أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - مثقفون يتنازلون عن أمتهم فماذا عن الدين؟















المزيد.....

مثقفون يتنازلون عن أمتهم فماذا عن الدين؟


زكي رضا

الحوار المتمدن-العدد: 4760 - 2015 / 3 / 27 - 08:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



صرخة تحمل معها كل الخيبات وكل الآهات وكل الهزائم تلك التي خرجت من عقل وروح مثقف عربي كـ "جهاد الخازن" بالأمس، صرخة جمع فيها مأساة أمته المندحرة فكريا وثقافيا وحضاريا وتتباهى اليوم بتدمير تأريخها الذي هو ليس تأريخها كما كتب بل تأريخ أقوام سكنت هذه الأرض قبل أن تهينها سنابك الخيول التي قدمت من عمق الصحراء القاحلة.

الخازن طلّق "أمّته" طلاقا بائنا كونها أمّة " تقتل أبناءها، تدمر مستقبلها"، وكأن الخازن وهو شهد صعود الاحزاب القومية والعوائل الفاسدة لتتحكم ببلدان أمته وقرأ تأريخ دينه الأسلامي لعقود كمثقف وصحفي، قد أكتشف اليوم فقط هذا القتل والدمار بحق الأنسان والأرض. فاقدا ذاكرته للحظات متناسيا جرائم تاريخية كبرى ارتكبت ضد أبناء أمته منذ معارك ما تسمى بالردّة مرورا بمعارك أبناء أمته فيما بينهم وصولا الى مجازر بني أمية والعبّاس ومن خلفهم بحق أبناء نفس أمته، وليستمر "قتل الأبناء" على يد أنظمة أمّته في العصر الحديث ليصل اليوم الى حد جعله "معه الكثيرين" أن يصاب بالصدمة لهول واقعها المزري منتظرا نهايتها التراجيدية وهي تنتحر "تدمر مستقبلها".

الخازن يعلن براءته من أمّة "أمته" تقتل المصلين بالمساجد وكأنه لم يقرأ تأريخ الحجاج الثقفي وهو يقتل المصلين في المسجد الجامع بالبصرة حتى وصلت الدماء الى ابواب المسجد والسكك، لا ادري أن كان "الخازن " قد قرأ شيئا عن معركة الزاوية وقتل أحد عشر ألفا من أبناء أمته بالخديعة والمكر بعد أعطائهم الأمان؟ وأين قتل الأمام علي أليس في مسجد؟ لقد نقل لنا التاريخ المخزي أحداثا عن قتل الالاف من الحجيج والمصلين داخل أقدس بقعة عند المسلمين وهي الكعبة، فالقتل بالمساجد ليس وليد اليوم بل هو أمتداد لتأريخ همجي موغل بالقدم وقد ظهرت تجلياته اليوم بصورة اكثر همجية لتطور وسائل القتل ليس الا.

الخازن يشعر بهول الكارثة ومعه كل الحق وهو يرى سبي نساء أمته وبيعهن في أسواق النخاسة، وكأن حواضر مدن أمته طيلة تأريخها الدموي لم تشهد سبيا أو أسواق نخاسة؟ مئات الالاف من البشر تم بيعهم في مدن أبناء أمته حتّى وصل الامر بأن يباع بعضهم مقابل حفنة من فلفل أو ملح. الخازن وهو يستحضر أنجازات أمته العربية لا يريد الاعتراف أن الترجمة والطب والرياضيات وغيرها من العلوم "العربية" ما هي الا نتاج "موالي" دخلوا دين قوميته بحد السيف وسبيت بلدانهم ونسائهم وذراريهم. والسيد الخازن كأي مثقف عربي لازال يشعر بالحنين لأحتلال الأندلس "اسبانيا" ويحلم بعودة فردوسها، لا ادري إن الأندلس أرضا من أراضي الأمة العربية!!؟

الخازن يشير في طلاقه البائن من أمته العربية الى جرائم صدام حسين "المافيوزي" وأبتلاعه الكويت وجرائم الاسد في سوريا والحوثيين باليمن وعصابات داعش والى نصف أمي "القذافي" وهو يحكم ليبيا لمدة 42 عاما، ولكنه وهو المثقف العربي الذي عليه ان يحمل هموم أمته بأكملها لا أن يجزئها نراه يغض الطرف عن أميين حقيقيين من عوائل فاسدة تحكم ممالك و "دول" فاسدة لعقود، وهنا يكون مقتل المثقف العربي وعدم ثقة الجماهير بمواقفه كونه يكيل بمكيالين بحثا عن مصالحه الذاتية.

