة بين الناس، لأن الناس ساعة ينقسمون لا يعودون مؤمنين، بل يصيرون متدينين متعصبين، وتبدأ بينهم الحروب، وفي الحروب يوارى الإيمان التراب، وتنبت الغرائز»!

ويمضي الكاتب منتقداً الطائفية والتعصب المذهبي: «أنت أكثر من يدري يا سيد حسن، أن ما تشهده بلادنا من فتن وحروب هو من فعل العصبيات المذهبية التي لا علاقة لها بالإيمان.. أنت تعرف أن الخلافات بين السنّة والشيعة بدأت تحرق أخضر الأرض ويابسها، وتؤدي إلى قتل الأبرياء وتشريدهم من قراهم وبيوتهم، وإخالك تضع اللوم على "خلايا نائمة" و"قوى من الخارج" تعبث بالأرض والمقدسات! هذا أمر لا أشك فيه، هو من السياسة التي لا أفهم منها شيئاً، لكن ما أعرفه حق المعرفة، وإخالك تعرفه.. ويعرفه القاصي والداني، وكل من نظر في كتبنا وتاريخنا، أنه لو لم تكن في ثقافتنا فجوات، لما تمكنت "قوى الشر" من التسلل إلى ديارنا والعبث بمصائرنا. هناك إذن شيء فينا خطأ، موجود منذ القدم، ولا يزال. موجود من قبل أن تنشأ إسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وقبل أن يسمع العرب بشيء اسمه الاستعمار!

نعم.. هنا تكمن العلة وهنا يجب أن يبدأ الصراع أولاً، وليس على الحدود! أنت تعرف.. أن مصدر هذه العلة ليس القرآن الذي هو منارة الإيمان، بل مصدره من انقسام المسلمين شيعاً ومذاهب.

... كل طائفة في لبنان لها خصوصيتها المميزة، العزيزة على كل فرد من أبناء هذه الطائفة أو تلك. لا بأس في هذا التعدد، وإنما الخطر يكمن ساعة تتحول هذه الخصوصية إلى سياسة وسلاح، وتكون فيها غلبة طائفة على أخرى، فعندها تتحول إلى عصبية هدامة وتثير نعرات خصوصيات الآخرين وغرائز دهمائهم، وتدخل الوطن في خطر. وتظهر هذه الغلبة في خلط الدين بالسياسة، أو حين يكون نظام البلد طائفياً، كما هو الحال في لبنان. ومن هنا نفهم أن الدولة الطائفية غير إنسانية، عنصرية تصنّف مواطنيها على أسس دينية».

وإذا سألتني -يقول الكاتب- عن «دولة الإيمان» فسأقول لك إنها ليست «ولاية الفقيه» حتماً، وليست «دولة العراق والشام» حتماً، وليست «دولة القاعدة» ولا «دولة الإخوان المسلمين» حتماً، ولا «طالبان» و«جبهة النصرة»، وكانتونات العلويين والدروز والموارنة. هذه كلها لون واحد، عقل واحد ونهج واحد، «خصوصيات» أحادية، لا مكان فيها لروح آخر، وعقل آخر، وفكر آخر.

الدولة المدنية هي دولة التعددية الوحيدة، وهذه وجدت في الغرب بعد صراع مر مزمن بين الغريزة والعقل، بين الجهل والعلم! إنها الدولة التي تحفظ حقوق الناس، ويتساوى فيها المواطنون أمام القانون.

ألم يقل الشيخ الإمام محمد عبده «ذهبت إلى الغرب فرأيت إسلاماً ولم أرَ مسلمين، ثم عدت إلى بلاد المسلمين فرأيت مسلمين ولم أرَ إسلاماً»؟!

هذا الإسلام الذي وجده «رائد التحديث» في الغرب، لم يكن إلا في كنف الدولة المدنية. محمد عبده هو الذي قال: «الإسلام مجموعة من القواعد العامة يقتدي بها البشر في المجتمع والحكم، لكنه، أي الإسلام، لم يأت بقوانين تفصيلية، وعلى البشر أن يستعملوا عقولهم في وضع التفاصيل». والشيخ محمد عبده نفسه هو الذي قال أيضاً إن الإسلام محجوب ببعض المسلمين، ونادى بتعليم المرأة، وعارض البرقع والنقاب، وقال إنه لا نص في الشرع يوجبهما، وإنهما «عادتان ناتجتان من الاختلاط بأمم أخرى». وهو الذي وقف ضد التكفيريين والمتزمتين، وقال قولته الشهيرة «إنما هو دين أردت إصلاحه وأحاذر أن تقضي عليه العمائم»!



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين دفء «قانا الجليل».. ووحشية -داعش-
- حرب غزة وتصريحات «ليفني»
- الانتفاضة الثالثة.. قلب الطاولة وتصحيح المسار
- «الجدار الحديدي».. والإرادة الفلسطينية
- الوحش الإسرائيلي يلتهم نفسه!
- «المشروع الحضاري».. ضد مريم إبراهيم
- مجرمو -بوكو حرام- ... والموقف المطلوب!
- -الخضر- مخطوفا وقديسا لإنجلترا
- مرة اخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
- السلطان عبد الحميد بين الحقيقة والايديولوجيا
- -غراميات شارع الاعشى-: السعودية في السبعينات
- وحش بغداد
- الهند وديموقراطية موسيقارها العظيم بسم الله خان
- أردوغان: غطرسة السلطان تطيح به!
- عقاب مصر للشعب الفلسطيني
- سحب السفراء من قطر ... يعزز الدور الإيراني
- هاشم الشعباني: شاعر عربستان وشهيدها
- عنفنا الدموي لم يقطع رأس نعامتنا!
- الرواية العربية: “الفصاحة الجديدة”
- الإعلام العربي: بين الإنجاز وفقدان البوصلة (١ من £ ...


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - رسالة إلى «حسن نصرالله»