أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قحطان محمد صالح الهيتي - من هو الشيخ.....؟















المزيد.....

من هو الشيخ.....؟


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4704 - 2015 / 1 / 29 - 21:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما أكثرهم اليوم شيوخ الدين والعشائر، فلقد تسمى بهذا اللقب كل من هبَّ ودبَّ حتى صار الشيوخ بعدد الرعية. في كل يوم يطل علينا رجل أطر اسمه بهذا اللقب دون أن يعرف ما المقصود به، وقد تفشى هذا اللقب حتى لُقبَ به الكثير ممن لا يجيد القراءة والكتابة؛ والصحيح أنها لا تطلق إلا على من يستحقها، إما لكبره، أو لشرفه وسيادته في قومه، أو لعلمه.

لقد وردت كلمة شيخ في القرآن الكريم في أربعة مواضع هي قوله تعالى: (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) هود:72 . وقوله عز وجل: (قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف:78. وقوله تعالى: (قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) القصص:23، وأخيرا قوله سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا) غافر:67.

فكلمة الشيخ لا تعني في القرآن العالم أو الفقيه في الدين، أو سيد القبيلة أو العشيرة، أو أنها بضاعة تشترى من قبل من يدفع ثمنها. إنما تعني الرجل الكبير في السن. وتعني كلمة (شيخ) في اللغة العربية كل ُّمن استبانتْ فيه السن وظهر عليه الشيبُ، وقيل هو شَيْخٌ من خمسين إِلى آخره، وقيل هو من إِحدى وخمسين إِلى آخر عمره، وقيل هو من الخمسين إِلى الثمانين. والجمع شيوخ وأَشياخ ومَشايِخُ.

فالشيخ وعلى وفق ما ورد بالقرآن الكريم لا تكون إلا للكبير في السن، ويطلق على أي رجل كبير في السن سواء كان مسلما أو غير مسلم، عالما أو جاهلا كونه مرحلة عمرية يمر بها الناس كافة.

ومع ذلك يجوز إطلاق كلمة (شيخ) لغةً وعُرفا على مَن يكثر علمه، ويشتهر بالمعرفة بين الناس؛ لأن هذا المعنى له علاقة بالمعنى السابق؛ إذ المشيخة -التي هي كبر السن وتقدمه -يفترض أن تكون سببا في زيادة العلم ودقة المعرفة، الخبرة والتجربة، ولهذا أطلقوا على من حاز المعرفة وصف (الشيخ)، كما يقول الراغب الأصفهاني في كتابه المفردات في غريب القرآن (ص/469): " يقال لمن طعن في السن:(الشيخ)، وقد يُعبّر به فيما بيننا عمن يكثر علمه، لمَّا كان مِن شأن (الشيخ) أن يكثر تجاربه ومعارفه “. وعلى هذا الأساس لقب العالم بأمور الدين بالشيخ توقيرا له مثلما يوقر الشيخ الكبير. كما لقب به سيد القبيلة والعشيرة ورئيسها لمكانته فيها. فهو إذن لقب لصاحبه لعلمه أو لمكانته، ولا ينتقل بالوارثة كما جرى العرف عليه حيث يلقب ابن الشيخ بالشيخ. ولا يوهب من أحد كما هو الحال عندما يمنح الحاكم هذا اللقب لمن يريد كسب وده.

ما نراه اليوم أن (الشيخ) صار لقبا لكل من هبَّ ودبَّ، للجهلة والفتيان وغدا كنية لمن يظن أنه تزيده وقارا بين الناس دون أن يعرف معناها الحقيقي وهو الكبر في العمر. وصار لقبا لكل من يحصل على شهادة اكاديمية في العلوم الشرعية، وحتى لخريجي الاعداديات الإسلامية ممن يتولون شؤون الإمامة والخطابة والإرشاد في الجوامع. وهذا غير صحيح فلا يليق تلقيب طالبٍ مبتدئٍ في العلوم أو شابٍّ حديث السِّنِّ (بالشيخ) حتى لو اكتسب بعض العلوم أو تخرَّج من جامعة شرعية أو مركز للعلوم الشرعية، لأن المناهج الدراسية المتَّبعة قصيرة المدة ولا تفي بالغرض ولا تغطي المطلوب.

