الموهوب والموهوم .. هل تتقبل حديث الثقافة وتنوعاتها ؟؟

محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4746 - 2015 / 3 / 12 - 10:49
المحور: المجتمع المدني
    

.
بعض الاستنتاجات تأتي من واقعنا المعاش فتكون أفضل تعبيرا" عن ( حالة ما ) من الاستنتاجات المتولدة من المناهج والبحوث النظرية والتجارب المتكلفة , وقد تعايشنا مع حالات اللاتقبل ورفض التنوع الثقافي , وأيضا" ؛ لامسنا نتائج تقبل الآخر والتعايش مع ثقافته , وشتان مابين الحالتين , حالة التقبل , وحالة اللاتقبل , فالمسافة بينهما شاسعة بإفراط , حتى أنني صرت متيقنا" من بدائية اللاتقبل , وتقدمية التقبل , وأقصد أن الفرد أو المجتمع المنغلق ثقافيا" تكون فيه الانماط البدائية أكثر حضورا", عكس الفرد أو المجتمع المتقبل للتنوع الثقافي , والأنماط تنتمي لعالم المنطق الرياضي , ومنطق المجتمع البدائي متناقض مع منطق المجتمع المتقدم , فمنطق البدائيين لا يتقبل الآخر , بل يسعى جاهدا" للقضاء عليه وطمس تراثه , وإذ تقدم العالم تكنولوجيا" وعلميا" ومؤسساتيا" وتطورت أطره السياسية والاجتماعية ؛ تقدمت أنماط البدائية عند بعض المجتمعات وأتخذت اشكالا" عصرية , ومن أشكال المنطق البدائي رفض الآخر وإبداء العدائية تجاه ثقافته وتراثه , ومن اسباب الرفض أن المجتمع البدائي غارق بالأمية , والتخلف .
البدائية ( العصرية ) ؛ هي بدائية تأثرت بالتقدم العام العالمي , فأتخذت انماطا" مستحدثة , منها : رفض الآخر بسبب المبادئ , ومن المبادئ ما يتخذ من المقدس عكاز له , أو يتخذ من الأصول القبلية ذريعة لرفض التعايش مع الآخر وتقبله , فيغدو الفرد وجماعته أداة للبدائية البائسة المنغلقة , وتُحمل شعارات وأقوال ومفاهيم تنتمي لذلك الماضي الضيق , فيتواصل الفرد وجماعته مع الآخر من منطلق التعبئة المتوارثة , فيكون تواصلا" عقيما" نتيجته الفشل والتأزم , فتنحدر العلاقة الانسانية الى الحضيض , ومنا من تعامل مع هكذا نماذج معبئة بالتصورات والمفاهيم البدائية ( المعصرنة ) , ولكن ؛ هل من تميز ومميزات للمتقبل للتنوع الثقافي عن الرافض اللامتقبل ؟؟. ما الفرق بين المتَقَبِل واللامتَقَبِل ؟؟.. من نحن ومن هم ؟؟......
نحن أفراد من مجتمعات متنوعة لا يمنع التنوع من تواصلنا ببعضنا , فنقرأ المشتركات الثقافية التي تجمعنا , وكذلك نقرأ الإختلافات الثقافية التي تميز بيننا , ولكننا لا نشن حربا" لدواع ثقافية , سواء أكانت دواع دينية أو عرقية أو قبلية أو اجتماعية , بل نحول الاختلاف الثقافي الى مادة للقراءة والدرس والبحث والإثراء , ونحفظ هذا الاختلاف ونحتفظ به كأثر انساني حضاري , ونوفر الحماية لما وصلنا من آثار حضارية , أن كانت طين أو حجر أو فكر وثقافة أو طقوس دينية أو مجموعة بشرية , ونقيم لهذه الآثار المحافل والكرنفالات والتجمعات والأكاديميات , ونحتفي بها , فهل أنت من حملة هذا النمط من الفكر الانساني ؟؟...
لمجرد أنك تتقبل الثقافة , وحديثها , وتنوعاتها , فأنت موهوب .
وموهبتك أنك تتقبل , ولا تتخوف , فالشوفيني والطائفي والمتعنت قبليا" ذوات متخوفة من التقبل والانفتاح , بحجة أن الانفتاح يسبب انحراف الجيل الناشئ ( جيل منغلق على نفسه ), ويفتح أعين النساء ( نساء جليسات المنزل والقمع ) , وينبه العقول الى تفاوت وتمايز بين طقس وطقس , ويدفع النفوس لتلقي حلول من عالم ( آخر ) بعد أن عجز عالمها المحدود عن توفيرها , وستجد الشباب ؛ الذكور والإناث , يتعرفون على فرص للحصول على حياة أكثر قيمة في جامعات ومعاهد ودور ثقافة وتيارات سياسية وفكرية , فيظهر ذلك الجيل المتنور الذي يحاكم همجية الماضي وبؤس الانغلاق واللاتقبل , فيصنف الماضي الى سلبي وأيجابي , فالماضي عند ذلك الجيل موضوع بحث ودراسة , وليس صنما" مطلق القدسية .. لن يحتمل الجيل المتنور البدائية , ولن يعمل كعراب متخلف لعصرنة البدائية , وسيتقبل المشاركة مع عقول متخصصة من مجتمعات أخرى لتفصيل البحث وتصنيف التراث , فيقبل تميز تراث غير تراثه , وميزات حضارة غير حضارته , أنه جيل متعقل مزود بالفكر الرصين والعلوم التخصصية الدقيقة , أنه جيل موهوب , وموهبته أنه جيل يختلف عن أجيال سبقته .
لمجرد أنك تتقبل الثقافة , وحديثها , وتنوعاتها , فأنت موهوب .
فهل أنت موهوب , أم موهوم ؟؟..
(( لقد حدثونا عن عقلية بدائية فقالوا هي عقلية الأجناس المنحطة الآن , وعقلية الانسانية كافة فيما مضى , والى هذه العقلية , فيما يرون , يجب أن تُعزى الأوهام ... هنري برغسون , كتاب منبعا الأخلاق والدين , ص 124 ))..

#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل