أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان محمد صالح الهيتي - مجرد عتاب














المزيد.....

مجرد عتاب


قحطان محمد صالح الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4656 - 2014 / 12 / 8 - 00:14
المحور: الادب والفن
    


مجرد عتاب
اليوم مر شهران على وجودي في بغداد بعد أن قدِمت اليها نازحا (منفيا) من مدينتي هيت. شهران مرا ولم اخرج ولم أر بغداد إلا سبع مرات فقط، فبغداد لم تعد بغداد أيام زمان، وأيا كانت بغداد، والأسباب التي اضطرتني للنزوح اليها والعيش فيها، والتي لن اذكرها فهي معروفة للجميع، ولكني استشهد بقول الشاعر حسن المرواني من قصيدته أنا وليلى التي غناها كاظم الساهر وكان هذا البيت سببا للعداوة بينه وبين عدي صدام حسين:
نُفيتُ واستوطنَ الأغراب في بلدي
ودمـروا كـلَّ أشـيائي الحبيبات

ما أريد قوله اليوم هو: إن لديّ من الأصدقاء والمعارف سواء الشخصيين أو من أصدقاء مواقع التواصل الاجتماعي بكل أنواعها وصنوفها ما يزيد على الأربعة آلاف صديق، لم يسأل عني منهم سوى عدد لا يتجاوز العشرة، ومن هؤلاء العشرة من اتصل طالبا مشورة، أو لأمر خاص به، وبعضهم سألني عما أنا عليه كنازح.

اكتب اليوم لأقول: إن الزمن الذي نعيش فيه أغرقنا بالكثير من وسائل الاتصال، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر شبكات الهاتف النقال، وإن كلفة التواصل والاتصال والسؤال عن الأحوال لا تكلف إلا القليل من المال، سألت نفسي عن الأسباب التي تمنع هؤلاء الأصدقاء عن الاتصال بي! فلم أجد لذلك جوابا شافيا، قلت في نفسي ربما أن لبعضهم أعذارا، وربما أن حال البعض الآخر كحالي، ولكنني لم اقتنع بما قلت فالكثير منهم يكتب ويشارك ويدردش وجُلهم من يضحك(ههههههه) على منشور يستحق الضحك على ناشره لا على محتواه، ومن هؤلاء الكثير من أبناء مدينة هيت، مدينة أباءهم وأجدادهم.

تركت حاضري وعدت بنفسي إلى الماضي، إلى ذلك الزمن الجميل الذي لم تكن فيه وسائل الاتصال والتواصل كالتي هي اليوم. عدت إلى ذلك الزمن الذي كنا نقطع فيه مئات الكيلومترات لنطمئن على صحة صديق، أو لنسأل عن أخبار جار أو رفيق.

عدت إلى ذلك الزمن الجميل الذي كنا نذهب فيه إلى (كراجات) النقل لنسأل من جاء من مدينتنا إلى المدينة التي نحن فيها عن أحوال أهلها وعن آخر أخبارهم. عدت إلى ذلك الزمن الجميل الذي كان التواصل فيه يتم عبر هواتف البدلات التي ننتظر ساعات حتى يجهز الخط لنعرف أحوال الأهل والأصدقاء والجيران.

عدت إلى ذلك الزمن الذي كنا فيه ننتظر رسالة (مكتوب) مدون على غلافها (شكرا لساعي البريد)، عدت إلى الماضي لأفتخر به خلافا لما يفعله أهل العالم المتحضر اليوم الذين يفخرون بحاضرهم أكثر من ماضيهم لأنهم اليوم بحال أحسن من حال البارحة.

اكتب اليوم عاتبا وأقول إنه مجرد عتاب، و(العتب يغسل القلوب)، اكتبه اليوم معاتبا بعد هذين الشهرين التي قد أكون فيها أكثر راحة من الكثير ممن نزح وتشرد من العراقيين، أكتبته مضطرا بعد انقطاعي عن الكتابة منذ أن حللت في بغداد، (منفيا) لا حبا ببغداد الرشيد ومدينة السلام التي لي فيها ذكريات أيام جميلة حين كنت طالبا في جامعتها، ولكني جئت هاربا من الموت الذي تعددت أسبابه. اعتب اليوم لأن أحدا لم يقل لي (الحمد لله على السلامة) كون أحد الصواريخ الطائشة قصف بيتا لجيراني لا يبعد عن بيتي سوى أمتار معدودة، فدمّرَ منه جوانب وأشياء كثيرة، تركتها دون أن أعيرها اهتماما لأن سلامة الجميع أهم وأغلى من كل مال، تركت مكتبتي مدمرة وتركت زهور الداودي التي حان قطافها في هذا الشهر ولم أهديكم باقة منها كما أهديتكم في العام الماضي، وقبل هذا كله تركت ورائي الكثير من الذكريات، ولكنني لم انسَ حب مدينتي ولا طيبة أهلها.

اكتب اليوم معاتبا لا محاسبا، اكتب اليوم وفي النفس حاجات وفيكم فطانة، اكتب اليوم مع كل حبي لأغاني ياس خضر ولكني لن لأقول لأي منكم ما غنّاه (ولك لو تسوه العتب جا عاتبيتك) لأنكم تستحقون كل التقدير والاعتزاز ولكنه مجرد عتاب.



#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة السنشيكراد
- أنا احبك
- حتيش وفتيش
- ذكرياتي مع أغنيات أم كلثوم
- كيفية توزيع المقاعد النيابية المخصصة على المرشحين الفائزين
- أكلة المقلوبة
- مناضل من مدينتي -كامل سعد صالح الهيتي
- دروس في اللغة – الحروف الشمسية والحروف القمرية
- دروس في اللغة - حروف المعاني
- مذكرات جندي
- المنتخب الشيعي والمنتخب السني
- التغذية المدرسية من الزعيم الى محمد تميم
- المرأة بين الضرب والهجر
- النارجيلة
- قولي أحُبك يا حبيبي
- المسبحة تاريخا وصناعة وشرعا
- مَن مع مَن في مصيبة الأنبار؟
- الشاعر والصحفي والأستاذ
- هذا مو انصاف منك
- عبد الغفور جاسم محمد عبيد


المزيد.....




- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح
- -قوة التفاوض- عراقجي يكشف خفايا بمفاوضات الملف النووي
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين
- سميح القاسم.. الشاعر المؤرخ و-متنبي- فلسطين


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قحطان محمد صالح الهيتي - مجرد عتاب