أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - التعايش السلمي و تأبيد حالة الاستثناء














المزيد.....

التعايش السلمي و تأبيد حالة الاستثناء


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4695 - 2015 / 1 / 20 - 21:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التعايش السلمي و تأبيد حالة الاستثناء

مساهمة أرسلت لمجلة حنطة كمشاركة في عددها عن التعايش السلمي

قد تبدو كلمات التعايش السلمي ذات وقع جيد على الآذان , خاصة كلمة السلام .. لكن التعايش السلمي بين البشر , ليس مبدأ يجب قبوله بشكل غير نقدي , فهو في الحقيقة يحمل من المعاني السلبية أكثر مما يبدو للوهلة الأولى .. فهو يضع "الآخر" في مكانة أدنى بالبداهة , و يحكم سلفا بإدانته لكن الحكم الذي يصدره بحق ذلك الآخر , لأنه "مختلف" , يكون هنا مخففا , يكتفي بالحكم عليه بالعيش على الهامش , لكنه عيش على الأقل .. إن تقبل الآخر لا يجعله شريكا في الجماعة البشرية , بل العكس تماما .. الحقيقة أن هذا جزء من عملية خلق و إدامة التوتر الضروري لاستمرار المجموعات الهرمية , لأن مثل هذا التوتر الدائم هو ما يمنح البعض الحق في الهيمنة على كل الآخرين .. في مجمل الأحوال , سواء برفض الآخر قطعيا ( اضطهاد و قمع "هويته" و حتى محاولة إلغائه ) أو جزئيا ( كما في حالة "التعايش السلمي" ) , يستمر تقسيم المجتمع و وضع بعضه في مواجهة بعضه الآخر , و التشديد على الطبيعة التناقضية للعلاقات بين أفراده لتبرير إنشاء قوة منفصلة عنه , تزعم أنها تلعب دور "صمام أمان" لتلك النزاعات .. هذا ما قصده كارل شميدت ( أحد منظري النازية ) بتعبير "حالة الاستثناء" , التي تصبح مبررا , حتى لحكومات الدول "الديمقراطية" , لتعليق العمل بحقوق الإنسان و فرض إجراءات قمعية "استثنائية" .. إن لعبة السلطة هي خلق "حالة استثناء دائمة" .. التعايش السلمي هنا هو نتاج لمحاولة عقلنة حالة الاستثناء أو تلك التناقضات التي تسعى لتأبيدها و استثمارها لقمع المجتمع .. حالة العقلنة أو القوننة تلك التي رصدها فوكو في حفرياته المشهورة , التي نسبها إلى صعود الحداثة , و أخذ مؤسسات العقاب كنموذج لها .. مع صعود البرجوازية و حداثتها , قامت السلطة الجديدة ب"عقلنة" العقاب , لم يعد العقاب طقسا رمزيا مفرطا في قسوته للدلالة على السلطة عبر ممارسة جسدية تعتمد على إحداث مفرط للألم , بل أصبح مقننا , عقابا فكريا أكثر منه جسديا , و بالقدر الضروري فقط ليؤدي وظيفته في خدمة أغراض السلطة , لكنه بكل تأكيد ليس أقل همجية .. صحيح أن القمع لم يعد صاخبا , لأن موضوعه أي الإنسان تغيرت صفته القانونية أو شكل علاقته بالسلطة التي يخضع لها و التي تحاكمه و تعاقبه , لكنه بذلك لم يحتفظ فقط للسلطة بحقها المطلق في قمع الأفراد و في استمرار وجودها كقوة مستقلة عنهم , فوقهم , بل جعل منها أيضا بهذا التعديل في ممارسة القمع سلطة "عقلانية" , تمارس قمعا "عقلانيا" ,"مقننا" لكنه "ضروري" .. أيضا لا تريد فكرة التعايش السلمي إلغاء التناقض أو حله , بل تريد "قوننته" , و تسعى عن طريق قوننته إلى تأبيده , لتبرير وجود قوة فوق المجتمع "مسؤولة عن سلامته" في وجه تلك التناقضات التي تعمل كنوازع لتدميره , قوة تتمتع بسلطات استثنائية في فرض كل شيء من أعلى , و احتفاظها و احتكارها حق ممارسة العنف ضد الجميع عند الضرورة , و وضع المجتمع تحت الرقابة الدائمة و معاقبته استباقيا أو وقائيا كلما رأت ذلك "ضروريا" .. نظام الاسد و سائر الأنظمة العربية القائمة , و إلى حد ما , المعارضة السورية المؤسساتية , هي أمثلة جيدة على حالة الاستثناء الدائمة تلك .. جميعا تقدم نفسها على أنها "شرط" ضروري "لاستمرار سوريا" موحدة , قد يضاف إليها عند الضرورة صفات أخرى تداعب أساسا مزاج الشارع ( مدنية , إسلامية , علمانية ) .. لكن القضية ليست فقط في إدامة التناقضات داخل المجتمع , بل أيضا في جعلها غير قابلة للحل , ضمان ألا يتمكن البشر من أن يحلوا هذه التناقضات بأنفسهم .. هكذا يكون الكلام عن التعايش السلمي مجرد وجه آخر لخطابات و ممارسات رفض الاختلاف و الإصرار على التماثل و التجانس المطلقين المفروضين بالقمع , علنا على "كل مخالف" و ضمنا على الجميع .. تناسب فكرة التعايش السلمي القوى السلطوية التي تزعم أنها "أكثر عقلانية" , أنها تعمل على "عقلنة" قمع الدولة للمجتمع : فهي ترسخ بذلك التناقض بين أفراد المجتمع , و تحله على نحو غير متساوي , لتبقى جذوة السخط قائمة , و في نفس الوقت تمنع الناس من أن يبادروا بأنفسهم لحل تلك التناقضات , أية محاولة لنقاش تلك التناقضات علنا و تفكيكها تدخل في باب الاستثناء , و تعتبر على أنها انتهاك للتعايش السلمي , للتوازن الهش المزيف , الذي يعتبر الحالة الطبيعية للمجتمع .. إن تجاوز هذا المأزق يتطلب شغلا هائلا , خاصة من الناس أنفسهم .. إنه التحدي الذي يواجه البشرية طوال تاريخها العاقل تقريبا .. لا يمكن هزيمة الهيمنة دون أن يصبح المجتمع قادرا على حل تناقضاته أو إدارتها بنفسه , و إلا فإن شبكة علاقات الهيمنة التي نسجت حول أفراده ستجدد نفسها باستمرار



