أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جمال - يكبرون ولا ينضجون














المزيد.....

يكبرون ولا ينضجون


أحمد جمال

الحوار المتمدن-العدد: 4733 - 2015 / 2 / 27 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


كيف سيولد النور ما لم يكن خلفه نار؟ وكيف سنحصل على الخبز مالم نحصل على الطحين أولاً؟ وهل هنالك أفكار وأحلام من دون رؤوس تحتضنها وتسكنها وتنمو بداخلها إلى حين غرسها فوق تربة الورق، لتورق وتثمر مثلها مثل أي حبة بلوط، أو شتلة زيتون؟!

وفيما بعد.. ستصبح حبة البلوط سنديانة كبيرة، وشتلة الزيتون شجرة، إنما ذلك لا يحدث ما لم تكن التربة بصحة جيدة، وخالية من الديدان والحشرات السامة، والهواء من حولها نقي نظيف، لا يحوي على السموم، والأهم من ذلك أن تكون نوايا من يزرع سليمة، معافاة من الحسد والنفاق والنخر والسوس.

إن كل فكرة جيدة لا بد أن تحمل ثمرة، وكل فكرة رديئة ستحمل ثمرة فاسدة، فالأفكار أجنة تتكون في رحم العقل، وتكبر في حديقة القلب، فإذا كان الرحم نظيفاً، والحديقة خالية من العقارب والثعابين، خرجت الأفكار كأطفال بريئة تنتظر نفوساً رحيمة ترعاها وتهتم بها حتى تكبر.

ألا يمر في حياتنا أناس يحسبون الأفكار التي يحملونها ويطرحونها أفكاراً عبقرية، وهم في حقيقة أمرهم ليسوا إلا غيوماً فارغة، وظلالاً مارقة، كلامهم دخان من غير نار، يعمي البصر ويخنق الأنفاس؟!

(إن عظمة المفكر المبدع في قلبه لا في يده، فاليد لا تستطيع أن تفعل أكثر مما يوحي به القلب.

ومثل الحكماء المفكرين في الأرض، مثل النجوم في السماء، من تركها ضلّ، ومن غابت عنه تحيّر).

الكلمات كالناس

ليست للكلمة المبدعة أرجل، ومع ذلك نراها تسبق جميع الكلمات، وليست لها أجنحة، لكنها ترتفع وتطير، وليس لها صوت، لكنها تُسمع ولها وقع عظيم في قلوب الحكماء ونفوس العقلاء.

إن الكلمات كالناس، تولد وتحيا وتموت، إنما بعض الناس يموت لحظة ولادته، وبعضهم يحيا ويخلّد بعد موته، (والكلمة الطيبة التي تقال اليوم، ربما أينعت ثمارها في الغد، ولا يتم حسن الكلام إلا بحسن العمل، كالمريض الذي قد علم دواء نفسه، فإذا هو لم يتداو به لم يغنهِ علمه).

الكلمة الساحرة هي تلك التي اقتنع أصحابها بأنها لن تعيش منفردة، وعليها أن تتحد مع غيرها من الكلمات التي تشبهها في المعنى وتختلف في الشكل والصورة، فالكلمة القوية المبدعة ستقوى بغيرها من الكلمات المتشابهة كما تقوى الصخور ببعضها، فترتفع لتصبح قلعة وحصناً منيعاً تموت عند أبوابه الكلمات المنافقة، والعبارات الدجالة.

(وليس الحديث بعدد الكلمات، بل بمضمونها، فالكلام يجب أن يزان لا أن يعد، فأحسن الكلام ما أغنى قليله عن كثيره). إن العسل طيب ونافع بشرط ألا يخلط معه الخل والملح، وهكذا الكلام الطيب، يبقى مفيداً إذا لم تخالطه كلمات فاسدة ومريضة، هدفها الهدم والخراب.

يكبرون ولا ينضجون

لا تضيق السماء إلا بأولئك الأقزام الضيقين، الذين لا يعرفون كيف يحلقون في سمائها، ولا تنزعج الأرض أو تتذمر إلا ممن لا يعرف كيف يزرع رحمها بأشجار اللوز ودوالي العنب والتين.

وشتان بين من ينصب الفخاخ والمصائد والألغام القاتلة، ومن ينصب أشجار الكرز والدراق. إن الشيء المؤكد فوق صدر أمنا الأرض هو أن ابن آدم حين يكبر ويقسو جسده وجناحاه يضيق بمن حمله ورباه، فيطير ويبتعد، أو يصبح مزاجه سوداوياً، وتصرفاته عمياء.

مثله مثل الكثير الكثير من أولئك المتزوجين المتذمرين من وجود آبائهم وأمهاتهم إلى جوارهم.

(وكم من نبع عظيم ولد نهراً صغيراً، وكم من شجرة عالية كانت نواة ضعيفة).

قد يكبر الإنسان بسهولة، لكن نضوجه قد يتأخر كثيراً.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلاف في الرأي يفسد للود ألف قضيه
- القضية الفلسطينية و صورة العرب و المسلمين في مخيال إسرائيل و ...
- أساطير الفيضان الإبراهيمية - الجزء الرابع
- تجارة الوهم
- أساطير الفيضان الإبراهيمية - الجزء الثالث
- العاهرة والبرجوازي -قصة قصيرة-
- أساطير الفيضان الإبراهيمية - الجزء الثاني
- أساطير الفيضان الإبراهيمية - الجزء الأول
- المجتمع المغربي كبنية تناقضية
- الأخلاق أم الدين
- الكُرد والكورد
- السبيل الى الخروج من فم الثعبان
- المجتمعات العربية المعاصرة بين إشكالية الإستلاب وأزمة الإغتر ...
- انا وانت والمساء


المزيد.....




- أبرز إطلالات مشاهير الموضة والسينما في حفل مهرجان البحر الأح ...
- رغم حكم بالسجن بتهمة -القيام بأنشطة دعائية-... المخرج الإيرا ...
- المشاهير العرب يخطفون الأنظار في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- خمسون عاماً على رحيل حنة آرنت: المفكرة التي أرادت إنقاذ التف ...
- احتفاء وإعجاب مغربي بفيلم -الست- في مهرجان الفيلم الدولي بمر ...
- عيد البربارة: من هي القديسة التي -هربت مع بنات الحارة-؟
- افتتاح معرض فن الخط العربي بالقاهرة بتعاون مصري تركي
- عام فني استثنائي.. 5 أفلام عربية هزت المهرجانات العالمية في ...
- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد جمال - يكبرون ولا ينضجون