أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عز - العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري: رؤية نظرية ومنهجية















المزيد.....



العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري: رؤية نظرية ومنهجية


محمد عز

الحوار المتمدن-العدد: 4759 - 2015 / 3 / 26 - 16:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


• مقدمة
شهدت عدد من الأقطار العربية فى بداية العقد الثانى من القرن الحادي والعشرين ثورات واحتجاجات عارمة، كانت نتيجة طول معاناة الشعوب من الاستبداد والفساد وغياب الحريات، وتزايد وتيرة الإنتهاكات، وتدهور الأوضاع المعيشية بسبب غياب مخططات للتنمية وغياب العدالة الاجتماعية واستنزاف وتبديد الموارد الطبيعية والاقتصادية وعدم نزاهة واستقلال القضاء، وعدم القدرة على تدبير الاختلاف المجتمعي في أبعاده العرقية والإثنية والدينية بشكل ديمقراطي، ومع نجاح بعض هذه الثورات فى العصف بالديكتاتوريات الحاكمة لها، ظهرت الحاجة ملحة للحديث عن بعض المفاهيم كالعدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية كآلية للوصول بالمجتمع إلى طريق البناء والنهضة عبر جسر سلمى آمن ينأى بنا بعيداً عن الصراعات والعنف، ويحقق نظاماً ديمقراطياً حراً قائماً على إحترام حقوق الإنسان، وقادراً على تحقيق العدالة لضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان وضحايا النظام البائد، ويحاسب مرتكبى الجرائم حساباً عادلاً يرضى جميع الأطراف، ويضع حجر الأساس لمبدأ سيادة القانون والمضى معاً(الضحايا والجناة) نحو تحقيق مستقبل أفضل للبلاد.
وبالرغم من حداثة فكرة العدالة الانتقالية نسبيّا، إلا أن الربع الأخير من القرن العشرين قد شهد تجارب مهمة في مجال العدالة الإنتقالية في مختلف أنحاء العالم، ومن أهم هذه التجارب، أسبانيا (1978) والأرجنتين (1983) وتشيلي (1990) وغواتيمالا (1994) وجنوب أفريقيا (1994) وبولندا (1997) ، وسيراليون ( 1999) وتيمور الشرقية (2001) والمغرب (2004). ومن ثم بدأ موضوع العدالة الانتقالية، يُطرح بقوة خلال السنوات الأخيرة، وبدرجات متفاوتة في السياقات الوطنية لبعض البلدان العربية، وقد تباينت صيغ طرح الموضوع -سواء في شكل دعوات رسمية لبعض صناع القرار السياسي أو من خلال منظمات المجتمع المدنى أو من خلال بعض النخب- فى محاولة للوصول بالمجتمع إلى طريق الأمن والاستقرار.
ويفرض الواقع المصري بصورة خاصة سرعة اللجوء إلى تطبيق العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية، وذلك لمعالجة الإنتهاكات التي وقعت قبل ثورة 25 يناير، وكذلك معالجة الإنقسامات التي حدثت بعد ثورة 25 يناير لا سيما بعد الموجه الثانية من الثورة التي أندلعت في 30 يونيو 2013، والتي أطاحت بالنظام المنتخب لعدم تلبيته طموحات الشعب، ولم يصبح الأمر متطلباً المصالحة مع رموز نظام الحزب الوطني السابق فحسب، بل أيضا مع جماعة الإخوان المسلمين وبعض الفئات المناصرة لها، بالإضافة إلى عدد من المشكلات الأخرى التي ما زالت بحاجة لمعالجتها كمشكلة الفتنة الطائفية، ومشكلة العلاقة بين الشرطة والشعب.
وتهدف هذه الورقة، إلى التعريف بمعنى العدالة الانتقالية وأهدافها، والاستفادة من تجارب الدول الآخرى التي حققت العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وأخيراً، تقديم نموذج نظري لكيفية تطبيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري. وفي سبيل تحقيق ذلك، سنتبع عدداً من الخطوات هي كالتالي:
1- تقديم نبذة تاريخية وتعريف لمفهومي العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية كما ورد في أدبيات العدالة الانتقالية.
2- شرح تجربتين من تجارب العدالة الانتقالية "الأرجنتين، وجنوب أفريقيا" بإعتبارهما تجربتين فريدتين، الأولى واجهت عده صعوبات في سبيل تحقيقها، والثانية حققت نجاحاً منقطع النظير. وقد تناولنا التجربتين من خلال الآليات التي طُبقت فيهما، حيث تناولنا كل آلية وكيف تم تطبيقها، والعقبات التي واجهتها أثناء التطبيق، وكيف تم التغلب عليها. وأخيراً، إستقاء عدداً من الدروس المستفادة من تلك التجارب.
3- أخيراً، وضع نموذج نظري ورؤية لكيفية تطبيق العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري، مستفيدين في ذلك ببعض البيانات والإرشادات الصادرة عن المركز الدولي للعدالة الانتقالية.



• أولاً: العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية: قراءة مفاهيمية وتاريخية
أ‌- قراءة مفاهيمية
تبلور مفهوم العدالة الإنتقالية كبديل لفكرة المحاكم الثورية التى شهدتها بعض الدول فى القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن الماضى، والعدالة الانتقالية هي مصطلح يطلق على مجموعة الإجراءات والآليات التي تطبق فى المجتمعات التى تمر بفترات إنتقالية – فى أعقاب الحروب الأهلية أو الإنتقال من حالة نزاع داخلى مسلح إلى حالة سلم، أو الإنتقال من حكم سياسي إستبدادي إلى حكم ديمقراطي، أو التحرر من إحتلال أجنبى بإستعادة أو تأسيس حكم وطني – بهدف مواجهة إرث إنتهاكات حقوق الإنسان قبل وأثناء التغيير، وإعطاء الحقوق للضحايا وتعويضهم – سواء مادياً أومعنوياً- ومحاسبة مرتكبى الجرائم، من أجل الوصول بالمجتمع إلى حالة الاستقرار، ويشمل مفهوم العدالة الانتقالية أيضاً المصالحة الوطنية بين الأطراف المختلفة حتى يمكن إعادة بناء الدولة على أساس سيادة القانون وإحترام التعددية وقيم الديمقراطية .
وتتضمن أهداف العدالة الإنتقالية مايلى :
1- محاولة معالجة وتضميد الإنقسامات الحادثة فى المجتمع والناتجة عن إنتهاكات حقوق الإنسان.
2- تضميد جراح المجتمع والأفراد، لاسيما من خلال كشف الحقيقة.
3- إعطاء العدالة للضحايا ومحاسبة مرتكبى الجرائم.
4- إستعادة سيادة القانون.
5- ضمان عدم تكرار إنتهاكات حقوق الإنسان.
6- تعزيز التعايش المشترك وتحقيق السلام.
أما المصالحة فلا تعتبر مصطلحاً حديث الظهور، حيث يضرب المصطلح بجذوره إلى العصور القديمة لاسيما عصر صدر الإسلام وما تم من مصالحات بين المسلمين والكفار كصلح الحديبية على سبيل المثال، كذلك وجد نوعاً من المصالحة فى تراثنا القديم كالإحتكام إلى المجالس العرفية فى فض النزاعات وإنهاء الخصومات بين المتنـازعــيـن والتى تعرف بـ (مجـالـس العــرب)أو(قــعــدة العرب). وعن المصالحة الوطنية فيعتبر الزعيم الفرنسي شارل ديجول أول من استخدم تعبير المصالحة الوطنية في خطابه الشهير حول وحدة فرنسا، ثم استخدمه من بعده على التوالي كل من الرئيسين جورج بومبيدو وفرانسوا ميتران، وتعرف المصالحة الوطنية بأنها صيغة للتفاهم بين أبناء الوطن الواحد للوصول إلى برنامج متفق عليه لإنقاذ الوطن من أزمته ووضعه على الطريق الصحيح، أو هى شكل من أشكال التوافق السياسى والتفاعل بين الأحزاب المختلفة والزعماء لإنشاء مناخ يسمح بالتفاعل الطبيعي بين القوى السياسية والطبقات الإجتماعية .
وإذا كان تعريفا العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية تعريفين منفصلين على هذا النحو السالف ذكرة، إلا أنهما فى الحقيقة مصطلحان وثيقان الارتباط، حيث تعد العدالة الانتقالية جزءاً من مشروع المصالحة الوطنية وأساس من أسسه، وتعتبر المصالحة هدف ووسيلة فى آن واحد، فهي هدف –يُسعى من أجل تحقيقه- ووسيلة –لتحقيق هدف- فى آن واحد ، ومن ثم فان الحديث عن أحدهما دون الآخر أمر لاجدوى منه، حيث يترتب على العدالة الإنتقالية مصالحة بين الأطراف المتنازعة بحيث يمضون معاً الى الأمام فى بناء مستقبل أوطانهم، وتتطلب المصالحة تحقيق العدالة فلا يمكن أن تكون هناك مصالحة دون إرضاء للطرف المتضرر(الضحايا) وإعتراف من جانب الجناة.

