أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - زوجة لإدوار...!!















المزيد.....

زوجة لإدوار...!!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 23:03
المحور: الادب والفن
    


كثيرا ما حيرتني حالة صديقي ادوار، للوهلة الأولى يبدو شرسا ، بل ويميل ليكون ذئبا مفترسا ، غير ان هذا الانطباع الأول سرعان م عقلية الذكور ا يتبدل اذا دار الحديث عن النساء أو معهن. فهو ينقلب فورا الى حمل وديع ، طفل على صدر امرأة!
كان يبدو لي ان ادوار مصاب بانفصام شديد في شخصيته... فهذا الذئب في شراسته مع بعض الناس حوله، من أقرباء وجيران وأبناء بلد وأصدقاء ، يصير طفلا وادعا في ثوان ، حين يخاطب امرأة ، وبغض النظر عن جيلها . مجرد نسويتها تجعله حملا وديعا ودودا، مستعدا لتقديم كل خدمة تطلب.
علاقتي معه لم تكن سهلة، ولكنها علاقة بدأت منذ بداية وعينا ،مرت بفترات برود وتباعد وفترات اندفاع وارتباط شبه يومي . أحببت مراقبة تحولاته من الحالات الذئبية إلى الحالات الجملية.. أو بالعكس . شيء يبعث على الحيرة.. أعترف ان ولعي باكتشاف وصياغة شخصيات لقصصي كان يشدني اليه أكثر وأكثر . وكلما تعمقت في حالاته المتقلبة ، ازددت شغفا بالمزيد من كشف تقلباته ومفارقات حالته . كان دائما شيء لا يكتمل، ناقص... في صورته التي تتشكل في ذهني .
لادوار حياة جنسية ثرية يُحسد عليها .. وأعرف من صديقاته السابقات ، واللواتي جمعتني بهن مناسبات عدة ، انه انسان مثالي ، مليء بالأحاسيس والاحترام والرعاية .. ولا يترددن بتلبية اشارته مرة تلو الأخرى حتى ولو انقلب العالم فوق رؤوسهن.واعترفن انه لم يخدعهن بوعود كاذبة، كما يفعل معظم الرجال عادة في علاقاتهم النسائية... أو حتى في السياسة ، لدرجة صار الفهم الشعبي ان السياسة هي فن الأكاذيب وفن خداع الجمهور . فهل يكون الحب هو فن خداع النساء ؟!
ادوار لم يخدع فتياته العاشقات ... كان واضحا لهن انها علاقة لا تبشر بارتباط في المستقبل ، ربما حلمن بكسر الجليد وتغيير الثابت في شخصيته . ولكن هذا ، بالتأكيد الملموس .. لم يحدث . كان يقطع علاقاته بصمت، لا يثرثر، وكأن شيئا لم يكن. ويحافظ على مودة واحترام لعشيقاته السابقات.
ما عدا صديقه المقرب ، الذي يتحمله ويتحمل فظاظته الذئبية ، ذلك هو انا ،ربما طمعا في الوصول الى رسم شخصية قصصية نادرة وبالتأكيد بسبب صداقة ربطتنا منذ شبابنا الباكر ، تحمل الكثير من الذكريات التي من الصعب اقالتها من حياتنا ، وتفقد قيمتها اذا تباعدنا.
ربما ليس صحيحا تماما القول بأني اتحمله من أجل كسب شخصية قصصية جديدة . صداقتنا ابتدأت ونحن على مقاعد الدراسة الابتدائية. كان طالبا ذكيا ودودا ... لا تظهر علية قساوة الذئاب . ربما لوجودنا في مدرسة مختلطة للبنين والبنات ... لا أعرف ، فهل جعله ذلك طالبا ودودا وديعا خدوما ومستعدا للمساعدة وارشاد الصف كله في الامتحانات ؟؟
كثيرا ما عادت عليه تصرفاته المدرسية بعقوبات مختلفة .، وصلت الى حد طرده من الصف ، ولكنه لا يتوقف عند حد ويعود ليفعل نفس الشيء الذي يثير غضب المعلمين.كان لا يتحمل ان يرى كآبة الراسبين أو الحاصلين على علامات ضعيفة .. خاصة من طلاب صفه . ورغم انه طالب ممتاز وهادئ ، ويشارك بنشاط في برامج الصف ، الا ان مربية الصف سجلت له في شهادته انه مشاغب، الى جانب علاماته المدرسية الغير ناقصة حتى علامة واحدة في أي موضوع كان .
