أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء الشكرجي - ما بعد «عصفورة حريتي» - وتحررنا أنا والله والعقل والإنسان














المزيد.....

ما بعد «عصفورة حريتي» - وتحررنا أنا والله والعقل والإنسان


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4742 - 2015 / 3 / 8 - 23:14
المحور: الادب والفن
    




هامبُرڠ-;- 27/12/2012
ثلاثين عاما قضيت من محكوميتي
فقبل ثلاثين عاما
حُكِم عليّ
بالسجن المؤبد
وكنت أنا نفسي
الناطق بالحكم
معتقدا أنه حكم الله
ولم ألتفت إلى أنه الدين
تلبس بالألوهية
فكان يأمر وينهى ويبيح
متلبسا صورة الله
مقلدا نبرة صوته
فظننت أن الآمر والناهي هو الله
وظننت أن القاضي
الذي أصدر حكمه عليّ
بالسجن المؤبد
هو الله
فاستقبلت الحكم بطيب خاطر
مُسلِما للدين
ظانا أني أسلمت لله
لكني فجأة
وبعد ثلاثين عاما
قضيتها طواعية في السجن
اكتشفت أن الله
سجين معي
في زنزانة مجاورة لزنزانتي
من زنزانات سجن الدين
وفي زنزانة ثالثة سُجِن الإنسان
وفي رابعة العقل
وفتحنا أنا وجاري في السجن
ثغرة في الجدار الذي بين زنزانتينا
حاورته وحاورني
وبعد ما عرفت أن رفيق السجن
وجار زنزانتي
هو الله
السجين الأكبر
في زنزانة الدين
قلت: مستغربا
أولست أنت الذي هو على كل شيء قدير
قال: بلى
قلت: أولست أنت الذي إذا إراد شيئا
إنما قوله كن فيكون
قال: بلى
قلت: كيف إذن أراك سجينا
أَوَ عاجزٌ أنت عن تحرير نفسك
قال: لست عاجزا
إنما رحمتي وحكمتي أبتا
أن أحرر نفسي
من غير أن يتحرر
مخلوقي وعبدي وابني وحبيبي
من غير أن يتحررالإنسان
قلت: أو لست قادرا على أن تحرره
قال: قادر
لكن لا قيمة للحرية
إلا أن تكون بإرادة طالبها
لذا قلت لك أن يتحرر
ولم أقل أن يُحرَّر
إني منتظر أن يتحرر الإنسان
أن يحرر أولا نفسه
قلت: وهل سيفعل
وقد انقضت على سجنه مئات
بل آلاف
من السنين؟
قال: لن يفعل
قلت: إذن؟
قال: لن يفعل
ما لم يتحرر رفيق سجننا الرابع
القابع في أعتم زنزانة
في سجن الدين
سألته أو تعني العقل؟
قال: هو ذا
إن تحرر تحررتُ أنا
وإن تحررتُ أنا تحرر الإنسان
تحررتَ أنت
قلت: وكيف نبدأ
قال: في زنزانة العقل تجد المفتاح
لزنزانتي
قلت: ولم لا تأخذه
قال: أو لم أقل لك أريدها حرية
بإرادة الإنسان
قلت: وأنا إنسان يا رب
قال: وهذا ما أريد أن تفهمه
إذن اسرق مفتاح العقل
قلت: ربي أو أنت؟
أنت الذي تأمرني أن أسرق؟
أو لم تحرم عليّ السرقة؟
قال: بلى
إلا سرقة مفتاح العقل
فهي ليست حلالا وحسب
هي عندي أهم فرض من فروضي
فلا تعبدني بالصلاة
إنما أفضل العبادات منك عندي
أن تسرق مفتاح العقل
قلت: أَوَ سأكون مطيعا لك إذا سرقت؟
قال: بل مستوجبا لثوابي وقربي وحبي
قلت: أوأبادر الآن
قال: بل انتظر الليل
وانتظرت الليل
وإن كان السجن في ليل سرمدي
لكن في الليل فرص
لا يمنحها النهار
وجاء الليل
وجاء في تلك الليلة
كما في كل ليلة
جلاد السجن
بسياطه تلك الحادة
كشفرة السيف القاطع
ليدخل زنزانة العقل
فيقيم عليه الحدّ
حدّ الدين
فيجلده ألف جلدة
بسوط من نار
بسوط الدين
كي يخضع
يخنع
يكف عن التململ
يكف عن تحريض الإنسان
على التفكير بحرية
والتفكير بالحرية
بالتمرد والثورة
وفي تلك ليلة
وككثير من الليالي
كان السجان ثملا
فنسي أن يقفل باب زنزانتي
عندما جاء يتلو عليّ تعاليم الدين
ويأخذ مني قسرا عهد الطاعة
ويهددني إن أنا عدت
لمحاورة جاري السجين الأكبر
من غير إذن من الدين
وبعدما جلد العقل ألف جلدة
من نار
بسياط حادة حد السيف
لاذعة لذع النار
كعادته في كل ليلة
وبعد أن قفل على العقل زنزانته
نسي أن يدس المفتاح في جيبه
بل علقه على مسمار عند باب زنزانة العقل
وأراد أن يستريح من عناء جلد العقل
علاوة على أنه بالغ في الاحتساء
كرعة بعد كرعة
من خمرة نشوته بتعذيب العقل
شاتما إياه أنه ليس إلا مدخل الشيطان
إلى الإنسان
ثمِلا مرهَقا استراح جلاد السجن
فغفا من غير أن يقفل زنزانتي
نظرت إلى السجين الأكبر
جاري الله
من الثغرة التي أحدثناها
في الجدار بين زنزانتينا
فعرف في عيني ما أريد
فأومأ إليّ بالرضا
وكأنه يقول
هي فرصتك
تلصصت
تسللت
وصلت بهدوء إلى زنزانة العقل
أخذت مفتاح العقل
المعلق جنب باب الزنزانة
والجلاد في غفوة عميقة عميقة
يشخر
ومنه تفوح رائحة نشوة التعذيب
ورائحة نار ودماء
سارعت بفتح باب زنزانة العقل
فاستحال الليل نهارا والظلمة نور
تحرر العقل
من زنزانته
من بعد ما كنت تحررت
من زنزانتي
فحرر العقل الله
من زنزانته
وبتحرر الله تحرر الإنسان
فكسّرنا
أنا والعقل والله
كل القضبان
وهدّمنا كل الجدران
وحررنا كل سجناء سجن الدين
حررنا المرأة
حررنا الحياة
حررنا الجمال
حررنا الحب
حررنا الصدق
حررنا العدل
حررنا الطفولة
حررنا الأمم
حررنا الإيمان
حررنا الحرية
كل هؤلاء كانوا سجناء سجن الدين
أقلهم كان مثلي قد قضى ثلاثين عاما
ومنهم من قضى ثلاثين عقدا
ومنهم ثلاثين قرنا
أمة من السجناء
قضت ألفاً وأربعَ مئةٍ من السنين
وأخرى ألفين
وثالثةٌ ثلاثةَ آلاف
وبمفتاح العقل
وبأمر الله
حررتُ العقل
فحرر العقلُ الله
فحرر اللهُ الإنسان
وتحررت الحياة



