أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شادي عمر الشربيني - في ذكرى يناير الرابعة... دم شيماء يحول الفجوات إلى خنادق















المزيد.....

في ذكرى يناير الرابعة... دم شيماء يحول الفجوات إلى خنادق


شادي عمر الشربيني

الحوار المتمدن-العدد: 4703 - 2015 / 1 / 28 - 12:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع أني عشت قسطا وافرا من حياتي مع اليسار وأهله، تعرفت فيه على الكثير من الزملاء وتكونت صداقات، إلا أنني لم يكن لي الحظ في التعرف على أو مقابلة شيماء الصباغ. لذلك فإنني استغربت من كم الحزن والشجن الذي اجتاحني عندما سمعت وقرأت خبر استشهادها، شعور غريب أنبتاني وكأني أعرفها منذ ألف عام، وكأننا جلسنا سويا مرارا وتكلمنا وتناقشنا وكأنها كانت أقرب الأصدقاء. وعندما شاهدت فيديو لحظة استشهادها، شعرت أن ألف سكين تمتد لتمزق القلب وشرايينه، أن الدم الذي يسيل هو دمي، أن الروح التي تفارق هي روحي... وفجأة لم يعد في عقلي وقلبي وضميري سوى سؤال يدوي ويصرخ: لماذا لم تكن هناك...؟؟!!! لماذا تركت شيماء بين يدي الجلاد...؟؟!!! لماذا لم تجعل جسدك درعا ومتراسا يحمي أشجع ما فينا وأنبل ما فينا...؟؟؟!!!
وكأنك يا شيماء...
وكأنك يا شيماء كلمات النور، وألحان من قلب الوجع والألم على الفجر بها ننادي.
.................................
.................................
إن عبد الفتاح السيسي أول من يعترف بالفجوة بينه وبين الشباب، بين نظامه وبين جيل كامل يمثل الكتلة الحيوية لمصر وقلبها النابض، لقد ظهر ذلك جليا في الانتخابات الرئاسية فيما يشبه عزوفا شبابيا عن التصويت، والرئيس نفسه يرى رأي الشباب في أداءه عبر تقارير قياس الرأي العام لقطاع الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك والتويتر. لكن هل يفهم الرئيس أن سبب احباط الشباب وغضبه المتنامي هو أنه يرى أن نظام مبارك عاد للحكم بعد أربع سنوات من ثورة يناير الشعبية العظمى. إن الذين يتحدثون عن عودة نظام مبارك، ليسوا كلهم من الإخوان، ولكن بين جماعات الثورة الحقيقية، والشباب يشكل عمودهم الفقري، من ينعى الثورة، ولأسباب تتصل غالبا بعودة مظاهر للقمع الأمني، والتغول على الحريات العامة، وسيطرة أفواج من جماعة مبارك على مراكز مؤثرة في الحكم، وسعيهم للاستيلاء على مقاعد البرلمان المقبل، مع تزايد أعداد الثوريين المغيبين خلف أسوار السجون. الشباب يتنفس الغضب بسبب التناقض الرهيب بين حالة الثورة وحالة السياسة، فالثورة بأهدافها تميل إلى الوسط واليسار السياسي والاجتماعي، بينما حالة السياسة لنظام السيسي تميل إلى العكس، وتسيطر عليها أطياف اليمين الفلولي والليبرالي، بالاستناد إلى القوة المالية التريليونية لطبقة النهب العام، بينما المجتمع الأفقر الثائر لا يملك سلاحا سياسيا.
لكن الكارثة هنا أن السيسي لا يرى أن إعادة إنتاج خيارات مبارك السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي الأزمة والمشكلة، هي جذور تنامي غاضب واسع مكتوم بين قطاعات واسعة من الشعب وبالأخص الشباب الذي يشعر بالخديعة والقهر، السيسي يرى أن سبب غضب الشباب هو أنه لم يأخذ نصيبه من المناصب...؟؟؟!!!!
ونتفق جميعا على أن جزء من الأزمة والاحتقان السياسي والاجتماعي في مصر هو ذلك الاستبعاد الطويل للشباب، ولكن ذلك هو الجزء الأبسط من المسألة، وأنه حتى لو جاء الرئيس بأطقم من المساعدين والوزراء وحتى نائبا له من الشباب، فإن ذلك لن يحل أزمة ولن ينفس غضبا، لأن المشكلة بالأساس في استعادة طرق وأنظمة عجوزة، شائخه وتابعة، أنظمة منزوعة العزة والكرامة تتمرمغ في وحل كامب ديفيد وتسبح بحمد شيوخ القبائل في الخليج. أنظمة ترى أن كل أزمة مصر هي نقص المال وعجز الموازنة، وفي نفس الوقت تغمض عينها عن الثروات المنهوبة والفوارق الطبقية الصارخة التي ترسخ استيلاء طبقة الواحد بالمائة على نصف الثروة الوطنية، أنظمة تصنف الناس في فئتين، فئة المستثمرين الذين يجب صنع اللامعقول وتقديم كل التنازلات وإغماض العين عن أي فساد حتى يرضوا عنا ويستثمرون، وبقية الشعب الذين يمثلون العابئ ويعيشون على الدعم ويشكلون مصدر كل المشاكل والأزمات...!!!!
إن الفجوة بين السيسي والشباب لها أسبابها الموضوعية وليست أسباب شخصية أو طمع في نصيب من الكعكة كما يتصور السيسي ورجاله، وبما أنه يصر على أغامض عينه عن تلك الأسباب، ويصر على تسطيح المسألة واختزالها في أسباب تافهة ومبسترة، فإنه من الطبيعي جدا أن تتطور الفجوات بينه وبين الشباب وتزداد عمقا وأتساعا... وأخيرا فإن دماء شيماء الصباغ حولت تلك الفجوات إلى خنادق حرب تمترس فيها الأطراف، وتذهب بالخلاف إلى حدود القطيعة....
في صباح يوم 25 يناير، كانت شيماء الصباغ، أمينة العمل الجماهيري بحزب التحالف الشعبي في فرع الإسكندرية، سعيدة بفكرة وضع إكليل الزهور على النصب التذكاري لشهداء يناير. بدئت مسيرة لا تزيد عن أربعين فرد تسير متوجه إلى التحرير، كان كل أسلحتها باقة زهور ولافتة كبير كتب عليها "عيش – حرية – عدالة اجتماعية"، وذهب أحد قادة الحزب إلى قائد المجموعة الأمنية لكي يشرح له هدف المسيرة، وكانت المفاجأة هي اعتقاله، و بدأت القوة الأمنية في التعامل مع المسيرة بإطلاق قنابل الغاز والخرطوش... تفرقت المسيرة وبدأ الناس في الجري فرارا من الغاز وطلقات الخرطوش التي كانوا يسمعون رنين بليها على بلاط الأرصفة خلفهم... في تلك اللحظة لم ينتبه أحد إلى أن شيماء أصيبت بطلق خرطوش في ظهرها، وسالت دماءها غزيرة ودافقة، فقط شاب واحد أنتبه إلى أصابه شيماء، حملها بين زراعيه محاولا انقاذها، لكن فاضت الروح الطاهرة و خلعت قلوب الملايين وراءها...
أعرف أنه بالطبع لم يكن النظام يقصد قتل شيماء والتنكيل بها، والأرجح أن القوة الأمنية الموجودة نفذت بشكل آلي أوامر صدرت لها بسحق أي محاولة للاقتراب من ميدان التحرير، وذلك بدون انتظار للفهم أو محاولة للتميز... المسئول عن قتل شيماء ليس بالضبط تلك القوة التي تصدت لمسيرة سلمية محدودة، وليس وزارة الداخلية بأكملها، ولكن حادثة شيماء مثلت نقطة انفجرت فيها تناقضات متراكمة بين جيل ونظام، جيل يتشوق إلى تغيير يجدد الدولة والمجتمع من الجذور، و نظام يتصور أنه يمكن إقناع الناس بتغيير موهوم عن طريق خطابات إنشائية وكلمات رنانة فارغة...
لقد كان الصدام حتميا... ودم شيماء لم يسيل صدفة أو خطئا... بل كصرخة احتجاج مدوية تعلن بداية النهاية...
"البلد دي بقت بتوجع.. ومفهاش دفا.. يارب يكون ترابها براح.. وحضن ارضها.. اوسع من سماها" كلمات كتبتها "شيماء" على واقعها الافتراضي يوم 14 يناير... كلمات تعكس الضيق المتنامي الذي يعتصر بقبضته القاسية نفوس الملايين، ودماء ترسم الطريق نحو موجات جديدة من التمرد النبيل.



#شادي_عمر_الشربيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكشف عن طبيعة التناقض بين الدولة ورأس المال في مصر
- العدوان على سوريا... ماذا تريد إسرائيل؟؟
- من الدوحة إلى لندن... لماذا تم التخلي عن جماعة الإخوان المسل ...
- بعض من ما جرى....؟!! 3- عن ليفي راعي الربيع العربي...!!!
- بعض من ما جرى....؟!! 2- التقرير السويدي
- بعض من ما جرى....؟!! 1- ماذا قال طارق علي عن الناتو في ليبيا ...
- الديمقراطيات لم تعد استثناءا...؟!
- يوليو...و خيارات يناير 1 - عن رثاء الحقبة الليبرالية
- حتى تكون ثورة...1- في معنى الثورة


المزيد.....




- ماكرون: فرنسا -ستقاتل بشدة- للإبقاء على -إميلي في باريس- وعم ...
- آل باتشينو يعتبر كونه أباً جديدًا بعمر الـ 84 عامًا -معجزة ص ...
- الصحة اللبنانية: قتلى وجرحى في هجوم إسرائيلي على بيروت
- هل ستتخلى إيران عن وكلائها في المنطقة؟ وزير خارجيتها يرد
- الصحة اللبنانية: 18 شهيدا و92 مصابا في القصف الإسرائيلي الأخ ...
- مصر.. الحكومة تحسم الجدل حول بيع المطارات
- ترامب يتهم شبكة إخبارية أمريكية بالاحتيال ويطالب بسحب ترخيصه ...
- شرطة قبرص تعتقل 8 سوريين يشتبه في تمويلهم منظمة مسلحة في بلا ...
- 11 قتيلا على الأقل في -غارتين إسرائيليتين- على بيروت
- تقرير يكشف استخدام تطبيقات المراسلة لنشر الدعاية السياسية وا ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شادي عمر الشربيني - في ذكرى يناير الرابعة... دم شيماء يحول الفجوات إلى خنادق