|
النقد و النقد الذاتي و ذهنيّة التكفير لدى فؤاد النمرى ( تشويه فؤاد النمري للماوية 9/2 )
ناظم الماوي
الحوار المتمدن-العدد: 4749 - 2015 / 3 / 15 - 22:37
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
النقد و النقد الذاتي و ذهنيّة التكفير لدى فؤاد النمرى ( تشويه فؤاد النمري للماوية 9/2 ) ( ملاحظة : مع نهاية هذا شهر مارس تجدون نسخة بى دي أف لكامل المقال و ملاحقه بمكتبة الحوار المتمدّن ) يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية و الأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي – الديمقراطي [ الشيوعي ] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل ، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع . ( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو ) ------------------------ على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة، تتفق مع مصلحة الشعب . و على الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلها ضد مصلحة الشعب . ( ماو تسى تونغ ، " الحكومة الإئتلافية " ، 24 أبريل - نيسان 1945 ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث ). ------------------------------ كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية. ( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره "، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة، و العلم و الفلسفة " ، 2005).
مقدّمة : فى شهر جوان 2014 ، نشر السيد فؤاد النمرى على الأنترنت بموقع الحوار المتمدّن ( العدد 4473 و 4476 و 4484 ) بمحور " أبحاث يسارية و إشتراكية و شيوعية " مقالا فى ثلاث حلقات . وحمل المقال من العناوين عنوانا جذّابا هو " ماوتسى تونغ صمت دهرا و نطق كفرا " فتلقّفه أعداء الماوية و كأنّه عطاء سماوي نزل عليهم بردا و سلاما فأسرع ، على سبيل الذكر لا الحصر ، الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد بتونس الشهير بإنتهازيته التى فضحنا فى أكثر من مقال و كتاب ، إلى إلصاقه فى صفحة إعلامه الفيسبوكية إلى جانب نصوص سابقة لفرنسيين يهاجمون الماوية ، على أنّها وثائق للتكوين النظري و نحن لا نلومهم فى ذلك لأنّنا نعرف حقّ المعرفة جوهر خطهم الإيديولوجي و السياسي الخوجي المتستّر و لكن نتحدّاهم أن يتحلّوا بالجرأة الأدبية و النظريّة و يضعوا ردّنا هذا بين أيدى المناضلين و المناضلات القريبين منهم و البعيدين عنهم لدراسته أيضا فى ذات إطار التكوين النظري ! و بعد ذلك بزهاء الشهرين ، بنفس موقع الحوار المتمدّن ، نشر السيد عبد الله خليفة مقالا يهاجم فيه الماوية على أنّها إيديولوجيا متطرّفة ( " الماويّة : تطرّف إيديولوجي " ،31 أوت 2014 ). و حالما وقعت أعيننا على المقال الأوّل و المقال الثانى ، إنغمسنا فى قراءتهما على عجل بإعتبارهما يخصّان الماركسيين- اللينينيين – الماويين عموما و يخصّان محور إهتمام نشريّتنا " لا حركة شيوعية ثورية دون ماويّة ! " خصوصا . و قد هممنا بالردّ الفوري على التشويهات البيّنة فى المقالين إلاّ أنّنا تريّثنا قليلا لسببين إثنين أوّلهما أنّنا كنّا منكبّين على إنجاز أعمال مبرمجة منذ مدّة