|
أهلا بكم في جمهوريات الكلام
احمد عسيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4752 - 2015 / 3 / 18 - 20:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما إن انتهى المؤتمر الإقتصادي في مصر ، حتى بدأت جميع وسائل إعلام السلطة بالحديث عن الإنجازات التي حققها هذا المؤتمر ، عن مصر التي تستيقظ ، و عن الحلم المصري الذي قارب على البدء ، عن مليارات الدولات في كل القطاعات ، أبنية و طرق حديثة ، عاصمة جديدة و سكن و مواصلات ، و عن سياحة ستكون الأكثر ازدهارا في المنطقة خلال الأيام القادمة . و ما ميز هذا المؤتمر بحسب الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد ، هو ابتعاد الحديث عن الإخوان و مشاكلهم في مصر ، فالحديث فقط عن المستقبل و عن البناء ، لا حديث عن الإخوان او 6 ابريل أو القتل و الدمار ، الحديث فقط عن المستقبل ؟؟ ربما ما قاله الكاتب السعودي هذا فيه الكثير من الحقيقة ، ففعلا لم يتحدث المؤتمر عن الواقع المصري ، لم يتحدث عن عشرات القنابل التي تنفجر يوميا في عموم البلاد ، عن أحكام الإعدام التي تنطق كل يوم ، أو عن ملايين الأسر المشردة في الشوارع ، المؤتمر تحدث فقط عن البناء و الأمل . مثلما تحدث سابقا العديد من الإعلاميين عن تغيير مجرى نهر الكونغو ، و عن معجزة حقيقية ستغير خارطة العالم بواسطة سواعد الجيش المصري ، مثلما تحدث أيضا عم مليون وحدة سكنية ستحل أزمة السكن في البلاد . عن جهاز الكفتة لعلاج الايدز ، عن قناة سويس جديدة ستجلب الرفاه للشعب ، عن ألف عربية خضار ستحل أزمة البطالة ؟؟ ثم ماذا ؟؟ لا يهم ، فهناك في جعبة الإعلام المصري آلاف المشاريع التي تعد الناس بها و بعزيمة الجيش البطل ، و ملايين الناس تصدق هذا الكلام و تعيشه و كأنه واقع !!! انجازات و انجازات تتلى داخل أرقى القاعات ، و خلف الكاميرات التي تمنح إعلامييها ملايين الجنيهات شهريا ، الفرحة و السعادة تعم الجميع ، لكن واقعيا فقط لبعض أركان هذا الحكم ، و خياليا لجميع المصريين . فلا أحد يريد الكلام عن مشكلة المواطن العادي ، و لا حتى المواطن نفسه ، الذي ينتظر هذه الإنجازات قريبا و التي ستغير بين ليلة و ضحاها كل تفاصيل يومه !!!! هذا الواقع المصري المبكي ، شبيه جدا بالواقع السوري ، ففي دمشق أيضا هناك ألوف اللافتات التي تهنئ قائد الوطن بالنصر و ترفع شعار ( بك انتصرنا ) في الإعلام يوميا العديد من انجازات هذا الجيش الجبار ، و الكثير الكثير من اللقاءات التي تتحدث عن كيفية تشجيع السياحة في سوريا ، و عن رفع سوية المواطن . أما في الصحف الرسمية السورية فقد كتب و بالخط العريض كلمة لقائد الوطن ردا على كيري ( نحن ننتظر التصرفات و ليس الأقوال ) و الجميع يتحدث عن تهافت الدول الغربية لاسترضاء بشار الأسد و طلب الغفران منه ، متناسين أصلا أنه لا يملك مطارا دوليا لاستقبال هذه الوفود التي ستأتي لطلب غفرانه ، و أن النظام السوري بالكاد يسيطر على 30% من رقعة البلاد ، لكن هذا لا يهم ، فالانتصارات قادمة و إعادة الإعمار قادمة بواسطة الحليف الروسي و الإيراني . و إن كان هذا الحليف يعاني من أزمات اقتصادية خانقة و بالكاد يعمر بلاده !!! لا كلام إلا عن النصر و الإنجاز في وسائل الإعلام هذه . أما على الضفة الأخرى ، عند الإسلاميين و الجهاديين ، فالأمر لا يختلف كثيرا سوى بعضا من