أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - حول أهمية دراسة الفلسفة المادية وربط النظرية بالممارسة















المزيد.....

حول أهمية دراسة الفلسفة المادية وربط النظرية بالممارسة


خليل اندراوس

الحوار المتمدن-العدد: 4705 - 2015 / 1 / 31 - 11:05
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من المهم جدًا ومن الضروري لكل يساري ثوري ان يدرس الفلسفة المادية ويعمق المعرفة بها، وباعتقادي فإن طروحات وتصورات الفلسفة المادية غير معروفة على الوجه الصحيح، خصوصًا في عصرنا الحالي حيث تجري محاولات مدروسة ومبرمجة من قبل مؤسسات الدول البرجوازية ووسائل إعلامها تهدف إلى تهميش وتزوير وتشويه الفلسفة المادية.
فالفلسفة بشكل عام تسعى إلى تفسير العالم والكون. والفلسفة المادية ترتكز في سعيها هذا على الوقائع والتجارب والعلم. لذلك نستطيع ان نقول بان الفلسفة المادية تمثل "التفسير العلمي للكون".
والمادية تطورت ووصلت إلى أعلى مستوى لها من خلال صراع العلوم ضد الجهل والظلامية.
لذلك تجري في عصرنا الامبريالي الحالي محاربة الفلسفة المادية وخاصة المادية الجدلية (الديالكتيكية)، ويجري إقصاؤها في عالم الجامعات الرسمي.
والفلسفة المادية تطورت من خلال تاريخ طويل، وخاصة على يد ماركس وانجلز وبعد ذلك لينين. فهذه الفلسفة فلسفة حية دائمة الحركة والتطور.
وأيضًا الفلسفة التي ولدت وتطورت مع العلوم، وارتبطت بها وخضعت لها وتقدمت وتطورت معها لتتوصل مع المادية الحديثة، مادية ماركس وانجلز، إلى ان تجمع من جديد العلم كل علم والفلسفة في المادية الجدلية (الديالكتيكية).
لذلك مهم جدًا ان نذكر دائمًا بان الفلسفة الماركسية مرتبطة مع العلوم وتقدمها وخاصة علم الاقتصاد السياسي وعلوم الاجتماع وغيرها وغيرها.
ولكي نفهم مبادئ المادية الماركسية علينا ان نعود إلى المسألة الأساسية في الفلسفة وهي مسألة العلاقات بين الوجود والفكر في أيهما الرئيسي. تؤكد الفلسفة المادية بوجود صلة محددة بين الوجود والفكر بين المادة والذهن. بالنسبة للفلسفة المادية الوجود والمادة هما الحقيقة الأولى الشيء الأول، والذهن والفكر والإدراك هو الحقيقة الثانية.
"الذهن ليس سوى أعلى نتاج للمادة" (فريدريك انجلز: لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية. دار التقدم – موسكو). فبموجب الفلسفة الماركسية "الوجود يحدد الإدراك".
فلأول مرة في تاريخ المادية شملت هذه النظرية، أي النظرية الماركسية، الفلسفية المادية تفسير حياة وتطور المجتمع الإنساني. وإذ وحدت هذه النظرية بين المادية والدياليكتيكية (الجدلية) وهي نظرية تتناول القوانين العامة لحركة وتطور الطبيعة والمجتمع والتفكير والإدراك، وبعد اجتيازها مرحلة طويلة من التطور والنشوء والارتقاء استطاعت ان تفسر الطبيعة والمجتمع وتطورهما الدائم مع استبعاد اللجوء إلى القوى والأفكار الغيبية المثالية.
وهذه المجادلات الفلسفية تمس الجميع على نحو مباشر أو غير مباشر. فنحن البشر دون استثناء لا نعيش مجرد حياة، بل نعمل فيها نقبل أشياء أو نرفض أخرى. ونكافح من اجل شيء ما، وضد شيء ما. وتصرفاتنا أيًا كانت تمر عبر إدراكنا بشكل أو بآخر، ان ماهيتها واتجاهها الأساسي يتوقفان مباشرة على كيفية تصورنا للحياة وجوهرها ومكان الإنسان فيها أي على مبدأ وعقيدة معينة.
