أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - حماة الوطن...















المزيد.....

حماة الوطن...


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 4749 - 2015 / 3 / 15 - 02:04
المحور: الادب والفن
    




يمتلئ صدر الأميرال أحمد بالنياشين، لدرجة انه أوكل جندياً بترتيبها كلما استبدل البدلة العسكرية بأخرى، كان الجندي يعتمد على صورة مكبرة تبين مكان كل نيشان على بدله الأميرال، حسب المقياس المليمتري.
لم يحصل الأميرال أحمد على نياشينه بسبب بطولاته العسكرية. فهو لم يخض معارك حربية حقيقية. السؤال الذي لم هل يعرف الأميرال أحمد كيف يتصرف فيما لو واجه حرباً حقيقية؟ ان شدة اهتمامه ببدلته العسكرية، بحيث تبقى ناصعة البياض، ومفصلة بدقة متناهية، تجعل المراقب يتساءل هل حقل سيخوض الأميرال احمد حربا ببدلأته التي يبدلها مرات عديدة يوميا حتى يحافظ على مظهره الأنيق عسكريا؟ حقا بمثل هذه الأفاقة لا يبدو انه سيخوض معركة حربية في المستقبل، إلا إذا اعتبرنا التصريحات استعداداً لإنزال ضربة قاصمة بالمعتدين نوعاً من الحرب. الحقيقة انه لو سؤل المواطن: ضدَّ من يتوقع حرباً؟، لضحك من غرابة السؤال. المواطنون لا يعرفون عدواً يهدد بلادهم... لكن الكلام الحربي الذي يلقيه الأميرال أحمد في المناسبات المحتلفة، بات يردّده كثيرون منهم كما يردّدون النشيد الوطني في المناسبات السعيدة لجلوس سيد البلاد على رأس السلطة بحفظ الله وصونه.
ومع ذلك كان صدر الأميرال معرضا لكل النياشين التقديرية والبطولية، يقال أن بعضها اقر وانتج خصيصا له ولسائر ضباط الجيش الكبار، مع أن أحدا لا يعرف أي بطولة قتالية إجترحها الأميرال او جنرالات الجيش إلا تصريحاتهم التلفزيونية.
كان الأميرال أحمد قائداً للأسطول، وقريباً سيحتفل بمرور 30 سنة على قيادته للأسطول الحربي، حتى لا يفهم تعبير أسطول خطأ نوضح انه ليس أسطولاً أميركيا مثلاً، أو أسطولاً لدولة أوروبية.. ان أسطول الأميرال أحمد عبارة عن خمس قطع بعد أن غرقت القطعة السادسة بسبب قدمها والصدأ الذي فتك بحديدها.
والقطع البحرية هي ثلاث قطع خفيفة التسليح والحركة، مع حمولة محدودة من جنود البحرية لا تزيد عن خمسة أفراد في كل قارب، تقوم بمهمات حراسة السواحل والمياه الإقليمية، معظم المتطاولين حتى اليوم كانوا من صيادي الأسماك من دول الجوار، عادة يجري حلُّ الإشكال بتقاسم الأسماك، بين الجنود والصيادين.. لمنع وقوع أزمة علاقات دبلوماسية وحرب إعلامية عبر كل وسائل الإعلام من تلفزيونات وراديوهات وانترنت وصحافة مطبوعة بين الدول الشقيقة. بالطبع دائماً هناك حصة من أفخر الأسماك للأميرال أحمد. إضافة لهذه القطع التي تؤدي دورها العسكري الوطني في ضمان أمن البلاد والمواطنين، هناك البارجة العسكرية من موديلات الحرب العالمية الثانية، جرى تحديثها بإضافة حمالات أعلام وبراويز لصور سيد البلاد. سعتها تسعون جندياً، لكنها تبحر دائماً بمائة وثلاثين عدا طاقم المطبخ المكون من خمسة وعشرين عاملاً. هناك غواصة عسكرية، سعتها خمسة وستون جندياً، طبعا مع عشرة أفراد في المطبخ حرصاً على تغذية البحارة بما يليق بهم وبجهودهم العسكرية في خدمة الوطن. الى جانب هذه القطع الجبارة هناك مجموعة من خفر السواحل يستعملون القوارب المطاطية ويقضون معظم نهارهم في صيد السمك.
لا بد من إرسال أطيب أنواع السمك للأميرال أحمد، لأن حبه في القلوب هو جزء من حبهم الوطن. هو قائدهم وراعيهم وصهرٌ لعشرةٍ من ضباط البحرية!! كان يختار المصاهرة حسب جمال الضابط، الأمر الذي يشير الى جمال مؤكد تتمتع فيه أخته ... ومن يرفض مصاهرة ابن العائلة العظيمة التي تدفع مهراً يجعل الضابط وعائلته من أغنياء الدولة وذوي الكلمة التي لا تردُّ في أجهزة الدولة؟.. أخيراً يمكن إضافة فرقة الكوماندوز البحري، الذي يتميز نشاطهما الأساسي بالاستعراضات التي تلهب حماس الجماهير.
أكثرية معارك الأميرال البحرية جرت ضد أهداف وهمية، بحضور مختلف الملحقين العسكريين الأجانب والعرب وهو ما يمنع بالتأكيد الأطماع الصهيونية والامبريالية من التفكير بغزو البلاد.
