أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - باثولوميو بيل يترجم -الأرض اليباب- إلى صورٍ بصريةٍ مُدهشة














المزيد.....

باثولوميو بيل يترجم -الأرض اليباب- إلى صورٍ بصريةٍ مُدهشة


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4723 - 2015 / 2 / 17 - 14:59
المحور: الادب والفن
    


كثيرون أولئك الذين يستوحون أعمالهم الفنية من قصص وقصائد ومسرحيات وروايات ذائعة الصيت، لكن القليل منهم مَنْ يُدرك طبيعة الأعمال الأصلية، ويغوص فيها، ويتماهى في فضاءاتها الداخلية العميقة. وعلى الرغم من صغر سن الفنان البريطاني باثولوميو بيل (1989) إلا أن تجربته الفنية التي تتمثل بمعارضه الشخصية الثلاثة التي أُقيمت في لندن وديربي تكشف عن موهبة كبيرة لا يمتلكها مجايلوه من الفنانين التشكيليين. وقد بلغت هذه الموهبة الفنية حدود الفرادة النوعية التي أشار إليها نقاد الفن التشكيلي ومتابعوه ضمن حدود المملكة المتحدة خصوصاً بعد حصوله على جائزتي جوناثان فايكرز وديروينت فالي ميلز.
تتعاضد الأشكال والمضامين في إبراز عناصر القوة في الأعمال الفنية لبيل الذي درس الرسم في كلية ويمبلدون للفنون، كما درس التصميم في جامعة غلوسيسترشاير الأمر الذي منح لوحته مصدراً أساسياً من مصادر القوة والتوازن، هذا ناهيك عن اللمسة الجمالية التي تتوفر في غالبية لوحاته إن لم أَقُل كلها على الإطلاق.
يستمد بيل موضوعاته حتى هذه اللحظة من ثلاثة مصادر مهمة وهي الأساطير، والقصص الفوكلورية، والشعر البريطاني على وجه التحديد وعلى رأسهم شيكسبير و ت. س. إليوت، وربما تتوسع أبحاثه في السنوات القادمة التي سوف تشهد مراحل جديدة في قراءاته الثقافية، وتطوره الفكري الذي قد يلامس بعض الجوانب الفلسفية لتمثّل الصور الشعرية وتطويعها على سطوحه التصويرية اللافتة للانتباه.
لا نريد الخوض في موضوعي الأساطير والقصص الفوكلورية التي عالجها بيل في أعماله الفنية السابقة ذلك لأنه معرضه الشخصي الرابع الذي نظّمته جمعية الفنون الجميلة بلندن للفترة من 24 يونيو ولغاية 29 آغسطس 2014 يتمحور حول ثيمة عنوانها "كومة من الأصنام المُحطّمة" وهي جملة مُستعارة من البيت الثاني والعشرين من قصيدة "الأرض اليباب" المؤلفة من خمسة مقاطع أبرزها "دفن الموتى". ونظراً لأهمية العنوان فسوف نقتبس المقطع المهم الذي يمتد من البيت التاسع عشر حتى البيت السادس والعشرين من "دفن الموتى" الذي يقول فيه ت.س. إليوت بترجمة الدكتور عبد الواحد لؤلؤة: (ما هذه الجذور المتشبثة، أية غصون تنمو / من هذه النفايات المتحجرة؟ يا بن آدم / أنت لا تقدر أن تقول أو تحزر، لأنك لا تعرف غير / كومة من مكسّر الأصنام، حيث الشمس تضرب / والشجرة الميتة لا تعطي حماية، ولا الجندب راحة / ولا الحجر اليابس صوت ماء. ليس / غير الظل تحت هذه الصخرة الحمراء / "تعال إلى ظل هذه الصخرة الحمراء").
ربما يتبادر إلى الذهن دائماً سؤال جوهري مفاده: هل يمكن ترجمة الأعمال الأدبيةإلى منجزات فنية إبداعية كاللوحات والمنحوتات والأعمال التركيبية وما إلى ذلك؟ وما هي درجة الدقة في تجسيد هذه الأعمال؟ لا شك في أن الجواب يظل متأرجحاً بين السلب والإيجاب. فلوحة "أوفيليا" التي استوحاها الفنان البريطاني جون إيفرت ميليه من مسرحية "هاملت" تبدو متطابقة جداً مع الصورة الشعرية التي وردت في النص المسرحي آخذين بنظر الاعتبار هيمنة المناخ الواقعي الذي لا يخلو من لمسات تعبيرية واضحة. أما الفنان باثولوميو بيل الذي نفّذ هو الآخر لوحاته بأسلوب تشخيصي أيضاً، لكنه استعان بالتعبيرية التجريدية التي تذكّرنا بأعمال جاكسون بولوك وهانس هوفمان. وقد نجح إلى حدٍ كبير في تمثّل الصور الشعرية الإليوتية الغامضة وتجسيدها على السطوح التصويرية ولعلي أشير هنا إلى لوحة "الجذور المتشبثة" التي اختصرها بيل بهذا الشكل الملتوي الذي يغوص في أعماق التربة. وفي خلفية اللوحة نلمح رجلاً وحيداً غارقاً في التفكير والعزلة. في لوحة "أية عصون تنمو؟" ثمة تجسيد واقعي لهذه الغصون التي نمت وأحاطت بإنسان طاعن في السن، محني الرأس والقامة، غارقاً في اليأس والضياع هذه المرة. ربما تكون اللوحة الثالثة المعنونة بـ "كومة من الأصنام المحطّمة" هي الأكثر إرباكاً بين جميع لوحات المعرض، ذلك لأنها تخلو من الأصنام الحقيقية المحطّمة، اللهمّ إلاّ إذا اعتبرنا الفيغرات الأربعة التي تهيمن على مساحة اللوحة برمتها هي أصنام رمزية محطّمة من الداخل، وأنها تعاني من الضياع المطلق الذي كان يشعر به الناس بعد الحرب العالمية الأولى.
لا يمكن فهم بعض لوحات هذا المعرض دون العودة إلى قصيدة "الأرض اليباب" بغية فكّ رموزها ومشفّراتها البصرية. وكلنا يعرف أن الصخرة هي من الرموز المهمة في شعر إليوت لكننا لا نرى في لوحة "تحت الصخرة الحمراء" ما يشير إلى وجودها الفيزيقي، لكننا نستطيع أن نستدل عليها من خلال المستطيل الأحمر الذي يتصاعد فيه خيط مستقيم سوف يتلولب في نهايته ليذكّرنا بـ "الجلجثة"، وهو المكان الذي صُلب فيه المسيح وانفلق فيه الصخر.
لا يجد المتلقي صعوبة في تأويل بعض اللوحات مثل "البحّار الغريق" فمن خلال المركب المحطّم نستدل على البحّار الغريق. أما الخطاب البصري الأكثر أهمية في هذه اللوحة وسواها من لوحات هذا المعرض هو المناخ الفضائي أو الأوتموسفيري الذي يضع المتلقي أمام مشهد واسع استدعاه الفنان بغية اللعب على الأشكال الفنية التي تجمع بين ثنائية الواقع الملموس والأحلام الفنتازية الغامضة التي تتسيّد فيها فواجع الحرب التي حوّلت جنتنا الأرضية إلى "أرض يباب".



