أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - ما يلهم القصيدة، كأسٌ من الوحشة أيضا ! ( جزء من رواية لم تكتمل )














المزيد.....

ما يلهم القصيدة، كأسٌ من الوحشة أيضا ! ( جزء من رواية لم تكتمل )


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4758 - 2015 / 3 / 25 - 17:59
المحور: الادب والفن
    


.

... وتذكرتَ تلك العناقيد الموشمة بالملامح الحيية. وجوه الأصحاب الذين تتأنق بالبهجة رغم طفح حزنها المنزوي. تتذكر ساعة تعود بعد منتصف الليل، وأحيانا قبيل الفجر، مجرجرا قامتك الخدرة على ساقين متباعدتين الخطو تريدها بالكاد أن تكونا ثابتتين. فالسكرة مع الشلة الحبيبة تلغي، ولو إلى حين ، كل أصول الفرجة وتقليد أن تكون متزوجا ولديك زوجة تنتظرك على أحر من قيض العراق لتدفن رأسها في حضن صدرك.. وصغارا عالجتهم الأم بكل الحيلة، أستعطافا مرة، وصرامة مرة، كي يهجعوا للنوم لأنك ستتأخر الليلة وأن عليهم أن يستيقظوا مبكرين ليلحقوا الوقت لمدارسهم. وعندما أطفأت مصباح الغرفة الكهربائي ومثلت أمامهم دور المتعبة وأن عليها أن تنام مثلهم، كانت متأكدة أن عليها أن تكون مقنعة لخرافها الصغار، وكيف ضحكت في سرها. لكنها حين سادت الظلمة الجدران والسقف والأرضية المفروشة بعناية، وأطبقت أمامهم عينيها، نطق لوّن وبريق الفضة في رأسها.
رأتك داخل جسدها شيطاناً لذيذاً تفتك بها عشقاً، وكيف تعالج صبرها وشغف جسدها بكل حميمية وحمية المعشوق. وكيف لحظتها ستنفرج أساريرك دعوة للأنسجام، وتعتليك صهوة الأنفعال.
تدور بك الغرفة بجدرانها الكاحلة بما تعلق عليها من صور وشحوب أحلام وسكوت. وتتذكر كيف كانت تدور بعد أن تفتح لك الباب وتبدو منملة بالرغبة حتى عروقها. وكيف كانت تخبرك بما يحصل لها وهي تنتظرك مثل كتلة مشدودة ومتفككة، ينطق فيها ألف ملك وعفريت ومجون؟.
من سيفتح لك الليلة الباب.. وطريق التنهدات، وشعاب الرخويات والأنتشاء والتلاشي؟. ها أنت تفتقد كما في كل ليلة ماضية، العيون الساهمة والفم المزموم والصوت المتهدل والعذوبة القادمة. ومن سيعيد لك رضاك عن سدوم نفسك وشعورك بإنك أهم إنسان على هذه الأرض؟. كأنك كل التقاليد والفرح الشرقية السرية والمعلنة، وكل التشهي الخفي والمباح، والسعادة المخملية المضرجة بالدم وماء العروس، وبالتلاطم الفاضح على صخرة قطبك الأوحد في محبسك الآخاذ؟.
الغرفة الخالية.. والعناقيد نائمة.. واللغة الأعجمية. كل شيء متشاكل، ومستأجر من وحشة لا تدرك لها بداية ولا نهاية. ها أنت وحيدا تواجه السراب والنواحي المريضة والعبث. تتوزع على رفوف وخانات على شكل أنصاف وأرياع ومثلثات ودوائر ونصوص ومتواليات وتقاليد وأرقام خيالية وبسملات غريبة وشزر يطالعك كأنك جيثوم أو مومياء من عصر ما وراء عصور التكسر الدائم، تماماً كترسب الصمت وتعطل الاستشراق وتمدد الأستلاب. زمن الشراهة اللانهائية لجسد بض كقوة إنتاج لا تتوقف.
لست ذاك الإنسان الملموس.. المصفف بعناية مثل تسريحة أنثى فاختة في ليلة عرسها. تركت الحشود وتركتك. عفت وعافتك المداعبات والصور الملونة والقهوة العبقة بجنون المتعة في مقهى " البرازيلية " أو رائحة الهال المتوثب في شاي ببطن مقهى " سمر " والحسناوات المكبوتات والمحاكمات الدائمة للأحبار التعيسة على المنشورات وللضمات التعيسة التي لا تثير الشهوة ولا البهتة التي تشبه السهوم، وللدخان الذي تتنفسه بعد رشفة مكثفة لمشروب أصيل يفقدك الرشد ويجعلك صبياً مهووس بالأنفاس المتقطعة والعيدان المتقصفة والشرود وشغب السيقان.
ليس أمامك سوى الحجر الأصم والعزل. وحوش بهيم كسير الخاطر. وعالم بطريركية وأعراف لشواغر وسلع جسدية دائمة.. ورأس لصيق بالماضي وحكايات القمقم والسعالى المستأجرة لتخويف الاطفال، والسطوح الخالية من قلل الماء البارد، والخميس الذي لا يأتي بعرس أو قصيدة ختان.
حين علبّك فراشك وغطاءك، وتهت فيه جسداً واهناً، وبدأت فصول معادة امسرحية الفتك في رأسك. السجان والسجين. الأستجواب العتيق، وخرافة الخوف. والأرض الحرام، والأبواب الموصدة، والفجر الأخن. وجسد امرأة يقطر مساحات قديمة.. قدينة جداً.
لو أنت لم تأتِ، ولو أن ما سيأتي لن يأتٍ. لو أنك بقييت أسير الشوارع الخالية، والبيوت المجمدة، ونزاع قرقرات ملولة لنارجيلات وشخير لعجائز يتناسلن أحتضاراً. وأنت أنت، ذات السجين المطلق السراح قبيل النزع الأخير، وبعد مضيء ثلاثة أرباع محنة عصر الجليد ومحن السياسة الساخطة والمضمحلة.
لو بقيت هناك رهن المحظور الواضح، فلربما سيأتيك البذيء الموعود بلوّن آخر أقل مساحة مما هو مقرر. وسيأتيك الغياب. وسوف لن يجديك نفعا أنك ما تزال قادراً على الفردية الصلبة.. الفردية التي لا تستطيع حبسك في القمقم الأرعن ذاته. ولربما سينطلق منك ألف عفريت وألف مقهى وألف مقدرة.
عندها.. وعندها فقط لربما ستكون أنت كما عليك أن تكون.




#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استدارات..
- لعنتُ اغتلامي، وقلتُ...
- المرسى.، سماءٌ مذهلةٌ..
- مناسك الحيّرة..
- أمد يدي.. أتحسسك.
- حاصد العلّل..
- لماذا.. وماء الصمغ..
- رحيق الهتك...
- بالذي كان...
- تضاريس الكهرب..
- من فصول قصيدة (6)
- خلاصة خرافة..
- بئرُ الليل...
- غابة الخطوط..
- السيء...
- شقوق الرمان..
- رِفقة...
- مرثية لمقبرة برقم 2014..
- من فصول قصيدة (5)
- ما يُشبه الشمس..


المزيد.....




- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - ما يلهم القصيدة، كأسٌ من الوحشة أيضا ! ( جزء من رواية لم تكتمل )