ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 22:35
المحور:
الادب والفن
(6)
هنالك من أصبحت قلوبهم أقسى من الصخر , وهناك من تلونت أمزجتهم , وتقلبت أراؤهم , وماتت ضمائرهم , وتضخمت قوى الشر في نفوسهم , ومنهم من أهدى روحه إلى الشيطان , ومنهم من استعار من الشيطان عباءته وقرنيه , فأصبح لديه قرنان ينطح بهم أفئدة أحبته .
لا تحدثيني عن قسوة البشر , ولا تقارني حديثي عنهم بحديثي عن قسوة الصخر ، فالصخر خلق ليكون صخراً , صلباً , قاسياً , ولو كان هشاً لانتفت عنه صفة الصخر !
بينما الماء خلق ليكون صافياً , رقراقاً , عذباً , سلسبيلاً , وإلا لأصبح ماء الموت , وليس ماء الحياة والعين .
والجبال الشاهقات خلقت متعرجة ليسهل صعودها ووصول القمم , ولو كانت سهلة , منبسطة , لما ارتفع البشر عن سطح الأرض !
هذا الحال يا صغيرتي لا ينطبق على بني البشر . فالبشر أصبحوا قساة القلوب , بل أقسى من الصخر . ضمائرهم , أفئدتهم , أحاسيسهم ، أحاديثهم .. كلها ملتوية , متعرجة ..أكثر من الجبال الشاهقات القمم , ونفوسهم مالحة أكثر من مياه البحار , ورؤاهم شحيحة كأمطار الصيف على الأراضي المقفرة , وعقولهم جدباء كأشجار الزينة .. جميلة نعم لكنها غير مثمرة .
وأكثر من ذلك بكثير .. فهؤلاء قوم لا يُعتب عليهم , ولا يؤخذ منهم عنبٌ .. بعد طول العتب !
(7)
وقلبي يا أيها الخريف , قلبي اليافع كيف له لكل هذه المتغيرات أن يفهم ؟
قلبي لا يريد الكثير , ولا يريد المستحيل , يريد أن يفتح نوافذ النهار على شمس ذهبية , وليس على شمس كالحة ، يريد أن يسمع زقزقات العصافير , وليس أصوات نواحها , يريد مصافحة أوراق الورد , وليس وخزات أشواكها ، يريد أن يقبِّل الياسمين من بين عينيه , لا أن يضمد عينيَّ الياسمين بعد أن أصيبت بمقتل , يريد أن يجمع حبيبات اللؤلؤ عن شاطىء البحر , لا أن يجمِّع طلقات البارود ، يريد أن يرسم خريطة قلبه على فنجان القهوة , ثم يتتبع أثره ، لا يريد أن يرسم فخاً لصديق , ثم يسرع الخطى ليتقبِّل فيه خالص العزاء !
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