ب‌- : نبذة تاريخية
اختلف الباحثون في تحديد ظهور مفهوم وممارسات العدالة الإنتقالية، وبالتنقيب فإننا نجد جذوراً للعدالة الإنتقالية عند بعض الفلاسفة فى القرن السابع عشر، حيث نجد جذوراً للعدالة الإنتقالية فى فلسفة الأنوار من خلال فلسفة توماس هوبز ونظريته حول المجتمع المتصارع، مروراً بفلسفة جان جاك روسو ونظرية العقد الإجتماعى التى تفرض عدة تنازلات من طرف جميع الأطراف، وصولاً الى الفلسفة الميكافيلية التى حاولت العدالة الإنتقالية من خلالها إيجاد حلول ظرفية لمشاكل الماضى المعقدة. وحديثاً يمكن الحديث عن التطور التاريخى لمفهوم العدالة الإنتقالية من خلال ثلاث مراحل هى :
-;- المرحلة الأولى: جاءت في أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة، وتمثلت بشكل أساسي في محاكمات نورمبرج، وتمحورت العدالة الانتقالية خلال هذه المرحلة حول فكرة التجريم والمحاكمات المترتبة عليها.
-;- المرحلة الثانية: جاءت فى الربع الأخير من القرن العشرين، حيث ضعفت جهود تحقيق العدالة الانتقالية، وفي هذه المرحلة تم تطبيق مفهوم مُسيس من العدالة الإنتقالية أكثر إرتباطاً بالهياكل الرسمية للدولة، وهنا تجاوزت فكرة المحاكمات وتضمنت آليات أخرى مثل لجان الحقيقة والتعويضات، أي إنه خلال هذه المرحلة صارت العدالة الانتقالية بمثابة حوار وطني بين الجناة والضحايا، وخلال هذه المرحلة برزت تجربة لجان الحقيقة في جنوب أفريقيا وعدد من دول أمريكا اللاتينية.
-;- المرحلة الثالثة: بدأت فى تسعينيات القرن العشرين تقريباً، حيث جاء إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة في 1993 تجسيداً وتحفيزاً وتطبيقاً للعدالة الانتقالية، إذ أدى تكرر النزاعات إلى تكرر حالات تطبيق العدالة الإنتقالية، كما ارتفعت الأصوات المنادية بالحد من الأخذ بمبدأ الحصانة ليصبح الاستثناء وليس القاعدة، وفي هذا السياق تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا في 1994، ثم في 1998 تم إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وقد أثرت هذه التطورات في الكثير من اتفاقيات السلام التي عقدت بعد ذلك، والتي أشارت إلى المحاكمات الدولية بإعتبارها جزءاً من عملية التسوية السلمية؛ من ذلك اتفاقية "أروشا" المتعلقة ببوروندي، واتفاقية "ليناس ماركوسيس" الخاصة بساحل العاج، ولكن مع تزايد الصراعات وتزايد الإقبال على تطبيق العدالة الإنتقالية، ومع إمتزاج رأس المال بالسلطة، وكون النظام السابق الذى يمثله الجناة طرفاً لا يمكن إقصائه لسيطرته على مقاليد الأمور فى البلاد وسيطرته على الإقتصاد، تعالت الأصوات المنادية بضرورة المصالحة من أجل النهوض بالبلاد ووضعها على طريق التنمية والديمقراطية حتى أصبحت المصالحة هى الأساس والتقديم للمحاكمات هو الإستثناء.

• ثانياً: تجارب عالمية
تظل دراسة التجارب العالمية فيما يتعلق بالعدالة الإنتقالية مسألة مفيدة، بل وضرورية لإستخلاص الدروس والعبر من جهة، والإغتناء بنماذج عملية بما لها وما عليها من جهة ثانية، وليس الهدف من ذلك هو تقليد هذه التجارب أو إستنساخها، بقدر الإفادة منها وتجّنب الأخطاء التي وقعت فيها، فقد أكد العديد من العلماء والباحثين أنه لا يوجد نمطاً واحداً للعدالة الإنتقالية فى جميع المجتمعات، وأكدوا أن السياق الوطنى لكل دولة يعتبر مصدراً أساسياً فى بناء مسار ونموذج للعدالة الإنتقالية معتبرين أن مقاصد ومبادئ هذه العدالة تعد أحد روافد الإنتقال الديمقراطى، ومن ثم فإن كل دولة يمكنها تطوير نموذج للعدالة الإنتقالية يتوافق مع ما مرت به من أحداث، ويتوافق مع السياق الإجتماعى والثقافي والتاريخي لهذه الدولة، وسنعرض هنا لتجربتين من تجارب العدالة الإنتقالية للوقوف على الآليات المستخدمة، والدروس المستفادة من كل تجربة.
-;- تجربة الأرجنتين
قام الجنرال "خورخي فيديلا" فى عام 1976 بانقلاب عسكرى على حكومة رئيسه "إيزابيلا بيرون" إستولى على إثره على الحكم فى الأرجنتين، وقام "فيديلا" بفرض الأحكام العرفية وإستخدام سياسة القمع ضد المواطنين، واستمر الحكم العسكرى للأرجنتين من عام 1976 حتي عام 1983، العام الذى هزم فيه الجيش الأرجنتينى من نظيره البريطاني فى حرب "المالوين"، وقد شهدت الأرجنتين خلال تلك الفترة شتى صنوف الإنتهاكات لحقوق الإنسان من (قتل، تعذيب، إختفاء قسرى،......)، جاءت كلها تحت اسم - حماية أمن الأرجنتين من خطر الشيوعية- وهكذا خلفت هذه المرحلة أكثر من 30 ألف حالة إختفاء قسرى لم يعط العسكر لذويهم حتى الحق فى دفن جثث من مات منهم أو معرفة كيف قتلوا أو متى؟، وغالباً ما كان يقوم النظام بقتل المعارضين وإلقاء الجثث فى البحر أو حرقها حتى لا يترك وراءه أى دليل، هذا بالإضافة إلى حالات الإعتقال والتعذيب( )، ومنذ سقوط الحكم العسكرى فى عام 1983 وتولى "راؤول ألفونسين" رئاسة البلاد ناضلت الأرجنتين كثيراً فى سبيل تحقيق العدالة الإنتقالية ومعالجة هذا الإرث الضخم من الإنتهاكات التى حدثت خلال تلك الفترة وتضميد جراح ضحاياها، فقامت الحكومة بوضع مجموعة من المبادرات المرتبطة بالبحث عن الحقيقة والمحاكمات والتعويض.
وتنبع أهمية التجربة الأرجنتينية في العدالة الإنتقالية من رافدين أساسيين، الأول: وهو أن التجربة الأرجنتينية تعد من التجارب الأولى في العالم في مجال تطبيق العدالة الإنتقالية حيث يمكن القول بأن مصطلح العدالة الإنتقالية ولد من داخل الأرجنتين، أما الثاني: يتمثل في كون التجربة الأرجنتينية قد شهدت عثرات كبيرة ومقاومات أكبر في سبيل تحقيقها، وبالرغم من هذا فقد حاول "راؤول ألفونسين" وحكومته المرور قدماً نحو تحقيق العدالة الإنتقالية، وذلك من خلال ما يلي:
1- لجان تقصى الحقائق: فى عام 1983 أصدر "ألفونسين" قراراً بإنشاء لجنة لتقصى الحقائق بإسم "اللجنة الوطنية لدراسة مشكلة إختفاء الأشخاص"(National Commission on the Disappearance of Persons )، وقد حرصت الحكومة الأرجنتينية على أن تتكون اللجنة من الأفراد الذين يتمتعون بمكانة مرموقة على المستويين الوطني والعالمي، ولهم باع طويل في المدافعة عن حقوق الإنسان، على أن تكون أيضاً ممثلة لكل الإنتماءات السياسية والأيديولوجية الموجودة في المجتمع. وقد ضمت اللجنة في عضويتها كل من"ريكاردو كولومبرس Ricardo Colombres"، و"رينية فافارلو Rene Favarolo"، و"هيلاريو فيرنانديز لونج Hilario Fernandez Long"، و"كارلوس جاتونين Carlos T. Gattinon"، و"غريغوري كليموفسكيGregorio Klimovsky" ، و"مارشال مير Marshall T. Meyer"، و"جيمي نيفاريسJaime F. de Nevares"، و"إدوارد رابوس Eduardo Rabossi"، و"ماجدلينا رويزMagdelena Ruiz Guinazú-;-"، وأخيراً "أرنستو ساباتو Ernesto Sabato"، ولتحقيق مزيد من الموضوعية فقد دعت الحكومة الأرجنتينية الكونجرس والبرلمان الأوروبي لإرسال ثلاثة ممثلين لهم، وبالفعل أستجاب البرلمان الأوروبي وأرسل كل من "سانتياجو لوبيز Santiago Marcelino Lopez"، و"هيجو بوسيل Hugo Diogenes Piucill"، و"هيراتيو هيرت Horacio Hugo Huarte" كممثلين له، وفي 29 ديسمبر 1983 تم إنتخاب "أرنستو ساباتو Ernesto Sabato" رئيساً للجنة الوطنية لدراسة مشكلة إختفاء الأشخاص، وكان على هذه اللجنة كشف الحقائق وجمع المعلومات والدلائل وتقديمها للمحكمة، وقُسمت اللجنة إلى خمسة أقسام تغطي كافة الجوانب كانت كالتالي :
- قسم للإدلاء بالشهادات برئاسة "سارة فيرنانديزSra. Graciela Fernandez Meijide ".
- قسم تجميع البيانات والوثائق برئاسة "دانيل سلفادور Dr. Daniel Salvador ".
- قسم الإجراءات برئاسة " راؤول أراجون Dr. Raul Aragon".
- قسم الشئون القانونية برئاسة "ألبرتو منصور Dr. Alberto Mansur".
- قسم الشئون الإدارية برئاسة "لوبيلدو سيجريا Dr. Leopoldo Silgueira ".