الادراك للواقع ، لكنه الأمل فيما بعد الموت . كل الجهاديين يحييون في قصور و أنهار خمر ، كلهم لديهم مئات من حور العين ، الجميع يجري من نحن قصره أنهار من عسل و لبن . ربما حاليا تجري أنهار من الوسخ و النفايات تحت انقاض بيتوهم ، فكل الشبكات الصحية قد أصابها العطب ، لكن هؤلاء المجاهدين يحييون في عالم أخر بعيد و بعيد جدا عن واقعنا . إذن بأحد الأشكال ، كل شعوبنا تحيا فقط في جمهورية من كلام ، تحلق و تحلق عاليا لتسابق الحياة في سويسرا ، و تهدد كبرى الترسانات العسكرية ، ألم يقل سابقا أحد مطبلي النظام السوري ان بشار الأسد سيغرق تركيا بالصواريخ إن اجتاز الجيش التركي متر واحد من الأراضي السورية ، لا يهم ان اجتاز الجيش التركي لاحقا حوالي 40 كلم ، فجمهور هذا الإعلامي مغيب تماما في ملكوت الخيال ، و غير قادر على مسائلة هذا الإعلامي عن كذبه و انحطاط أخلاقه ، فكلا إعلاميي الدولتين ( سوريا و مصر ) يدركون تماما أن جماهيرهم تحيا في عالم أخر ، عالم مخدر و محلق في الفضاء ، ربما هنا فقط يمكننا إدراك الشعار السياسي للفريق السيسي ( تحيا مصر ) . فمصر بالفعل حية داخل قاعات شرم الشيخ ، و هي جنة للخليجيين و السياح الأوربيين .كما يردد كل مؤيدي النظام السوري ( سوريا الله حاميها ) و ان كان ما تمر به سوريا حاليا هي أكبر أزمة عاشتها الإنسانية و منذ الحرب العالمية الثانية ..... أهلا بكم في أوطاننا.......أهلا بكم في جمهوريات من كلام......
#احمد_عسيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التطرف أيضا من مقومات بناء الأمم
-
الإعلام المصري : شر البلية ما يبكي
-
سقوط الإعلام المصري : برنامج المستخبي نموذجا
-
فيلم الفيل الأزرق : أخطاء طبية فادحة و معلومات مضللة
-
للأسف يا سعد الدين ابراهيم
-
لماذا اغتالوا سعادة ؟ قراءة في تاريخ لبنان الحديث
-
أخطاء التمثيل في المعارضة السورية
-
المجتمع السوري و التطرف
-
الثورة : نشوة الجسد و التعري
-
نحن جيل الهزيمة
-
فيلم مترو : الوصول بالسينما إلى الحضيض
-
فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية
-
هيا بنا نلعب سياسة
-
الذكاء السياسي لجبهة النصرة
-
عشرة أعوام على الربيع الكردي السوري
-
فيلم أسرار عائلية :حين تنتصر لغة الجهل
-
الذكورة و الأنوثة : تاريخيا و انتروبولوجيا
-
مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر
-
هلوسات في الجنس
-
الدلائل الفضائحية لمؤتمر جنيف
المزيد.....
-
هذه الصور لا تثبت أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي نجا من حا
...
-
احتجاجات طلابية ضد قانون -الوكلاء الأجانب- في جورجيا
-
اليوم العالمي للشاي: أكثر المشروبات استهلاكاً في العالم بعد
...
-
من تبريز إلى مشهد: ما خصوصية المدن التي تمرّ بها مراسم تشييع
...
-
هل عادت إسبانيا لمبدأ -التوازن- في علاقتها مع المغرب والجزائ
...
-
-الأسد الإفريقي- في المغرب.. ما جديد هذه النسخة من المناورات
...
-
بدء مراسم تشييع الرئيس الايراني ومرافقيه في تبريز
-
باشينيان يلتقي نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكي
...
-
زيلينسكي: سنواتي الخمس كرئيس لأوكرانيا لم تنته بعد
-
السلطات الإسرائيلية تصادر معدات لوكالة -أسوشيتد برس- تستخدمه
...
المزيد.....
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|