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن قيام داعش بإعدام امرأة بتهمة -الزنا- .....
- ترجمة المنشور رقم واحد للمجموعة الألمانية المعادية للنازية , ...
- عن الفردية و التمرد للأناركي الفرداني الإيطالي رينزو نوفارتي
- أناركيون
- لا تقتل لليو تولستوي
- رسالة إلى الخليفة البغدادي
- تعليق على مقال الدكتور عصام الخفاجي جهاديو الحركة الشيوعية و ...
- موقف منظمة أهدوت ( الوحدة ) الأناركية الشيوعية الإسرائيلية م ...
- في نقد الحالة السورية
- في البحث عن -حقيقة-
- سنوات الستينيات و السبعينيات اللاهبة
- العنصرية المعادية للسوريين , و العنصرية المضادة , و موت الأو ...
- رسالة إلى الرفاق الأناركيين الكرد
- زوال أوهامي عن روسيا , لإيما غولدمان
- عن المجموعة الأناركية كرايم ثينك crimethinc
- الدين , و الثورة .. بين التاريخ و الحاضر
- الأناركية النقابية عن الإضراب العام
- ماكس شتيرنر : الأناركي الذي يحب كل إيديولوجي أن يكرهه للأنار ...
- الشيوعي المجالسي الألماني باول ماتيك يستعرض كتاب الثورة المغ ...
- مبادئ النقابية الثورية * - من دستور الممية الأناركية النقابي ...


المزيد.....




- ترامب يكشف سبب -صعوبة- مطالبة إسرائيل بوقف ضرباتها على إيران ...
- تظاهرة في ماليزيا دعماً لإيران وفلسطين ورفضاً للدعم الأميركي ...
- مظاهرات حاشدة في بغداد دعمًا لإيران ورفضًا للحرب
- ليفربول يضم الألماني فيرتس في أغلى صفقة في تاريخه
- المحكمة العليا الأمريكية تجيز قانونا يسمح بمقاضاة السلطات ال ...
- هل تحمل رؤية -صمود- لسلام السودان تحولا في موقف التحالف؟
- انتهاء محادثات جنيف بلا اختراق وإيران تتمسك بشروطها
- عقوبات أميركية جديدة تستهدف مزودي إيران بمعدات -حساسة-
- إسرائيل تتوعد إيران بمعركة طويلة وتتحدث عن أيام صعبة
- بوتين قلق من اتجاه العالم نحو حرب عالمية ثالثة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن كم الماز - التعايش السلمي و تأبيد حالة الاستثناء