أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - الله والدين ضدان لا يجتمعان















المزيد.....

الله والدين ضدان لا يجتمعان


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 4721 - 2015 / 2 / 15 - 22:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اخترت هذا العنوان، رغم أني لا أقصد كون كل من الله بما هو الله، والدين بما هو الدين، ضدَّين، بل الذي أعنيه هو إن (الإيمانين)؛ الإيمان بالله من جهة، والإيمان بالدين من جهة، هما اللذين يمثلان ضدين لا يجتعمان. لذا كنت قد اخترت في البداية «الإلهية والدينية ضدان لا يجتمعان» عنوانا لهذه المقالة، فهو التعبير الأدق، لأن الذي أعنيه بالتضادّ المنطقي، ليس هو التضادّ بين «الله» و«الدين»، بل بين «الإلهية» و«الدينية»، بمعنى بين كل من الإيمانين، كما مر.
مع هذا اخترت العنوان الأرجح بتقديري بلاغيا، وهو «الله والدين ضدان لا يجتمعان»، بدل الخيار الأول، رغم أنه الأدق مضمونيا.
ولم أقل إنهما «نقيضان»، أو مُتناقِضان، وإنما ومن أجل توخي الدقة التي يتطلبها المنطق، قلت «ضِدّان»، أو متضادّان (متضادِدان).
ومن أجل التذكير بالفرق بين التضادّ (التضادُد) والتناقض، أذكّر بأن النقيضين: «لا يجتمعان ولا يرتفعان»، بينما الضِدّان: «لا يجتمعان ويرتفعان». وهو أمر معروف للعارفين بقواعد المنطق؛ ذلك الذي عُرِّف فيما عُرِّف بأنه «آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن من الخطأ في التفكير».
أرجع إلى الفرق بين التناقض والتضادّ، فأقول إن التناقض وجوديّ، أو كؤونيّ، بمعنى إنه إثباتٌ ونفيٌ لوجودِ أو كؤونِ شيءٍ ما، أو إثباتٌ ونفيٌ لعدمه أو لاكؤونه. والكلام في التناقض يجري عن نفس الشيء، المدَّعى أو المظنون وجوده وعدمه في آن واحد، وفي مكان واحد، وبالمعنى الحقيقي لا المجازي، وبنفس النسبة، وإلى غير ذلك من سائر الوحدات التي عددتها كتب المنطق، والتي بدون إحداها لا يكون التناقض تناقضا.
أما التضادّ فيتوجه لا إلى أصل وجود (أو كؤون) الشيء، بل إلى ماهيته، أي هو القول بماهيتين، أي بصفتين متضادتين، بمعنى أنهما يمتنع اجتماعهما في شيء واحد في آن واحد، كالأسود والأبيض. لكن قلنا إنهما (أي الصفتين المتضادتين) يمكن كخيار ثالث أن ترتفعا، أي تنتفيا كلاهما، بحلول صفة أو ماهية ثالثة، كالأحمر أو الرمادي أو سواهما في مثالنا، فلا هي الأولى ولا الثانية من الصفتين المتضادّتين، بل صفة ثالثة، كما في مثال الألوان.
وهنا لا بد من تناول النسب الأربع أي (1- التباين، 2- التساوي، 3- العموم والخصوص مطلقاً، 4- العموم والخصوص من وجه). وعلى ضوئها نجد إن النسبة بين «الله» و«الدين»، هي (التباين). فهما كمفهومين شيئان متباينان. والتباين لا يعني عدم وجود ثمة علاقة، أو مشتركات، أو نقاط التقاء. هذا بالنسبة للعلاقة بين «الله» و«الدين»، أما النسبة بين «الإلهية» و«الدينية»، أي «الإيمان بالله» من جهة، و«الإيمان بالدين» من جهة أخرى، فهي نسبة عموم وخصوص مطلقا، فكل «دينية» «إلهية»، ولكن ليست كل «إلهية» «دينية»، لأن بعض «الإلهية» «لادينية». كما إن ليست كل «لادينية» «لاإلهية»، لأن بعض «اللادينية» «إلهية»، كما هو الحال مع لاهوت التنزيه الذي أعتمده منذ نهاية 2007، وكما في الـ «deism» والتي يترجمها البعض خطأ بتقديري بـ «الربوبية». والخطأ يكمن في ترجمة «deus» اللاتينية إلى «الرب»، والصحيح إنها تعني God «الله».