فبالنسبة للإنسان الذي يحمل الفكر المادي، نرى بان الإنسان يفكر لأنه يحمل دماغًا، وان الفكر هو نتاج الدماغ، فلا فكر بدون مادة بدون دماغ بدون جسد.
"إن وعينا وفكرنا، مهما يبدوان مفارقين، فانهما ليسا سوى نتاج جهاز مادي جسمي هو الدماغ" (فريدريك انجلز: لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية – ص 25).
وبالتالي فالوجود والمادة هما أشياء واقعية بالنسبة للماديين، أشياء موجودة خارج فكرنا، وليست بحاجة للفكر أو للذهن حتى توجد. كذلك الذهن والفكر لا يمكن ان يوجدا بدون مادة. فالأشياء التي تحيط بنا توجد مستقلة عنا على عكس ما يدعي المثاليون وهي التي تهبنا أفكارنا، وأفكارنا ليست سوى انعكاس الأشياء والوجود في دماغنا.
وليس كما كان يدعي المثاليون وخاصة هيغل والذي كان يقول بان الأشياء والطبيعة والوجود هي انعكاس للفكرة المطلقة؟
وأمام الوجه الآخر من السؤال عن العلاقات بين الوجود والفكر، يطرح السؤال: ما هي العلاقة بين أفكارنا عن العالم المحيط بنا والعالم نفسه؟
وهل يستطيع فكرنا ان يعرف العالم الواقعي؟ هل يمكننا في تصوراتنا ان نكون انعكاسًا صادقًا للواقع؟
وتسمى هذه المسألة في اللغة الفلسفية، مسألة مطابقة الفكر والكائن (انجلز: لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية، صفحة 21).
تؤكد الفلسفة الماركسية المادية بأننا نعم نستطيع معرفة العالم، والأفكار التي نكونها عن هذا العالم تزداد صحة، لأننا نستطيع دراستها بواسطة العلوم، وهذه العلوم تبرهن دائمًا بالتجربة ان الأشياء التي تحيط بنا تتمتع فعلا بواقعية خاصة بها، مستقلة عنا ويستطيع الناس إعادة إنتاج هذه الأشياء جزئيًا وخلقها اصطناعيًا. ومن هنا نستطيع ان نوجز فنقول ان الفلسفة المادية الماركسية تؤكد ما يلي:
1. إن المادة هي التي تنتج الذهن، واننا علميًا، لم نصادف قط ذهنا بدون مادة.
2. إن المادة موجودة خارج كل ذهن وليست بحاجة للذهن حتى توجد لأنها تملك وجودًا خاصًا، وانه بالتالي على عكس ما يدعي المثاليون، ليست أفكارنا هي التي تخلق الأشياء، بل ان الأشياء هي التي تعطينا أفكارنا.
3. إن باستطاعتنا معرفة العالم وان الأفكار التي نكونها عن المادة والعالم تزداد صحة، بما اننا نستطيع بواسطة العلوم تحديد ما نعرفه سابقًا واكتشاف ما نجهل.
وعندما يقول انجلز ان الفكر هو نتاج الدماغ يجب ان لا نتصور ان الدماغ يفرز الفكر كما يفرز الكبد الصفراء، بالعكس فانجلز حارب هذه النظرية (خاصة في كتابه لودفيغ فيورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية، وكذلك لينين في كتابه المادية والمذهب النقدي التجريبي).
فالوعي ليس إفرازًا لعضو من أعضاء الجسد إنما هو وظيفة الدماغ، فليس هو شيئًا كالصفراء أو الهرمون، انه نشاط. ان النشاط الإنساني هو نشاط واعٍ في بعض الظروف العضوية المعقدة التي تسمح بتدخل القشرة الدماغية. وهذه الظروف العضوية المعقدة هي نفسها غير منفصلة عن الظروف الاجتماعية. وهنا علينا ان نؤكد بان الفلسفة المادية الماركسية لا تستخدم العلم وحده لإثبات تأكيداتها. بل يستخدمون كذلك التجربة والعمل والممارسة التي تتيح مراقبة العلوم. فبفضل "معيار الممارسة" نستطيع المعرفة، نستطيع معرفة الأشياء.
