محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4763 - 2015 / 3 / 30 - 12:32
المحور:
الادب والفن
الغرفة الصغيرة المؤثثة بأثاث قديم، فقدت الرجل منذ أيام ثلاثة.
الرجل خرج في الصباح دون أن يتناول طعام الفطور. اكتفى بفنجان قهوة وسيجارة. لم يرتب سريره، ولم يفتح الستارة كي تدخل أشعة الشمس من النافذة.
الرجل مضى دون أن يقول شيئاً لخزانة الثياب، أو لأي من كتبه المكدسة على الرفوف. الكتب تتشاور في ما بينها، تحدق بنزق في المجلة التي كانت بين يدي الرجل وهو في سريره قبل أن ينام، والمجلة تسترخي في السرير مثل امرأة ماكرة، ولا تبوح بأي شيء للكتب التي اعتراها القلق.
الخزانة تهم بأن تسأل الستارة عما حدث، والستارة تهم بأن تسأل الباب، والباب لا يبدو معنياً إلا بشيء واحد: أن يظل متماسكاً كي يحمي الغرفة من أي اقتحام.
والصمت ينكسر، قبضات كثيرة تدق على الباب، والباب يقاوم القبضات، أرجل كثيرة تضرب الباب، والباب ينخلع، والجنود يقتحمون الغرفة، يفتشون خزانة الثياب، ينعفون الكتب، يمزقون الستارة، يقلبون الفراش، ويلقون بالمجلة في سلة المهملات.
والجنود يغادرون الغرفة، وخزانة الثياب تبكي، والمجلة ترتجف، والباب منذهل، والرجل الآن في المعتقل.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