أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سعود قبيلات - «حيثما مرَّ يعقوب زيَّادين»*














المزيد.....

«حيثما مرَّ يعقوب زيَّادين»*


سعود قبيلات

الحوار المتمدن-العدد: 4771 - 2015 / 4 / 8 - 00:33
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    




القلب الذي ظلّ يخفق طويلاً بحبّ الناس والوطن؛

القلب الذي كان بصلابة الفولاذ ورقَّة النسيم العليل؛

القلب الذي كان عامراً بحبّ العدل والحقّ والخير والجمال والحريَّة؛

القلب الذي ظلّ الفقراءُ والمضطهدون والمستغَلّون يحتلّون كلَّ رحابه؛

القلب الذي ظلّ طريّاً وعامراً بنسغ الحياة رغم توالي السنين وراء السنين؛ بل كان يزداد طراوةً وحياةً مع كلّ سنةٍ تمرّ عليه؛

القلب الذي ظلَّ حتَّى آخر يوم مِنْ حياته يتموضع في جهة اليسار، وتتحدَّد الجهات كلّها بالنسبة إليه تبعاً لموقعها مِنْ جهة اليسار؛

هذا القلب الكبير والعظيم الذي كان يخفق في صدر الرفيق الدكتور يعقوب زيَّادين، أبي خليل؛ الرمز الوطنيّ الاستثنائيّ والقائد الأمميّ الثوريّ الفذّ، كفَّ أخيراً – واأسفاه! – عن الخفقان، وانتقل إلى رحاب الأبديَّة، ليذوب في أمداء الكون، ويصبح مِنْ ضمن أسراره اللانهائيَّة الغامضة. لقد تلاشى هذا الوجود الإنسانيّ العيانيّ المميَّز، ليصبح محضَ فكرة تتخلَّل بعبيرها العَطِرِ مسامات المكان والزمان وتقيم فيها أمداً طويلاً.

وها نحن، اليوم، قد جئنا مِنْ مختلف أرجاء وطننا الغالي الأردن، الذي أحبَّه راحلنا الكبير، وبذل الكثير من التضحيات مِنْ أجله، لنودّع هذا الجسد المثخن الذي تكسَّرتْ عليه النصال على النصال وظلَّ رغم ذلك شامخاً منتصباً حتَّى آخر يومٍ مِنْ حياته، بل لنودِّع هذه النفس الأبيَّة التي ما هانت يوماً، وظلَّتْ دائماً عصيَّة على التدجين والتطويع وتأبى الخنوع.

اليوم، يكمل الزمان دورته؛ فتعود البذرة الطيِّبة مجدَّداً إلى التربة التي نبتت فيها ذات يومٍ بهيٍّ بعيد؛ تعود إلى هنا بعدما أصبحتْ نبتةً خضراء سامقة وتفرّعتْ منها فروعٌ عديدة، وحملتْ فروعها الكثير من السنابل المكتظَّة بالبذور. إنَّه قانون نفي النفي؛ أو بالأحرى، قانون الحياة الرئيس وسرّها العميق.

لقد جئنا، اليوم، إلى هنا، بناء على وصيَّة رفيقنا العزيز الراحل أبي خليل، الذي شاء أنْ يستقرّ جسدُه، في رحلته الأبديَّة، في المكان نفسه الذي كان قد انطلق منه أوَّل مرَّة إلى أرجاء وطنه وإلى العالم.

جئنا ونحن نقول، مع شاعر الأردن الراحل حبيب الزيوديّ:

«وما الحبّ إلا الغيوم على السفح عالية والسماء القريبة

يا سدوم الغريبة

يا سدوم التي عقرت ناقة الله

ما أنت أغنيتي يا جحود ولا لغتي

ولا أنت قافيتي يا جحود ولا وطني

وطني حيثما مرَّ يعقوب زيَّادين يحمل ألواحه وصليبه»

مِنْ تراب هذه الأرض الخيِّرة وهوائها ومائها، ومِنْ أحوال كادحيها وفقرائها وقيمهم النبيلة وسُبُل مواجهتهم لظروف عيشهم الصعبة، استمدَّ يعقوب زيَّادين معاني الحقّ والخير والعدل والجمال والكرامة والحريَّة والكبرياء، التي عمرتْ قلبه.