"وطالما نحرص على تدريب حواسنا واستخدامها بشكل صحيح ونحصر سلوكنا داخل الحدود التي ترسمها ادراكاتنا المكتسبة والمستعملة بشكل صحيح، سنجد ان نتيجة تصرفاتنا تثبت تطابق ادراكاتنا مع الطبيعة الموضوعية للأشياء المدركة. ولم يوجد حتى الآن مثل واحد قادنا إلى الاستنتاج بان ادراكاتنا الحسية المسيطر عليها علميًا تولد في أذهاننا أفكارًا عن العالم الخارجي هي من حيث طبيعتها بالذات غير مطابقة للحقيقة أو ان هناك تنافرًا لازمًا بين العالم الخارجي وادراكاتنا الحسية عنه" (انجلز – الاشتراكية الطوباوية – ص 15).
عندما نخضع الطبيعة أو تاريخ البشرية أو نشاطنا العقلي للبحث الفكري تنشأ أمامنا لأول وهلة صورة لتشابك لانهائي من الصلات والتعاملات، حيث لا يبقى شيء دون حركة أو تغيير، وإنما كل شيء يتحرك ويتغير، ينشأ ويزول. كان هذا الرأي البدائي الساذج والسليم في جوهر الأمر عن العالم ملازمًا للفلسفة اليونانية القديمة وقد كان هرقليطس هو أول من عبر عنه بوضوح: "كل شيء موجود وغير موجود في نفس الوقت، لان كل شيء يسيل، وكل شيء يتغير باستمرار، وكل شيء يوجد في عملية مستمرة من الظهور والزوال". ومع ذلك فعلى الرغم من ان هذا المفهوم يعبر بشكل صحيح عن الطابع العام لصورة الظواهر في مجموعها، إلا انه لا يكفي لتوضيح التفاصيل التي تتكون منها صورة الظواهر. وطالما لا نعرف هذه التفاصيل فلن تكون لدينا فكرة واضحة عن الصورة كلها. ولفهم تلك التفاصيل لا بد من انتزاعها من ترابطها الطبيعي أو التاريخي، وبحث كل منها على حدة وفقًا لخصائصها، وأسبابها ونتائجها الخاصة الخ.
وفي هذه تنحصر قبل كل شيء مهمة العلم الطبيعي والبحث التاريخي وهما المجالان من العلم اللذان لم يشغلا لدى اليونانيين في العصور الكلاسيكية، ولأسباب مفهومة تمامًا، إلا مكانًا ثانويًا، لان اليونانيين كانوا بحاجة إلى جمع المادة اللازمة قبل كل شيء آخر. ولم تتطور مبادئ البحث الدقيق للطبيعة إلا عند يونانيي عصر الإسكندرية(1) وثم بعد ذلك في القرون الوسطى عند العرب". ولم يبدأ العلم الطبيعي الحقيقي إلا في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، ومنذ ذلك الوقت وهو يتقدم بسرعة متعاظمة أبدًا. إن تحليل الطبيعة إلى أجزائها المفردة وتقسيم العمليات والمواد الطبيعية المختلفة إلى طبقات معينة، ودراسة البناء الداخلي للأجسام العضوية المختلفة وفقًا لأشكالها التشريحية المتفردة – كل هذا كان شرطًا أساسيًا لتلك النجاحات العملاقة التي تحققت في مجال معرفة الطبيعة خلال الأربعمائة سنة الأخيرة. ولكن هذا الأسلوب في الدراسة ترك لنا أيضًا عادة بحث الأشياء وعمليات الطبيعة في انعزالها، خارج إطار ارتباطها العام العظيم، وبالتالي لا في الحركة وإنما في الوضع الجامد، لا كشيء يتغير جوهريًا، وإنما كشيء لا يتغير أبدًا ولا كشيء حي وإنما كشيء ميت. وعندما نقل بيكون ولوك هذا الأسلوب للنظر إلى الأشياء من العلم الطبيعي إلى الفلسفة قد خلق هذا القصور المميز للقرون الأخيرة وهو الأسلوب الميتافيزيقي في التفكير.
فبالنسبة للميتافيزيقي توجد الأشياء وانعكاساتها الذهنية، أي المفاهيم منفصلة ثابتة متجمدة لا تتغير، تخضع للبحث الواحد تلو الآخر دون ارتباط ببعضها البعض، وهو يفكر بتناقضات مطلقة مستمرة لا وسط بينها. وان جوابه هو: "نعم – نعم، لا – لا، وما عدا ذلك فهو إثم". وبالنسبة له (أي للفكر الميتافيزيقي) فالشيء إما موجود أو غير موجود وكذلك لا يمكن ان يكون الشيء هو ذاته وغيره في نفس الوقت. الايجابي والسلبي ينفيان بعضهما البعض بشكل مطلق. والسبب والنتيجة هما في علاقتهما ببعضهما في تناقض جامد أيضًا.

