أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ليلو كريم - الصراع والنظام















المزيد.....

الصراع والنظام


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 4362 - 2014 / 2 / 11 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل شؤون حياتنا , وأعمالنا , وأفعالنا , وتوجهاتنا , يُفضل أن يكون هناك قصد ومبتغى , أي أننا إذا باشرنا بفعل ما , توجب أن يُطلق عن قصد , ونطمح من ورائه إلى مبتغى , وإلا لماذا نضع الإستراتيجيات والخطط والمشاريع والاستباقيات السياسية والاقتصادية والعسكرية والفكرية , ولماذا امتزنا بالعقل الذي نستطيع به التصور والتفكر والتفكير بما هو آت , بالقرن القادم , بالقرنين القادمين , بالألفية القادمة , وما بعدها, فالإنسان , ولأنه إنسان , يستطيع البدء بعمل من قصد , ويسعى إلى هدف يحث الخطى اليه عبر وسائل وسُبل وخطط ومنهجيات وبرمجيات التزم بآلياتها وخارطتها التي وضعها هو.
الإنسان ؛ ذلك الكائن العاقل , القادر على تعقل الأشياء , الماديات والمعنويات , فهذا المخلوق قد تجاوز مراحل الإحساس والتخيل والتوهم ليطأ قوة التعقل ويمتلك إرادة سن منطقه من منابع ذاته الخلاقة , انها قوة اكتسبها العقل لكي لا يبقى رهين النزعة الغريزية المنقادة , والحياة البرية البدائية , والسعي للطعام والجنس والافتراس حصرا, ان قوة التعقل وفرت له أن يُضيف أشياء - مكتشفات - إلى مفردات حياته فانتقل إلى أطوار متقدمة ارتقى بها عن سائر الكائنات الأخرى , فتنوعت ألفاظ وأصوات ومقاطع اللغة عنده , وتعددت لغاته , واستعمل الجلد للتدفئة , وكذلك الطاقة النفطية , والنووية , واستخدم الخشب للاحراق وصناعة القلم , وتنوعت مصادر الطاقة والصناعة ونحن ننتظر بركة عصر الاندماج النووي والنانو تكنولوجي أن تحل علينا لننعم بوفرة تسد احتياجاتنا بما يقترب من الاقتناء المجاني , والإنسان تطور فصار يطير في الأجواء , وفي الفضاء , وضلت البلابل والعصافير رهينة نفس الأجنحة المغطاة بالريش , ولم يزد عليها شيء , بينما نرى الإنسان يُخطط للانتقال والسكن على كواكب أخرى , بعد أن حول هذا الكوكب لقرية صغيرة .. هذا ما جناه من قوة التعقل, فهي قوة عقلية , تعقل ذو امكانية للتطور.
لولا القصد والمبتغى لضل الإنسان كلعبة تافهة يتقاذفها المكان , ويلهو بها الزمان , وهو لا يشعر بحاله ومآله , لا يحس بوضعه , ولا يتصور مستقبله , ولا يشارك موضوعه بصنع مصيره , فيخلد رازحا تحت نير الظروف والتغيرات الطبيعية , ولعاش دون أن يعي مستويات إضافية من العيش , ولكن قوة التعقل صيرته إلى أنماط معيشية – اكتشفها هو - لا توفرها الطبيعة كتنظيم يكافئ التنظيم العقلي , فالطبيعة لا تنتج دولة تجري فيها الانتخابات عبر التصويت الالكتروني , ولم نتعرف على هكذا تطور ذكي عند الطيور والزواحف والثديات والحشرات والمجهريات , وليس بين نظرياتنا العلمية شيء يتعلق بمجتمعات من الأشباح والجن .
لأننا بشر ؛ فاننا نذهب إلى توضيح وتفسير سلوكياتنا وأقوالنا , وخاصة إذا كانت تتعلق بأنماط رفيعة من الذكاء , من الجائز أن نتجاهل نمطا حياتيا لإنسان عاش حياته في غابة بجزيرة بوسط البحر ولم يتعرف قط على أي تقدم وتطور ومكتشفات , وظل ابن يقضان خاضعا لتربية نوع من الحيوانات جاعلة منه فردا منها , نحن لسنا معنيين في سطورنا هذه بهكذا إنسان.