عادة تجري المناورات في قلب البحر دون الخروج من المياه الإقليمية، إذ تبحر القطع الحربية، بقيادة الأميرال الذي يقود المناورة من مركز قيادته في البارجة، حيث يستضيف المراقبين العسكريين مقدما لهم شروحاً حول المناورة وأهدافها، يبدأ إطلاق النار على أهداف وهمية، تصاب كلها بالتأكيد دون خسائر في قطع الأسطول، طبعاً التلفزيون الوطني يبث الانتصارات بثاً حياً ومباشراً، تجرى المقابلات مع الأميرال أحمد الذي يتحدث بمصطلحات عسكرية تسحر المستمعين مثل:
طوقنا، ضربنا، لاحقنا، أوقعنا، التففنا وحققنا مفاجأة استراتيجية قاتلة للعدو، أخذنا المبادرة الإستراتيجية، وطردناه خاسراً ذليلاً من مياهنا الإقليمية، بعد إن مزّقنا مخططه لاختراق دفاعاتنا البحرية وإقامة رأس جسر على سواحلنا.
لكن في الحقيقة أن صحفياً مدسوساً كتب أن ما يشغل بال المراقبين الأجانب خلال كل المناورة، حضور الحفل الشرقي الراقص، تناول المشروبات الروحية، المحرمة حسب القانون في البرّ، لكنها موجودة بوفرة في مقصف البارجة.. إلى جانب أفخر أنواع الكافيار، أفخر أنواع السمك وفواكه البحر وتقريباً لا يهتمون بتطور أحدات المناورة التي يشاهدونها كل سنة مرة.
في نهاية المناورة يصطفون بالدور لتهنئة الأميرال أحمد على إنجاز مهام المناورة بكاملها وأنهم سينقلون لوزراء دفاع بلادهم انطباعاتهم عن الجاهزية العسكرية المرتفعة لجنود البحرية وأسطول البلاد.
ذلك الصحفي اتهم بالخيانة العظمى والتجسّس لصالح العدو الصهيوني وهو في سجنه ينتظر صدور قرار الحكم.
هذه المناورات وتغطيتها الإعلامية ترفع معنويات المواطنين، لدرجة يتوهمون أنهم أصبحوا دولة بحرية عظمى.. وأن نصر الله قريب ضد الصهيونية والاستعمار... ولكن لا أحد يعرف كم يستغرق من الوقت وصول بحريتهم لسواحل العدو من أجل مقاتلته وهزمه، أو كيف سيخوضونها حربا ضد الاستعمار، الذي يستطيع إصابة كل قطع أسطولهم من مسافات بعيدة دون رؤيتها بالعين، بل عبر تحديد مواقعها بالأقمار الصناعية.
بعد كل مناورة وتغطية تلفزيونية وتصريحات أميرالية، يجري تكريم الأميرال في مجلس الشعب وفي قصر سيد البلاد. عادة يمنح الأميرال هبة مالية، كانت سابقا بالدولار، اليوم مع هبوط قيمة الدولار صار اليورو أوجب لتكريم عظماء الأمة وحارسي الوطن ومن المتوقع أن يهبه سيد البلاد مليون يورو اعترافاً بدوره العسكري الوطني في ضمان أمن البلاد.
بعد انتهاء المناورة الأخيرة، بينما البارجة تعود إلى قواعدها، الأميرال يستريح فوق مقعده العريض، مغمض العينين، يفكر فيما سيحصل عليه من تكريم وهبات وشهرة وإذ بصوت مراقب البارجة يخترق أذنيه عبر الخط الأحمر الداخلي:
سيدي القائد، هناك ضوء أمامنا لقطعة بحرية كما يبدو.. إذا واصلنا التقدم بهذا الخط سنصطدم بهم.
انتفض الأميرال واقفاً، أسرع إلى مركز قيادته، أمر المراقب أن يرسل إشارات إلى مصدر الضوء ينبّههم إلى ضرورة تغيير مسارهم بعشرين درجة على الأقل تفادياً للاصطدام.
نفّذ المراقب الأمر... تلقى جواباً وقحاً بالإشارة.. احتار هل ينقل الجواب الوقح أم يرسل إشارة أخرى؟ لكنه ملتزم بأوامر قائده.. فحسم أمره:
سيدي الأميرال، ردوا على الإشارة بوقاحة، يقولون لنا أن نغير نحن اتجاهنا بعشرين درجة.
غضب الأميرال أحمد، وصرخ بعصبية:
سنقضي عليهم كما قضينا على الأعداء..
وبعد أن تمالك أعصابه قال للمراقب:
أرسل إشارة بأننا بارجة عسكرية يقودها الأميرال أحمد وأننا في مسار تصادم مؤكد ويجب أن يغيروا فوراً مسارهم بعشرين درجة.
نفذ المراقب الأمر وجاءه الجواب ونقله فوراً للأميرال:
سيدي جوابهم يفيد بما يلي: أنا بحار بسيط سيدي الأميرال وأنا أناشدك أن تغير مسارك بعشرين درجة.
من الصعب وصف غضب الأميرال، بحار بسيط يواصل تحديه. سيلقنه درساً لن تنساه البحرية خلال قرن كامل. قال للمراقب أن يرسل إشارة لذلك البحار الوقح بأننا سفينة عسكرية وأوامرنا يجب أن تطاع وإلا سينزل بكم الأميرال أحمد عقاباً رهيباً.
وجاء الرد من البحار البسيط:
سيدي الأميرال أنا مطيع لأوامرك، انا مشغل الفنار، لا أستطيع تغيير مكان الفنار، أرجو أن تنحرف عشرين درجة حتى لا تتحطم بارجتك على الصخور أمام الفنار!!

