أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير الخويلدي - الفلسفة بين الاسلام والغرب















المزيد.....

الفلسفة بين الاسلام والغرب


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 4704 - 2015 / 1 / 29 - 13:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" إن أهم شيء يجب علينا أن نراعيه في تعاملنا هو أن نبين للمسلمين بوجه عام أننا نريد أن نفهمهم لا أن نحاربهم"1

الجدير بالملاحظة هو وجود مفارقة تحكم علاقة الاسلام بالغرب على مستوى الفلسفة والتربية والسياسة وتتمثل في كون المسلمين مازالوا يجدون أنفسهم في تبعية تامة للغرب وفي حاجة الى الاعتماد عليهم في كل ضرورات الحياة ولكنهم في المقابل يسعون بكل ما أوتوا من جهد للتخلص من هذه التبعية والتحرر من سلطة الغرب عليهم ويبحثون عن مسالك أخرى ولذلك كانت العلاقة بينهما متناقضة وفصامية. فماهي علامات هذا التوتر وتداعياته؟
في البداية لم تحظ الفلسفة في الإسلام بالتشجيع الضروري للتقدم بينما ربط الغرب تقدمه بتحقيق الحداثة الفلسفية.
لقد أخذ العرب صناعة التفلسف عن الإغريق والفرس والشرقيين بصفة عامة واصطدم بأحكام الدين ونظرته المعيارية ورؤيته الصارمة للحياة بينما استفاد العقل الغربي من اجتهادات الفلسفة العربية وترجم معظم المؤلفات العلمية التي كتبت بلغة الضاد وانسلخ عن كل المناخ القروسطي وقام بثورة ضد التراث القديم. لقد تناولت الفلسفة عندنا الماورائيات والمنطق والأخلاق وتم تطعيم ذلك ببعض الاكتشافات حول الطبيعة واللغة والحساب والهندسة والفلك والجغرافيا والهندسة وعلوم الحيل والعمران والتاريخ والحضارة ولكن انتصر علم الأصول وحاز الفقه أولوية مطلقة في سياسة حياة الناس وتدبير شؤون المعاش وإعداد المعاد.
بينما ركزت الفلسفة عند الغربيين على العقل والوعي والذات والفرد والشخص والمواطن والكيان في العالم وأع
أما فلسفة التربية في حضارة إقرأ فقد اتصفت بالضغط والإكراه واتبعت عادة التأديب والضرب وتوخت أسلوب الإملاء والتلقين وكثر فيها الوعظ والإرشاد وسيطر عليها التقليد والنقل وخلت من روح الإبداع والابتكار وظلت العلوم العقلية محصورة في تبعية للعلوم النقلية والعلوم اللغوية والتصوف والسير والعبر.طت معنى للحياة والطبيعة والوجود وشكلت رؤية تاريخية للعقل وأنتجت عدة نظريات عن القوة والطاقة والسرعة والزمان والمكان وحرصت على الالتزام بالموضوعية في الأحكام وتحلت بالنسبية المعرفية ومنظورية العالم وعدمية القيم.
في حين أن فلسفة التربية في الحضارة الغربية قد تمحورت حول مبدأ الحرية وفعلت النقد وتجربة التنوير وسمحت بالتعلم الذاتي ومبادرة الفرد وشجعت على الحوار والتفاعل وإبداء الرأي والتعبير عن الموقف الشخصي وشجعت استعمال اللغات المغايرة وعمل الترجمة وتساهلت مع فعل الإبداع والمختلف والجديد.
من المفروض أن يكف المسلمون عن معاندة العلوم الفلسفية وأن تتضمن نظم التعليم لديهم التربية الفلسفية ومناهج التفكير الحي وتجد العلوم الإنسانية المكانة اللائقة وأن يتم تشجيع حريات التعبير والنقد والاعتقاد. ومن المطلوب أن يتوقف الرب عن النظر إلى الإسلام بوصفه ثقافة مغايرة ومعادية وأن يعامله ليس فقط باعتباره شريكا في صنع الحضارة الكونية وإنما عنصر داخلي ومكون ثقافي أساسي للمشهد الكوكبي.
لقد تأثرت حكمة الضاد بالعناصر الثابتة والمتحولة والموروثة والوافدة التي شهدتها الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع العربي الإسلامي وعكس النثر العربي والشعر العربي هذا التدفق والتراكم والغربلة التي عرفتها تلك الثقافة في الحقبة الوسيطة. ولقد لعبت العلاقة الجدلية بين المدن والنواحي النائية في مستوى الاقتصادي الزراعي والطبيعة الإقطاعية للعلاقات الاجتماعية وسياسة الناس من خلال الأحكام السلطانية ونظام ملكية الأرض والسياسة المالية ذات النمط التجاري في تحديد رؤية الإنسان للعالم الفلسفية وتوجيه طريقة التفكير التي يعول عليها لمواجهة المشاكل المعرقلة للأهداف المتعالية والمثالية في المنظور البعيد من جهة المقصد والدنيوية مرتبطة بالمصلحة على المستوى المباشر من جهة ثانية.
أما الحكمة الغربية فقد تأثرت بحركة الإصلاح الديني التي أنهت حقب من الحروب الأهلية واللاتسامح بين المذاهب والتعصب الفكري وزرعت موجات من التنوير ومسارات من التحديث للمجتمعات الأوروبية ولقد ساهمت الثورات العلمية والاختراعات التقنية في تفجير الثورة الصناعية في مرحلة أولى وفي تشكل الثورة السياسية التي ترتبت عنها أصداء اجتماعية وتداعيات فكرية مهمة عجلت بنهاية النظرة القروسطية التي ترتكز على انغلاق الكون وتشكل نظرة حداثية تعتمد أساسا على انفتاح الكون والهيمنة على الطبيعة.
