أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - رسائل من قلب الحصار














المزيد.....

رسائل من قلب الحصار


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4732 - 2015 / 2 / 26 - 21:04
المحور: الادب والفن
    


رسائل من قلب الحصار

رسالته

لا رسائل اليوم أيضاً .
مضت أيام وأيام لم تصلني منكِ رسالة .. حصار من السماء .. حصار من الأرض .. وحصار القلب أقسى من أي حصار .
ليلة الأمس جلستُ وحيداً أسامر الشمعة .. استرسلت العبرات على وجنتيِّ كما استرسلت عبراتها الذابلة .. أخذت أقرأ إليها رسائلكِ السابقة وأتصفح معها ذكرياتنا ، وبعض الصور .
تذكرتُ أيامي الأولى معك .. حين أخذتُ أناجي الشمعة .. وأبثها قلقي .. ليلة جافاني فيها النوم ، ودبَّ فيَّ وخز الأرق .. فجلستُ بقربها أشكو إليها حالي وأسألها بقلق : هل ستحبُّني ؟ وإن بُحتُ إليها بمكنون صدري ، ودفء مشاعري .. هل ستتقبل مني هذا الحبِّ ؟
هي امرأة حزينة ، وقلبها موصد منذ زمن بعيد ، وأنا في كل يومٍ يزداد خوفي ، وتتسع لدي رقعة الأرق .. لم تجبني الشمعة يومها ، ولكننا تبادلنا ذرف الدموع من المقل .
بثَّ الفجر خيوطه الأولى وكنتِ لي .. فرحتِ أنتِ بهذا الحب ، لكنك كنتِ خائفة مني ، وكثيرة الشكِّ ، وكلما حاولتُ تبديد هذه الخوف ليعود الصفاء إلى سمائك ، وأنعم معك بلحظات من الحب .. كُنتِ تتقلبين كأوراق أيلول الخضراء المائلة إلى الاصفرار .. لكنِّي لم أكن لأتخيل في حينها أنك ستهوين ، وأن رياح الخريف ستحملك بعيداً عني ، وأبقى وحدي أجرُّ أذيال ما مضى .
لم أيأس منك .. ولم أكلُّ أو يعتريني الملل من بثي إياك لكلَّ هذا الحبِّ .. ولم تفتر مشاعري لحظة .. لكنَّ قلبك للأسف كان موصداً .
اليوم وفي هذا الجو الخانق .. أرسلتُ إليك أنفاسي على أمل أن تحتضنيها ، وتضِّميها إلى صدرك .. كما كنتِ تفعلين حين كانت تنتابك نوبات العشق المجنونة .. التي سحرتني بك ، وأفقدتني لبِّي .. وجعلتني أسير خلفكِ تائهاً ..وأنتِ بوصلتي .
لكنِّها عادت إليَّ خائبة الرجاء ، باردة الأوصال
حين ركضَتْ خلف إثركِ فلم تجدكِ .
أعلم أنك محاصرة مثلي .. وأعلم أن الحنين يقفز من بين ضلوعك .. ولواعج الفراق تدمي فؤادك .. وأنك في ظل هذا الحصار لن تقوي على بثِّي أنفاسك الملتهبة .. لكنِّي أحتاج الآن إلى إجابة .. إلى متى سأبقى أذوب كالشمعة في حبك ؟ إلى متى ؟
أرجوك اخترقي الحصار واكتبي لي .. أرسلي إليَّ بعض الحروف .. مبعثرة وإن تكون .. وأنا ألملمها في كفي ، أرويها بدمعي ، أدثرها بأنفاسي ، وأسكنها حجرات قلبي الموصدة في وجه أعتى أنواع الحصار .

رسالتها

من قال بأنني لم أحاول خرق الحصار ؟
من قال بأنني لم أحاول بثك أنفاسي المتعبة والتائهة في فضاء هذا الحصار الضبابي ؟
لكنهم حاصروا أنفاسي ، وصادروا حروفي ، وأبقوني في خانة الممنوع من الصرف .

في كل ليلة أحمل شمعة حزينة .. أذرع بها تلك الطرقات التي كانت تجمعنا .. أجوبها مراراً ، أبحث فيها عن خيال لك منسيٌّ على أحد الجدران ، أفتش فيها عن ظل خطوات لك تأخرت في عودتها ذات مساء ، أقود شمعة هزيلة تدلني على شرفة نافذة أتلصص منها على بريق عينيك ، وبحة همسك .. ومن ثم أعود أدراجي كل ليلة خالية الوفاض .. إلا من شمعة ذاب عمرها وهي ترافقني في اقتفاء أثرك .
لم أجد أمامي سوى أيلول ..
ألم نطفىء شموع أيلول في الأمس ونودعه حتى الباب ؟
كيف عاد ؟ لماذا عاد أيلول سريعاً هذا العام ؟
سألتُ حكيمة البلدة : ولماذا أيلول بالذات ؟
قالت : هي مشيئة الله .
قلت : ولكن ألا يجوز أن يأتي أيلول عاماً ويغيب أعواماً ؟
ضحكت بخبث وقالت : أيلول يأتي مرة كل عام.
ولكنه أتى هذا العام مرتين ! مرتين أتى هذا العام .
بالأمس كنت أستلقي في حضن القمر .. تداعبني أنواره .. يناجيني طيفك .. ويطول بيَّ السهر ..
لكنهم اليوم صلبوا القمر خلف الجدار .. وأطبقوا على أنواره فكيِّ الحصار .
وضوء الشمعة بات يخيفني في ظلمة الليل .. يخيل إلي أنَّ طيفك الملائكي أصبح شبحاً طويلاً يلاحق ذيل ليلي .. يبرز إليَّ أنيابه .. وعيناه يقدح منها الشرر .. أحاول أن أفرَّ من قبضته .. لكن ..
لا .. لا تقلها .. أنا لم أخدعك .. لم أخدع أحداً ..
كثيرة الشك أنا .. نعم .. لكنني لم أخدعك ..
لم أرسل حروفي .. نعم .. لكني لم أخدعك .
هو الحصار ..
هو الحصار ..
وأنا وأنتَ وهذا القمر الحزين نرزح تحت نيرهذا الحصار .


ميساء البشيتي



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وردة لأمي
- زوابع الياسمين
- همسة في أذن السماء
- لمن يريد أن يستمع !
- لقاء الخريف جزء 6و7
- لقاء الخريف جزء 5
- لقاء الخريف 4
- أسرار صغيرة .. إلى روح الشاعر - محمود درويش - .
- بوابات الانتظار
- يسألني الخريف
- لقاء الخريف .. جزء 3
- تمرُّ الأعوام
- لقاء الخريف جزء 2
- لقاء الخريف جزء 1
- مدينة أيلول الجديدة
- الحج إلى صقلية - Sicily -
- نغم من بلادي
- رسالة طفل
- عاجل ومهم جداً
- أزهر اللوز


المزيد.....




- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - رسائل من قلب الحصار