أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - ثقافة الدم «الداعشية»














المزيد.....

ثقافة الدم «الداعشية»


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4716 - 2015 / 2 / 10 - 08:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لعل الخطوة الأولى في العلاج الطويل من «الداعشية» المقيتة التي عششت في بعض جوانب حياتنا الثقافية والسياسية والاجتماعية هو الاعتراف بوجودها. «الداعشية» ليست «داعش» فحسب، فهذه الأخيرة إنما هي التمظهر الأبشع للمرض السرطاني. «الداعشية» هي الفكر المتطرف والإقصائي والاستئصالي الذي يمتد من المناهج المدرسية في بعض البلدان العربية، متجسداً في انتشار فكر «ذهنية التحريم» التي تشل العقل والإرادة وتحول الملايين من الناس إلى إمعات وتابعين عميان لهذا المفتي المتوتر أو ذاك. علينا أن نعترف بأن التعاطف الضمني أو العلني مع «داعش» موجود لدى البعض، وربما لم يزحزحه بشكل قوي إلا الجريمة البشعة التي أقدم عليها الأخير بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة. «كيف وصلنا إلى هنا»؟ هو السؤال الذي ينبغي ألا يتركنا ننام، وكيف صار القتل والدم وإزهاق الأرواح جزءاً من «ديننا ودنيانا» بحسب فهم المتطرفين المنحرفين، نتجادل في مقدار الدم وكيفية الذبح!

بعد الاعتراف بمظاهر «التدعش» في حياتنا التي ظلت تنتشر كالوباء المدمر خلال العقود الماضية، علينا أن نستأصل الأصول والجذور الفكرية والثقافية والدينية لـ«الداعشية»، وعلى رأسها الفكر المتعصب ومناهج بعض فقهائه الراهنين والقدماء.


لا يتبع مجرمو «داعش» ما أُوثر عن النص القرآني أو النبوي أو الراشدي في عدم قتل الأسرى أو التمثيل بالموتى، ولا محاربة متصومع هنا، أو مترهبن هناك، بل وحتى التأنف عن إيذاء الشجر والنبات، فضلاً عن النساء والأطفال وغير المحاربين، بل يتبعون من الفتاوى المنحرفة القديمة أو الجديدة، أسوأها. ثمة تلذذ بالدم وبالتفنن في القتل، ذبحاً، أو رمياً من الأسطح أو تفجيرَ الرصاص في الرؤوس جماعة... والآن حرقاً سينمائياً يدلل على اختراق التوحش كل أسقف التوقعات. لا يرى متلذذو الدم سوى الدم، وينقبون في تاريخ شاسع حوى كل شيء، كي يصلوا إلى مسوغ ما عبأوا به أصلاً.

لم يصل «داعش» أيٌّ من نصوص ومصنفات مئات فلاسفة العرب والمسلمين الذين أسست أفكارهم لاستنارة أوروبا، ولكن وصلتهم فتاوى التعصب والذبح ونقمتها وتشددها. يتهدد هذا التشدد مصائرنا نحن عرب ومسلمي القرن الحادي والعشرين، ويسيطر على مناهج تفكير البعض في زمننا ويفرد فتاواه في طول وعرض مجتمعاتنا. يُصدر التعصب أوامره في كل الاتجاهات، فتصطف طوابير الناقمين والمتعصبين، وبوصلتهم هي الدم ليس غيره. و«النظرية» المؤسسة والهادية للفكرة «القاعدية» و«الداعشية» تفيض بفكر (وتكفير) فقهاء التعصب، وتقوم على قتل «المنافقين المسلمين» أولاً، قبل الوصول إلى «الأعداء». ومن ليس في الصف «الداعشي» هو في نظرهم حكماً في صف «المنافقين»! وممن لا يجوز معهم سوى «جز الرقاب». على «الدواعش»، إذن، إبادة أكثر من مليار مسلم واحداً وراء الآخر حتى «تتطهر الصفوف» وتكون جاهزة بعدها لإبادة «الأعداء». ليس هنا عقل يمكن أن يحسب الزمن ويتأمل المكان أو يستعمل «الرياضيات». لا يندرج هذا في أي سياق منطقي، يندرج في سياق الدم فحسب.

أفواج من المتوترين، والمرضى، والمأزومين نفسياً، والفاشلين في الحياة، والمهمشين، والحاقدين على مجتمعاتهم، والمتراكمة في دواخلهم كل آفات القهر والانحطاط، والهروب من مواجهة الحياة، يأتيهم العنف على قاعدة فضية من التدين المزيف والمشرعن. عوض أن يكونوا في المشافي، تجمعوا وأطلقوا العنان للسكاكين لكي تجز الرقاب، وخلفهم صيحات التعصب تشد من أزرهم.

نص الدم ليس «داعشياً» حصرياً. بل يمتد كالسرطان المدمر في فضائنا الديني والثقافي والمدرسي. فقه الغلو والتطرف القديم وكتبه وفتاواه منثورة في كل مكان، وجاهزة لإثارة الدم. وإن لم يكن الدم فهي تؤسس له، وتخلق المناخ الملائم والجاهز للحقد والتعصب والكراهية وكل شيء.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «حي الأمريكان»: الحياة ضد الأصوليات
- «الدولة الإسلامية» أم حتمية الحداثة؟
- إيران وأميركا.. «انتظار» الصفقة!
- الهوية الوطنية الفلسطينية
- دعوة شجاعة ل «حماس» لمراجعة سياساتها وميثاقها
- مأزق «حماس».. وضرورة المراجعة
- تغيير قواعد اللعبة.. والملعب!
- أميركا والعالم.. في خدمة إيران وإسرائيل!
- الإعلام الديني والفتوى واحتلال «الحيز العام»
- رسالة إلى «حسن نصرالله»
- بين دفء «قانا الجليل».. ووحشية -داعش-
- حرب غزة وتصريحات «ليفني»
- الانتفاضة الثالثة.. قلب الطاولة وتصحيح المسار
- «الجدار الحديدي».. والإرادة الفلسطينية
- الوحش الإسرائيلي يلتهم نفسه!
- «المشروع الحضاري».. ضد مريم إبراهيم
- مجرمو -بوكو حرام- ... والموقف المطلوب!
- -الخضر- مخطوفا وقديسا لإنجلترا
- مرة اخرى: السلطان عبد الحميد والبطولة الزائفة
- السلطان عبد الحميد بين الحقيقة والايديولوجيا


المزيد.....




- 31 دولة عربية وإسلامية تدين تصريحات نتنياهو وخطة الاحتلال ال ...
- وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية يدينون تصريحات نتنياهو و ...
- -إسرائيل الكبرى-.. 31 دولة عربية وإسلامية تصدر بيانا مشتركا ...
- فلسطين تحذر من هجمة إسرائيلية -غير مسبوقة- على الكنائس
- حركة طالبان الأفغانية تحيي الذكرى الرابعة لاستيلائها على الس ...
- 31 دولة عربية وإسلامية تهاجم تصريحات نتنياهو وخطط الاستيطان ...
- في ذكرى السيطرة على أفغانستان.. زعيم طالبان يُحذّر من أن الل ...
- الرئاسية العليا: الاحتلال يستهدف الكنيسة الأرثوذكسية في القد ...
- إسلاميون أجانب يطالبون الدولة السورية بمنحهم الجنسية
- زعيم طالبان يحذر الأفغان: الله سيعاقب بشدة الذين لا يشكرون ا ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الحروب - ثقافة الدم «الداعشية»