أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرزاق عيد - رحل حنا مينة آخر كتاب الواقعية الاشتركية (على سن ورمح ) وأخيرا تنتصر إرادة الموت .. ويخسر (حنا مينة / همنغواي الرواية العربية ) معركته مع الحياة !!!















المزيد.....

رحل حنا مينة آخر كتاب الواقعية الاشتركية (على سن ورمح ) وأخيرا تنتصر إرادة الموت .. ويخسر (حنا مينة / همنغواي الرواية العربية ) معركته مع الحياة !!!


عبد الرزاق عيد

الحوار المتمدن-العدد: 4743 - 2015 / 3 / 9 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحل حنا مينة أخيرا بعد مقاومة طويلة مع الموت الذي كان يتحداه ويسخر منه، حتى كاد أن يتشهاه وفق ما أصبح الموت اليوم هو جزء من الحياة اليومية للسوريين في زمن الهول والهلع الأسدي الأكبر في تاريخ سوريا.. حتى خيل للراحل أن الموت كاد أن ينساه على حد تعبيره بعد أن تخطى التسعين ...إذ هو من مواليد 1924...

عشقت أدب حنا مينة ورواياته في العشرينات من عمري ، وتولعت بالرومانتيكية الثورية التي هي جوهر الواقعية الاشتراكية التي ينبغي أن ينتصر في مآلاتها الفقراء من ابناء الشعب الطيب، حامل كل الفضائل الوطنية ( شجاعة وشهامة ورجولة ورفضا للضيم )، الذين وجد الراحل نموذجهم في بحارة اللاذقية (الطروسي) الشخصية الشعبية الوطنية التي نحتها من صخر كيان تاريخ سوريا الشعب والمجتمع والقيم الوطنية ، فخرجت روايته الأهم في الرواية السورية (الشراع والعاصفة) التي ستعطي حنا مينة دورا أساسيا وتاسيسيا ليس في تاريخ الرواية السورية فحسب ،بل والرواية العربية ...

ولهذا فقد كان باكورة أعمالي الأدبية النقدية كتابي (المشترك عنه ) في أواخر السبعينات، في الكتاب الصادر سنة 1979 تحت عنوان (عالم حنا مينة الروائي) عن دار الآداب في بيروت ..

لم يستطع كاتبنا الواقعي الاشتركي أن يجد العامل (البروليتاري) ليسند له دور البطولة في ايقاظ (الأرض ابنة الكلب النائمة كما في روايته الشمس في يوم غائم) ، كما تتطلب مدرسة الواقعية الاشتركية التي يتبناها "على سن ورمح) على حد تعبيره، فوجدها في الشاب الذي تتفتح أحاسيسه العشقية للحياة والثورة عبر ( أمرأة القبو )، التي تصرفه عن ابنة عمه البورجوازية ذات النظارات الزجاجية الكابحة للنظر والحياة، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ايقاظ مواهبه الداخلية عبر الفن (الموسيقى والرقص ) لكن ليس أي رقص، بل الرقص الفروسي ممثلا في الرقصة الشركسية ( رقصة الخنجر )، ليتمكن من خلال ضربه الارض بقدمه لكي يوقظ ابنة الكلب النائمة على المذلة صامتة على التقاليد والهيمنة والاستبداد السياسي والاجتماعي والثقافي ..

هكذا كان على حنا المبدع الروائي السوري أن يقدم الخصائص الوطنية للشخصية الوطنية السورية دون حشو عقائدي تبشيري ايديولوجي وعظي شيوعيعلى الطريقة المشيخية الدينية (الوعظية حتى ولو كانت علمانية ) كما ورثناها سوريا حتى اليوم في وجهها البكداشي او الرياض تركي ..حيث يشهد حزب الترك اليوم تمردا وانشقاقا شبيها بتمرده على أستاذه الستاليني (بكداش)، حتى وصل أصدقاؤه حد أن يدافعوا عنه إنسانيا، بالدعوة إلى تقدير ظروف الشيخوخة وما يرافقها من أعراض مرض الزهايمر الذي يمنعه المرض ذاته من الاعتراف بمرضه !!!