ان المجتمع الذي يعجز عن تجاوز حلقة من التطور إلى أخرى تفوقها يُعبر عن إعاقة مؤكدة في الذكاء لديه , على عكس غيره ممن تمكن - عبر الإبداع - أن ينتقل إلى حلقة أكثر تطورا, وأنا أقارن بين مجتمعين يستعملان المكتشفات , والعناصر التي تم تطويرها , ولكن أحد المجتمعين اكتفى بالاستعمال , وعجز عن الاكتشاف , والإبداع , ومن المحتمل أن العاجز عن الاكتشاف والإبداع سيتلكأ في استعمال إبداعات ومكتشفات غيره , وسيسيء استخدامها .
كتبنا في الديمقراطية , وقصدنا أن نشير إلى ضرورة تحولها من نظام صراع إلى نظام منافسة , ولدينا رؤية تقول أن نفس - قوة التعقل - لها تدرجات , وغيرنا استطاع أن ينتقل لدرجات عجزنا عن بلوغها .. فلماذا عجزنا ؟؟ . هل وصلنا للحد الأدنى من قوة التعقل , وتوقفنا عن الارتقاء ؟. هل هناك تقسيم يصنف هذا التفاوت بين المجتمعات ؟؟. سأتساءل بكل صراحة : هل - استعملنا - الديمقراطية عن قصد , ولأجل مبتغى .. قاصدين استبدال النظام اللاديمقراطي , ونبغي مواكبة التطور السياسي الماثل في أنظمة عالمية حكمت مجتمعات ؟؟.
إلى هذه اللحظة والديمقراطية تُعبر في واقعنا عن صراع , لا منافسة , لقد عجزنا كل هذه السنين عن تعقل الديمقراطية , ولم نصل بنظامنا السياسي إلى حلقة جديدة , في حين أن هناك مجتمعات بشرية تجاوزت الحلقات الشمولية , وانتقلت للحلقة الديمقراطية , وهي تستعد لمغادرة شكل النظام الديمقراطي الحالي , إذ ستدخل لعصر جديد - حلقة جديدة - من الديمقراطية , بينما ما زلنا نحن نراوح في نزعات - بدائية – صراعية - والصراع جهد يبذله الكائن للانتصار على الآخر وهزيمته بقوة مهلكة , بينما المنافسة تعني سباقا للفوز على الخصم وترك المركز الثاني له , وهذا ما تفعله الديمقراطية كنظام , فهي توصل الفائز إلى المركز الأول - مركز الحكومة - وتضع الخاسر في المركز الثاني - موفرة له فرصة المعارضة - في حين أن الصراع لا يوفر إلا مركزا أول , وليس هناك من مركز ثان , الأول فقط , وأن من يخسر سيواجه الموت , الاختفاء , الطرد , ولا توجد أي فرصة لأي اعتراض ومعارضة , فليس هناك من مساحة متبقية , ولهذا سُميت الأنظمة اللاديمقراطية بالشمولية , فنظامها يشمل كل جانب من الدولة , فتغدو السلطة - شمولية - كأنها احتلال توسع منطلقا من المركز واحتل الأرض والشعب , مع أن هذا المحتل ليس أجنبيا, لكنه يعمل كمحتل , فتوسع بقوة , وتسلط عبر القهر , وهو غريب عن المجتمع سياسيا, وهنا الغربة تعني - الانفصال - عن الشعب , وليس أصدق مثالا من القصور المطوقة عسكريا, والمقرات المحوطة أمنيا, والدهاليز السرية , والقرارات المفروضة ضد مصلحة المواطنين , وهنا لا يتحقق الاعتراض والعمل المعارض إلا بثورة أو انقلاب أو اغتيال , وتغدو المعارضة تنظيما سريا مدججا بالسلاح والخطط الهجومية والفكر التصارعي .. وعلى حين غرة يسقط النظام , وحين سقوطه تسقط كل المساحة الخاضعة للسلطة الشمولية , ولا يقتصر السقوط على مؤسسات بعينها , أو على فترة رئاسية وملاكها السياسي , ويأتي البديل , منتصرا, مطلبه الأول أن يقضي على - كل - تواجد للنظام المنهار , وهذا يعني إبادة - شمولية - للخصم المتواجد شموليا في البلاد , والإبادة الشمولية لا تعني إلا بدء احتلال محلي آخر .. إن النظام الديمقراطي ينبع من ثقافة سياسية – اجتماعية .. ونتساءل بجرأة : من الأكثر حضورا, الصراع أم المنافسة , النظام الديمقراطي أم الصراع الطائفي ؟؟.
تأتي السلطة الطائفية إلى المركز , العاصمة , وتستولي على السلطة , وتشرع باحتلال البلاد وتغيير الملامح الثقافية – القانونية – الاجتماعية – الاقتصادية – الفنية – وكأننا أمام امبريالية , محلية , وكأننا نتطور رجوعا, لا تقدما, وكأننا مستعدون لتحمل كل خسارة وتقهقر من أجل التطور الانسحابي , ولا نسعى للربح عبر التطور إلى حلقة متقدمة , وأن ادعينا أننا لا نتمسك بالماضي , فإن من الواضح أن الماضي يتمسك بنا , وبإرادتنا.