ولكن ادوار لم يكن مشاغبا .
كان تلميذا ذكيا مجتهدا ومرجعا في الامتحانات لكل طلاب الصف الضعفاء وعندما لجأ أحد المعلمين الى اعفاء ادوار من امتحاناته ، واخراجه من الصف ، بحجة انه لا يحتاج الى امتحان . عندها كان مستوى علامات الطلاب ينخفض بشكل كبير !!
قد تكون تصرفات ذلك المعلم ، الذي اثار حنق ادوار وغضبه العاصف ، هي السبب في تصرفات ادوار الذئبية مع الذكور بشكل عام .
حلقة الطلاب حول ادوار كانت أكبر حلقة في ساحة المدرسة ، حيث تؤخذ قرارات مواجهة تعسف بعض المعلمين ، وترتيبات تمرير أجوبة الامتحانات لطلاب الصف . وكان يطربه بشكل خاص تودد فتيات الصف اليه ، وتفضيلهن الحديث والضحك معه عن سائر الطلاب. كانت الغيرة تقتلنا ونحاول ان نتودد له لنقترب من مجموعته المكتظة بأجمل
طالبات المدرسة . ربما هذا ما جعله في المستقبل ذئبا مع الذكور وحملا وديعا مع الاناث . بالطبع هذا ليس تفسيرا علميا ، انما ملاحظة قد لا تكون مهمة ، ومجرد فكرة للدخول الى عالم شخصيته الصعبة. ومع ذلك لا يمكن أن أضحي بصداقة من أنقذ علاماتي المدرسية وجعلني انا وشهادتي فخرا لوالدي أمام الأهل والجيران.
كيف لا أكون ملتزما بهذه الصداقة ووفيا لهذا الصديق ؟!
كنا نحسد ادوار في قدرته على جذب طالبات مدرستنا لحلقته في ساحة المدرسة ، وثم بتنا نحسده لاتساع مغامراته النسائية .. حين كنا بالكاد نحظى بمغامرة غرامية ، ترضي غرورنا الذكور، او نحظى بابتسامة ، أو استلطاف جديد.
بالطبع ليست هذه هي الحكاية التي جعلتني في فجر يوم ربيعي أشحذ فكري وذاكرتي ، وأمسك القلم لأخط على الورق تفاصيل لم أعد قادرا على تخزينها وحفظها سرا، حين بدأت أقتنع ان فكرة قصة حقيقية، مشوقة ونادرة قد اكتملت.
لعقد كامل وانا متردد في صياغة هذه القصة ، عذبني التفكير بها ، وأكثر ما أقلقني هو التفكير برد فعل صديقي عندما يقرأ قصته مكتوبة بقلم أقرب أصدقائه ، وأكثرهم ائتمانا على اسراره .
لم أكن محتاجا ليكشف لي أحد ان ما أعرفه من خبايا وتفاصيل عن حياة الناس من حولي، في لحظة التوهج عندي مادتي التي أشكل منها أفكاري القصصية ، ان القريبون مني قد يعرفون شخصيات قصصي ، أو يكتشفون فيها وبدون تردد أنفسهم ... وهو ما كان يقلقني في فترة ما ثم استسلمت لهذه العادة السيئة في حكم بعض الأخلاقيين...
مضى عقدا كاملا .. ولكن تفاصيل هذه القصة ونهايتها ما زالت تستفز تفكيري وتشغلني حتى اليوم ، ولا أستغرب ان أعود اليها لكتابتها من زاوية أخرى تراودني أحيانا ، ولكني لا أرى انها اكتملت لتشكل حافزا كافيا لمثل هذا الانجاز .
كنت قد تزوجت قبل ادوار بعقد كامل تقريبا .. وصرت أبا تشغلني هموم الدنيا حين واصل ادوار جمع الفراشات والزهور من حوله .. قبل ان يقرر ادوار الزواج بشكل فجائي ادهش الجميع ، حتى الجن .. لو وجد مثل هذا الشيء .
اليوم نحن آباء لأطفال .. لا أعرف هل حياة المجون أكثر متعة ، ام حياة العمل المضني وتربية الأطفال هي الحياة التي يحلم بها الانسان ؟!
العاشق صار اليوم رجل بيت ملتزم لدرجة من الصعب مقارنتها مع تاريخه العشقي الحافل . وكثيرا ما حاولت ان أبحث في أعماق ما يبدو انه التزام كامل لبيته وزوجته . كان يردني بود ووداعة لا أعرفهما بشخصيته. ويؤكد ان تاريخ حياته الحقيقي بدأ منذ تزوج .. ما مضى انتهى . كنت أرد عليه مستهجنا :
- هل انت ادوار الذي اعرفه ؟ .. صديقي من أيام الدراسة ؟
ابتسم بصمت واشعرني اني لم أكن أعرفه في السابق على حقيقته!!
القصة الحقيقة لإدوار الجديد بدأت حين وصل منتصف عقده الرابع .. عازبا عاشقا متجولا بين عشيقاته .
في يوم شتوي بارد اتصل بي وطلب ان يزورني في بيتي .عادة كانت لقاءاتنا في بيته أو في البارات.شعرت بإثارة تعتريني وأحسست إني أمام حدث جديد يبشر بنص جديد.
جاء مهموما على غير عادته ، فأحيا رغبتي الحادة في كشف ما يخفيه.
جلسنا امام مدفأة الحطب . عرضت عليه كأس كونياك ، وافق مترددا . صببت كأسي "اوتارد" الفرنسي الرائع ، وتسلينا ببضع حبات كستناء مشوية. وما هي الا جرعتين حتى انتقل الدفء الى لسانه . قال :
- حان الوقت لأجري تغييرا في حياتي.
لم أعقب .. ولم أفهم مراده . ولكنه واصل الحديث:
- لا يمكن الارتواء من حواء . رغم علاقاتي ما زلت ظامئا كما ابتدأت.
ملأ كأسه من جديد ، رغم تردده في تناول المشروب في البداية ، عرفت انها اشارة لكشف ما تشتهي نفسي لمعرفته .. وأن ليلتي طويلة مع ادوار .
- كل أصدقائي تزوجوا .. أنظر اليك مثلا ، لك زوجة وثلاثة أطفال .. صرت تفضل السهر معهم اولا..وتفضل بيتك عن قضاء أمسية معي .. لا اعاتبك ولست غاضبا .. أنا أحسدك . عندما تحضر أختي لزيارتي مع طفلها ، أشعر بسعادة غير عادية وانا اداعب الطفل وعندما أنجح بخطف ابتسامة منه ، لا تسعني الدنيا من الفرح .. أنسى حتى مواعيدي .. واحب البقاء معه!!
وترد في ذكر نوع مواعيده .. ولكن المكتوب يقرأ من عنوانه .
ملأت كأسي . رشفنا ، قشرنا الكستناء المشوية . ولم أجد ما أقوله امام تحولات ادوار الفجائية والتي نجحت في مباغتتي وفرضت الصمت على لساني . قال :
جميلات،لي ثلاث عشيقات.. جميلات ، متعلمات ، مخلصات ... أشعر برغبتهن المجنونة للزواج ، ولكني لم أخدعهن . انا لست مخادعا . لم ولن أكذب .. مع اللواتي مررن في حياتي.
ووجدت ما أقوله :
- العلاقة نفسها توحي .. أحيانا لا ضرورة للكلام المباشر.
- هذا صحيح .. لكنهن يعرفن اني لست راغبا بالزواج . ليس أكثر من علاقة غير ملزمة.
- ما الذي تغير فيك إذن ؟
- لا أملك جوابا عقلانيا .. مجرد مشاعر وأحاسيس تجتاحني في الأيام الأخيرة ، أعرف انها أكثر من نزوة عابرة.. وأكثر من مجرد حلم يراودني .
ملأت الكأسين مرة أخرى . يبدو ان دفء الخمر انتصر للحمل على الذئب. لا أعرفه بهذا الهدوء وتلك السكينة وهذه الدماثة ، التي لا تنطبق على معرفتي الكاملة والموثوقة به .قال :
- اريد لي ابنا .. اريد زوجة .. وسألتزم .. انت لا تصدقني ... لا تقل شيئا .. انا أحيانا لا أصدق نفسي.. ولكني صاحب قرار ، وانت تعرف قدرتي على تنفيذ ما ألتزم به ...