وقد واجهت اللجنة العديد من المشاكل أهمها عدم توافر الوثائق، وإتباع الجيش الأرجنتيني سياسة إخفاء الأدلة وحرقها. وبالرغم من ذلك ففي عام 1984 أصدرت اللجنة تقريراً بعنوان "حتى لايتكرر هذا" أدرجت فيه أعداد الضحايا ومراكز الإعتقال التى تم فيها تعذيب المعتقلين وقتلهم بأمر من السلطات العسكرية، حيث تم توثيق كل حالة على حدة في ملف رقمي مستقل، ونٌشر التقرير كاملاً في الجريدة الرسمية علي حلقات أحدثت صدمة لدي الشارع الأرجنتيني من هول ما جاء به، ولعل معرفة الناس بالحقيقة ومعرفة مصائر ذويهم كانت هي المكسب الوحيد للعدالة الإنتقالية في تلك الفترة.
2- المحاكم الجنائية: بعد أن نشرت "اللجنة الوطنية لدراسة مشكلة إختفاء الأشخاص" تقريرها فى الجريدة الرسمية، بدأت محاكمات رموز ورجال الجيش المتهمين بإرتكاب إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، وفي العام 1985 جرت ملاحقة قضائية لتسعة أعضاء سابقين من الطغمة العسكرية في محكمة تاريخية أدت إلى إدانة الرئيسين السابقين "جورج رفائيل فيدلا" و"روبرتو إدواردو فيولا"، والأدميرالين "إميليو إدواردو ماسييرا" و"أرماندو لامبروشيني"، والعميد في الجيش "أورلندو رامون أغوستي"( )، بيد أن المحاكمات الجنائية فى الأرجنتين لم تسر على وتيرتها المرجوة، فقد واجهت الأرجنتين عقبات عدة فى سبيل تحقيق العدالة الإنتقالية، تمثلت فى:
- اتبع بعض قيادات الجيش الأرجنتينى سياسة إخفاء الأدلة والوثائق عن اللجنة الوطنية لدراسة مشكلة إختفاء الأشخاص حتى لا يمكن إدانتهم.
- قام بعض قيادات الجيش الأرجنتينى بإتباع أساليب إرهابية، منها القيام بموجه من التفجيرات فى البلاد.
- هددت بعض قيادات الجيش الأرجنتينى بإدخال البلاد فى حرب أهلية إذا ما استمرت المحاكمات الجنائية لأفراد الجيش.
وتحت كل هذه الضغوط اضطر الرئيس "راؤول ألفونسين" إلى الرضوخ إلى مطالب الجيش، وفي ديسمبر/كانون الأول 1986، أصدر قانون "النقطة النهائية" الذي حدد تاريخ نهائي لتقبل أي دعاوي ضد رجال النظام السابق، وفي أبريل/نيسان 1987، أصدر أيضاً قانون "الامتثال للواجب"، وهو القانون الذي يعفي أي ضابط في الجيش في رتبة أقل من كولونيل من أي مسئولية قانونية إزاء قتله للمواطنين تحت دعوي أنه كان مضطرا لفعل ذلك لكونه عسكريا كان ينفذ أوامر القيادة.
وقد حدثت إنتكاسة كبرى لمسار العدالة الإنتقالية فى الأرجنتين بصدور قوانين العفو العام، ففى العامين 1989 و 1990 أُصدر عفوين شمل الأول عدداً صغيراً من الضباط الذين حوكموا، أما الثاني فشمل من سبق أن تمت مقاضاتهم والحكم عليهم، وبحلول العام 1990، لم يكن قد تمت إدانة سوى 10 أشخاص حصلوا كلهم على العفو وأُطلق سراحهم، حتي القادة أمثال "رينالدو بينونه" آخر رؤساء الأرجنتين في الحقبة العسكرية تمت إدانته والحكم عليه في 1983 وتم العفو عنه في 1985، وفي العام 1999 أيضا وفي ظل حكم الرئيس "فرناندو دي لاروا" حكم قاضي التحقيق الأسباني المشهور"بالتازار غارثون" في مدريد على أفراد من القوات المسلحة في الأرجنتين بجرائم الإبادة والإرهاب، ولكن الرئيس رفض مذكرات التوقيف الدولية. وهكذا ظل مسار العدالة الانتقالية فى الأرجنتين متعرجاً ولم يحقق ما كان يطمح إليه الضحايا.
لكن على الرغم من تلك النكسات، واصلت حركة حقوق الإنسان الأرجنتينية وعائلات المختفين ضغوطها للمحاسبة، وفي منتصف العام 2003 حكمت المحكمة العليا في الأرجنتين بقيادة "بالتازار غارثون" بعدم دستورية القوانين التي تحمي الشخصيات العسكرية من الملاحقة القضائية، وفي يونيو/حزيران 2005، في قرار تاريخي، حكمت المحكمة العليا بإيقاف قانون النقطة النهائية وقانون الإمتثال للواجب(قانون الطاعة) لعدم دستوريتهما، وفُتح الباب أمام تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين، ومنذ ذلك الوقت تم إتهام حوالي 547 شخصاً بتهم الإعتقال والتعذيب وسرقة الأطفال والحرمان غير الشرعي من الحرية . ومنذ العام 2010 رُفعت دعاوى جنائية ضد 800 متهم، وصدرت أحكام بحق 200 متهم، وبالفعل شهد عام 2010 صدور أحكام ضد "خورخي فيديلا" قائد الانقلاب العسكري وحاكم البلاد حتي 1981 بالسجن لمدة 25 عامًا وقضاء هذه المدة في السجن المدني وليس تحت الإقامة الجبرية رغم أن عمره تجاوز الـ 85 عاما، وأيضا حكم علي "بينونه" آخر الحكام العسكريين لمدة 25 عاما وعمره 81 عاماً، بالاضافة إلي العديد من الأحكام ضد قادة وضباط من الجيش الذين قاموا بتنفيذ انتهاكات جسيمة مثل الاعتقال والتعذيب والقتل وإخفاء الجثث، وفي 24 نوفمبر2010، بدأت محاكمة خمسة عشر من مسئولي الشرطة السابقين المتهمين بإختطاف وتعذيب وقتل 181 شخصا في ثلاثة سجون سرية، هي: أتليتيكو، والبانكو، وأوليمبو، ومنذ الطعن في قرار العفو العام الذي يشمل المسؤولين السابقين أدين 53 مسؤولاً، وهناك 54 آخرون وجهت إليهم تهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان إبان حقبة الحكم الديكتاتوري . وفي 11 ديسمبر2010، بدأت محاكمة 19 مسؤولاً عسكرياً بتهمة ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب، وحالات الاختفاء، وقتل الآلاف من الضحايا في مدرسة الميكانيكا التابعة للبحرية الأرجنتينية، وكانت أكبر المعتقلات وأسوأها صيتاً خلال فترة الحكم الديكتاتوري .
3- تعويض الضحايا وجبر الضرر: قدمت اللجنة الوطنية لدراسة مشكلات إختفاء الأشخاص تعويضات للضحايا الذين ثبت أنهم اعتقلوا بدون محاكمة فى الفترة مابين 1976-1983 ويقدر مبلغ التعويض الإجمالى للضحايا بثلاث مليارات من الدولارات، وكذلك أبقت على حق الضحايا فى اللجوء إلى القضاء لملاحقة جلاديهم.
4- إحياء الذكرى: لم تشمل التعويضات النواحى الإقتصادية فحسب، بل تم تخصيص العديد من الأماكن والنصب التذكارية، ويتم إحياء ذكرى الضحايا سنوياً، ولا تعتبر المحاكمات التي جرت لاحقاً أيضاً أحداثاً منعزلة، بل تدخل في إطار سياسة إحياء الذكرى وجبر الضرر للضحايا.
5- الإصلاح المؤسسي: على النقيض من معظم البلدان التي مرت بفترات إنتقالية، لم تستخدم الأرجنتين آليات رسمية للتطهير أو الإصلاح المؤسسي - بالمعنى التقليدي للكلمة- ولم تكن هناك أي فحوصات لسجلات موظفي القطاع العام في أي من أنحاء الدولة ، وحتى عام 1990، لم تكن الأرجنتين حققت أي نجاحاً ملحوظاً في مجال الإصلاح المؤسسي- فقد كان الهدف الأساسي "لألفونسين" هو منع أي إنقلابات عسكرية جديدة- ولم يتم الوصول الى نظام للعدالة أو محاكمة الطغمة العسكرية، كذلك لم تحقق السلطة القضائية الإستقلال المراد، إلى جانب سوء الإدارة في العديد من مؤسسات الدولة ، ووقعت حكومة راؤول الفونسين أنذاك في إشكالية مزدوجة، فقد كان من الصعب بناء المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية وفقاً للمبادئ الديمقراطية دون تغيير لقياداتها، وفي الوقت ذاته، كانت تلك القيادات تسيطر على هذه المؤسسات سيطرة كاملة.
وعلى شاكلة المحاكمات الجنائية، ظل مسار الإصلاح المؤسسي في الأرجنتين متعرجاً تواجهه العديد من الإشكاليات والضغوط، وفي ظل ذلك، وفي إطار سعي الحكومة الأرجنتينية إلى تحسين سيادة القانون وزيادة الشفافية والمسائلة في الإدارة العامة، وتطهير النظام القضائي ، لجأت الحكومة إلى إستخدام وسائل بديلة لتحقيق نوع من التطهير غير المباشر للمؤسسات، وذلك من خلال بعض القوانين الأرجنتينية المتعلقه بشغل الوظائف، ومن خلال إستخدام آلية الطعن-;- أو التفنيد .
6- ضمان عدم التكرار فى المستقبل: لعبت لجان كشف الحقيقة وتعريف المجتمع بالإنتهاكات التى حدثت، وكذلك المحاكمات الجنائية التى أجُريت على كبار قادة الجيش دوراً فى ترسيخ مبدأ سيادة القانون، مما يضمن بدورة عدم تكرار مثل هذه الإنتهاكات من قبل أى شخص مرة أخرى، إلى جانب بعض التشريعات التي وضعت لإحترام حقوق الإنسان.