الدين من الناحية العقلية (الفلسفية)، هو ممكن عقلي، أي إنه ليس من الواجبات العقلية أن يوحي الله بدين، ولا هو من الممتنعات العقلية. وهذا خلاف ما يدعيه أو يظنه الدينيون الذين ينتمون إلى المدرسة الدينية العقلية (من وجهة نظرهم)، بأن النبوة، وبالتالي الوحي، والدين، واجب عقلي، ومنهم من أضاف الإمامة كواجب عقلي بدليل اللطف، الذي لا يصلح كدليل قطعي، بل حتى كدليل ظني. وكذلك هو، أي الدين/الوحي/النبوة خلاف ما يراه بعض اللادينيين بالممتنع العقلي، وإن كنت سألتقي معهم على القول بالامتناع، ولكن على مستوى المصاديق، وليس على مستوى المفهوم المجرد المفترض ابتداءً.
طبعا مع احترامنا لقناعة من ينفي وجود الله، من اللاإلهيين الذين يعتمدون الفلسفة المادية، ولا يرون من مصدر للمعرفة غير التجربة، ولا من المعارف غير العلوم التجريبية، أو الطبيعية. فالكلام هنا يدور في حال سلمنا بوجود الله، كما هو الحال مع كاتب هذه السطور. أما مناقشة أدلة وجود واجب الوجود والعلة الأولى اللامعلولة، فمجاله ليس هنا.
إذا آمنا بخالق عاقل حكيم قدير مريد، فلا بد من أن يكون كاملا كمالا مطلقا، ومتنزها عن كل نقص. وبالتالي، فمن حيث القدرة، فهو قادر على بعث الأنبياء والإيحاء لهم بدين. ومن حيث الحكمة، فالحكمة تقبل بالخيارين على حد سواء دون ترجيح أحدهما على الآخر، أي أن يصطفي فيبعث ويوحي، وألا يفعل ذلك. ومن حيث العدل، فلا يتنافى أي من الخيارين مع العدل المطلق. هذا كله على مستوى المفهوم المجرد والنظري للدين والوحي والنبوة. إذن الدين مفهوما ممكن عقلي كما بينا.
أما الدين كمصداق، أو كمصاديق، حيث إن المفهوم كوجود ذهني واحد، بينما المصاديق كوجودات خارج الذهن، أي في الواقع، فهي متعددة؛ أقول أما المصاديق فهي ممتنعة النسبة إلى الله، لأنها كلها وبدون أي استثناء تنقض بنسبة أو أخرى مبدأ التنزيه. وأي انتقاص من التنزيه، هو نفي بنسبة ذلك الانتفاء للكمال المطلق.
فالأديان إما في أحكامها أو في تصويرها للجزاء، أو فيما ترويه من قصة الخلق، أو في تاريخ الأنبياء التي ترويه في كتبها (المقدسة)، تنتقص تارة من العدل الإلهي، وتارة من الحكمة الإلهية، وتارة من القدرة الإلهية، وتارة تتناقض مع الحقائق العلمية الثابتة يقينا، وتارة مع القيم الإنسانية من عدل ومساواة وحرية، وليس آخرها ما تهدد به السلام، وتؤدي به إلى الفرقة بين الناس بسبب اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وغيرها. ولذا ففي نسبتها إلى الله انتقاص من كماله، وانتفاء لمبدأ تنزيهه، الذي بدونه يكون الإلحاد أقرب إلى التنزيه، فعدم الإيمان بوجوده أقرب إلى تنزيهه من الإيمان به منتقصا من كمالاته.
فإذا ثبت لنا ذلك، وبحث ذلك طويل، وفصلته في كتبي الأربعة، لاسيما الأول والثاني «الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل»، و«لاهوت التنزيه العقيدة الثالثة»، التي أنتظر من الناشر نشرهما في عامنا الراهن؛ أقول إذا ثبت ذلك، فلا يمكن الجمع بين الإيمانين، الإيمان بالله، والإيمان بالدين. وأعني بامتناع الجمع من الناحية العقلية، لا من الناحية الواقعية، لأن الواقع لا يتطابق دائما مع قواعد وضرورات العقل دائما. فأن يجمع الدينيون بين الإيمانين، لا يدل على صحة الجمع من الناحية العقلية.
