مصطفى راشد
الحوار المتمدن-العدد: 4754 - 2015 / 3 / 20 - 08:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الشرعُ يَدَعُوُنَا للِإِحِتَفَالِ بَعِيِدِ اَلَأمِ
وردَ إلى موقعنا على الإنترنت ،سؤال من الأستاذ - محمد رسلان طالباً الرأى والفتوى فى موضوع الإحتفال بعيد الأم ، بعد أن تعالت بعض الأصوات التى تُحرم الإحتفال به ، حيث يقول فى السؤال :- أن والدته تخطت السبعين من عمرها ، وقد أفنت هذا العمر فى تربيتى أنا وإخوتى ، وقد غمرتنا بالعطف والحنان ، حتى تعلمنا أنا وإخوتى الخمسة بنين وبنات ، ومنا المحامى والدكتور والضابط والمهندسة والمحاسبة والمدرسة ، وعلاقتنا جميعا بعد زواجنا بوالدتنا طيبة جداً ، ونلتف جميعا حولها فى يوم الإحتفال بعيد الأم لتقديم أثمن الهدايا لها ، ورغم مشاغل كل منا إلا أننا لا يمكن أن نتخلف عن مثل هذا اليوم الذى يُدخل السعادة على والدتنا ، إلا أننا وجدنا أصواتاً من بعض المشايخ تُحرم الإحتفال بهذا اليوم، دون أن نفهم العلة والضرر من ذلك ؟
إنتهى سؤال السائل ، وللإجابة على هذا السؤال :- -
بدايةً بتوفيقً من الله وإرشاده وسعياً للحق ورضوانه وطلبا للدعم من رسله وأحبائه ، نصلى ونسلم على كليم الله موسى عليه السلام ، وكل المحبة لكلمة الله المسيح له المجد فى الأعالى ، وكل السلام والتسليم على نبى الإسلام محمد ابن عبد الله --، ايضا نصلى ونسلم على سائر أنبياء الله لانفرق بين أحدً منهم ------------------------------ اما بعد
فالأم تم تكريمها فى كل الأديان السماوية والأرضية بلا إستثناء ، لدورها العظيم فى حَمل وولادة وتنشئة وتربية الإنسان ، وإعطاءه ومده وغمره بالحبِ والحنان بلا حساب ، فالأم أكثر من يعطى الإنسان دون أن ينتظر المقابل ، وهذا ما يقرره القرآن ويكرره في أكثر من سورة ليثَبِته في أذهان الأبناء ونفوسهم.. وذلك في مثل قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ-;- وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) سورة لقمان آية14 وايضا فى الآية 23و24 من سورة الإسراء قوله تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) والآية 36 من سورة النساء فى قوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ-;- وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ-;- وَالْيَتَامَىٰ-;- وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ-;- وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ-;- إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) والآية 15 من سورة الأحقاف قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ-;- حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ-;- وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ-;- حَتَّىٰ-;- إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ-;- وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ-;- إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) ------------ وايضا ماجاء ذكره فى كتب السير والأحاديث ومنها .
عن ابى هريرة قد جاء رجل إلى النبي (ع) يسأله قائلاً: مَن أحق الناس بصحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك ) رواه البخارى ومسلم
والتاريخ به أمثلة بأخ يقتل أخاه وأب يقتل ابنه ولم نرى أم تقتل ابنها أو بنتها ابداً إلا إذا كانت إصيبت بمرض عقلى ، وكما يقول الحديث القدسى ( إذا ماتت الأم نادى مَلَك فى السماء يقول يا ابن آدم مات أول من يحبك وأخر من يحبك ) ونحن نرى أنه لن يعرف قيمة وقدر الأم حقيقةً إلا من فقد أمه
لذا كانت معاملة الأم بالحب وطلب رضاها لا يحتاج لكلام أو طلب من السماء ، لأن الفِطرة الطبيعية دليل دامغ على هذا الحب ، وخلاف ذلك فهى شواذ مريضة وهذا يعنى أن إحترام الأم وتقديرها ، والإحتفال بها أمر أقره الإسلام وكل الشرائع السابقة ، أما من يحرم هذا الإحتفال على إعتبار أن أول من نادى به رجال الدين المسيحى فهذا فكر مريض ، حيث تقول الرويات أنه في عام 1600 في المملكة المتحدة, قدم رجال الدين مرسوما, يطلب من أرباب العمل أعطاء إجازة للعاملين في هذا اليوم لكي يعودوا إلى أسرهم من أجل تقديم الهدايا و تكريم أمهاتنهم, وهى لافتة عظيمة ------------ وعيد الأم يختلف تاريخه من دولة لأخرى، فمثلا في العالم العربي يكون الإحتفال بعيد الأم اليوم الأول من فصل الربيع أي يوم 21 مارس، أما النرويج تقيم الإحتفال بالأم في 2 فبراير، أما في الأرجنتين فتحتفل به يوم 3 أكتوبر،وجنوب أفريقيا تحتفل بعيد الأم يوم 1 مايو. وفي الولايات المتحدة يكون الاحتفال بعيد الأم في ثاني أحد من شهر مايو من كل عام. .
وعند الشی-;-عة خاصة في إيران ی-;-وم می-;-لاد فاطمة الزهراء، بنت النبی-;- (ع)، ی-;-کون عی-;-د الام وعی-;-د النساء. اُحتفل به بعد "الثورة الإسلامية" فی-;- ای-;-ران وقد..
أما في مجتمعاتنا العربية, فيُعد الكاتب الصحفي - مصطفى أمين مؤسس جريدة أخبار اليوم هو صاحب فكرة تحديد يوم للاحتفال بعيد الأم في مصر, و قد عرض إقتراحه على الناس فى أول عهد الرئيس عبد الناصر ، فتلَقى ردود فعل متناقضة, منها ما أيد وجود مثل هذا اليوم التكريمي للأمهات, و بعضها الآخر الذي رفض الفكرة على أساس أن هذا الموضوع يشغلنا عن العدو فى هذا التوقيت , و بالرغم من ذلك فقد تم التعارف على عيد الأم, و قد أختير يوم 21 مارس لهذه المناسبة, لأنه أول أيام الربيع, و ذلك رمزية إلى العطاء وتفتح الإزهار الشبيهة بعطاء الأم, و كان أول عيد للأم في مصر عام 1956, و منه إنتشر إلى مختلف مناطق الشرق, حتى أصبحت مختلف دول الوطن العربي وبعض دول الشرق تحتفل به في هذا اليوم
لذا نقول لمن يُحرم الإحتفال بعيد الأم ، عليكم أن تقرأوا التاريخ ومقاصد الشرع جيداً ، والأهم من القراءة ، أن تفهموا ماتقرأوا ، لأن مصطفى أمين كان مسلماً، والإحتفال بالأم هو من صحيح الشرع والعقل والفطرة ، ولا يتعارض مع الشرع مطلقا ، ونقول لهؤلاء المشايخ لا تؤولوا النصوص وتحملوها غير ماتحتمل فتلعنكم السماء وتزدادوا جهلاًًوكراهية، وكل من يُحرم الإحتفال بعيد الأم هو شيطاناً ملعون .
هذا وعلى الله قصدُ السبيل وإبتغاءِ رِضَاه
الشيخ د مصطفى راشد عالم أزهرى مصرى وسفير السلام العالمى للأمم المتحدة
وعضو نقابة المحامين وإتحاد الكُتاب الأفريقى الأسيوى
ورئيس منظمة الضمير العالمى لحقوق الإنسان
E - [email protected]
#مصطفى_راشد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