أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ليلو كريم - البرلمان الشاحب














المزيد.....

البرلمان الشاحب


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4418 - 2014 / 4 / 8 - 20:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذا مقال بعنوان : البرلمان الشاحب .. أتمنى أن ينال اعجابكم .. مع تحية محبة لموقعكم العزيز ..... محمد ليلو كريم
يُعبر البرلمان عن الشعب , فهو سلطته التشريعية والرقابية , وفي العراق يتخذ النظام الديمقراطي شكلا" برلمانيا", فتجري انتخابات عامة في البلاد يدلي بها المواطنون بأصواتهم لأختيار مرشحين يمثلوهم تحت قبة البرلمان ويُديرون مصالحهم ويراقبون عمل الحكومة وآدائها , وبعد انقضاء أربع سنوات تجري انتخابات أخرى تفرز برلمانا" جديدا" وتتشكل حكومة جديدة ويستمر النظام الديمقراطي بالعمل ضمن منهجه المنصوص عليه دستوريا" .
أن البرلمان المفعم بالحيوية , ذو الملامح النظِرة , والزاهي بتشريعاته وآداءه , هو برلمان يستوعب الوضع القائم بالبلاد , والظروف المحيطة , والوقائع الاجتماعية , وحالة المؤسسات التي تدير الدولة , وأرهاصات المرحلة وتفاصيل احداثها وتركيبها , هو برلمان قادر على التحليل والاستنتاج , والابداع , وبعكسه سيكون برلمانا" شاحبا" تعلو وجهه الصفرة والهزال , وستشعر أن أعضاءه مصابين بالدوار , أو التخشب العصبي , أو السطحية والتخلف ورتابة الآداء , وفي ظل هكذا برلمان شاحب سيغدو الشحوب لونا" يغطي كل نواحي الحياة الاجتماعية المؤسساتية والثقافية والفنية . . .
البرلمان الشاحب هو برلمان لا يلتفت الى الجوانب الجميلة والراقية من الحياة وانعكاساتها , أنه برلمان لا معرفة فيه ولا ثقافة ولا استيعاب لدور الفن للأرتقاء بالمواطنين عبر تنقية ذوقهم , تنقية اذواقهم البصرية والسمعية والذهنية والتربوية , والعقائدية .. تنقية الذوق عند الناس ليتمكنوا من التذوق بصفاء , ولكن ؛ كم موسيقي ونحات وشاعر وأديب في برلماننا العراقي , وإذا وجودوا ؛ كم نسبتهم الى باقي الاعضاء ؟؟؟..
أن برلماننا في دوراته المتعاقبة ليس إلا حالة من التلوث , وهو تلوث خطير , مثير للأشمئزاز , تلوث فكري وثقافي وفني , تلوث صوتي وبصري وذهني , تلوث سياسي ومؤسساتي , تلوث في الذوق والتذوق والذائقة .. تلوث في الاستعداد الذوقي , وفعل التذوق , واستنتاج الذائقة , وبرلماننا خرب هذه الثلاثية ولوثها وكأنه في بلاد لا تاريخ لها ولا حضارة ولا تراث ولا مبدعين في الموسيقى والنحت والأدب والثقافة , برلماننا لا صلة له بأرثنا التاريخي وفلكلورنا وماضينا الحضاري المتخم بكل أدب وفن وإبداع , فهذه الرقم الطينية والمنحوتات والقيثارة والعِمارة والألوان تشهد على عظم الانجازات الابداعية التي ضلت شاخصة عبر القرون , ويا لعمق خجلنا وخيبتنا ونحن نقارن ماضينا مع حاضرنا وكأن الأرض أجدبت والطين صار عقيما" والماء أمسى شحيحا" والعقول عجزت والأفكار اندثرت .
أليس من نفس طبيعة الأشياء تولد مولوداتها , أو على الأقل تأتي الولادة بمولود يحمل بعضا" من طبيعة وطبائع الوالد , وإذا كان المولود من صنف السلالة التي وُلِدَ منها , وإذا كنا متأكدين من هذا الانتساب , إذن ؛ لماذا انجب جسدنا الاجتماعي ظواهر سياسية عبرت عنه وحملت ملامحه , ولكن ؛ أتت الظواهر السياسية أكثر قتامة وتركيز , فانقلبت القاعدة وصار العقل الموبوء عاملا" فاعلا" لتفشي الأوبئة الاجتماعية , ومن العقل الموبوء خرجت تشريعات وقوانين وسياسات وأنماط سلوكية وذهنية سلبية غذت التسارع في الانحطاط الشامل والأنزلاق الى كل هاوية وبؤس .
هذه ليست نبوءة , ولا تكهن , أو توقع قال به شخص يدعي الذكاء ومعرفة خبايا المستقبل , فالأساسات والركائز تتحكم بالبناء وتححد مصيره ومدى صلاحه وصلاحيته , وبرلماننا الشاحب يسن التشريعات الاساسية , والقوانين , ويراقب أسس العمل السياسي والإداري وفق دستور وضعه هو , وأن التشريعات والقوانين تساهم بعمق وقوة في صناعة الثقافة الاجتماعية , أو على الأقل تؤثر فيها .
لإحداث اصلاح جذري في المجتمع , وللتأثير في وعيه المعتاد على الكثير من الاشياء الخاطئة , يستلزم أن يكون البرلمان هو ( المغالطة المنشئية )1 التي تكون الشيء الذي يُنشيء شيئا" في المجتمع برمته , ومع مرور الوقت سيغدو الشيء ( التغيير ) كيانا" منفصلا" له ديالكتيكية حركية مستقلة هي وليدة ( المنشأ) ونستطيع أن نسمي هذه العملية بالإبداع الفني السياسي , وهو تشبيه أكثر منه نظرية أو منهج , مع ما نتوخاه من قصدية .
أن البرلمان المنشأ يقوم بدور ( المغالطة ) التي تؤدي دورا" غير مباشر في تغيير اجتماعي مرجو ومطلوب , والقاعدتين المعروفتين تبينان أن الدولة تتحكم بشق من ثقافة المجتمع , وأن القوانين تغير في ثقافة المجتمع , وعلى هذا الاساس يجب أن يكون البرلمان مثقفا" بالتنوع , متنوعا" بالثقافة , لكي تعالج قوانينه وشرائعه حتى المشاكل الذوقية الاجتماعية , ولا تقتصر على الجوانب المعهودة من صرفيات مالية وتخصيصات غذائية وتوفير فرص عمل ومصادقة على اتفاقيات , وللصراعات والتنافرات والمشادات الحظ الأوفر في جلسات برلمان الشعب , وإذا كان الصراع سمة البشرية كما هو واقع باقي الكائنات , فأن الانسان يختلف , إذ يمكنه أن يُحدث تجربة جمالية ( من خلال عقل واع )2 , وهكذا تنتج الطبقة السياسية فنا" سياسيا", أي عملية ابداعية لها شكل الدراما والتناغم والانعكاسات الصورية تؤدي حين اسقاطها على الواقع المجتمعي الى بلورة وقائع جديد تحول الكم الى كيف .
لست أنكر بأني بألاساس أقصد الارتقاء بالبرلمان عبر تغذية مقاعده بذوي الفن والأدب والثقافة , فغياب هولاء عن الواقع السياسي أدى لإنتاج برلمان شاحب , ولست أعلم , كيف ستتنفس الحضارة عبر رئة العصر ؟؟؟....
1. تسمية أطلقها جيروم سنولنيتز على منشأ العمل الفني .
2. فلسفة الجمال ودور العقل في الابداع الفني , ص الحاشية 70 , الدكتور مصطفى عبده .
3. ملاحظة :استخدمت الفكرة والمصطلح الفني في هذا المقال كأستعارة .