-;- تجربة جنوب أفريقيا ( )
يأتي إختيار تجربة جنوب أفريقيا بإعتبارها تجربة فريدة، وصفت في أحيان كثيرة بالمعجزة، حولت بلدًا تسوده ثقافة العنف والتمييز العنصري إلى بلد ديمقراطي يتمتع فيه الجميع بحقوق متساوية، واستخدمت التحاور ومهارات التفاوض وإعادة بناء الثقة للقضاء على إرث من التمييز العنصري إمتد لقرون، وفي أحيان كثيرة يُنظر إلى تجربة جنوب أفريقيا على أنها التجربة الأولى في العالم التي يتم فيها حل نزاع بهذه الأهمية والخطورة حلاً سلمياً.
لقد واجهت جنوب أفريقيا أكثر من أربعين عامًا من التمييز العنصرى (1948: 1990)، شاهدت خلالها أصنافاً عدة من إنتهاكات حقوق الإنسان تحت نظام الأبارتهايد*، وقد بدأ مفهوم العدالة الإنتقالية يظهر ويدخل دائرة النقاش السياسى من خلال دعوة الزعيم "نيلسون مانديلا" -عندما كان قابعاً فى السجن- للمصالحة، إذ رأى أن من واجبه أن يضطلع بنفسه بقرار التفاوض حول مبدأ إجراء العفو العام الذى سيتبع أولاً عودة منفيى المؤتمر الوطنى الأفريقى، ويمهد لإجراء مصالحة وطنية من دونها سيكون البلد عرضة لمزيد من الإحتراق وإراقة الدماء، وقد أخذت النقاشات والمفاوضات تتكاثر حول هذا الموضوع، وفى فبراير عام 1990 قام الرئيس "فريدريك دى كليرك" رئيس حكومة نظام الفصل العنصرى أمام البرلمان بالتأكيد على سعى حكومته إلى إنهاء العنف والصراع والدخول إلى دائرة السلام والمصالحة، وأكد أن من أهداف حكومته منح حق الإنتخاب للجميع، وتطبيق مبدأ سيادة القانون وعدم التمييز بين المواطنين على أساس لون أو دين أو جنس أو لغة، كذلك قام فى العام ذاته برفع الحظر عن حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، وحزب المؤتمر القومى الأفريقى، والحزب الشيوعى فى جنوب أفريقيا، وتم إطلاق سراح العديد من المعتقلين السياسيين ومن ببينهم "مانديلا"، الذي أدى إطلاق سراحه إلى مفاوضات بين حكومة جنوب أفريقيا العنصرية والكونجرس الوطنى الأفريقى وإلى إنتخابات فى عام 1994 تولى على أثرها مانديلا رئاسة البلاد، وقد أدت الجهود الدائبة لمانديلا فى محاولاته لتحقيق العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية إلى مايلى:
1- لجنة الحقيقة والمصالحة: أصدر برلمان جنوب أفريقيا فى عام 1995 تخويلاً بتأسيس لجنة الحقيقة والمصالحة، وهى لجنة معنية بالكشف عن إنتهاكات حقوق الإنسان والتحقق من أقوال الشهود الذين كانوا ضحايا لتلك الإنتهاكات، وسماع حكاياتهم في جلسات إستماع علنية، كما خُول للجنة سلطة منح العفو، وتقرير تعوضات للضحايا، وتشكلت هذه اللجنة من سبعة عشر فرداً من الشخصيات العامة والمعروفة بالاستقامة والنزاهة والقادرة على الحياد ولها سجل طويل حافل من الإلتزام بحقوق الإنسان، وقد روعى فى هذه اللجنة أن تكون ممثلة لكافة أطياف المجتمع، وقد قاد أعمال هذه اللجنة القس"ديزموند توتو"، وبدأت اللجنة أعمالها في أبريل/نيسان 1996، وعقدت اللجنة مؤتمراتها فى معظم القرى والمدن بجنوب أفريقيا، حيث قامت بالإستماع الى شكاوى الضحايا والتأكد منها، وقد أصدرت لجنة الحقيقة والمصالحة في العام 1998 تقريرًا* تضمن شهادات أكثر من 22 ألف ضحيّة، وجرى الإدلاء بألفي شهادة في جلسات إستماع علنية. وانقسمت لجنة الحقيقة والمصالحة إلى ثلاثة أقسام، لجنة خاصة بانتهاكات حقوق الإنسان، ولجنة جبر الضرر وإعادة التأهيل، ولجنة العفو. فأما لجنة انتهاكات حقوق الإنسان فقد كانت وظيفتها التحقيق في الانتهاكات التي تمت بين 1960 و1994 ، والإستماع للضحايا وتحديد هوياتهم، ومصيرهم، وطبيعة ومستوى الضرر الذي لحقهم، وما إذا كانت الانتهاكات نتيجة خطة مقصودة من طرف الدولة أو غيرها من المنظمات أو الجماعات أو الأفراد، وتقسمت أعمال هذه اللجنة إلى خمسة جلسات إستماع ، الأولى، جلسة الإستماع للضحايا، وسُمح فيها للضحايا بالشهادة العلنية أمام الملأ، وقد تم اختيار الشهود طبقاً لعدد من الإعتبارات أهمها؛ طبيعة الانتهاك بالنسبة للجماعة أو المنطقة، تنوع المجموعات التي عانت من الانتهاك، تمثيل الضحايا من حيث الجنس والعرق والسن والموقع الجغرافي. والثانية، جلسة الإستماع الخاصة بالأحداث والوقائع، وفيها ركزت اللجنة على أحداث تميزت بإنتهاكات جسيمة لحقوق الانسان، ولم يتم الاستناد إلى شهادات الضحايا فحسب، بل أيضاً تم الاعتماد شهادات بعض المهتمين والخبراء الذين لهم خبرة بالحدث أو بالوقائع، ومن هذه الأحداث انتفاضة الطلبة في"سويتو" سنة 1976، وحرب الأيام الستة في ألكسندرا سنة 1986، ومقتل الفلاحين في ترانسفال. والثالثة؛ جلسة الاستماع الخاصة بالفئات الهشة؛ واهتمت بالانتهاكات الموجهة ضد بعض الفئات الضعيفة بهدف عدم تكرارها مستقبلا، والرابعة، جلسة الاستماع الخاصة بالمؤسسات؛ وتم فيها الاستماع إلى بعض المؤسسات لتحري الدور الذي لعبته في الانتهاكات أو مقاومتها أو تسهيلها، والخامسة؛ جلسة الاستماع للأحزاب السياسية، تم فيها الإستماع للأحزاب للإدلاء برأيها حول أسباب نزاعات الماضي .
2- تعويض الضحايا وجبر الضرر: أعادت لجنة الحقيقة والمصالحة الكرامة الإنسانية لضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان بمنحهم فرصة لرواية حكاياتهم حول الإنتهاكات التى كانوا ضحاياها، وكان من ضمن مهام اللجنة صياغة توصيات واقتراحات حول إعادة تأهيل الضحايا وعائلاتهم. وقد أُسس صندوق يُموَّل من ميزانية الدولة ومساهمات خاصة بهدف تقديم تعويضات مستعجلة للضحايا طبقًا لقواعد محددة يحددها رئيس الدولة .
3- المحاكم الجنائية أو العفو: تم الاكتفاء بالاعتراف بما تم من إنتهاكات خلال الحكم العنصري عن طريق لجان إستماع للضحايا وللجناة، مع إستبعاد خيار المتابعة لاسيما بالنسبة للفاعلين السياسيين الذين شاركوا في وضع حجر الأساس للإنتقال الديمقراطي وإقرار سيادة القانون والمساواة بين المواطنين وإحترام حقوق الإنسان، حيث كان يؤتى بمرتكبى أعمال العنف ضد ضحايا الفصل العنصرى ليدلوا بشهاداتهم علناً ويطلبوا العفو من الملاحقة المدنية والجنائية، وقد أضيف لقانون تعزيز "الوحدة والمصالحة الوطنية" لعام 1995 فقرة 20 والتى تفيد أنه "عندما يعترف المذنب فى طلب مقدم للحصول على عفو، يجب أن تكون الجلسة علنية، ويجب إبلاغ الضحية أو أى شخص من أقربائه بتاريخ الجلسة ومكانها، ويحق له الإدلاء بشهادته أو تقديم أى شئ يؤخذ بعين الإعتبار، وينبغى على مقدم الطلب أن يكشف جميع الحقائق ذات الصلة كاملة، وأن يثبت أن الفعل الذى يسعى الى الحصول على عفو عنه كان فعلاً مرتبطاً بهدف سياسى وأرتُكب فى سياق النزاعات التى نشبت فى الماضى"( )، وقد جسدت هذه الفقرة بصورة أكبر حقوق الضحايا، حيث أصبحت سلطة منح العفو شفافة تماماً، وأصبح الضحايا الأحياء وذويهم جزءاً من الجهة التى تقرر منح العفو لطالبه من عدمه.
4- الإصلاح المؤسسي: لم تكن هناك ممارسات مؤسسية للفحص أو التطهير-;- في جنوب أفريقيا بالمعنى الدقيق للكلمة، وعلى الرغم من ذلك، كانت هناك إجراءات قريبة من الفحص أو التطهير كعمل لجنة جولدستون "Goldstone Commission"، كما قامت بعض القطاعات على مرور الزمن بالتطهير الذاتي. وهكذا تحولت المؤسسات والقطاعات في جنوب أفريقيا بطرق وأشكال مختلفة منها على سبيل المثال :
- مؤسسات الخدمة العامة: تحولت مع مرور الموقت من خلال عمليتي الترشيد والتغير الديموجرافي.
- الأحزاب السياسية: لم تخضع لأي نوع من التطهير، ولكنها تأثرت بصورة مباشرة بالتغيرات التي حدثت في الاتجاهات السياسية.
- السلطة القضائية وأجهزة الأمن: تم تنفيذ ممارسات مؤسسية مثل دوران الموظفين-;-، وفي السطة القضائية، تم إنشاء لجنة الخدمات القضائية، من مهامها، تحقيق الإصلاح المؤسسي، ووضع دور محدد للمحاكم المختلفة، وتحديد طريقة إختيار أعضائها. أما أجهزة الأمن، فإلى جانب الفحص والتدقيق على أساس الإنتماء للدولة ومراعاة حقوق الإنسان، فقد تم دمج الأجهزة الإستخباراتية والحكومية في مرحلة لاحقة.