كيف لنا أن نغادر فكرة الدولة الطائفية, ونحن حين نغادرها سنغادر أهم ركن في نزعة الصراع, وستسهل علينا فكرة النظام الديمقراطي, التنافسي, وكيف ندخل لعهد الديمقراطية التنافسية ؟؟ . ان الديمقراطية التنافسية تحتكم إلى صوت الناخب, وإن اعترض البعض على ما سقناه من مقارنات متذرعا بأن حتى النظام الديمقراطي الأمريكي يستبطن دوافع دينية, فلسوف نؤشر على الطابع السياسي المعتبر للحزبين -الجمهوري – الديمقراطي - وعدم حملهما لعناوين دينية , ولم نشهد تنكيلا طائفيا - مثلا تنكيل يطال مواطنين من قبل حكومة بروتستانتية -, وإن أدخلنا اللوبي وأيباك في المشهد الامريكي فالملاحظ أن المنظمتين تعملان لصالح إسرائيل المتواجدة في الشرق الأوسط ولكن وفق حدود وقواعد ناضجة , فالإسرائيلي غرب المحيط الأطلسي أمريكي بعمق , أمريكي يحافظ على مكانته الاقتصادية في وطنه , وتمسك بعقيدة الوصايا العشر التي يجلها أغلب المواطنين الأمريكيين من الديانة المسيحية , ورغم كل مايقال عن هيمنة عظيمة لليهود على أمريكا , إلا أننا لم نشهد رئيسا يهوديا يعمل وفق مشروع طائفي , ولم نسمع عن هجمة عنيفة من قبل دولة قومية على مواطنين, أو اصطفاف طائفي حاد الملامح يفتك بالشعب . . فهل نغض الطرف عن هكذا نضوج سياسي – اجتماعي ؟؟ .
إذا كنا اعترفنا بعملية سياسية طائفية , وقبلها بنظام حكم طائفي , فمنطق التجربة يحتم علينا عدم الاعتراف - باحتمالية - قيام دولة طائفية في بلادنا , فالاعتراف تماهٍ مع انسيابية العملية السياسية نحو نتيجتها الحتمية , النتيجة التي ستتحقق جراء غياب إرادة التطور والتقدم والارتقاء , فاندحر الشعب عبر تخريب عملية تطوره , أما السياسيون ؛ فهم استوفوا شروط اكتمال عناصر الحيوان السياسي , الأرسطي , وتحت سيطرة وتوجيه شهوة التسيد والنهش اندثرت غالبية معالم الإرادة الفكرية – الثقافية – الفنية – الاجتماعية – الأكاديمية – العلمية – السياسية , ولهذا يُقال إن المشهد العراقي مشوه .
إن القصد من السعي لتبديل النظام الحاكم كان يُعبر عن نزعة ثأرية , والمبتغى السياسي المستقبلي يفصح عن استمرار الصراع , فمن نظام الطائفية تحولنا إلى نظام الطوائف عبر سلسلة حلقات صراعية آخرها هي حلقة الديمقراطية الغالبة , وليس ديمقراطية الغالبية , أي أن التحول جرى من الأقلية الطائفية إلى الأكثرية الطائفية , فانتكس معنى الأكثرية الذي هو من صلب المبادئ الديمقراطية , واليوم صرنا أمام وقائع صراع طائفي في العراق وسوريا ومصر واليمن والبحرين .... , وبالإضافة للإرادة السياسية لاستمرار الصراع , فإن جموعا غفيرة من مجتمعات هذه الدول تنساق مع السياسات الهوجاء .



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انثيال على قارعة النور
- الديمقراطية المحترمة.. والديمقراطية المبتذلة نظرة للديمقراطي ...
- قانون التقاعد الموحد.. وتعاملنا مع ميزات النظام الديمقراطي
- الحاكم الفاصل (الجزء الثاني)
- يجب أن يحارب
- الحاكم الفاصل (الجزء الاول)
- ديمقراطية بلا تعقل
- الديمقراطية الأميركية.. والديمقراطية العراقية الاميركية مقار ...
- ثلاثة أصناف
- تديننا.. أضاعنا عشرة اعوام يا ليلى
- كابوس المعادلات العراقية


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ليلو كريم - الصراع والنظام