- الا مع النساء ...
- أيضا مع النساء.. لكن هذا ليس الموضوع!
قالها بهدوء لا يمكن التشكيك به . قلت مازحا:
- لو خلقك الله إمرأة ، هل كنت تتصرف بنفس الوله الجنسي ؟
- ربما.. وهل النساء أقل شأنا ؟
- لنعد الى قصة زواجك ( قطعت عليه الطريق ) هل اخترت الفتاة المناسبة؟
- لي ثلاث عشيقات .. يجب ان أختار احداهن .. وهذا ما يحيرني.
- ما هو المطلوب مني ؟
- المشورة يا صاحبي .. أو أستعملك بديلا لكرسي الاعتراف الكنسي، لأني لا أقبل الاعتراف لكاهن.
- لا أعرف عشيقاتك لأنصحك بإحداهن .
- لكل جمالها الخاص.. ذكائها.ها.. ذكائها .. وجاذبيتها المميزة.
- اذن تزوج الثلاث ...
قلتها بدون تفكير ، بشيء من الاستفزاز . وانا حائر في ما يطرحه من أحجية غريبة ، كظم غضبه بأن رشف الكونياك من الكأس دفعة واحدة . صب بصمت كأسا جديدة ، تنهد وقال متجاهلا استفزازي :
- لم أكن جادا كما انا اليوم .. اريد ان أختار واحدة من بين الثلاث ..
قالها بجدية وهو يداعب كأس الكونياك ليعطيها من حرارة جسمه دفئا.
- وكيف لي ان اساعدك ؟
- تساعدني في اختيار أنسبهن .
قلت في محاولة للخروج من هذا المأزق الثلاثي :
- ربما واحدة جديدة.. ليست احدى عشيقاتك ؟
- لا أحبذ هذه الفكرة .. لن أجد أفضل منهن ..
- ادوار... أكاد أجهلك .. انت تغير كل معادلاتك الراسخة في رأسي .
- اياك ان تصنع مني بطلا لخربشتك ، انا أعرف مرضك .. ؟
- ربما ما يعتريك هي نزوة مؤقتة ..؟
- ليست نزوة .. قرار لا رجعة في
- مثل قرارات القمم العربية ؟
- القمم التي لا تشرب من هذا الكونياك ، ( وأشار إلى زجاجة " الأوتارد " ) قراراتها تحتاج الى شبكة تصريف ..
ورشف بتلذذ رشفتين...
- يبدو لي اني لم أعد أعرفك .
- اريد حياة أخرى .. مستقرة ، هادئة .. وطفلا يملأ فراغ بيتي وحياتي .
- هذا شعر يا إدوار... وحالك بعيد عن الشعر .
- أخالفك .. العشق هو شعر حقيقي أيضا، وما أحلم به من حياة أخرى هو شعر من بحر جديد.. بدون شعر نذوى .. ننتهي ... حتى السياسة شعر لو استقام السياسيون.
- وأين أقع انا في هذا البحر الشعري الهائج؟
- انت صديقي ... وأكاد أقول انك الصديق الوحيد الثابت وغير المتحول.. رغم فظاظتي .. انت صاحب خبرة بحالي .. وصدقني اني أحسدك عما انت فيه اليوم .
- كنت أظن اني انا الذي يجب أن أحسدك ؟
- هذا سؤال فلسفي .. يتعلق بموقفنا من النساء أو الشوفينية الذكورية.
- اتركنا من الفلسفة .. انت تذكرني بقصة عن مثيلي جنس مرت قربهما شقراء رائعة الجمال ، ترتدي تنورة قصيرة وشفافة ، أحدهما تأملها بحسرة وقال : أتمنى لو لم أكن مثلي الجنس . الثاني تأملها مشدوها بجمالها ، وفكر بعمق وقال :في هذه الحالة ، أتمنى لو كنت امرأة مثلية الجنس .
ضحكنا بحرية لأول مرة منذ بدأت ليلتنا . وقلت لزوجتي ان لا تسرع بإحضار القهوة لأننا سنواصل الشرب ، فقبلت على مضض .
علا صوت بكاء طفلي الصغير فوجدتها مناسبة لأحول الحديث :
- الأطفال ليسوا لعبة مسلية فقط .. انها مسؤولية وارهاق وعمل إضافي ..
- بالطبع .بالطبع. ..
قاطعني باستخفاف كاد يثير غضبي وعاد لمعضلته :
- كيف اختار زوجة من بين عشيقاتي الثلاث ؟
- يبدو سؤالك فلسفيا أكثر من كونه سؤالا عمليا..
قلتها محاولا استفزازه ردا على مقاطعته الاستفزازية. تجاهلني :
- عقلي يعذبني .. لكل منهن ميزة خاصة ومكانة خاصة في قلبي.
- انا أحسدك ..
قلتها هامسا كي لا تسمعني زوجتي.
- لا تخطئ .. حالتي صعبة وخياراتي أصعب .
- تريدني أن أخرج لك الكستناء من النار؟
فهم الرمز .
- شيء من هذا القبيل.. الست صديقي الوحيد ؟
رفع الكأس الى شفتيه مستنشقا رائحة "الأوتارد" .. رشفنا. أخرج من جيبه صور لثلاث فتيات ، وقال :
- المرشحات للزواج .
نظرت للصور .. هالني جمالهن .
- يا ابن ال ...
دفنت الكلمات في فمي .
- لو كنت مكاني من ستختار ؟
- أبقى عازبا مع الثلاث ..
لم يعجبه جوابي .
- أسأل بمنتهى الجدية.. والا ما جئت لمشورتك .
بعد تفكير رويت له حكاية :
- كانت لنا جارة تخرج كل صباح وتناشد ربها بأعلى صوتها : "يا الهي ، ابعد النمور عن بيتي" وفي يوم ما ، وعلى فنجان قهوة مع جاراتها ، قالت لها الجارات ان ما تطلبينه من ربك لا ضرورة له ، أطلبي شيئا آخر .. لأن أقرب نمر لبيتك يبعد الاف الكيلومترات ، فأجابت : رأيتم اذن فائدة ما أطلبه من ربي ؟!!
- أي أن طلبي لمساعدتك مثل طلب الجارة من ربها ؟
- ليس بالمفهوم السلبي ، اني أنظر لصورة المرشحات وأشعر ان النمور أقرب لجارتنا من التخلي عن واحدة ... (وأشرت الى الصور ) وما دمنا بسيرة النمور ( وفردت الصور ) أي نمرة منهن أولى بافتراسك ؟
- تعيدني الى البداية دائما ، كان يجب ان لا أقبل تناول المشروب معك .. انفكت عقدة لسانك ، وانطلق عفريتك يبحث عن فريسة لقصة جديدة .. اياك ثم اياك .. ان تصبح حكايتي في متناول قراء صحيفتك ؟!
- ليس ذنبي ..
- ذنبي انا الذي يطلب مشورة عبد للشيطان .
أفرغ الكاس بعصبية ، وملأها من جديدا بعصبية ظاهرة .. مازحته لأخفف عصبيته :
- شيطاني ليس أمريكيا وليس اسرائيليا .. عربيا أصيلا.
- انه أسفل الشياطين .
أفرغ كأسه مرة أخرى دفعة واحدة، مغمضا عينيه متلذذا بالمذاق، وقال ضاحكا:
- انتهت الجلسة الأولى دون نتائج .لا اريد قهوة لأعكر طعم الكونياك . الى اللقاء .. فكر بحالتي على مهلك .
مضت ايام وانا حائر في ما سمعته . أتأمل الصور في أوقات فراغي ، واحتار بين أن احسده على ما هو فيه أو أحسد نفسي على ما انا لست فيه.
كاشفت زوجتي ، حتى لا تظن ان الصور لعشيقاتي . بعد تأمل قصير قالت انها تعرف من سيختار ادوار من بين الفتيات الثلاث ..
- كيف عرفتِ ؟
- هذا السر لن أكشفه الآن . دعه يختار اولا . جوابي سأسجله وابقيه معك . ولكن اياك ان تفتح الورقة قبل ان يقرر ادوار من سيختار .. هل اتفقنا ؟
- اتفقنا ..