• ثالثاً: الدروس المستفادة من التجارب السابقة
في ضوء تحليل التجارب السالفة الذكر في مجال العدالة الإنتقالية، إلى جانب بعض التجارب الأخرى التى لم يسع المجال لذكرها، فإن ثمة دروس يجب الإستفادة منها في هذا النهج، ومنها:
1- تلعب الإرادة السياسية والإستعداد النفسي للأطراف المتنازعة، إلى جانب الإرادة الشعبية دوراً كبيراً في المرور قدماً نحو تحقيق أهداف العدالة الإنتقالية، ويتضح ذلك من خلال تجربة جنوب افريقيا حيث تنازل كل طرف من الأطراف المتنازعة عن بعض مما أراد، ولم يحصل اي طرف على مئة بالمئة مما أراده في البداية، كذلك فقد سامحت الاغلبية الاقلية التي كانت تنتهك حقوقها، ومنحتهم العفو.
2- أنه لا يمكن تصور تنفيذ للعدالة الإنتقالية دون أدنى مقاومة من النظام السابق لاسيما إذا اتخذت العدالة الإنتقالية مسار المحاكمات، وقد ظهر ذلك جلياً في التجربة الأرجنتينية، حيث شهدت البلاد موجة هائلة من التفجيرات بفعل الطغمة العسكرية، إلى جانب التهديدات المستمرة بإدخال البلاد في حرب أهلية إذا استمرت محاكمة أفراد الجيش.
3- ضرورة تواجد الشفافية والإعلان عن الحقائق أمام المجتمع كله، وأن تكون المحاكمات ايضاً علنية، وذلك لإعادة الثقة بين مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع.
4- إن فكرة العزل السياسي والحرمان من الوظائف العامة بصورة عامة هي أفكار مبتورة، لأن هذا من شأنة توليد ضغائن في نفوس من طبقت عليهم أحكام العزل والإقصاء، مما يعطل بدورة مسيرة التحول الديمقراطي، وقد أدى تطبيق قوانين الإقصاء والإجتثاث في العراق أن فئة كبيرة من المستبعدين عملوا على عدم إستقرار الدولة ومحاربتها بشتى الطرق ونشوء الجماعات الإرهابية، كذلك فقد ترتب جراء تطبيق قوانين إجتثاث البعث إلى إنهيار نظام التعليم.
5- أن معظم تجارب العدالة الانتقالية العالمية استخدمت خمس آليات بصورة أساسية في سبيلها لتحقيق العدالة الإنتقالية، وهي:
1- لجان تقصي الحقائق
2- المحاكمات الجنائية
3- تعويض الضحايا وجبر الأضرار
4- إصلاح المؤسسات
5- إحياء الذكرى
• رابعاً: نحو بناء نموذج نظري لتطبيق العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري-;-
في مجتمع مزقتة تركة من الحكم الإستبدادي، والقهر والفساد وعدم سيادة القانون، والإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويعيش الأن حالة من الإستقطاب السياسي لم تشهدها البلاد من قبل، تتولد تحديات هائلة فيما يتعلق بكيفية معالجة هذا الإرث من إنتهاكات الماضي، والوصول إلى صيغة تفاهم مشتركة بين جميع الأطراف للسير قدماً في بناء أوطانهم وتنحية الخلافات جانباً، وطي صفحة الماضي. وما يزيد من تعقيد هذه التحديات، العديد من الأمور المرتبطة بتدهور الأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد، ووجود عدد من الجماعات المسلحة التي تهاجم حكومة الفترة الإنتقالية الحالية (يوليو 2013)، والتي نشأت جراء تخبط الفترة الإنتقالية الأولى عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وزادت هجماتها مع قيام الموجة الثانية للثورة في 30 يونيو/حزيران 2013 إن بزيادة عدد أعضاء تلك الجماعات أو بزيادة هجماتها على مؤسسات الدولة وأفرادها، بالإضافة إلى عدم توحد الشارع المصري، وزيادة عدد الفئات التي أصبح لزاماً أن تتضمنها العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية.
وإسهاماً في وضع إستراتيجات لتطبيق العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري، نضع هذا النموذج الذي يقدم الآليات الخمس المستخدمة في كل تجارب العدالة الإنتقالية على مستوى العالم موضحاً تعريفها وكيف يمكن إستخدامها وما هي المهام المنوط بها.
-;- أولاً: لجان تقصي الحقائق
هي لجان رسمية غير قضائية -وحتى لو تضمن تشكيلها رجال قضاء، أو اقتصر تشكيلها على العناصر القضائية لإنها لا تلتزم فى أعمالها بالآليات القضائية كسبيل وحيد لإنجاز هذه الأعمال- تستمد قوتها ومشروعيتها من الدولة، و يتم إنشاؤها لفترة زمنية محددة، وتهدف إلى تحديد وقائع وأسباب ونتائج تركة الإنتهاكات الماضية لحقوق الإنسان .
وتعد لجان الحقيقة هي أولى خطوات تطبيق العدالة الإنتقالية، ومن ثم فإن نجاح لجان الحقيقة في القيام بالدور المنوط بها، هو خطوة فاعلة في المضي قدماً نحو تحقيق المصالحة الوطنية، كما تكمن أهمية إنشاء لجان الحقيقة في عدد من الإعتبارات أهمها؛ التأكيد على وجود إرادة سياسية لمكافحة جرائم الماضي، وإستعادة الثقة بين الأفراد ومؤسسات الدولة على أساس من احترام حقوق الانسان، وتدعيم الشفافية، وسيادة القانون، وعدم افلات الجناة من العقاب. ومن ثم فإنه يجب تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في المجتمع المصري، وسنعرض هنا لكيفية التشكيل، ومهام واختصاصات اللجنة.
1- كيفية تشكيل لجان الحقيقة
تتكون معظم لجان الحقيقة من ثلاثة أعضاء، و17 عضواً، وعلى الأعضاء أو المفوضين العمل بالإجماع، إلا أنه يجب أن يتم تعيين عدد فردي لضمان عملية صنع قرارات ديمقراطية بالتصويت . ويجب أن يُراعى في عملية التشكيل عدداً من الإعتبارات أهمها:
- أن يكون الأعضاء أو المفوضين ممثلين لكافة فئات وأطياف المجتمع المصري وكافة التيارات والأيديولوجيات المختلفة، كما يجب أن يتم تعيين الأعضاء طبقا لشفافية كاملة، وتقديم ضمانات قانونية بعدم عزل المفوضين إلا لسبب عادل، وحماية المفوضين من أي تهديدات، وأخيراً ضرورة ان يتمتع أعضاء اللجنة بالإستقلال المالي والإداري والتوظيفي.
- أن يكون الأعضاء أو المفوضين ممن يملكون سجلاً حافلاً بالانجازات، وخالياً من أي انتهاكات لحقوق الانسان أو أي من شبهات الفساد.
- يجب أن يكون الأعضاء ليس لهم أية علاقة بأي من المنظمات أو المؤسسات الماثلة للتحقيق.
- يجب أن يلتزم المفوضين بدوام عمل كامل حتى إنهاء كافة أعمال اللجنة، كما يجب عليهم أن يكرسوا كل أوقاتهم للجنة، متفادين أي أشغال أو مسئوليات أخرى.
- يجب أن تتضمن اللجنة بين أعضائها عدداً من المفوضين الأجانب من الأمم المتحدة، ومن المركز الدولي للعدالة الإنتقالية، أو بعض من كانوا أعضاءاً في لجان لحقيقة في بلادهم.
- يجب ان تضم اللجنة عدداً من الأكاديميين ذوي التاريخ البحثي والمهني المشرف.
- وأخيراً؛ يجب أن يكون أعضاء اللجنة محل توافق ورضاء من كافة أطياف وفئات المجتمع.

2- مهام واختصاصات لجان الحقيقة
هناك مجموعة من المهام التي يجب أن تضطلع بها لجان الحقيقة، تتمثل أهمها فيما يلي:
- كشف الغموض وتكريس الحقائق والوقائع حول الإنتهاكات الماضية لحقوق الانسان، لا سيما الانتهاكات قريبة الأجل، والتي لا زالت محل جدل حتى الأن مثل؛ موقعة الجمل، قضايا قتل المتظاهرين، أحداث قصر الإتحادية، قضايا مقتل الجنود في رفح الأولى والثانية، الهجوم على أقسام الشرطة، مدى إستخدام القوة المفرطة في فض إعتصامي رابعة والنهضة... وعدد من الوقائع الأخرى التي يتم تحديدها مسبقاً من قبل اللجنة.
- حماية الضحايا، والوصول الى طريق لإرضائهم، وإعادة تاهيلهم، وتعويضهم مادياً ومعنوياً مع الاحتفاظ بحق الجوء للقضاء لأولئك الذين يرغبون في ذلك.
- كشف وتحديد المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان- المحددة سلفاً- من الأفراد أو المؤسسات على حد السواء.
- إعداد سجلاً تاريخياً دقيقاً ومحايداً لانتهاكات حقوق الإنسان، وعرض التقرير على الرأي العام في خطوة لإستعادة جدار الثقة بين الأفراد ومؤسسات الدولة، والتأكيد على مبدأ الشفافية وسيادة القانون.
- تقديم مقترحات وتوصيات حرصاً على عدم تكرار هذه الإنتهاكات مستقبلاً.
- من الممكن تقسيم لجنة الحقيقة إلى عدد من اللجان تختص كل واحدة بنوع معين من الإنتهاكات، او أن تختص واحدة بانتهاكات الإفراد وأخرى بانتهاكات المؤسسات. وفي كل الأحوال يجب أن توضح كل لجنة فرعية ما يلي :
أ‌- أنواع الانتهاكات التي ستركز عليها اللجنة
ب‌- الفترة الزمنية التي ستنظر فيها اللجنة
ت‌- الأطراف الذين ستحقق معهم اللجنة
ث‌- الأماكن حيث وقعت الإنتهاكات