فاستولد حنا العلمانية السورية من خلا شخصية وطنية (الطروسي ) البحار الذي ينتمي إلى قيم الحياة الثرة بدون تصنع أو نفاق أو تزييف عقائدي أو تعبوي أو إرشادي ، كما كان ينتظر العقائديون الشيوعيون أن يقدم لهم لشخصية العمالية الثورية، وكما فعل في رواية (الثلج يأتي من النافذة)، فأتت شخصية (العامل خليل) مفبركة ومصطنعة ومملة بوعظيتها التبشيرية الشيوعية الجامدة، التي لا تختلف فيه (يباسا وتخشبا) عن الشخصية (الوعظية اللاهوتية ( المفبركة ) فقهيا ..

حتى أن الراحل لم يكن راضيا عنه وعن أمه شديدة التدين التي سمته به،وذلك بسبب النفحة الدينية التي تشير إلى هوية دينية، وهو ابن المرحلة الوطنية العربية المؤسس لها بثورة 1919 ورمزيتها سعد زغلول الذي تشبعت وطنيته المصرية بفكر الإمام محمد عبده النهضوي الاسلامي التنويري تحت الشعار الوطنية المصرية والعربية (الدين لله والوطن للجميع) هذا الشعار الذي ظل راسخا عربيا خلال ثمانية عقود في ظل جميع الأنظمة إن كانت شمولية أو ليبرالية ...حيث يتم الانقلاب عليها اليوم مع الأسف مع الاسلام السياسي، حتى لدى ما يسمي نفسه معتدل على طريقة الأخوان المسلمين الذي يجاهر به المصريون وتلاميذهم ( القطبيون : الأخوانيون السوريون ..إذ يستكثرون على مصر وسوريا شعار (الدين لله والوطن للجميع ...الخ )

لهذا وجد الراحل حنا في الطروسي الشخصية الوطنية الأصلية الأصيلة، التي تنتمي إلى وطنية الحضارة البحرية المتوسطية وليس الصحراوية البدوية ، حيث عشق الحياة وعيشها حتى الثمالة ...على طريقة (زوربا اليوناني ...وسانتياغو بطل رواية (الشيخ والبحر) لرنست هيمنغواي، حيث روح الاستبسال في مقاومة العواصف البحرية، والاقدام الاقتحامي للحياة للعيش فيها حتى الذروة بكل مسامها، عبر حب شهوي رجولي وإن كان ذكوريا فحوليا شرقيا يعادل شهوة الحياة للمرأة ...التي كانت معادلا في أدب حنا مينة للبحر في عطائه وفيضه ورمزا للفضيلة ... حيث كان أول من أنتج شخصية (العاهرة النبيلة) التي هي أكثر شرفا وعطاء وكرما وتضامنا مع آلام الآخرين لصدقها مع نفسها، أكثر من كل من حولها في مجتمعات الاستبداد والنفاق والاستشراف الاستعراضي الكاذب، ومن أنظمتها الزائفة في اكاذيبها عن الشرف الوطني .... ولهذا يتفاءل الراحل في خاتمة ثلاثيته (حكاية بحار )، إن كنا على أبواب (اقتلاع شجرة الاستبداد والفساد ) من جذورها ...

اختلافنا مع الراحل الكبير في الربع الأخير من عمرنا كان بسبب اختلافنا حول ضرورة (البيريسويكا عربيا )، وضروة الدمجد الفكري والسياسي بين الوطنية والديموقراطية، حيث رفضنا وطنية النظام البعثي الأسدي تحت شعار (لا وطنية مع الاستبداد ...وأن الطغاة هم من يعبدون الطريق للغزاة ...

أي أنه اختلاف جيلي حوالي ربع قرن، رغم عمق الصداقة بيننا حتى بما فيها اليومية لفترات من الزمن الذي سكنا فيه دمشق ...وهو الاختلاف والقطيعة مع الشمولية الديكتاتورية( البكداشية أولا والرياض التركية ثانيا ) في واقع اليسار السوري ... حيث أن الراحل ظل مشدودا بفكره اليساري إلى صداقته القديمة مع جيله القديم من المؤسسين الشيوعيين .. وبعض مفاهيمهم التي كانت تبرر للنظام الفاشي الأسدي فاشيته باسم شعارات الوطنية والمقاومة، حتى ضد صانعيه وحاميه حتى اليوم (إسرائيل وأمريكا والغرب مضاف لهم روسي وإيران ) اليوم ..