وكما بينت فيما هو التضادّ بين الأبيض والأسود، وقلت إنهما لا يمكن لهما أن يجتمعا في شيء واحد، في ذات المكان وذات الزمان، بل يمكن أن يرتفعا، أي ينتفيا كلاهما، ليحل مكانهما الأحمر أو الرمادي أو غيرهما من الألوان، أو اللالون بالنسبة لما يمكن أن يكون بلا لون، كالماء أو أي سائل شفاف، والزجاج والبلور والهواء. مثل ذلك نقول إن الإلهية والدينية لا تجتمعان، ولكنهما يمكن أن ترتفعا، لتحل محلهما اللادينية، أي الإلحاد، أي الفلسفة المادية.
ومن المهم أن أشير إلى أن ما أطرحه هي حقائق نسبية، لأنها تستند إلى استخدامي للأدلة العقلية. والدليل العقلي بذاته يمثل حقيقة مطلقة، لأنه لا يحتمل وفق ضرورات العقل إلا نتيجة واحدة. ولكن استخدامي – أنا الشخص المدعو ضياء الشكرجي – لهذه الأدلة هو استخدام نسبي، لاحتمال وجود ثغرة في عملية الاستدلال وطريقتها، لا في الدليل نفسه، وهذا متأتٍّ من صفتَي (اللاعصمة) و(اللاإطلاق) التي أعتزّ لا باتصافي بهما، فهذا مُسلَّم به، وإنما بوعيي لهما، والحضور الدائم لهذا الوعي عندي.
كملاحظة أحب أن أبين إن هذا البحث، ليس نصا، بل مضمونا، متضمن في كتبي الأربعة، التي تنتظر نشرها منذ بداية 2014، لاسيما في الكتابين الأول والثاني منهما، «الله من أسر الدين إلى فضاءات العقل»، و«لاهوت التنزيه العقيدة الثالثة»، والتي نشر الكثير من بحوثها (أي الكتب الأربعة) باسم تنزيه العقيلي قبل أربع سنوات، في إطار سلسلة بلغت أربعا وستين مقالة، من تاريخ 07/08/2009 ولغاية 29/01/2010، حيث بقيت لسنتين، أي من آخر 2007، أمارس شيئا من التقية، حتى قررت الإسفار والإفصاح.
أرجو ألا يستغرق اللاإلهيون في تسخيف فكرة (الإلهية)، وألا يستغرق الدينيون في تكفير فكرة (اللادينية)، وأن يقرأوا بتجرد، مع إن الحق محفوظ لأي منا أن يختلف بمقدار ويتفق بمقدار مع الآخر المغاير في العقائد والمتبنيات الفكرية. وشخصيا أحترم قناعة عقلاء الملحدين بإلحادهم، وأحترم قناعة عقلاء الدينيين بدينهم، طالما التزمنا جميعا مبدأي العقلانية والنسبية، وأدركنا نسبية كل منهما.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من «عصفورة حريتي» - فيّ لوثة جنون الفنان
- من «عصفورة حريتي» - أريدُ حريتي
- من «عصفورة حريتي» - أيتها الفتاة المسلمة فكي أسر شعركِ
- من «عصفورة حريتي» - ستبقى تحوم حولي الشبهات
- أي تركة كارثية سنرثها من داعش؟
- من «عصفورة حريتي» - مولودتي علامة الاستفهام الطائرة
- من «عصفورة حريتي» - سأكون حزينا يوم لا أحزن
- ملاحظات على العلم العراقي وشعار «الله أكبر»
- من «عصفورة حريتي» - لماذا لا تبدأ
- من «عصفورة حريتي» - لغات أحبها ولغات لا أحبها
- من «عصفورة حريتي» - يا عناصر ضعفي
- من «عصفورة حريتي» - أيتها الكلمة السجينة
- كيف تنسبون إلى الله ما تستنكرونه على خلقه؟
- من «عصفورة حريتي» - وأشرق القمر واستحالت الظلمة ضياء
- مشروع قانون الأحزاب يشرعن الطائفية السياسية
- من «عصفورة حريتي» - المفني عمره في الأحلام
- من «عصفورة حريتي» - لقائي ونفسي
- من «عصفورة حريتي» - تأنسنيات
- من «عصفورة حريتي» - حقيقة الكؤون الإنساني
- من «عصفورة حريتي» - تعنيف للذات


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - الله والدين ضدان لا يجتمعان