-;- ثانياً: المحاكم الجنائية
يشكّل التحقيق في الجرائم والمحاكمة عليها – بما في ذلك جرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم الحرب – مكوّناً أساسياً للعدالة الإنتقالية، حيث يقوم الضحايا برفع الدعاوى الجنائية في المحاكم ضد جلاديهم، ويتم التحقيق القضائي في تلك الدعاوي ومحاكمة المتورطين في تلك الانتهاكات.
وتتعدد أنواع المحاكمات، فهناك المحاكمات المحلية؛ والتي تتم داخل الحدود الجغرافية للبلد المعني، ويقوم بها قضاة نفس البلد. وهناك المحاكمات الدولية؛ وتعني بمقاضاة الأشخاص المتهمين بإرتكاب جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية. وبين الأثنتين، توجد المحاكم المختلطة؛ وهي تلك التي تعمل تحت إشراف مشترك من الأمم المتحدة والدول المعنية، وتشكل هذه الطريقة محاولة للمزج بين فوائد المتابعات الوطنية مثل القرب الجغرافي والنفسي إلى الضحايا، والأثر الإيجابي على مؤسسات الدولة المحلية مع فوائد المشاركة الدولية المتمثلة في الموارد والموظفين والخبرات الدولية. وتتناول هذه النقطة كيفية تشكيل محاكم جنائية للمحاكمة على انتهاكات حقوق الانسان، ومهام واختصاصات وفوائد هذه المحاكم.
1- تشكيل المحاكم الجنائية
لا يحتاج المجتمع المصري إلى اللجوء للمحاكم الدولية أو المحاكم المختلطة، فأحسب أنه ليست هناك جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية، كما أن هناك من القضاة من هم قادرون على القيام بهذه المحاكمات، ومما لهذه المحاكمات –أعنى المحاكمات المحلية- من مزايا عديدة كإسهامها في تقوية القدرة المحلية فيما يتعلق بالمتابعة، كما أنها أقل تكلفة، وتسمح بالاتصال بشكل أفضل بالضحايا والشهود والأدلة، وهي بشكل عام أكثر محاسبة ومصداقية على الصعيد المحلي من المحاكم الدولية. وبناءاً على ذلك، فأنه يُقترح تشكيل محكمة خاصة بالنظر في القضايا المرتبطة بإنتهاكت حقوق الانسان في الفترة المعنية، وفي القضايا المحددة سلفاً، على أن يُراعى في اختيار أعضاء هذه المحكمة عددا من الاعتبارات أهمها:
- أن يكون القضاة المعينين من المشهود لهم بالحياد والموضوعية والنزاهة والشفافية والمصداقية.
- أن يكون القضاة المعينين لا ينتمون لأي من التيارات الفكرية أو الأيديولوجية المختلفة.
- يجب أن يكون القضاة المعينين محل توافق ورضاء من كافة أطياف المجتمع.

2- مهام واختصاصات المحكمة الجنائية
يُوكل إلى هذه المحكمة عدداً من المهام أهمها:
- فحص الدعاوى القضائية المقدمة من الضحايا.
- التحقيق في تلك الدعاوى، واثبات الحقائق بشأنها من خلال التنسيق مع لجان الحقيقة.
- محاكمة كل من يثبت تورطة في أي انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان كالقتل أو السحل أو التعذيب حتى الموت.
- إرجاع الحقوق للضحايا وذويهم.
كل هذه المهام، من شانها أن تؤدي إلى محاكمات جنائية عادلة وناجحة، تدعم عدداً من الأهداف المنشودة ومنها:
أ‌- تلعب المحاكمات الناجحة دوراً في إستعادة سيادة القانون، واستعادة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة لا سيما المؤسسات القضائيىة.
ب‌- رد الكرامة للضحايا أو لذويهم.
ت‌- تسهم في سد ثغرة الإفلات من العقاب، وتلعب دوراً في عدم تكرار هذه الإنتهاكات مرة أخرى حيث تمثل رادعاً قوياً لمن تثول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم مرة أخرى.

-;- ثالثاً: تعويض الضحايا وجبر الضرر
يسعى جبر الضرر إلى تحقيق الإعتراف بالأذى الذي لحق بضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ومعالجته، فيكون على شكل تعويض عن الخسائر التي تمّ تكبّدها، ما يساعد على تخطّي بعض تبعات هذه الإنتهاكات. ويمكن أيضاً أن تكون موجّهة نحو المستقبل، بالعمل على إعادة تأهيل الضحايا وتأمين حياة أفضل لهم. أو بعبارة أخرى، ينطوي مفهوم التعويض على عدة معان من بينها التعويض المباشر (عن الضرر أو ضياع الفرص)، رد الاعتبار (لمساندة الضحايا معنويا وفي حياﺗ-;-ﻬ-;-م اليومية) والاسترجاع (استعادة ما فقد قدر المستطاع) ،ويمكن التمييز بين التعويضات بحسب النوع (مادية ومعنوية) والفئة المستهدفة (فردية / جماعية). ويمكن أن يتم التعويض المادي عن طريق منح أموال أو حوافز مادية، كما يمكن أن يشمل تقديم خدمات مجانية أو تفضيلية كالصحة والتعليم والإسكان. أما التعويض المعنوي فيكون مثلا عبر إصدار اعتذار رسمي، أو تكريس مكان عام (مثل متحف أو حديقة أو نصب تذكاري) أو إعلان يوم وطني للذكرى . وتتناول هذه النقطة كيفية تشكيل لجنة لجبر الضرر، ومهام، واختصاصات، وفوائد هذه اللجنة.
1- تشكيل لجنة لجبر الضرر
يجب تشكيل لجنة لتعويض الضحايا وجبر الضرر في المجتمع، يُراعى فيها نفس الاعتبارات الخاصة بتشكيل لجنة الحقائق والمحاكم، من المصداقية والشفافية والنزاهة، والقبول المجتمعي لها...وهلم جرا.
2- مهام واختصاصات اللجنة
تتحدد مهام واختصاصات لجنة التعويضات وجبر الضرر في عدد من المهام اهمها:
- التنسيق مع لجان الحقيقة بشان الفئات (أفراداً أو جماعات)، التي تستحق التعويضات.
- إنشاء صندوق للتعويضات يتم تمويله من قبل الدولة، والتبرعات، إلى جانب رجال الأعمال أو التعويضات التي سيقوم الجناة بدفعها من أجل العفو عنهم.
- تحديد أنواع الأضرار التي سيتم التعويض عنه، وكيفية تقدير حجم الضرر.
- هل سيتقاضى كل الضحايا نفس القدر من التعويض، أم ستختلف التعويضات من حالة الى أخرى، وأعتقد أن الأفضل في هذه الحالة أن يتم تحديد التعويض طبقاً لحجم الضرر الذي تعرضت له الضحايا.
- تحديد الأوراق المطلوبة، والاثباتات اللازمة المطلوبة من الضحايا أو ذويهم.
هذا وتتعد أشكال التعويضات من تعويضات مادية؛ يمكن أن تتم عن طريق منح أموال أو حوافز مادية، كما يمكن أن تشمل تقديم خدمات مجانية أو تفضيلية كالصحة والتعليم والإسكان، أو تعويضات معنوية، كتقديم اعتذارات رسمية من قبل مؤسسات الدولة التي ارتكبت تلك الانتهاكات، أو من قبل الأفراد على حد السواء، كما تتضمن التعويضات المادية إعادة الادماج في المناصب السابقة وفي الوظائف العامة، وإقامة النصب التذكارية. وتتميز هذه الأخيرة، بانها أقل تكلفة، ولا تتطلب موارد مادية كثيرة، ويمكن إيصالها إلى فئات أوسع، كما أنها تشجع الذاكرة الجماعية والتضامن الإجتماعي.
وتحقق لجان التعويضات وجبر الضرر عدداً من الأهداف أهمها:
- الإقرار بفضل الضحايا الذين كانوا سبباً في اتجاه الدولة نحو الديمقراطية وسيادة القانون.
- إصلاح حال الضحايا واحقاق العدالة لهم، وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار.
- إستعادة الثقة بين الضحايا بل المجتمع كلة وبين مؤسسات الدولة.

-;- رابعاً: إحياء الذكرى
يعجز ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان عن النسيان، ومن ثم فإن واجب الدول الحفاظ على ذكراهم، وفهم احتياجات الضحايا وعائلاﺗ-;-ﻬ-;-م والناجين من الجرائم الجماعية وانتهاكات حقوق الإنسان الصارخة، حيث يشكل ذلك أحد العناصر الرئيسية في العدالة الانتقالية، وتعرف آلية إحياء الذكرى بانها بناء يستخدم بمثابة آلية للتذكر، ويمكن أن يتم إحياء الذكرى عن طريق:
- إنشاء نصب تذكارية.
- بناء جدارية في مجتمع محلي.
- المتاحف والنصب التي تثقّف الرأي العام بشأن الإنتهاكات الماضية، مثل متحف الذاكرة في تشيليو المخصّص لعرض تاريخ الدكتاتورية العسكرية وتوثيق انتهاكاتها .
- الأماكن التي تمّ تحويلها للدلالة على موقع حصلت فيه انتهاكات – مثل تلّة الدستور في جوهانسبورغ، سجن سابق أصبح اليوم المحكمة الدستورية لجنوب أفريقيا .
- أنشطة إحياء الذكرى، مثل التظاهرات السنوية في 24 مارس/أذار في الأرجنتين، التي تشكّل ذكرى بداية الدكتاتورية العسكرية في سبعينيات القرن الماضي .
- إطلاق أسماء الضحايا على الشوارع والميادين العامة، أو الشوارع التي يقطنون بها.
هذا وتحقق آلية إحياء الذكرى عدداً من الأهداف أهمها:
- الرغبة في استحضار ذكرى الضحايا و التعرف عليهم.
- زيادة وعي المجتمع، وتدعيم الذاكرة الجماعية.
- تلعب أحياء الذكرى دوراً في عدم تكرار مثل هذه الإنتهاكات مستقبلاً.