قد يبدو لنا هذا الأسلوب في التفكير من النظرة الأولى مقبولا تمامًا لأنه يلازم ما يسمى بالتفكير الإنساني السليم. ولكن التفكير الإنساني السليم، وهو رفيق محترم جدًا، بين الجدران الأربعة من حياته المنزلية يمر بأعجب المغامرات إذا أقدم على الخروج إلى عالم البحث الرحيب. وان الأسلوب الميتافيزيقي للفهم وان كان له ما يبرره بل يحتمه في عدد من المجالات التي تختلف سعتها باختلاف طبيعة موضوع البحث، يصل عاجلا أو آجلا إلى ذلك الحد الذي يصبح عنده وحيد الجانب محدودًا مجردًا ويتوه في تناقضات لا تحل، لأنه في تأمله للأشياء المنفصلة لا يرى وراءها صلاتها المتبادلة، ولا يرى وراء وجودها ظهورها واختفاءها، وينسى حركتها بسبب سكونها، ولا يرى الغابة من وراء الأشجار.
أما بالنسبة للديالكتيك الذي يتسم بكونه يتناول الأشياء وانعكاساتها الفكرية في علاقاتها المتبادلة وفي تشابكها وفي حركتها وفي نشوئها وزوالها، فإن مثل العمليات السابق ذكرها لا تفعل غير ان تؤكد طريقته في البحث وتعتبر الطبيعة محكًا للديالكتيك.
وهكذا لا يمكن التوصل إلى صورة دقيقة عن الكون وتطوره وعن تطور البشرية وكذلك عن انعكاس ذلك التطور في أذهان الناس إلا بالطريق الديالكتيكي، بالانتباه المستمر للتأثير المتبادل العام بين النشوء والزوال بين التغييرات التقدمية والتغييرات الرجعية.
بلغت هذه الفلسفة الألمانية الجديدة ذروتها بنظام هيجل الذي تنحصر أفضاله العظيمة في انه يقدم لأول مرة كل العالم الطبيعي والتاريخي والروحي في شكل عملية أي في حالة حركة مستمرة وتغير وتحول وتطور ويحاول ان يكشف عن الترابط الداخلي لهذه الحركة والتطور. ومن وجهة النظر هذه لم يعد تاريخ الإنسانية يبدو كفوضى وحشية من أعمال العنف التي لا معنى لها، والتي لا تستحق كلها غير الإدانة والنسيان السريع أمام منصة حكم العقل الفلسفي الناضج الحالي، بل أصبح هذا التاريخ يتمثل كعملية تطور الإنسانية نفسها، وتحولت مهمة التفكير الآن إلى تتبع المراحل المتتالية لتلك العملية خلال هذا التيه كله واثبات قوانينها الداخلية خلال كل ما يبدو من صدف بحتة.
وبالنسبة لنا لا يهمنا هنا ان هيجل لم يحل تلك المهمة. ففضله التاريخي ينحصر في انه طرحها. وهي مهمة من المستحيل على فرد واحد ان يحلها. ورغم ان هيجل – إلى جانب سان سيمون – كان أكثر المفكرين شمولا في عصره إلا انه مع ذلك كان محدودًا، أولا، بالحدود الحتمية لمعارفه الخاصة، وثانيًا بمعارف وعقائد عصره ذاك التي كانت أيضًا محدودة من حيث الحجم والعمق. ولكن يضاف إلى ذلك أيضًا ظرف ثالث، كان هيجل مثاليًا فبالنسبة له لم تكن أفكار عقلنا انعكاسا مجردًا إلى حد ما للأشياء والعمليات الواقعيةـ وإنما بالعكس، كانت الأشياء وتطورها بالنسبة لهيجل مجرد تجسيد "لفكرة" معينة كانت موجودة في مكان ما قبل نشوء العالم.
وبهذا وضع كل شيء رأسًا على عقب وشوهت تمامًا العلاقة الواقعية بين الظواهر العالمية.