فكان من الممكن استغلال شيخوخة (حنا ) بتوظيفه للحضور في مناسبات فاشية طائفية للنظام الأسدي ...رغم أنهم تركوه مهمشا مهملا ومبعدا عن ايقاع الحياة التي وصل إلى حد ان سئمها وراح ينتظر الموت وحيدا بعد أن فقد زوجته العظيمة (أم سعد)، وذلك وفق أغلبية الشعب السوري الذي ذاق من هول العذاب الأسدي والقتل الجماعي ما يهون نحوه الموت ذاته ...

رحم الله حنا مينة الذي تشكل حياته المناصرة للفقراء والمساكين والمقهورين والمبعدين والمهمشين أقرب أبواب الجنة والحضرة الإلهية والغفران، لأنه من هؤلاء الصفوة المبدعة التي كان طريقها إلى الاندماج بالخالق يكمن في الاندماج بخلقه..وأنفعهم لعياله ..

.



#عبد_الرزاق_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمريكان يعلنون عن ضرورة البحث عن الطرق لاسقاط الأسد (ولوكذ ...
- حية لثوارنا الأبطال الشرفاء في (حلب) لرفضهم لقاء (النصاب الم ...
- سوريا كلما صلينا ... نطلب من الرب يبقى (من بيت وحوش أسد وإير ...
- ليت الوفد (البرلماني ( الفرنسي ) لعاصمة الارهاب العالمي (دمش ...
- الحكم على قيادة ثورة يناير الشباب... يثيت أن المؤسسة العسكري ...
- تحية لثوارنا في حلب وهم يضحكون من وراء الحصار من محاصريهم، ف ...
- انتصار منظور سرمدية بنية العقل الإسلامي بغض النظر عن دينيته ...
- لا يمكن فهم ثورات الربيع العربي بدون التقاط العنصر الحاسم في ...
- لقاء (ء سري جدا) في بيتي في حلب مع صاحب برنامج (الجزيرة ..سر ...
- ( داعش) قوى بهيمية مثل (حالش)، لا تستفيق من بهيميتها إلا لمص ...
- لقد ابتلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد غيرهم - - ابن سينا ...
- نصر الله العميل الإيراني، الحليف الطائفي للأسدية...
- إذا كان النظام الأسدي من مصلحته أن يكون ممسحة أحذية اسرائيلي ...
- مؤتمر موسكو ومنع ممثل الوفد السوري إلى المؤتمر من مغادرة بار ...
- النظام الأسدي كممسحة أحذية لدى إسرائيل !!!! يقول مثل عالمي : ...
- مؤتمر أو (مؤامرة) موسكو لمبايعة (ابن الأثد) إلى الأبد ...لكي ...
- الدين أداته الإيمان .... والفلسفة أداتها البرهان ...!!!! الت ...
- (لينين والبابا) يتوافقان مع (أبي حيان التوحيدي) في رفض المزا ...
- أمة إسلامية مريضة، مستنكفة على العلاج ورافضة الشفاء، ومصرة ع ...
- (عدنان ابراهيم) المفكر الاسلامي الوريث لأرقى تقاليد الفكر ال ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إلى غزة بعد وصولها م ...
- -نيويورك تايمز-: إسرائيل أغضبت الولايات المتحدة لعدم تحذيرها ...
- عبد اللهيان يكشف تفاصيل المراسلات بين طهران وواشنطن قبل وبعد ...
- زلزال قوي يضرب غرب اليابان وهيئة التنظيم النووي تصدر بيانا
- -مشاورات إضافية لكن النتيجة محسومة-.. مجلس الأمن يبحث اليوم ...
- بعد رد طهران على تل أبيب.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات ...
- تصويت مجلس الأمن على عضوية فلسطين قد يتأجل للجمعة
- صور.. ثوران بركاني في إندونيسيا يطلق الحمم والرماد للغلاف ال ...
- مشروع قانون دعم إسرائيل وأوكرانيا أمام مجلس النواب الأميركي ...
- بسبب إيران.. أميركا تسعى لاستخدام منظومة ليزر مضادة للدرون


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الرزاق عيد - رحل حنا مينة آخر كتاب الواقعية الاشتركية (على سن ورمح ) وأخيرا تنتصر إرادة الموت .. ويخسر (حنا مينة / همنغواي الرواية العربية ) معركته مع الحياة !!!