|
لمن يريد أن يستمع !
ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4675 - 2014 / 12 / 28 - 19:56
المحور:
الادب والفن
أنتظر الأعياد بلهفة المشتاق ، بفرحة طفل صغير ينتظر العيد على باب الدار ، أعدُّ للأعياد قلباً معطراً بالفرح ، وأمانيَّ لا حصر لها ، بدءاً من الأمن والآمان ، وانتهاءً بالسلم والسلام ، وأحلم بالعيد دون أن أكترث عيد من ، ولمن ، بما فيه العيد الوطني وعيد العمال . وفي كل عيد أجلس وحيدة ، أترقب من يقرع الباب ، ....... ولا أحد ، أتذكر أغنية قديمة تقول : " ما في حدا , لا تندهي ما في حدا " ، أطوي صفحة العيد بحزن وملل ، ومع ذلك في كل موسمٍ للأعياد ، أقف في الباب ، وأنتظر العيد بلهفة المشتاق ! عام جديد يهلُّ علينا ، أفرح أنا بالعام الجديد ، وأبدأ برسم خريطة حلم جديد ، يليق بهذا العام ، وما أن ينتصف الليل ، وتعلن ساعة الوقت ، أننا دخلنا بسلام العام الجديد ، حتى تحلُّ بيَّ حالة غريبة من الكآبة الممزوجة بالحزن ، والقهر ، والسخط ، والغضب ، ماذا يعني عام آخر جديد ؟ يعني الكثير ، وهذا ليس تحاملاً مني على العام الجديد ، وليست مبالغة ، أو سرد عبارات لا يحتملها النص ، هدفها السامي تعكير أجواء الصفو في العام الجديد . في العام الجديد ، كبرنا .. فما عادت تنطلي علينا حيَّلُ الكبار ، وأكاذيبهم البيضاء ، من أن الفقر أكثر نبلاً ، والثراء ولد في أرض ملعونة ، والسماء تغدق بالمطر فقط على الأراضي الجدباء . في العام الجديد ، تكاثرت أعدادنا ، فكثرت الخيام ، وتمزقت أوصالها من التضخم ، وأصبحَ لها جيوباً ، وأخذت تجرُّ خلفها أذيالاً ، وتعلَمت كيف تبسط يدُّها للمطر ، إن فاجأها الظمأ ! وفي العام الجديد ، هرمنا ، فلم تعد خيامنا قادرة على التصدي بصدرها العاري ، وثوبها الممزق ، لموجات البرد ، والثلج ، والصقيع . وأصبحنا أكثر هشاشة ، فكل نشرة أخبار تبكينا ، وصور المجازر تستنزف طاقات الأمل فينا ، من حياة أصبح نصفها الملآن دماء ، ونصفها الفارغ تهديد بالفناء ! أصبحنا أكثر حساسية ، فلم نعد نحتمل أكثر من وجهة نظر ، لم نعد نستوعب فكرة الرأي ، والرأي الآخر ! وليس لدينا القدرة على تخيُّل أنه يوجد في هذا العالم من لا ينتمي إلى وجهة نظرنا ! أصبحنا أكثر عدوانية ، فالسلام بين الأخوة بالبندقية ، والتحية بين الجوار بالرصاص ، والويل الويل لمن يقف على نافذة الصباح ، يغازل وردة الجوار . أصبحنا أكثر أميِّة ، فلا طالبٍ للعلم ، ولا ساعٍ إلى حقول الثقافة ، ولا منتمٍ للفنون ، ولا قارعٍ لطبول الماضي العريق ، ولا مستهلٍ إلا بالسلاح ! أصبحنا أقل آدمية ، وأكثر وحشية ، أصبحنا أقل إنسانية ، وأكثر شيطنة من الشيطان ، أصبحَ ينطبق علينا المثل القديم الجديد المتجدد " جيل بعبع " ، " يأكل ولا يشبع ، تنادي عليه ولا يسمع ، يذهب ولا يرجع " نحن قد ذهبنا ، ولم نرجع ! وما يتحرك منا على هذه الأرض ما هي إلا أجسادنا ، لكنها خالية من أرواحنا ، أرواحنا التي ذهبت ضحية الظلم ، وما بقيَّ على الأرض ، هي أشباح الظلم ، والظلام . وأبشع أنواع الظلم ، أن يظلم الإنسان نفسه ، فيكسر المرآة التي تعكس بشاعته ، ظناً منه أنه يواري هذه البشاعة ، ولا يدرك أن العالم يرى كل هذه البشاعة بمرآة أكبر ! في مستهل العام الجديد ، دعونا نتطهر من جهلنا ، من أنانيتنا ، من إفراطنا في الظلم ، من إسفافنا لكل الحقائق ، من التسليم بأن الخطأ وارد ، لأن الاستمرار في الخطأ جريمة لا تغتفر ! دعونا نعيد الدم إلى العروق ، وإلى الوجوه ، وإلى شرايين الحياة ، وليس إلى الشوارع ، والأزقة ، وأبواب المخيمات ! دعونا نغلق بالشمع الأحمر خيام العزاء ، فالحياة للجميع ، وليس من حق أيٍ كان ، أن ينهيها ، وعلى طريقته . وكل عام وكلماتي ليست ثقيلة على أحد ! ولتحل علينا البركة ، والخير ، والأمن ، والآمان ، إذا شاء الله .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاء الخريف جزء 6و7
-
لقاء الخريف جزء 5
-
لقاء الخريف 4
-
أسرار صغيرة .. إلى روح الشاعر - محمود درويش - .
-
بوابات الانتظار
-
يسألني الخريف
-
لقاء الخريف .. جزء 3
-
تمرُّ الأعوام
-
لقاء الخريف جزء 2
-
لقاء الخريف جزء 1
-
مدينة أيلول الجديدة
-
الحج إلى صقلية - Sicily -
-
نغم من بلادي
-
رسالة طفل
-
عاجل ومهم جداً
-
أزهر اللوز
-
حلم كأنت
-
ممرات شائكة
-
مشوار الألف ميل
-
رسالتي
المزيد.....
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
-
-بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|