أما بخصوص العشيرة فلابد من رجل واحد يرأسها ويكون هو المرجع الأول والأخير فيها مخولا من قبل أفرادها وأبنائها من اجل الوحدة ولم الشمل، ولا بد أن يكون ذا أخلاق عالية وحسنة، وأن يكون محنكا، كريما، وشهما، شجاعا مقداما، حليما، متواضعا، فصيحا، لبيبا، طلق اللسان قوي الحجة ذا عقل راجح، وفكر مستنير، ونظر بعيد يفكر في العواقب، ويحسب لها ألف حساب حتى يستطيع دفع الظلم والحيف الذي يواجه عشيرته، وهذا الرجل هو من عرف بالشيخ.

وقد جرى العرف أن يكون هذا المنصب وراثيا أبا عن جد، فإذا مات يرثه أبنه أو أخوه وإن كان الابن صغيرا وهو الوحيد الأحق بالشيخة فأنه يكون تحت الوصاية حتى يكبر وفي هذا مضيعة للوقت بسبب هذا العرف. فلماذا لا يتقلده الوصي طالما أنه هو الذي يتحمل مسؤولية توجيه وارشاد (الشيخ الصغير)؟ ولماذا لا يتقلد هذا المنصب من تجد العشيرة فيه كل مواصفات الشيخ حتى لو كان من غير بيت المشيخة؟

إن وراثة المشيخة لا تعني أن يتولاها جاهل أو قاصر غير مدرك لعواقب الأمور لمجرد أنه ابن الشيخ المتوفى ليملأ الفراغ ويسد الشاغر الذي تركه والده. كما لا تعني أنها صفة يجب أن يحملها جميع افراد العائلة، فهي لقب يكون لمن نال ثقة القبيلة او العشيرة في حياته، وهي ليست ملكا مشاعا لأصول الشيخ وفروعه وحواشيه فيلقبون أنفسهم بالشيوخ لمجرد القرابة والنسب. كما أنها ليست ميراثاً يقسّمُ على وفق القسام الشرعي.

ولقب الشيخ ليس هبة يهبها الحاكم لمن يشاء بإرادة ملكية أو مرسوم جمهوري. كما أنها ليست عقارا يشترى ويسجل في دوائر التسجيل العقاري. وهو ليس منصبا يُستملك بالمال الذي صار اليوم في متناول الكثير، وصارت طرق الحصول عليه كثيرة سواء أكانت مشروعة أو غير مشروعة. وليست المشيخة مجرد سيارة وحماية وقصر ومضيف وعباءة وكوفية وعقال. فالشيخ كما هو معروف من (تشيخه) عشيرته.

اليوم صرنا نَبيت ليلنا على شيخ فنصبح على شيخين، فضلا عن ظهور مسميات جديدة منها (شيخ مشايخ) و(الشيخ أمير عشائر) و(شيخ عموم) و(شيخ عشائر) وغيرها من الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، وماهي إلا القاب للفخفخة والتبجيل، وصار من يدعي بها يطالبنا بأن نقولها له حتى لو كان موظفا أو مسؤولا إداريا أو أستاذا جامعيا ويزعل علينا حين لا نناديه بها.

نريد اليوم رجالا وطنين، عراقيين يحبون العراق قبل حبهم لأنفسهم. نريدهم مثلنا رعية لا شيوخا علينا، فقد تعبنا منهم وعاضا لم يقدموا لنا مما قالوه فعلا، ونريدهم قادة في الميدان، لا وجوها في الفضائيات، نريد منهم أن يكونوا منا ولنا ومعنا ومثلنا محبين للعراق والعراقيين.



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفقا بالمرأة
- الزَعِل
- الدولمه
- الفيس بوقيه
- أخطاء في الكتابة والإملاء
- وداعا عام الويل
- مجرد عتاب
- حكومة السنشيكراد
- أنا احبك
- حتيش وفتيش
- ذكرياتي مع أغنيات أم كلثوم
- كيفية توزيع المقاعد النيابية المخصصة على المرشحين الفائزين
- أكلة المقلوبة
- مناضل من مدينتي -كامل سعد صالح الهيتي
- دروس في اللغة – الحروف الشمسية والحروف القمرية
- دروس في اللغة - حروف المعاني
- مذكرات جندي
- المنتخب الشيعي والمنتخب السني
- التغذية المدرسية من الزعيم الى محمد تميم
- المرأة بين الضرب والهجر


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قحطان محمد صالح الهيتي - من هو الشيخ.....؟