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من «عصفورة حريتي» - الشاعر الفيلسوف الفقيه
- من «عصفورة حريتي» - الله المنساب في ثنايا وجودي
- من «عصفورة حريتي» - لا تتخذوا الدين إلها من دون الله
- من «عصفورة حريتي» - من الأشياء ما ذروتها أضدادها
- خميني يحكم العراق
- من «عصفورة حريتي» - عصفورة الحرية
- من «عصفورة حريتي» - أغمضت عينيَّ للموسيقى والصلاة
- من «عصفورة حريتي» - لا أحب المشي في الأنفاق
- من «عصفورة حريتي» - سجون وسجون
- الله والدين ضدان لا يجتمعان
- من «عصفورة حريتي» - فيّ لوثة جنون الفنان
- من «عصفورة حريتي» - أريدُ حريتي
- من «عصفورة حريتي» - أيتها الفتاة المسلمة فكي أسر شعركِ
- من «عصفورة حريتي» - ستبقى تحوم حولي الشبهات
- أي تركة كارثية سنرثها من داعش؟
- من «عصفورة حريتي» - مولودتي علامة الاستفهام الطائرة
- من «عصفورة حريتي» - سأكون حزينا يوم لا أحزن
- ملاحظات على العلم العراقي وشعار «الله أكبر»
- من «عصفورة حريتي» - لماذا لا تبدأ
- من «عصفورة حريتي» - لغات أحبها ولغات لا أحبها


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضياء الشكرجي - ما بعد «عصفورة حريتي» - وتحررنا أنا والله والعقل والإنسان