أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد جمال - الأخلاق أم الدين















المزيد.....

الأخلاق أم الدين


أحمد جمال

الحوار المتمدن-العدد: 4273 - 2013 / 11 / 12 - 01:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الأخلاق أم الدين , السؤال الجدلى الذى لطالما كان سؤال محورى فى العديد من المناقشات بين اللادينيين و المتدينيين , فالمتدين يحاول وأد الثقافة اللادينية إعتمادا على مبدأ ان الدين أساس الأخلاق , و يدافع اللادينى إعتمادا على أن الإنسان أقدم من الأديان , و لكن هل هذا صحيح هل فعلا الدين هو منبع المنظومه الأخلاقيه للفرد و المجتمع , و إذا كان ذلك صحيحا فكيف يكون اللادينى أخلاقيا , و كيف يستطيع اللادينى استنباط ثقافة أخلاقيه تجعل هذا خطأ و هذا صواب ؟ , و كان هذا هو السؤال الذى جعلنى أفكر فى مثل هذه المسأله , و لأنى لست بمفكر فلسفى ولا عالم من علماء علم الإجتماع و المنطق فلم أعرف كيفية الرد بل جاهدت فى محاولة لإثبات وجهه نظرى القائلة بأن الأديان تتغير فيها المنظومات الأخلاقيه تبعا للأهواء الآلهية و لكن هذا ليس بجواب يكفى لإقناع الشخص البسيط بأن اللادينى قد يمتلك الثقافه الأخلاقيه , و لهذا قمت بهذا البحث الذى قد يساعد البعض منا فى محاولة لفهم ماهية المنظومات الأخلاقيه و علاقتها بالأديان و من كان أولا الأخلاق أم الدين ؟؟


بالإستماع إلى رجال الدين المختلفين ستجد أن كل ما يقال يدور حول أن الإنسان يحتاج إلى التعاليم الدينية التى تنظم أخلاقياته و إلا سيكون بدون أخلاق , و هذا بالطبع معتمد على أن الإله أتى أولا ثم أتت تشريعاته للبشريه و عن طريق هذه التشريعات إستطاعت البشرية الإرتقاء و التقدم , و لكن لا يوجد أى دليل صريح و واضح يؤكد هذه الخرافات , فالخرافة الدينية المتعلقه بالإله نفسها تم إيجادها و إستنساخها مرارا و تكرارا من قبل البشر , فمختلف الديانات تتحدث عن سلوكيات معينة و مختلفة يتسم بها الأشخاص الذين وضعو أسس هذه الديانات و تم إختيارهم للتواصل مع القوى الغير طبيعيه كمثال للإحتذاء به , و بالرجوع لمعنى المنظومات الأخلاقيه التى تتبناها الأديان نجد أنها مجموعة من القيم و المبادئ تحرك الأشخاص و الشعوب كمبادئ العدل و الحريه و المساواة و الحق فى الحياة الكريمة , بحيث تجتمع تلك المبادئ و تكون الطريق الأساسى للمجتمعات بحيث تحسب ضمن منظومة المجتمعات الثقافية التى تستمد منها القوانين و الأنظمة الخاصة بتلك المجتمعات , أى أن الأخلاق فى حد ذاتها تعتبر هدف و ليس وسيلة تسعى إليها المجتمعات لتحقيق المبادئ الدينية , و هذا يمكن شرحه من خلال قواعد المنظومات الأخلاقية , فعن طريقها يتم وضع معايير معينة للسلوك الإنسانى يضعها الإنسان لنفسه أو يعتبرها إلتزامات و واجبات مفروضة عليه من قبل الإله يجب أن تتم بداخلها جميع أعماله للوصول للهدف العام للمجتمع و هو تحقيق كل مبادئ المنظومة الأخلاقية , إذن الأخلاق ما هى إلا مجموعة معينه من المعتقدات و المثاليات الموجهة و التى تتخلل الفرد أو مجموعة من الناس فى مجتمع معين .


و عند إلقاء نظرة سريعه على الدين نجد أن الدين لا يوجد له تعريف ثابت , فهناك العديد من التعاريف المختلفه الناتجه من محاولة تفسير معتنقى الديانات المختلفه لكلمة الدين , و كل هذه التعاريف تتصارع فى محاولة للوصول إلى تعريف أدق و فى ذات الوقت يضم أكثر قدر من المعايير الأخلاقية الفاضلة , و لكن بدمج جميع هذه التعريفات المختلفه و محاولة إستخلاص تعريف شامل لها نجد أن الدين فى الأساس يكون مجموعة من الأفكار و المعتقدات المستنده إلى قواعد أخلاقية متغيرة بتغير الأديان و التى توضّح بحسب من يعتنقوها إرتباط الوعى و الإدراك بالإله المقدس , و هو إحساس داخلى يصل إلى المتدين يجعله يعتقد أن العالم بل و الوجود بأسره تم إيجاده بشكل غير طبيعى عن طريق ذات غير بشرية بل تتمتع بقوى و إمكانيات تتعدى إمكانيات البشر بمراحل و تريد هذه القوى الغير بشرية تحقيق السمو الأخلاقى عن طريق وضع العديد من المقومات الخلقية التى يجب على أتباع هذه الديانات تنفيذها, و هنا نجد أن المنظومات الأخلاقية يستند إليها الدين بل و يحاول تقويم البعض من السلوكيات الفاعله فى هذه المنظومات نتيجة لإختلاف الثقافات و الحضارات البشرية .