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيات غير مألوفة، وثيمات صادمة بعض الشيئ
- الطاقة المؤلمة في معرض تركيبي مشترك
- قراءة نقدية لديوان غريب على قارعة الطريق
- قل متى؟ للمخرجة الأميركية لين شيلتون
- تنظيرات الناقد لجمهورية الشعر
- حياة ثقيلة تستمد مادتها من المذكرّات والسيرة الذاتية
- ويسترن أم أنتي ويسترن؟
- الانتحار الجماعي الغامض
- عفوية الأداء في بلد تشارلي
- مهرجان روتردام السينمائي الدولي بافتتاح بريطاني واختتام أمير ...
- يان ديمانج يرصد محنة جندي وحيد وأعزل في متاهة معادية
- الشاعر صلاح نيازي: ليست هناك قاعدة في الترجمة
- الانتحار في السجون البريطانية
- دِببة ألاستير فوذَرغِل وكيث سكولي
- قبل أن أذهب للنوم لروان جوفي والسقوط في فخاخ الرعب والجريمة
- في الثقافة السينمائية: موسوعة سينمائية في النقد التنظيري وال ...
- في الثقافة السينمائية: قراءة نقدية لأكثر من مائة كتاب (1 - 2 ...
- الشخصية المازوخية في رواية -أقاليم الخوف- لفضيلة الفاروق
- اشتراطات اللعبة الفنية بين القاتل المأجور والضحية في رواية - ...
- معرض مشترك لخمسة فنانين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - باثولوميو بيل يترجم -الأرض اليباب- إلى صورٍ بصريةٍ مُدهشة