ولان الاشتراكية الطوباوية السابقة للفكر والفهم المادي للتاريخ الماركسي، لم تتفق مع الفهم المادي للتاريخ ولم تتفق مع الديالكتيك فهي أي الاشتراكية الطوباوية، انتقدت الأسلوب الرأسمالي القائم على الإنتاج وآثاره إلا أنها لم تستطع ان تفسره، وبالتالي لم تستطع ولم تقدر على التغلب عليه وكل ما استطاعت ان تفعله هو ان تعلن عدم صلاحيته. وفقط الفهم المادي الماركسي للتاريخ استطاع ان يشرح حتمية ظهور أسلوب الإنتاج الرأسمالي في علاقته التاريخية وضرورته لفترة تاريخية معينة وبالتالي حتمية فنائه من ناحية، وان تكشف أيضًا الطابع الداخلي لأسلوب الإنتاج هذا الذي لم يكتشف حتى الآن من ناحية أخرى، إذ ان النقد السابق للمجتمع الرأسمالي قبل ماركس قد اتجه إلى الآثار الضارة أكثر منه إلى الإنتاج الرأسمالي نفسه. وقد تم الكشف عن ذلك بفضل اكتشاف ماركس للقيمة الزائدة. فقد اثبت ماركس ان تملك العمل غير المدفوع القيمة هو الشكل الأساسي لأسلوب الإنتاج الرأسمالي واستغلال العمال الذي يتم عن طريقه، وانه حتى في حالة ما إذا اشترى الرأسمالي قوة العمل بقيمتها الكاملة كبضاعة في سوق البضائع، فانه يستنزف منها مع ذلك قيمة اكبر مما يدفعه لقاءها، وان القيمة الزائدة هذه تكون في النهاية مجموع القيمة التي تتجمع منها في أيدي الطبقات المالكة كتلة رأس المال التي تنمو باستمرار. وبذلك قدم إيضاحًا لكيفية إتمام الإنتاج الرأسمالي وكيفية إنتاج رأس المال على حد سواء".
والإنسانية مدينة لماركس بهذين الاكتشافين العظيمين وهما الفهم المادي للتاريخ، وكشف سر الإنتاج الرأسمالي عن طريق القيمة الزائدة. فبفضل هذين الاكتشافين أصبحت الاشتراكية علمًا، وأصبحت المسألة تنحصر الآن قبل كل شيء في مواصلة تطوير هذا العلم في كل تفاصيله وعلاقاته المتبادلة".
وهكذا استطاعت الماركسية ولأول مرة في تاريخ المادية تفسير حياة وتطور المجتمع. وإذ وحدت الفلسفة الماركسية بين المادية والدياليكتيكية وهي نظرية تتناول القوانين العامة لحركة وتطور الطبيعة والمجتمع والتفكير، أتاحت الإمكانية لتفسير الطبيعة والمجتمع سواء بسواء مع استبعاد اللجوء إلى القوى الغيبية والمثالية والروح والفكرة المطلقة وما شابه. وفي النهاية – لان الماركسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا وفعالا بفلسفة ومنهج: هما الفلسفة المادية الديالكتيكية ومنهجها. لقد أصبح لزامًا علينا إذًا ان ندرس هذه الفلسفة وهذا المنهج، لفهم الماركسية فهما جيدًا، ولتفنيد جميع النظريات البرجوازية وحججها بالإضافة إلى مباشرة النضال السياسي الفعال، من خلال الاستناد والتمسك وممارسة هذه الفلسفة على ارض الواقع.
لقد قال لينين:
"لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" (لينين كتاب ما العمل – دار التقدم، صفحة 31).
وهذا القول يعني أول ما يعني انه ينبغي ربط النظرية بالممارسة. فالسلوك الاجتماعي السياسي للطبقات والشعوب بل لكل إنسان على حدة، وإدراكه للأمور الواقعة الموضوعية في عصرنا الحالي يمثل وزنا كبيرًا في ميزان التاريخ.