و إذا ما إعتبرنا بشكل ما أن الأديان صحيحة فيكون عمر أقدم الأديان لا يتعدى 15000 عام , و بنظرة عامة على ما تم إكتشافه من أحافير و مستحاثات تم عن طريقها إثبات وجود الإنسان قبل هذا بكثير (منذ ما يقرب من 500 الف عام على الأقل) نجد أن الإنسان بطبعه كائن إجتماعى , يستخدم الهياكل الإجتماعية و يعتمد عليها كليا و الدليل على هذا تكوينة للأسر و العشائر و المجتمعات مما يتيح الإندماج فى هذه الهياكل الإجتماعية و التأثر بمنظومتها الأخلاقيه و التأثير فيها , و بالرجوع لأصل الإنسان نجد أن أجدادنا إستخدمو مثل هذه الوسائل قديما , و هناك بعض الموروثات من هذه المنظومات القديمة يتم تداولها حاليا كنوع من النشاط الإجتماعى للأفراد بداخل أى نوع من أنواع الهياكل الإجتماعية او كما تعرف بالعادات و التقاليد , فمثل هذه العادات و التقاليد لم تظهر بين يوم و ليلة , بل أخذت العديد من السنوات لكى يتم تثبت و تستقر.


إذن من هذا نستنتج أن الأخلاق لا ترتبط بالمقدس بل يأتى المقدس لتصحيح مسار الأخلاق و لذلك يمكن مناقشتها وتغييرها بحكم الخبرة في الحياة , فتكون المعايير الأخلاقية نتيجة العقل و التجربة و يحسب حساب العاقبة المباشرة للفعل إو الحافز المؤدي لذلك الفعل من الضمير أو المجتمع ، فالمنظومات الأخلاقية خاضعة لقانون التغير بحكم الزمان والمكان , و هنا نجد أن كل ماهو أخلاقي يرتبط إرتباط وثيق بالثقافات المتعددة للمجتمعات ويحسب حسابها فيُكوّن منظومة من القيم داخل تلك الثقافات ويعيد إنتاجها بعد التعديل مع كل جيل جديد , فقد كانت أخلاق اليونان مرتبطة بأساطيرهم وحكايات هوميروس ، لكن هذا لم يمنع فلاسفتهم من إنتاج قيم أخلاقية قائمة على أساس عقلي بحت , فبينما عبّر افلاطون في فلسفته المثالية عن الفضيلة والكمال ، عبر عنها أرسطو بفعل الخير و البحث عن السعادة من خلال الطريق الوسطي ، فالشجاعة هي طريق وسط بين الجبن و التهور , إذن فموضوع الأخلاق عند فلاسفة اليونان يدور حول حب الخير و العدل و الجمال , أما اليهودية والمسيحية كديانات توحيدية ترتبط بالوحي فقد عبرت عن الأخلاق من خلال وصايا الإله فى تنفيذ ما جاء فى تشريعات العهدين الجديد والقديم , أما في الإسلام ، فقد قال محمد ابن عبد الله “إنما بعثت إلا لأتمم مكارم الأخلاق” .


إذا ، ما أريد أن اصل أليه هو أن التصور الأخلاقي أشمل و أوسع من التصور الديني بل يمكننا القول أن التصور الأخلاقى يمكن إعتباره قاعدة أساسية يرتكز عليها الدين ، أي قاعدة للتشريعات العملية لسلوك الإنسان وإنتاج حلال و حرام معاصر تستند إليهم القيم الأساسية لهذا الدين , ليس فقط هذا بل و إنتاج الكثير من القيم التي يرجع الإنسان بعقله وتجربته في تحديد صحتها من بطلانها لا أن تملى عليه من المؤسسة الدينية مثل الحرية وحقوق الإنسان والحفاظ على البيئة وغيرها الكثير.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكُرد والكورد
- السبيل الى الخروج من فم الثعبان
- المجتمعات العربية المعاصرة بين إشكالية الإستلاب وأزمة الإغتر ...
- انا وانت والمساء


المزيد.....




- بابا الفاتيكان يطلب من الكاثوليك الصوم يوم الجمعة للصلاة من ...
- كنائس فلسطين تحذر من تهجير المسيحيين وسط تصعيد الاحتلال
- إيطاليا: تنظيف تمثال المسيح الغارق في ذكرى سبعين عاماً على و ...
- كنائس فلسطين تحذر من تهجير المسيحيين وسط تصعيد الاحتلال
- إرنست ديفيد بيرغمان يهودي ألماني أسس البرنامج النووي الإسرائ ...
- ترامب: تحقيق السلام في أوكرانيا قد يفتح لي أبواب الجنة!
- ترامب: أريد أن أحاول -دخول الجنة- إن أمكن
- مصر.. ساويرس يوضح سبب ترحمه على عصام العريان القيادي الراحل ...
- ترامب يريد -دخول الجنة- بعد طموحه بنوبل للسلام
- سوريا.. الكشف عن سبب وفاة شاب في الجامع الأموي


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد جمال - الأخلاق أم الدين