ومِنْ هنا انطلق إلى دمشق وبيروت والقدس؛ حيث تعمَّقت المعاني الجميلة في نفسه، وترسَّختْ، وتجذَّرتْ، وتسلَّحتْ بالوعي المتقدِّم وبالصلابة والعزم. وإذا كان قد أصبح شيوعيّاً في دمشق وبيروت، فما ذلك إلا لأنَّه كان وفيّاً لفقراء بلاده وكادحيها، وخصوصاً لفقراء وكادحي هذه البقعة الغالية التي أنجبته.

أمَّا في القدس، فقد أصبح يعقوب زيَّادين رمزاً ناصعاً للوحدة الكفاحيَّة للشعبين الشقيقين، الأردنيّ والفلسطينيّ. حيث سجَّلت القدس – آنذاك - مأثرةً وحدويَّةً سامقة، لا تُنسى، عندما انتخبت ابن الكرك، ابن السماكيَّة، نائباً عنها عام 1956. ولم ينسَ أبو خليل القدسَ في يومٍ من الأيَّام؛ بل ظلَّت دائماً لها مكانتها الخاصَّة والحميمة في نفسه. وظلَّت القضيَّة الفلسطينيَّة تمثِّل دائماً وتراً حسَّاساً في أعماق وجدانه وفي قرارة نفسه.

واليوم، ونحن نودِّعه الوداع الأخير، فإنَّ أكثر ما نتذكره مِنْ سيرته هو أنَّه رغم كلّ الهزائم والنكسات والمنعطفات والمحبِطات، التي ألمَّتْ بمنطقتنا وبالعالم، لم يفقد ثقته بالمستقبل، ولم يتزعزع إيمانه بالحريَّة والديمقراطيَّة والتحرّر الوطنيّ والاشتراكيَّة وبمبادئ الشيوعيَّة، ولم يتراجع قيد أنملة عن مناهضته للاستغلال والقهر والتسلّط والتخلّف والتبعيَّة، وظلّ دائماً يحلم بأردن وطنيّ ديمقراطيّ حرّ ومستقلّ؛ أردن للعمّال والكادحين وليس للمستغِلّين والفاسدين والطفيليين والكمبرادوريين.

نَمْ قرير العين، يا رفيقنا العزيز أبا خليل، في هذه البقعة العزيزة مِنْ وطننا الصغير، التي أحببتها ووفيت لها؛ فمبادئك الإنسانيَّة العظيمة راسخة في صدور الكثيرين مِنْ أبناء شعبك، وذكراك الطيِّبة ستبقى خالدة إلى أمدٍ طويل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الكلمة التي شرَّفني الشيوعيون الأردنيون بإعدادها وإلقائها بالنيابة عنهم، اليوم 7/4/2015، في جنازة فقيدنا الكبير الرفيق أبي خليل.



#سعود_قبيلات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذين يتلعثمون لدى تعريفهم للإرهاب
- خطاب سياسيّ متعدِّد الوجوه
- لنكن واضحين.. ولنضع النقاط على الحروف
- فاتن حمامة أيقونة الستينيَّات.. وما أدراك ما الستينيَّات!
- طويل اللسان.. محمَّد السنيد!
- خاب ظنّهم!
- الأمازيغي.. حارس المعبد
- بُركان متنقِّل
- مشهدا إعدام.. مِنْ يوميَّات سجين
- استرداد الصورة الغائبة
- التاجر الشهم الطيِّب والفلَّاح الماكر اللئيم!
- الحَبُّ والمِكيال
- فهد العسكر والاستثناء الذي يصنع القاعدة
- ما جرى لأسد محمَّد قاسم.. قبل «داعش» و«النصرة»
- أوَّاه!
- حَلَبٌ إلى كلِّ الممالكِ سُلَّمُ
- ها أنا قد أعددتُ المائدة!
- الذي رأى صورة «جبل الهيكل» على الدينار الأردنيّ!
- مومو والسيّد إبراهيم ورومانسيَّة زمن الرأسماليّة المتوحّشة
- عين العرب كوباني


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سعود قبيلات - «حيثما مرَّ يعقوب زيَّادين»*