و نعدّها ذات أولويّة قصوى و ثانيهما أنّنا بتريّثنا ذلك نفسح المجال لغيرنا من الماويين ليقوموا بواجب الذود عن الماويّة ، سيما و أنّ المهمّة هيّنة نوعا ما نظرا لتوفّر مقالات و كتابات ماويّة بالعربيّة و بعدّة لغات أخرى تزخر بالتحاليل النظرية و الحقائق التاريخية و بعضها قد تناول التشويهات التى يكرّرهما السيدان النمرى و خليفة فى ما حبّراه . و للأسف ، على حدّ علمنا ، ما من قلم ماوي إستجاب لنداء الواجب و خاض الصراع النظري اللازم بهذا المضمار بما هو جبهة من الجبهات الثلاث للنضال البروليتاري كما شرح ذلك لينين فى كتابه المنارة ، " ما العمل ؟ " ( الجبهات الإقتصادية و السياسية و النظرية - فقرة " إنجلس و أهمّية النضال النظري " ) فوجدنا أنفسنا بعد أشهر و بعد أن فرغنا من أعمال إشتغلنا عليها لمدّة طويلة ، مضطرّين إضطرارا إلى أن نترك جانبا الأعمال الأخرى التى تنتظرنا لنلبّى نداء رفع راية الماوية و كشف التشويهات الجديدة / القديمة لها و إبراز الحقيقة بشأنها ، الحقيقة التى هي وحدها الثورية حسب عبارات معروفة للينين . و فى مقالنا الحالى سنتولّى الردّ على تشويهات السيد فؤاد النمرى و نعلنها من البداية أنّنا سنقتصر هنا على ما ورد فى مقاله ( و التعليقات المصاحبة له ) دون سواها من مؤلّفات الكاتب الذى نعتقد أنّ الإحاطة العميقة و الشاملة بخطّه السياسي و الإيديولوجي و من جميع جوانبه تستحقّ قراءة قد تستغرق لا مقالا واحدا بل عدّة مقالات و كتابا أو أكثر ؛ و هذا ليس هدفنا فى الحيّز الزمنى المحدود الذى بحوزتنا الآن ، على أنّ هذا لا يعنى أنّنا لن نتناول بالبحث أطروحاته مستقبلا كلّما توفّرت الفرصة . و لن نكفّ عن ترديد أنّنا فى جدالاتنا قد يكون نقدنا و تعليقنا حادا و لاذعا إلاّ أنّنا أبدا لا نقصد إلى النيل من الأشخاص أو شتمهم بقدر ما نسعى جاهدين إلى نقد الأفكار و لن نكفّ عن ترديد أنّه مثلما لنا حقّ نقد أفكار الكتّاب مهما كانوا ، لهم و لغيرهم حقّ نقد كتاباتنا بل و نرحّب بالنقاش القائم على النقد العلمي و الدقّة و الواقع الملموس الراهن و الوقائع التاريخية. و ينهض مقالنا هذا على الأعمدة التالية : I - هجوم لا مبدئي على الماوية : 1) صورة مشوّهة لماو تسى تونغ : 2) هدف المقال ليس البحث عن الحقيقة الموضوعية و إنّما النيل من الماوية : 3) الماوية و دلالة سنة 1963 : II - النقد و النقد الذاتي و ذهنيّة التكفير لدى فؤاد النمرى : 1- ماوتسى تونغ و النقد و النقد الذاتي : 2) النمرى و ذهنية التكفير : 3) تطبيق قانون التناقض – وحدة الأضداد : III - ملاحظات سريعة بصدد منهج فؤاد النمرى : 1) النمرى لا يطبّق المنهج المادي الجدلي : 2) كلمات عن الذاتية و التكرار وعدم ذكر المراجع : 3) تضارب فى الأفكار من فقرة إلى أخرى و من صفحة إلى أخرى : 4) تصحيح معلومات خاطئة أصلا : - الماوية و الفلاّحون :IV 1) السيد النمرى و الفلاحون : 2) لينين و ستالين و الفلاحون : 3) ماو تسى تونغ والفلاحون : -V الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : فشلت أم حقّقت إنتصارات تاريخية ؟ 1) إنتصارات الثورة الثقافية 2) القيام بالثورة مع دفع الإنتاج : 3) الإنتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية يحتاج عدة ثورات ثقافية بروليتارية كبرى لا ثورة واحدة : 4) كبرى هي الثورة الثقافية لأكثر من سبب : 5) " الأشياء الإشتراكية الجديدة " : VI - نضال ماوتسى تونغ ضد الخروتشوفية : 1) ماو يبادر بدحض التحريفية السوفياتية : 2) اعترافات حزب العمل الألباني بالمواقف الماركسية-اللينينية لماو:
VII - " الستالينية " و الماوية : 1) لا " ستالينية " بل لينينيّة : 2) الموقف الماوي من مسألة ستالين منذ 1956 : 3) تطوير ماو تسى تونغ لفهم الإشتراكية : VIII - من الخلافات التاريخية بين ستالين ماو تسى تونغ : 1) حول طريق الثورة فى الصين : 2) الإستسلام و العمل فى ظلّ دولة يحكمها الكيومنتانغ أم مواصلة الثورة ؟ 3) كيف تعامل ستالين و ماو تسى تونغ مع هذه الإختلافات ؟ IX - كيف يسيئ " الستالينيون " / البلاشفة / البلاشفة الجدد الخوجيون فى جوهرهم إلى ستالين ؟ 1- بصدد أخطاء ستالين مجدّدا: 2- ستالين يعترف بأخطائه بشأن الثورة الصينية و البلاشفة / الخوجيون يتمسّكون بهذه الأخطاء: 3- إحلال آراء البلاشفة / الخوجيين محلّ آراء ستالين: 4- البلاشفة / الخوجيون يجعلون من ستالين إنتهازيّا: 5- ستالين رفض " الستالينية " و البلاشفة / الخوجيون يستعملونها : 6- ستالين ألغى نعت " البلشفي" و البلاشفة / الخوجيون يريدون نفخ الحياة فيه : خاتمة : الملاحق : 1- مقال فؤاد النمري " ماو تسى تونغ سكت دهرا و نطق كفرًا " ( و ما صاحبه من تعليقات ). 2- مقالان لماو تسى تونغ باللغة الأنجليزية : أ- " حول كتاب " القضايا الإقتصادية للإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي " ". ب- " ملاحظات نقديّة لكتاب " القضايا الإقتصادية للإشتراكية فى الإتحاد السوفياتي " ". 3- مضامين " كتاب الإقتصاد السياسي – شنغاي " 1974 ( مرجع هام آخر لمن يتطلّع إلى معرفة الإقتصاد السياسي الماوي من مصدره ، أو إلى النقاش على أسس دقيقة و راسخة ). 4- نماذج من المقالات و الكتب الماوية ضد التحريفية المعاصرة (1958- 1976) ؛ الموسوعة المناهضة للتحريفية على الأنترنت EROL Encyclopedia of Anti-Revisionism On-Line ============================================================= مارس 2015 II - النقد و النقد الذاتي و ذهنيّة التكفير 1- ماوتسى تونغ و النقد و النقد الذاتي : هنا لن نتبسّط فى الموضوع و إنّما نعرّج فحسب على أنّ لينين إعتبر النقد والنقد الذاتى ، فى صيغة أضحت شهيرة ، " خبزنا اليومي " أي أنّه يتوجّب على الشيوعيين النهوض بالنقد و النقد الذاتي بصفة مستمرّة و بإنتظام كأسلوب من أساليب تقييم النشاطات فحص الأعمال و البحث عن الحقيقة و تشخيص الأخطاء بغية تجاوزها . و قد طبّق لينين ذلك حتّى على قادة مثل بليخانوف و كاوتسكى و على تنظيرات البلاشفة ( و غيرهم ) و ممارساتهم و حتى على أطروحاته هو نفسه . و على خطى لينين و نهجه ، سار ماو تسى تونغ و خاض صراعات خطّين داخل الحزب الشيوعي الصيني ذاته و رفع راية النقد و النقد الذاتي و نظّر لها و طوّرها و كرّسها فى أكثر من مجال وصولا إلى نظرياته و ممارساته هو نفسه . و لنضرب مثالا على ذلك ما قاله : " إذا كانت لدينا نقائص فنحن لا نخشى من تنبيهنا إليها و نقدنا بسببها ، ذلك لأنّنا نخدم الشعب . فيجوز لكلّ إنسان - مهما كان شأنه - أن ينبهنا إلى نقائصنا . فإذا كان الناقد مصيبا فى نقده ، اصلحنا نقائصنا ، و إذا إقترح ما يفيد الشعب عملنا به ." (ماو تسى تونغ - " لنخدم الشعب" ( 8 ديسمبر – أيلول- 1944) ، المؤلفات المختارة ، المجلد الثالث). و " إن ممارسة النقد و النقد الذاتي الجدّي تعتبر أيضا من الميزات البارزة التى تميزنا عن الأحزاب السياسية الأخرى . لقد قلنا إنّ البيت يجب أن ينظّف دائما ، و ألاّ تراكم فيه الغبار؛ و إنّ وجوهنا يجب أن تغسل دائما ، و إلاّ تلطخت بالأوساخ . و نفس الشيء يقال عن عقول رفاقنا و أعمال حزبنا . و المثل الذى يقول : " إنّ الماء الجاري لا يأسن ، و محور الباب لا يتسوّس " يدلنا على أن هذه الأشياء قاومت بحركتها الدّائمة تأثيرات الجراثيم و ما شابهها . أمّا بالنسبة إلينا فإنّ الوسيلة الفعالة الوحيدة لصيانة عقول رفاقنا و كيان حزبنا من تأثير الأقذار والجراثيم السياسية بمختلف أنواعها هي أن نفحص عملنا بإنتظام ، و أن نعمّم الأسلوب الديمقراطي فى الفحص ، فلا نتهيب النقد و النقد الذاتي، بل نعمل بالحكم المأثورة عن الشعب الصيني التى تقول ، فليكن قوله تحذيرا للسامع " و " إن كنت مخطأ فصحح خطأك ، و إن لم تكن مخطئا فخذ حذرك من الخطأ ".( ماو تسى تونغ - " الحكومة الإئتلافية " ( 24 ابريل – نيسان – 1945) ، المؤلفات المختارة ، المجلد الثالث.) و من هنا ، لا نستغرب أن ينقد ماو تسى تونغ كتاب ستالين فالأمر مبدئي و " خبزنا اليومي " و أمّا من يستنكر ذلك فهو غريب فى تفكيره عن الماركسية و عن اللينينية و عن الماوية و يصبّ فى خانة المثاليّة و الدغمائية و تأليه القادة و تحويل الماركسية إلى دين و دوغما . ذلك أنّ نقد ماو لكتاب ستالين يتنزّل ضمن إطار ممارسة عاديّة فى صفوف الشيوعيين و جاء ذلك النقد فى تلك الفترة بالذات ليس لأنّ ماو تسى تونغ تجاهل ذلك الكتاب قبلا أو إستهان به أو خشي أن ينقده زمن حياة ستالين ، بل لأنّ تقييم التجربة السوفياتية فرض نفسه عالميّا فى خمسينات القرن الماضي و فى خضمّ الصراع ضد التحريفية المعاصرة لا سيما منها السوفياتية و لأنّ الصين عينها كانت تبحث عن الإستفادة من التجربة البروليتارية السوفياتية زمن لينين و ستالين بإيجابيّاتها وسلبيّاتها بمعنى تبنّى ما هو صحيح و الدفاع عنه و تطبيقه و نقد ما هو خاطئ والعمل على تخطّيه لتكون الممارسة و تكون النظرية الصينيّة (أو غيرها ) أفضل و تكون التجربة التاريخية الإشتراكية أرقى بفضل التفاعل الإيجابي و تطوير تجارب البروليتاريا العالمية . و قد إعترف ماو تسى تونغ ذاته فى 23 جويلية 1959 فى " خطاب فى ندوة لوشان " بأنّه قبل 1958 كان منكبّا أكثر على مسائل أخرى متّصلة بالثورة و لكنّه لم يكن ملمّا كما يجب بالبناء الإشتراكي و التخطيط الصناعي و لم يخشى لومة لائم ، وبعدئذ مرّ إلى القيام باللازم شيوعيّا أي إلى الدراسة والبحث و التنقيب و المقارنة إلخ و بالنتيجة إستخلص الدروس و العبر فمضت التجربة الإشتراكية الصينية بثورتها الثقافية البروليتارية الكبرى أبعد من أيّة تجربة أخرى على الطريق المؤدّى إلى الشيوعية مستفيدة من التجربة السوفياتية بنقاط قوّتها و نقاط ضعفها ومبدعة أساليبا و طرقا و حلولا جديدة . و تجدر الملاحظة أيضا أنّ ماو فى نقد كتاب ستالين ، مثلما يمكن للقرّاء التحقّق من ذلك بقراءة نصوص ماو الأصلية فى ملاحق هذا المقال ، عبّر عن إختلافات و ايضا عن إتفاق فى الكثير من النقاط مع أطروحات ستالين فلم يكن قطعا نقده هدّاما على عكس ما يزعم النمرى و غيره من أعداء الماوية و مشوّهي الوثائق و الحقائق التاريخية ! و جوهر الموقف الماوي من مسألة ستالين كما سنرى إستنادا إلى وثائق تاريخية معروفة لاحقا هو أوّلا الدفاع عن ستالين و ثانيا نقده و هنا أيضا النقد الماوي نقد مبدئي رفاقي تجاه ستالين الذى يظلّ بالنسبة للماويين ماركسيّا عظيما قام بأخطاء و ليس نقد هدّاما على عكس ما يزعم النمرى و غيره من أعداء الماوية و مشوّي الوثائق و الحقائق التاريخية ! 2) النمرى و ذهنية التكفير : هل كرّس النمرى فى نقده لماوتسى تونغ الموقف الشيوعي المطلوب مثلما فعل ماو تسى تونغ حيال ستالين ؟ و الإجابة بداهة لا . فهو و إنطلاقا من العنوان الذى إختاره لمقاله ، وضع المقال فى خانة التكفير . و بعيدا عن التوغّل فى شرح اللسانيّات لعلاقة التكفير بالتفكير و الفكر بالكفر و الجذر المشترك فى العربية ، نكتفى بقول إنّ التكفير الذى من معانيه ستر الشيء وتغطيته و جحده و تناسيه مصطلح سائد فى أيّامنا هذه فى أوساط خاصة الإسلاميين " التكفيريين " اي التيّارات الإسلامية الفاشية . ولا نظنّ أنّ هذا المصطلح المشحون دينيّا و الرجعي بلا جدال فى إستعماله السائد و الذى كان مستعملوه وراء عذابات و محن الآلاف و الملايين و منهم المحن التى عاشها الباحث المصري نصر حامد أبو زيد ( و بالمناسبة كتاب هذا الأخير ، " التفكير فى زمن التكفير " يستحق الإطلاع عليه ) قد غاب عن ذهن ناقد ماو تسى تونغ . أين النمرى من إنجلز الذى صرّح منذ عهد بعيد : " سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقّفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلّصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس . و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمّة مضاعفة أبدا..."( ذكره لينين فى " ما العمل ؟ ")؟ تقاسم النمرى ذهنية التكفير مع الإسلاميين الفاشيين مردّه على الأرجح أنّ هذا " التكفيري الماركسي " الذى يسعى من الإستفادة من الثقافة الرجعية السائدة فى جداله ضد الماويّة يعدّ نقد ستالين من حيث ممارساته و نظريّاته كفرا بالمعنى الدغمائي أي يجعل من ستالين أيقونة لا يمكن المساس بها أو تطبيق المنهج المادي الجدلي عليها . بالنسبة له نقد ستالين و لو نقدا علميّا رفاقيّا مبدئيّا يصبّ فى خانة الكفر . و بهذا يكرّس النمرى الثقافة السائدة و يقطع مع الشيوعية فى هذه النقطة أيضا . 