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة في ثقافة الفقه
- تجربة في زمن العولمة
- عائلة السلطة
- رأي في عقيدة
- الصراع والنظام
- انثيال على قارعة النور
- الديمقراطية المحترمة.. والديمقراطية المبتذلة نظرة للديمقراطي ...
- قانون التقاعد الموحد.. وتعاملنا مع ميزات النظام الديمقراطي
- الحاكم الفاصل (الجزء الثاني)
- يجب أن يحارب
- الحاكم الفاصل (الجزء الاول)
- ديمقراطية بلا تعقل
- الديمقراطية الأميركية.. والديمقراطية العراقية الاميركية مقار ...
- ثلاثة أصناف
- تديننا.. أضاعنا عشرة اعوام يا ليلى
- كابوس المعادلات العراقية


المزيد.....




- زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب تكساس الأمريكية
- ترامب يجب أن يتراجع عن الرسوم الجمركية
- تلاسن واتهامات بين إسرائيل وقطر، والجيش يستدعي جنود الاحتياط ...
- جيش الاحتلال يستدعي آلافا من جنود الاحتياط
- سوريا.. الشرع يؤكد أهمية تعزيز الخطاب الديني الوسطي
- الخارجية القطرية تردّ على تصريحات مكتب نتنياهو -التحريضية-
- نيران وأضرار جراء هجوم روسي بطائرات مسيرة على كييف
- وسط تعبئة عسكرية ضخمة.. هل اقترب قرار توسيع الحرب على غزة؟
- بالصور.. زعيم كوريا الشمالية يزور مصنعا -مهما- للدبابات
- -لا، أيها الرئيس-.. رئيسة المكسيك ترفض عرض ترامب


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ليلو كريم - البرلمان الشاحب