-;- خامساً: الإصلاح المؤسسي-;-
يمثل الإصلاح المؤسسي أهم آليات العدالة الانتقالية على الاطلاق، إذ تستهدف هذه الآلية إصلاح المؤسسات التي لعبت دوراً في إنتهاكات حقوق الانسان سواء مؤسسات القطاع الأمنى أو المؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية أو المؤسسات الاجتماعية أو الدينية أوغيرها، وتستهدف عملية الاصلاح المؤسسى جوانب متعددة دستورية وتشريعية ولائحية، فضلا عن تطهير هذه الأجهزة من المسئولين غير الأكفاء والفاسدينِ، أو إعادة تأهيل بقيتهم - وكذا تأهيل المستخدمين الجدد فى هذه المؤسسات -طبقا لمفاهيم حقوق الانسان على ممارسة وتطبيق المفاهيم وانماط السلوك الجديدة . وترجع أهمية آلية الاصلاح المؤسسي بصورة أساسية إلى أن نجاح تجارب العدالة الانتقالية برمتها يتوقف على الإصلاح المؤسسي من عدمه لاسيما تلك المؤسسات التي ساهمت في إنتهاكات حقوق الإنسان، فالسبب الرئيسي في نجاح عدد من الدول مثل (بولندا، تشيكوسلوفاكيا، المجر.. إلخ) فى مقابل تعثر عدد مثل (صربيا، أوكرانيا، جورجيا...إلخ) يرجع إلى القدرة على إجراء إصلاحات مؤسسية جذرية تنهى من جهة هيمنة النظام القديم فكريا وإداريا، وتعمل من جهة أخرى على توزيع السلطات حتى لو بشكل غير كامل أو مثالى.
ويعرف المركز الدولي للعدالة الانتقالية، آلية الإصلاح المؤسسي بأنها "العملية التي تتمّ بموجبها مراجعة مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها، بحيث تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على سيادة القانون وتخضع لمحاسبة الناخبين. وبإدماج عنصر العدالة الإنتقالية، تساهم جهود الإصلاح في ضمان محاسبة المرتكبين الأفراد، وفي تعطيل البنى التي أتاحت حدوث تلك الإنتهاكات .
وفي الواقع، لا تدخل آلية الإصلاح المؤسسي ضمن إطار تحقيق العدالة الانتقالية فحسب -أي إصلاح المؤسسات التي أرتكبت إنتهاكات جسيمة في حقوق الإنسان أثناء الفترة الانتقالية وفي ظل النظامين السابقين- ولكن تعد آلية الإصلاح المؤسسي وسيلة أساسية لسير الدولة نحو الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين على جميع المستويات.
وبالنظر إلى واقع المجتمع المصري فإننا نجد كماً هائلاً من الإنتهاكات التي اُرتكبت في ظل الأنظمة السابقة داخل معظم مؤسسات الدولة، ومن ثم فإن الإصلاح المؤسسي يجب أن يشمل -ليس فقط المؤسسات التي ساهمت في إنتهاكات حقوق الإنسان- كل المؤسسات مثل أجهزة الشرطة، القضاء، المؤسسة العسكرية، وكذلك أيضاً المؤسسات العمومية، والجمارك، ومراقبة الهجرة، وأجهزة المخابرات، والجامعات...وهلم جرا. ونظراً لانضمام جُل النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى الأنظمة السابقة، ونظراً لتغلغل عدد ليس قليل منهم في معظم أجهزة ومؤسسات الدولة، فإن عملية هيكلة المؤسسات، أو إعادة بنائها تصبح غير مجدية، بل وفاشلة، كما حدث في إجتثاث النازيين في ألمانيا، وإجتثاث البعث في العراق، وما ترتب على ذلك من فشل وشلل في مؤسسات الدولة.
ومن ثم فإن إصلاح مؤسسات الدولة يمكن أن يتم عن طريق الأساليب التالية:
1- فحص أهلية الموظفين: النظر في خلفية الموظّفين لتقدير مدى الإستقامة وتحديد الملائمة للخدمة العامة، ومدى تمسكك الموظف بالمعايير الدولية لحقوق الانسان، وكذلك السلوك المهني والنظافة المالية للشخص محل الفحص .
2- الإشراف: إنشاء هيئات الإشراف ذات الظهور العلني ضمن مؤسسات الدولة لضمان المحاسبة أمام الحكومة المدنية .
3- إصلاح الأطر التشريعية: إصلاح أو إنشاء أطر قانونية جديدة، مثل اعتماد تعديلات دستورية أو معاهدات دولية لحقوق الإنسان لضمان حماية حقوق الإنسان، وعدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مرة أخرى .
4- التدوير الوظيفي: ويعني إعطاء الفرصة للموظفی-;-ن العاملی-;-ن لممارسة نشاطات أخرى بشكل منظم خلال سنوات محددة قد تكون أربع أو خمس سنوات ومن ثم تحوی-;-لهم إلى وظائف أخرى بعد هذه السنوات .
5- التثقيف: برامج لتدريب المسؤولين والموظفين العموميين حول معايير حقوق الإنسان القابلة للتطبيق والقانون الإنساني الدولي .
هذا ويؤدي الإصلاح المؤسسي عدداً من الوظائف أهمها:
1- إعادة بناء الثقة، وإضفاء الشرعية على المؤسسات التي ساهمت في الانتهاكات.
2- تعطيل الهياكل الداخلية للمؤسسات التي حملت الأفراد على الإنتهاكات.
3- إزالة العقبات أمام الإصلاحات الانتقالية.
4- ضمان نزاهة وشفافية المحاسبة والمحاكمات من خلال إصلاح مؤسسات مثل القضاء والشرطة والمؤسسة العسكرية.
هذا إلى جانب عدد من الوسائل والأساليب الأخرى التي يمكن إستخدامها في عملية الإصلاح المؤسسي، والتي سنفرد لها بحثاً خاصاً كما ذكرنا.
وفي النهاية، فإن هناك عدداً من النقاط الهامة التي يجب مراعاتها عند المرور قدماً في تطبيق العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري، وتتمثل اهم هذه النقاط فيما يلي:
1- أن العدالة الانتقالية لا تعني بحال إفلات الجناة من العقاب، ولكنها تعنى تدعيم محاكمتهم على أساس سيادة القانون.
2- ان المصالحة الوطنية ليست بمثابة مائدة مستديرة للحوار، ولكن هناك خطوات إستباقية لتحقيق المصالحة الوطنية. فتحقيق العدالة الإنتقالية قد يفضي إلى مصالحة وطنية شاملة، وليس العكس.
3- أن آليات العدالة الإنتقالية يجب أن تعمل كلها معاً وبطريقة متوازية، وإن كانت هناك أولوية لواحدة على الآخرى تكون على النحو التالي:
- أولاً: إنشاء لجان لتقصي الحقائق، هذه اللجان من شأنها البعث برسالة قوية إلى المجتمع مفاداها أن النظام يسعى الى طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة على أساس من احترام حقوق الانسان وسيادة القانون، ما يخلق بدوره الحشد الجماهيري والتدعيم الشعبي للمرور قدماً نحو تطبيق العدالة الإنتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية. وكذلك كشف الحقائق فيما يتعلق بالضحايا والجناة، والتي سيترتب عليها كل الإجراءات والتدابير التالية في تطبيق العدالة الإنتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية.
- ثانياً: تعويض الضحايا وجبر أضرارهم، وذلك من خلال عدة طرق؛ إن بإعطائهم تعويضات مادية، أو تعويضات معنوية، أو بالأثنتين معاً.
- ثالثاً: الإصلاح المؤسسي، وتأتي اهمية هذه الآلية في أنها تعمل على إعادة الثقة بين أفراد المجتمع والمؤسسات المختلفة للدولة، وتطهير تلك المؤسسات من العناصر الفاسدة لضمان شفافيتها ونزاهتها في المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بمؤسسات القضاء والشرطة لضمان نزاهة وشفافية المحاكمات.
- رابعاً: المحاكم الجنائية، والتي يجب أن تتم على مرئ ومسمع من كافة أفراد الشعب لضمان نزاهتها وشفافيتها، والبعد كل البعد عن المحاكم الثورية أو المحاكمات التي تتم إستجابة لضغوط شعبية معينة.
- خامساً: إحياء الذكرى، وما لها من أثار إيجابية على الضحايا من خلال الإعتراف بفضلهم، وتخليد ذكراهم، وعلى المجتمع ككل من خلال تدعيم الذاكرة الجماعية، ومنع تكرار مثل هذه الإنتهاكات مرة أخرى.
وفي ختام هذه الورقة، لابد من الإشارة إلى أن المشكلة الرئيسية في المجتمع المصري -في الوقت الراهن- تكمن في إنعدام الثقة بين أفراد المجتمع والمؤسسات المختلفة للدولة، ومن ثم فإن الإصلاح المؤسسي، إتباع الشفافية وسيادة القانون، وإحترام حقوق الأنسان وحرياته، والإعلان عن الحقائق أمام المجتمع، هي بمثابة آليات ذهبية أو قُل وصفة سحرية للمرور بالمجتمع نحو العيش والحرية والعدالة الإجتماعية، نحو الإستقرار والنمو، نحو الديمقراطية وسيادة القانون. وأحسب أن هذا الشعب الذي صنع ثورة أبهرت العالم أجمع، لن يرضى أن يعود للعبودية بعدما ذاق معنى الحرية.

• الهوامش
عبد المجيد أحمد بيوك، العدالة الإنتقالية أهم مقومات المصالحة الوطنية. متاح على الموقع التالى http://www.shaffaflibya.com ، تاريخ الزيارة 8-7-2012
انظرأيضاً ياسين العطوانى، التغيير ومفهوم العدالة الانتقالية،متاح على الموقع التالى: http://www.alshirazi.com/world/article/617.htm ، تاريخ الزيارة 8-7-2012.
انظر ايضاً عبد الكريم اللاوي. تجربة العدالة الانتقالية في المغرب. القاهرة، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، 2013، ص16-20.
-Sanam Naraghi Andrlini, Camille Pampell Conaway & Lisa Kays: “Transitional justice and reconciliation”, p. 1. available on line http://tavaana.org/sites/default/files/49_transitional_justice.pdf .
- Ibid-;- p. 2-3.
- David Bloomfield-;- Reconciliation: an Introduction. in David Bloomfield, Teresa Barnes & Luc Huyse (ed): Sweden, International Institute for Democracy and Electoral Assistance, 2003, p.12.
- مروة نظير، العدالة الإنتقالية قراءة مفاهيمية ومعرفية، الشبكة العربية العالمية، 10 مايو/آيار 2011 ، متاح على الرابط التالى: http://www.globalarabnetwork.com/studies/3979-2011-05-10-18-40-44، تاريخ الزيارة 9-9-2013.
انظر ايضاً غرانيم جيل، ديمقراطية الموجة الثالثة، متاح على الموقع التالي http://www.shaaubmagazine.com تاريخ الزيارة 11-7-2012.
انظر ايضاً ياسين العطوانى،الربيع العربى وزمن العدالة الإنتقالية، الشفافية ليبيا، 5-11-2012، متاح على الرابط التالى: http://www.shaffaflibya.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1010:g-&catid=211:2011-11-05-15-18-17&Itemid=200، تاريخ الزيارة 9-9-2013.
- أنظر:
أمل مختار. العدالة الانتقالية :كيف نستفيد من تجارب الدول الأخري. الأهرام الرقمي،1 يوليو 2011 متاح على الرابط التالى: http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=639896&eid=6744 ، تاريخ الزيارة 5-8-2013.
أنظر أيضاً: ايريك سوتاس، العدالة الانتقالية والعقوبات، مختارات من المجلة الدولية للصليب الاحمر، المجلد90، العدد870، يونيو 2008.
انظر مقابلة مع بابلو بارينتي حول محاكمات المدرسة الميكانيكية البحرية في الأرجنتين،المركز الدولي للعدالة الانتقالية. http://ictj.org/ar/news/interview-pablo-parenti-esma-trials-argentina ، 20/7/2012.
انظر ايضاً:عبد الواحد بلقصرى،الذاكرة السياسية والعدالة-المغرب/الأرجنتين- دراسة مقارنة:الجزء التاسع،الحوار المتمدن، العدد 2228. http://www.ahewar.org/m.asp?i=1572 ، 19/7/2012.
Emilio Crenzel: “Argentina’s National Commission on the Disappearance of Persons Contributions to Transitional Justice”, The International Journal of Transitional Justice, Vol. 2, 2008, P. 173–191.
See also: Valeria Barbuto: “Strengthening Democracy: Impugnació-;-n Procedures in Argentina”. in Alexander Mayer-rieckh & Pablo de Greiff: “Justice as prevention: Vetting Public Employees in Transitional Societies”, New york, International Center for Transitional Justice, 2007. P. 40-80