3) تطبيق قانون التناقض – وحدة الأضداد : مع أنّ السيد النمرى و أشباهه ينكرون على ماو تسى تونغ تطويره للماركسية فى أقسامها المكوّنة الثلاث ، فإنّنا لن ننكبّ هنا على الموضوع و حسبنا أن نشير إلى ثلّة من أهمّ الكتابات الماويّة التى عالجت المسألة معالجة كافية و شافية : كتاب شادي الشماوي، " علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية – اللينينية – الماوية " باللغة العربية بمكتبة الحوار المتمدّن ؛ و كتاب بوب أفاكيان ، " المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ " باللغة الأنجليزية و يمكن تنزيله من الأنترنت فرابطه هو : http://www.bannedthought.net/USA/RCP/Avakian/MaoTsetungImmortal-Avakian.pdf وبعد هذه الإشارة السريعة ، نؤكّد أن ماو طوّر المادية الجدليّة فى كتاباته الفلسفيّة ومنها على سبيل المثال لا الحصر " فى التناقض " و " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب ". ونلفت إنتباه السيد النمرى و غيره إلى أنّ " فى التناقض " قد نشر زمن ستالين فى مجلّة الأممية الشيوعية و لاقى رواجا عالميّا كبيرا إلى درجة أنّ جورج بولتزار صاحب الكتاب الشهير ، " المبادئ الأساسية فى الفلسفة " الذى سجّل فيه تلك المعلومة ، إعتمده مرجعا أساسيّا فى شرح عديد المسائل و القضايا المتّصلة بالجدلية . و تجدون هذا الكتاب بجزئيه بنسخة بى دى أف على الأنترنت على الرابطين التاليين :
https://drive.google.com/file/d/0B1yR5I8STd5_dTlXNC0zQ0Q1aEk/edit?usp=sharing https://drive.google.com/file/d/0B1yR5I8STd5_M0hGN3ZjaDl3ZTA/edit?usp=sharing
ويهمّنا هنا أن نشدّد على أنّ ماو قد طوّر الجدلية فعلا وهو الذى سار على نهج لينين و جعل قانون التناقض القانون الأساسي للجدلية " :
" تعتبر الفلسفة الماركسية أن قانون وحدة الأضداد هو القانون الأساسي للكون . وهو قانون مطلق الوجود سواء فى الطبيعة أو فى المجتمع البشري أو فى تفكير الإنسان . فبين الضدين فى تناقض ما توجد وحدة و صراع فى آن واحد ، و هذا ما يبعث الحركة و التغير فى الأشياء . إنّ التناقضات موجودة فى كلّ شيء ، إلاّ أنذ طبيعتها تختلف بإختلاف طبيعة الأشياء . فالوحدة بين الضدين فى التناقض الكائن فى كلّ شيء محدّد هي ظاهرة مقيّدة ، ومؤقتة ، و إنتقالية ، وهي لذلك نسبية ، أمّا الصراع بينهما فإنّه يبقى مطلقا دون تقييد ."( ماو تسى تونغ ، " حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب " 27 فبرلير – شباط 1957 ؛ الصفحة 225-226 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ ").
و فى إرتباط بالموضوع الذى نحن بصدده ، طبّق ماو هذا القانون على أعمال ستالين و على المجتمع الإشتراكي ، ضمن مجالات شتّى أخرى فطوّر الماركسية . أعمال ستالين ، ممارساته ونظريّاته ، تناقض بمظهرين ، لا هي صحيحة مئة بالمئة و لا هي خاطئة مئة بالمئة و من يقيّمها على هذا النحو – مئة بالمئة – يسلّط الضوء على مظهر و يصفّى المظهر الآخر و بذلك هو مثالي دغمائي لا أكثر و لا أقلّ . و من الصيغ العامة الصينية التى أقضّت مضجع التحريفيين عبر العالم فى تقييم ستالين هي صيغة سبعة مقابل ثلاثة أي أنّ ستالين رئيسيّا على حقّ و ثانويّا أخطأ و هكذا يظلّ ماركسيّا عظيما قام بأخطاء . هذه هي الصيغة الجدلية الملخّصة لما توصّل له ماو تسى تونغ فى تحليل ستالين و تلخيصه ( و سنعود للمسألة بالتفصيل لاحقا ) . -----------------------------------------------------------------------------------------------
#ناظم_الماوي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تشويه فؤاد النمري للماوية – ردّ على مقال - ماو تسى تونغ صمت
...