قلت مستسلما وحائرا لسرعة معرفتها للفتاة التي سيختارها ادوار . هل للمرأة مجسات لا توجد في الذكور ؟
بعد اسبوع التقيت ادوار وانا متشوق لمعرفة أخباره. قال ضاحكا:
- وصلت الى قرار ..
- اخترت من يا ترى ؟
- أجريت اختبارا .. لا تقاطعني .. قلت لعشيقاتي الثلاث ، كل على حدة، أني اذا أعطيتها 100 الف شيكل ، ماذا ستفعل بها ؟ وتلقيت اليوم أجوبتهن : الأولى قالت انها ستجري عملية تجميل لأنفها لأنه يبدو أكبر قليلا مما يجب ان يكون ، حتى يصبح جمالها كاملا الى جانبي . الثانية قالت انها ستشتري ملابس لنا من منتجي الأزياء المعروفين عالميا لأننا نستحق ان نرتدي أجمل الأزياء أمام الناس في المناسبات المقبلة علينا . اما الثالثة فقالت انها ستضع المبلغ في برنامج للتوفير ، لضمان مستقبل ابنائنا.. أو احتياجاتنا ؟
ولم أعد استطيع صبرا :
- وانت من اخترت ..؟
- اخترت واحدة وبشكل نهائي ..
- صاحبة أي جواب..؟
سألته وانا أخرج مراهنة زوجتي من جيبي .
- لا دخل للأجوبة في اختياري ..
لم أفهم ما هذا اللف والدوران .. قلت لنفسي : " سهرة على كونياك ، اختبار .. وتفاصيل الأجوبة ، ثم يقول ببساطة ان الأجوبة ليست هي المقرر في الاختيار ، هل هي فلسفة جديدة ، أم نظرية ذكورية في النساء ؟ " وقلت :

- زوجتي راهنت على واحدة بعد ان صارحتها بقصتك .. لا أعرف على من راهنت .. سأفتح مراهنتها بعد ان تخبرني بالتي اخترتها .
- الصور مرتبة حسب الأحرف (أ) و (ب) و (ج) .. اخترت صاحبة الصورة (أ) ماذا كان اختيار زوجتك ؟
فتحت الورقة واحترت. قرأت : "سيختار صاحبة أكبر نهدين !!" لزمت الصمت مرغما!!
نظرت للصور مجددا .. وحبست ضحكتي، اختياره حقا كان لصاحبة أجمل صدر بينهن.. أعطيته الورقة ليقرأها ، فأنفجر ضاحكا كما لم أعهده يضحك من قبل ...
هل كانت زوجتي اكثر ذكاء مني في فهم شخصية ادوار وتفكيره ؟ ام انها تفهم عقلية الذكور ، التي لم تتبدل ولم تتغير منذ الأزل للمرأة ؟


[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: فلسفة العلوم
- اعلان عيد البشارة عيدا رسميا في الناصرة
- فلسفة مبسطة: الإدعاء الدائري
- انتصار نتنياهو: سيطرة دولة المستوطنين على دولة إسرائيل!!
- سنة على انتخاب رئيس بلدية الناصرة علي سلام: لتتحالف كل القوى ...
- حماة الوطن...
- فلسفة مبسطة: الفلسفة التجريبية - وقصة فلسفية
- الأمنية...
- فلسفة مبسطة: الأنانية الأخلاقية
- احتفال للنسيان
- الجواهر...!
- خطاب نتنياهو: لامع وفارغ..!!
- هل التطرف الديني بديل لعصر التنوير العربي؟!
- جسران وعالمان...!!
- فلسفة مبسطة: -الإمباتيا- أو الدخول في أحاسيس الآخر!!
- الخنزيرة سيدة محترمة…
- الكتاب الذي لم يعرفه سعيد
- خواطر سياسية: ما الذي يخفيه -استفزاز- نتنياهو للإدارة الأمري ...
- الشرق والغرب لا ينفصلان...!
- فلسفة مبسطة: الفلسفة العملية


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...
- بوغدانوف للبرهان: -مجلس السيادة السوداني- هو السلطة الشرعية ...
- مارسيل خليفة في بيت الفلسفة.. أوبرا لـ-جدارية درويش-
- أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة
- نيكول كيدمان تصبح أول أسترالية تُمنح جائزة -إنجاز الحياة- من ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - زوجة لإدوار...!!