في أدراك متأخر ورد فعل عاطفي ونتيجة لحالة الاحباط التي يعيشها جراء الفشل الكبير للمشروع القومي العربي الذي حلم بتحقيقه يوما، فأن السيد الخازن "هناك الكثيرين غيره من المثقفين العرب" يعلن تأييده لقيام دولة كردية في أجزاء كردستان الاربعة حيث يعيش الكرد مشتتين، نتيجة مقاومتهم للأرهاب كما يقول وليس لان لهم الحق في ذلك كونهم أكبر مجموعة عرقية في المنطقة لا تمتلك وطنا. ومن يضمن أن لا يقوم كرديا كما الخازن يوما ليعلن براءته من قوميته بعد أن تتحكم العوائل بمصير شعبه وتتقاتل فيما بينها نتيجة خلافها على شكل الحكم ان كان ملكيا ام جمهوريا - برلمانيا ام قبليا وليرث الكرد كل المشاكل التي مرت بها القومية العربية في العصر الحديث ليترجموها لاحقا الى معارك ليس بالأيدي هذه المرّة بل بقوة السلاح "هناك تجارب سابقة"؟

السيد الخازن لا يريد البقاء في أمّة يكون فيها متهما على الهوية ، انت عربي إذن فأنت فاشل وجاهل وقاتل كما كتب. فهل العرب هم الوحيدون الذي يقتلون الناس في المساجد ويسبون النساء ويدمرون الاثار ويقتلون أبنائهم؟ من دمّروا تمثالي بوذا في أفغانستان لم يكونوا عربا بل طالبان الأفغان، ومن يسرق الفتيات الصغيرات في نيجيريا ليسوا عربا بل مجموعة بوكو حرام الارهابية النيجيرية، الذين يفجرون اجسادهم النتنة بين الأبرياء ليسوا جميعا من ابناء الامة العربية بل منهم الكثير من الافغان والشيشان ومن اسيا الوسطى والباكستان وغيرها. إذن فالمشكلة لا تكمن في ألأمة العربية لوحدها وعلينا البحث عن اسباب خارج هذه الأمة ولكن لها روابط متينة وعميقة معها ، ولو نظرنا نظرة سطحية في بحثنا هذا فاننا لن نجد سوى الاسلام كدين مسؤولا مسؤولية مباشرة عن الأحباط الذي أصاب " الخازن" وغيره الكثير من المثقفين وملايين الخائفين على الجهر بهذه الحقيقة.

على المثقف العربي اليوم ومن أجل غد أفضل لأمته عسى أن تلحق بالعربة الاخيرة من قطار العلم والمدنية والتحضر أن يتحلّى بالجرأة ويشير بوضوح وبقوة من أن الدين ليس سوى أفيونا تتعاطاه الأمة العربية منذ قرون فأصبحت مدمنة عليه. على المثقف أن يضغط من الاسفل حيث القطيع يسير دون هدى نحو حتفه ليبث فيه روح الامل والتغيير، عن طريق تثقيف الناس المستمر لان يكون الدين لامور العبادة والطقوس وليترك رجال الدين حقل السياسة، فرجال الدين المختلفين مع بعضهم البعض منذ عشرات القرون نتيجة فرقة المسلمين لشيعة وسنة هم المسؤولون عن تصحر فكر الانسان المسلم. على المثقفين من امثال جهاد الخازن ان لا يتركوا الساحة يأسا بل عليهم تعريف الناس على ان الطلاق مع الدين المتخاصم مع نفسه واعادة أنسنته ليواكب التطور المذهل الذي تمر به البشرية واحترامه ليكون في مكانه الطبيعي "المساجد والجوامع"، هو طلاق بائن مع التخلف والجهل وزواج كاثوليكي مع المستقبل المشرق الذي تصبوا الامم للوصول اليه.

العربي والكردي والفارسي والتركي وغيرهم ليسوا متهمين كونهم عربا وكردا وفرسا واتراكا بل كونهم مسلمون، فلنعيد النظر بتفاسير الدين الاسلامي ولنعمل من أجل قيام أنظمة علمانية ديموقراطية قوية تأخذ على عاتقها تحرير الانسان العربي وغير العربي في هذه المنطقة من طاعون الدجل وسرطان التخلف المتمثلين بالصراع الطائفي الذي يحمل اليوم راية خراب المجتمعات والدول بعد أن تحوّل الى صراع مصالح سياسية.

أنسنة الدين هو الطريق الوحيد للخلاص من هزائم قادمة كون هزائمنا لليوم ليست سوى نزهة مقارنة بالتي ستأتي لاحقا.



#زكي_رضا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزاوج العشائر والميليشيات خطر على مركزية الدولة
- البعث بريء من جريمة ضياع الموصل!
- القتل حرقا سنّة أسلامية .. فلم العجب؟
- هيومن رايتش ووتش بين البعث والاحزاب الشيعية الحاكمة
- عيّارو بغداد بين الأمس واليوم
- هل العبادي جاد بمحاربة الفساد؟
- هل لازال أهالي الموصل قلقون على بغداد يا ميسون!؟
- تسليح العشائر السنية يعني جيشا -عراقيا- ثالثا
- السيد العبادي لا تحتفظ بملفّات الفساد وأكشفها
- لا ديموقراطية في ظل إنتهاك حقوق المرأة
- صدگ ما تستحون
- دلّالية حزب الدعوة لبيع الاراضي
- 50 ألف حرامي والحبل عالجرّار
- د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (الحلقة ا ...
- سماء الخضراء تمطر مستشارين
- فؤاد معصوم غير معصوم
- د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (الحلقة ا ...
- محاكم تفتيش طائفية في شارع المتنبي
- د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (الحلقة ا ...
- أحزاب المحاصصة ودعارة غسيل الاموال


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زكي رضا - مثقفون يتنازلون عن أمتهم فماذا عن الدين؟