-أمل مختار، مرجع سابق
- Nunca Má-;-s (Never Again), Report of Conadep (National Commission on the Disappearance of Persons) – 1984, available on line http://www.desaparecidos.org/nuncamas/web/english/library/nevagain/nevagain_000.htm.
- المركز الدولي للعدالة الإنتقالية، الارجنتين. متاح على الموقع التالى http://ictj.org/ar/our-work/regions-and-countries/argentina 20/7/2012.
- أمل مختار، مرجع سابق.
- Valeria Barbuto, Op. Cit, P 48.
-أمل مختار، نفس المرجع السابق.
- المركز الدولى للعدالة الانتقالية، أنباء العدالة الانتقالية من مختلف أنحاء العالم ، يناير 2010، متاح على الموقع التالى http://www.ictj.org

- Valeria Barbuto, Op. Cit, P40.
- Maria F. Tuozzo: “World Bank Influence and Institutional Reform in Argentina”, Institute of Social Studies, Development and Change, 2009, Volume 40, Issue 3, pp 467 - 485
- Ibid
-;- impugnació-;-n
- - Valeria Barbuto, Op. Cit, P40.
- تم الرجوع إلى المراجع التالية:
علاء اللامي، تجربة المصالحة الوطنية في جنوب أفريقيا بعيون عراقية: العفو مقابل الحقيقة صحيفة المثقف العربى، صحيفة المثقف، العدد 1634 بتاريخ 11-1-2011 متاح على الرابط: http://almothaqaf.com/index.php/maqal/42527.html، تاريخ الزيارة 9-9-2013.
انظر ايضاً: عدنان شيرخان ، المصالحة في جنوب افريقيا : مهارات التفاوض وبناء الثقة أعادت صياغة أمة، الحوار المتمدن، العدد 2387 ، 28-8-2008. متاح على الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=145184 ،20/7/2012.
انظر ايضاً: برنامج الاممم المتحدة الانمائى، المنتدى الدولي حول مسارات التحول الديمقراطي؛ تقرير موجز حول التجارب الدولية والدروس المستفادة والطريق قدماً، 5 يونيو/ حزيران 2011. ص ص21-26.
See also. Peter Storey: “ A Different Kind of Justice Truth and Reconciliation in South Africa”, Available on line on http://gbgm-umc.org/nwo/99ja/different.html
See also: Paul van Zyl: “Dilemmas of Transitional Justice: The Case of South Africa’s Truth and Reconciliation Commission”, Available on line on: http://www.fathom.com/media/PDF/2392_van_zyl.pdf.
Jonathan Klaaren:, “Institutional Transformationand the Choice Against Vetting in South Africa’s Transition”. in, Alexander Mayer-rieckh & Pablo de Greiff: “Justice as prevention: Vetting Public Employees in Transitional Societies”, New york, International Center for Transitional Justice, 2007. P 146: 179.
* أول استعمال معروف لكلمة "أبارتهايد" كان عام 1917 خلال خطاب ألقاه جان كريستيان سماتس، الذي أصبح لاحقا رئيس وزراء جنوب أفريقيا عام 1919، بيد أن نشأة "نظام الأبارتهايد" تنسب عادة إلى الحكومة الأفريكانية المهيمنة على الحكم في الفترة 1948-1994 والذي حكمت من خلاله الأقلية البيضاء خلال تلك الفترة، استندت مباديء هذا النظام على الفصل العنصري بين المستوطنين البيض الحاكمين وبين السكان السود أصحاب الأرض الأصليين، وتفضيل الإنسان الأبيض على الإنسان الأسود في جميع المجالات.
* أصدرت لجنة الحقيقة والمصالحة تقريرها في ستة أجزاء، انظر
Truth and Reconciliation Commission of South Africa Report, available on line on http://www.info.gov.za/otherdocs/2003/trc/

- عبد العزيز النويضي، إشكالية العدالة الانتقالية: تجربتي المغرب وجنوب إفريقيا، مركز الجزيرة للدراسات، 14 فبراير 2013، متاح على الرابط التالي http://studies.aljazeera.net/files/arabworlddemocracy/2013/01/201312410191634162.htm
- نفس المرجع السابق.
- علاء اللامي، مرجع سابق
-;- Vetting
- Jonathan Klaaren, Op. Cit. 146: 148.
-;- إعطاء الفرصة للموظفين العاملين لممارسة نشاطات أخرى بشكل منظم خلال سنوات محددة ، ومن ثم تحويلهم إلى وظائف أخرى بعد هذه السنوات.

-;- هذا النموذج، هو نموذج تصوري، يضع خطوط عريضة لكيفية تحقيق كل آلية من أليات العدالة الانتقالية في المجتمع. وهذا النموذج قابل للتعديل والتطوير بما يتناسب مع طبيعة كل مشكلة.
- المركز الدولي للعدالة الإنتقالية، البحث عن الحقيقة: عناصر إنشاء لجنة حقيقة فاعلة (إشراف إدورادو غونزالس& هاورد فارني) 2013. انظر أيضاً: أحمد عبد الحفيظ، مصر يناير بين مخاطر محدودية المحاكمة الجنائية وآفاق العدالة الانتقالية، الأهرام الرقمي، 1 يناير 2012، متاح على الرابط التالي http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=816260&eid=1625
- المركز الدولي للعدالة الإنتقالية، البحث عن الحقيقة: عناصر إنشاء لجنة حقيقة فاعلة ، مرجع سابق. ص21.
- نفس المرجع السابق. ص27.
- جبر الضرر، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، متاح على الرابط التالي، تاريخ الزيارة 1-9-2013. http://ictj.org/ar/our-work/transitional-justice-issues/reparations
- رضوان زيادة، اﻟ-;-ﻌ-;-ﺪ-;-ﺍ-;-ﻟ-;-ﺔ-;- ﺍ-;-ﻻ-;-ﻧ-;-ﺘ-;-ﻘ-;-ﺎ-;-ﻟ-;-ﻴ-;-ﺔ-;- والمصالحة الوطنية في العالم العربي، متاح على الرابط التالي http://www.arabtj.org/File/Transitional%20Justice%20Sur.pdf

- الحقيقة والذاكرة، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، متاح على الرابط التالي، تاريخ الزيارة 1-9-2013. http://ictj.org/ar/our-work/transitional-justice-issues/truth-and-memory
- المرجع نفسه.
- المرجع نفسه.
-;- آلية الإصلاح المؤسسي هي أهم آليات العدالة الانتقالية، وتتطلب العديد من الإجراءات والتدابير، ولذا سوف نضع هنا الخطوط العريضة للإصلاح المؤسسي، على أن نصدر دراسة أخرى شامله لعملية الاصلاح المؤسسي تفصيلاً.
- أحمد عبد الحفيظ، مرجع سابق
- نادين عبد الله، الإصلاح المؤسسى وتعثر الثورة المصرية: نقاط ملهمة من تجارب أوروبا الشرقية، الشروق، 28 ديسمبر 2011، متاح على الرابط التالي http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?id=221dd10b-3fa5-47ed-8e8b-2d7b2660f1be، تاريخ الزيارة 5-9-2013.
- المركز الدولي للعدالة الانتقالية، إصلاح المؤسسات، متاح على الرابط التالي http://ictj.org/ar/our-work/transitional-justice-issues/institutional-reform ، تاريخ الزيارة 6-9-2013.
- مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان، أدوات سيادة القانون لدول ما بعد الصراع، فحص السجلات: إطار تشغيلي، نيويورك وجنيف 2006، ص4.
انظر أيضاً: ميراند سيسونر وعبد الرازق الساعدي، أرث مر: دروس من عملية اجتثاث البعث في العراق 2004-2012، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، آذار/مارس 2013.
- المركز الدولي للعدالة الانتقالية، إصلاح المؤسسات، مرجع سابق.
- نفس المرجع السابق.
- التدوير الوظيفي، متاح على الرابط التالي http://www.nazaha.iq/%5Cpdf_up%5C1098%5Cjob%20rotation.pdf
- المركز الدولي للعدالة الانتقالية، إصلاح المؤسسات، مرجع سابق.



#محمد_عز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهما المساواة والعدالة
- الحلقة المفرغة
- ثلاثية الجهل والفقر والإهمال
- دلع الشباب الثوري: الرأي والرأي الآخر
- سوسيولوجيا الكلام ومرشحي الرئاسة
- رؤساء مصر بين مقتول ومعزول


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد عز - العدالة الإنتقالية والمصالحة الوطنية في المجتمع المصري: رؤية نظرية ومنهجية