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة مبسطة: الفلسفة التجريبية - وقصة فلسفية
- الأمنية...
- فلسفة مبسطة: الأنانية الأخلاقية
- احتفال للنسيان
- الجواهر...!
- خطاب نتنياهو: لامع وفارغ..!!
- هل التطرف الديني بديل لعصر التنوير العربي؟!
- جسران وعالمان...!!
- فلسفة مبسطة: -الإمباتيا- أو الدخول في أحاسيس الآخر!!
- الخنزيرة سيدة محترمة…
- الكتاب الذي لم يعرفه سعيد
- خواطر سياسية: ما الذي يخفيه -استفزاز- نتنياهو للإدارة الأمري ...
- الشرق والغرب لا ينفصلان...!
- فلسفة مبسطة: الفلسفة العملية
- ليس بالصلاة فقط..!!
- نتنياهو قوميسار سياسي جديد- جدانوف إسرائيلي
- فلسفة مبسطة: حتمية اجتماعية أم إرادة حرة؟
- ضمان لشرفها...!!
- يوميات نصراوي: ماركسية أفيون الشعوب!!
- زيت مريم العذراء المقدس


المزيد.....




- فنان مصري شهير يكشف حقيقة علاقته بتطبيق -مراهنات- (فيديو)
- فنان فلسطيني يجسد تاريخ وتراث القضية الفلسطينية في لوحاته (ص ...
- فنان فلسطيني روسي يجسد تاريخ وتراث القضية الفلسطينية في لوحا ...
- هيبقى فيلم جباااار..حقيقة تحويل لعبة جاتا لفيلم سينمائي في ا ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - حماة الوطن...