-
مقدّمة كتاب - حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية
-
خطّ حزب الكادحين الإيديولوجي والسياسي يشوّه علم الشيوعية .
-
مقدمة - لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! ( عدد 22 / ديسمبر 2
...
-
الإنتخابات فى تونس : مغالطات بالجملة للجماهير الشعبية من الأ
...
-
النقد الماركسي يكشف المزيد من الحقائق الموضوعية عن فرق و أحز
...
-
فرق اليسار التحريفية و إغتيال روح النقد الماركسي الثورية
-
تونس : الإنتخابات و الأوهام البرجوازية و الشيوعيين بلا شيوعي
...
-
الجزء الثاني من كتاب - ضد التحريفية و الدغمائيّة ، من أجل تط
...
-
رفع الراية الماويّة لإسقاطها : المنظّمة الشيوعيّة الماويّة ت
...
-
إلى الماركسيّات والماركسيين الشبّان: ماركسيين ثوريين تريدوا
...
-
الإنتخابات وأوهام الديمقراطية البرجوازية : تصوّروا فوز الجبه
...
-
تشويه الماركسية : كتاب - تونس : الإنتفاضة و الثورة - لصاحبه
...
-
خروتشوفيّة - اليسار - الإصلاحي
-
الوطنيون الديمقراطيون و وحدة الشيوعيين الحقيقين وحدة ثوريّة
...
-
مقدّمة كتاب - ضد التحريفية و الدغمائيّة ، من أجل تطوير الماو
...
-
نقد بيانات غرة ماي 2013 - تونس : أفق الشيوعية أم التنازل عن
...
-
قراءة نقدية فى كتاب من التراث الماويّ :- ردّا على حزب العمل
...
-
إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين : القطيعة فالقطيعة ثم
...
-
إلى الماركسيين – اللينينيين – الماويين
المزيد.....
-
بيان مشترك من منظمات مستقلة في إيران: معارضة للحرب وللسياسات
...
-
تنسيقية الهيئات الغابوية تحذر بشدة من التماطل أو التراجع عن
...
-
نداء حزب التقدم والاشتراكية للمشاركة المكثفة في المسيرة الشع
...
-
فرنسا تؤجل قرار الإفراج عن اللبناني جورج عبد الله أقدم سجين
...
-
بعد أربعة عقود في السجن... محكمة باريس تحسم مصير جورج عبد ال
...
-
بالعاصمة بيكين: نبيل بنعبد الله يلتقي مسؤولين رفيعي المستوى
...
-
ليبيا.. ضبط أحد المتهمين بقتل المتظاهرين في -مجزرة غرغور- بط
...
-
فرنسا: الناشط اللبناني جورج عبد الله أمام القضاء يوم 17 يولي
...
-
شبيبة القطاع الفلاحي تعبر عن تضامنها مع طلبة معهد الزراعة وا
...
-
حركة النضال العمالي والشعبي بالمغرب وكفاح فلسطين
المزيد.....
-
الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي
...
/ مسعد عربيد
-
أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا
...
/ بندر نوري
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
-
متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024
/ شادي الشماوي
-
الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار
/ حسين علوان حسين
-
ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية
/ سيلفيا فيديريتشي
-
البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية
/ حازم كويي
-
لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات)
/ مارسيل ليبمان
المزيد.....
|