// ملاحظات:


1. تعود المرحلة الإسكندرية من تطور العلم إلى الفترة من القرن الثالث قبل الميلاد حتى القرن السابع الميلادي. وأطلق عليها اسم مدينة الإسكندرية التي كانت من اكبر مراكز العلاقات الاقتصادية الدولية في ذلك العصر.
2. الشارتية – أول حركة جماهيرية في التاريخ للطبقة العاملة نشأت في بريطانيا وقامت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن التاسع عشر. ونشر المساهمون في الحركة ميثاقًا شعبيًا (Charter)، وناضلوا في سبيل المطالب الواردة فيه بخصوص الحق الانتخابي العام وهلمجرا.




//مراجع:


1. انجلز – ضد دوهرنج.
2. جورج بوليتزر – مبادئ أولية في الفلسفة.
3. الوجود يحدد الإدراك – دار نشر وكالة "نوفوستي"، موسكو، عام 1987.
4. أصول الفلسفة الماركسية – تأليف جورج بولتيزر وجي بيس وموريس كافين. تعريب شعبان بركات، منشورات المكتبة العصرية بيروت.
• أسماء فلاسفة ذكرت:
- جون لوك 1632-1704، فيلسوف شعوري انجليزي اقتصادي برجوازي.
- بيكون فرانسيس – بارون فيرولام (1561-1626)، فيلسوف انجليزي مؤسس المادية الانجليزية، عالم طبيعي ومؤرخ.
- جان جاك روسو 1712-1778، منور فرنسي ديمقراطي.
- فريدريك انجلز – 1820-1895 من مؤسسي الشيوعية العلمية. زعيم ومعلم البروليتاريا العالمية. رفيق درب ماركس.
- هرقليطس – حوالي 540-480 ق.م. فيلسوف يوناني من مؤسسي الدياليكتيك مادي عفوي.



#خليل_اندراوس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنظيم والمعرفة عناصر نجاح النضال الثوري للطبقة العاملة (2- ...
- عناصر نجاح النضال الثوري للطبقة العاملة (1-2)
- تفاقم الأزمة العامة للرأسمالية
- الموقع التاريخي للامبريالية من وجهة نظر ماركسية
- آل سعود وكارثة فلسطين (الحلقة الأخيرة)
- آل سعود وكارثة فلسطين
- كيف تقهر الكوليستيرول
- تاريخ وحاضر آل سعود والتغلغل الإسرائيلي – في السعودية والخلي ...
- حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية أو بئس المصير لإسرائيل
- نقد يهودية الدولة من وجهة نظر ماركسية (2-2)
- نقد يهودية الدولة من وجهة نظر ماركسية (1-2)
- أوقفوا الحروب
- لا إكراه في الدين
- ما يميِّز الشيوعية
- الصراع الأيديولوجي كشكل من أشكال الصراع الطبقي
- اخطبوط الإرهاب الامبريالي- الصهيوني
- مَهام نضال قوى اليسار
- حتمية سقوط البرجوازية وانتصار البروليتاريا
- استراتيجية -الاحتواء المزدوج- الامريكية في منطقة الشرق الاوس ...
- عن عبادة الفرد


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - خليل اندراوس - حول أهمية دراسة الفلسفة المادية وربط النظرية بالممارسة