لقد ارتكزت حكمة الرب على معرفة ما يفكر فيه الآخرون في أزمنة مختلفة وذلك بعية معرفتهم بصورة معمقة وإدراك تجارب حياتهم وطرقهم في تنظيم مجتمعاهم واستثمار ذلك في بلوغ أسلوب لحياة جيدة. وبالتالي " الشيء الذي ميز الغرب عن بقية العالم هو، في نهاية المطاف ، أخلاق الفعالية والنشاط، وكما أن التكنولوجيا قد غزت العالم فكذلك اكتسبت الأخلاق المتماشية معها قدرا لا يستهان به من النفوذ المتجدد"2
لقد عبر الفكر الإسلامي في الآونة الأخيرة عن أزمة عميقة في تملك التراث والوفاء لهويته الثقافية واعتقد أن الخلاص هو في الرجوع الى المبادئ والتعاليم التقليدية وبذلك سقطت في الأصولية والنصية والشمولية ودب اليأس حول إمكانية بناء التنمية واللحاق بركب الحداثة وتزايد السخط على الحكومات والتذمر من ظلم العولمة ووقع تحميل الاستعمار الجديد مسؤولية الفوات الحضاري وازداد الشعور بالغرابة في العالم ولكن لا ينبغي أن يشعر الناطقون بلغة الضاد بالتهديد والاستهداف من قبل الآخر الغربي وأن يتوقفوا بشكل منهجي واجرائي عن تغذية الحنين الى الأصول والبحث الهووي واثارة أشكال من سوء التفاهم مع العالم وأن يدخلوا في حوار مع الواقع التاريخي وأن يجروا اجتهادا عقلانيا حول النصوص والمرجعيات . لعل الاختلافات الناتجة عن أسباب سياسية واقتصادية بين الغرب والإسلام لا تؤدي إلى تفجر صراع إيديولوجي يستمر على مرور التاريخ وعلى طول الجغرافيا ولا تحول قيام أشكال من التلامس الثقافي والعلمي بينهما ومن وجود تشابهات روحية وأنثربولوجية بين العالمين قد تعزز التشارك بينهما في تحمل مسؤولية رعاية الحياة على الأرض وتدبير شؤون الكون والعناية بالمعمورة من كل تصحر وانحدار.
في الختام يمكن القول بأن الإسلام من حيث هو دين سماوي وظاهرة تاريخية لا يمثل أي تهديد على العالم ولا يجعل من المؤمنين به كائنات عنفية بالضرورة ولا يتكلم بلغة حربية تجاه الهويات والأديان الأخرى بل يجب أن يكف الغرب عن التمركز الحضاري ويشرع للتعددية الثقافية ويعامل الإسلام باعتباره شريكا حتى يشعروا المسلمون بأنهم ليسوا منبوذين وأن مستقبلهم ليس في خطر. علاوة على أن "ما يقدمه العالم الإسلامي هو بديل نموذجي لأوروبا يمكن للمرء من رؤية الشكل الفعلي لمجتمع منظم وفق مبادئ مختلفة "3 .
الهوامش:
[1] فريتس شتيبات ، الاسلام شريكا، ترجمة عبد الغفار مكاوي ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت، عدد302، أبريل، 2014، ،ص83
[2] برتراند رسل، حكمة الغرب، عرض تاريخي للفلسفة الغربية في اطارها الاجتماعي والسياسي، ترجمة فؤاد زكرياء، سلسلة عالم المعرفة، 364، يونيو2009، الكويت، ص294
[3] أنتونيو بلاك، الغرب والاسلام ، الدين والفكر السياسي في التاريخ العالمي، ترجمة فؤاد عبد المطلب، سلسلة عالم المعرفة، عدد394، نوفمبر، 2012، الكويت،ص42.
المراجع:
فريتس شتيبات ، الإسلام شريكا، ترجمة عبد الغفار مكاوي ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت، عدد302، أبريل، 2014،
برتراند رسل، حكمة الغرب، عرض تاريخي للفلسفة الغربية في اطارها الاجتماعي والسياسي، ترجمة فؤاد زكرياء، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، 364، يونيو2009،
أنتونيو بلاك، الغرب والإسلام ، الدين والفكر السياسي في التاريخ العالمي، ترجمة فؤاد عبد المطلب، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، عدد394، نوفمبر، 2012،
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفصل العنف والكلام في السياسة والشعر والفلسفة
- يورغن هابرماس ومراجعة الغرب صورته عن ذاته
- فلسفة جاك دريدا في مواجهة عولمة الإرهاب
- آراء سياسية من الفلسفة العربية
- ما سر حضور الأساطير في الفلسفة ؟
- هاني فحص ...مصلح ترك بصمات
- حوار مع الفيلسوف الدكتور زهير الخويلدي
- الذنب العربي والغفران الصعب
- التجربة الفلسفية بين النقد والتأسيس
- الروح العلمي الجديد عند غاستون باشلار
- تقنيات العناية بالذات في النشاط الفلسفي
- سيرورة التثقف وتبدل الأطوار الحضارية
- المشكل الأنثربولوجي في فلسفة موريس مرلوبونتي
- العقلانية العربية بين إحياء التقليد والحداثة المعطوبة
- مفهوم الذاكرة بين الوعي الانساني والديمومة الزمانية
- هل من تناقض بين الرغبة والسعادة ؟
- فنومينولوجيا اللذة والألم
- الدلالة التاريخية للدولة الديمقراطية
- المنعطف الهرمينيطيقي لفلسفة للدين عند بول ريكور
- من التبعية الثقافية الى الاستقلال الحضاري


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير الخويلدي - الفلسفة بين الاسلام والغرب