أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - علي المدن - إدارة التوحش














المزيد.....

إدارة التوحش


علي المدن

الحوار المتمدن-العدد: 4687 - 2015 / 1 / 10 - 14:53
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


من الناس من يقضون جُلَّ أوقاتهم في العمل وتدبير المعاش، ومنهم من يقضون أوقاتهم في تأمل مشكلات نظرية في قضايا معرفية، وقد يكون هذا هو عملهم الوحيد .. وفي النهاية قد يتفق أن لا يتاح لكلا الفريقين فرصة تأمل ذاته ومشكلاتها ... إلا أن الأشخاص من الفئة الثانية هم الأكثر بعدا عن الاستماع لنصائح غيرهم العملية في تذليل هذه المشاكل، لأن المعرفة مهما كان مجالها تمنح صاحبها نوعا من العجرفة والغرور بالغنى عن الآخرين ...
شخصيا أجد في الغالب أنني بحاجة لطرح بعض الأسئلة على نفسي أكثر من طرحها على موضوع خارج عني، أنا أحب أن أعرف الكثير عن مشاعري، عن دوافعي، عن خياراتي، عن ردود أفعالي، عن مصادر فهمي، عن كيفية فهمي وتقييمي للأمور، عن الطرق التي أسلكها غالبا في تعاملي مع من حولي ... إلخ.
كلنا سمعنا بجملة: "الحياة الباطنية الغنية" ... في تصوري أن بداية هذا "الغنى" تكمن في هذا المران المستمر على طرح أمثال هذه الأسئلة .. وسيكون رائعا لو كان هناك من يشاطرك "تجربته" في هذا المجال .. ومن هنا أجدني مغرما بمطالعة السير الذاتية لكبار الكتّاب في العالم من شعراء وروائيين وفلاسفة وفنانين وعلماء .. بل التعرف على كل خبرة وليدة موقف عملي .. كما لو كتب متسلق جبال عن الخوف، أو سائق فرمولا 1 عن المغامرة، أو مصارع ثيران عن التحدي، أو محترف دراجات هوائية عن الشغف، أو عدّاء عن البطولة ... إلخ. لا أعني أن عمق هذه التجارب يأتي من كون أصحابها محترفين لتك التجارب، بل من ممارستهم لها، كما هو الحال مع من يكتب سيرته مع علاج مرض خبيث، أو ذاك الذي يحدثنا عن الإحساس بالشوق لحظة غرقه، أو عن فهمه للأسرة وقت اشتباكه مع عدوه، أو حنين الرحالة لبلده ... إلخ.
هذه التجارب والمزاولات هي واحدة من أغنى مصادر الوعي بالحياة الباطنية للإنسان، لأنه لا توجد معرفة أسمى من تلك التي تكون مصدرها الممارسة، التجريب، المواقف العملية.
الكثيرون منا يقرنون العمق الفكري والثراء الروحي بتلك الكتب ذات العبارات الهائلة والألفاظ الفخمة والاصطلاحات العسيرة المزعجة، ولكن الحقيقة هي أن من يستفيد من هذه الكتب، ممن هم على غير اختصاص بموضوعها، هم قلّة يسيرة، وجُل المعرفة التي يحصلون عليها يكون هدفها التباهي أو بز أشخاص آخرين، وليس الفهم الأفضل للإنسان والحياة. إن الهيمنة، كما الخوف، من أهم الدوافع الغريزية لدى الإنسان. هذا بالطبع ليس تقليلا من شأن هذا النوع من الكتب، إذ إن الكثير مما يقال بوضوح أحيانا يحتاج إلى تفصيلات في منتهى الدقة في مستوى آخر ليفهم بنوع أوسع. ولكن من الصائب والواقعي القول إن فهم الحياة الجوانية للذات لا يحتاج للدقة أكثر من حاجته للوضوح.
من هنا أجد من الضروري العودة بين الفينة والآخرى لتلك الكتب التي تتحدث عن "تنمية الذات" وتطويرها، ليس لأن النصائح التي تقدمها هذه الكتب تصدر عن معرفة تخصصية، بل لأنها نصائح مصحوبة بـ"تمارين" يمكن اختبارها من خلال التطبيق، وبالتالي التأكد من جدواها.
اخترت هذه المرة كتابا يتحدث عن "الغضب"!! وهو موضوع يكاد يقف خلف عدد كبير جدا مما نمر به على المستويين الشخصي والعام. الغضب يكتسح فينا كل شيء! نحن كأشخاص، غاضبون على أنفسنا، وفي بيوتنا، ومع جميع من نلتقيهم في العمل أو في الشارع أو في المطعم أو في الباص .. إلخ، ونحن كشعب وأمة، غاضبون اليوم إلى حد "تدميري" أعجز أشد الناس حنكة استيعابه والسيطرة عليه.
كتاب السيدة جيل لندنفيلد: (طرق مختصرة للاحتفاط بهدوئك: نصائح واستراتيجيات ستغير حياتك) لم يكتب ليعالج هذه المحنة الهائلة التي تعصف بنا، فهو ليس دواء لأمة، ولم يكن هدفها يتجاوز تعميم السلام في حياة الأفراد الذين فقدوا سلامهم وهدوءهم الداخلي. إنها تعترف بأن الفوارق الفردية (مزاج، ثقافة، شخصيات ملهمة) تجعل "القواعد العامة الفعالة" في إدارة الغضب قليلة، ولكن ذلك لم يمنعها من المحاولة. واستراتيجيتها تقوم على التعامل مع الغضب انطلاقا من فهم طبيعته كـ"وحش"، نبدأ بترويضه على تحمل أعباء المسؤولية، ثم تأتي محاولة تزويد صاحبه بمهارات وفنون التعبير عنه بشكل آمن وبارع وإيجابي. هي تدرك أن أهم ما على القارئ أن يستعد له هو "إعادة تدريب الاستجابة التلقائية"، لأن هذا هو بالتحديد ما يجعل منا "متحضرين". ليس هذا الكتاب نصيحة من متصوف يتحدث عن أعماق حالات الوجد والهيام وانقباضات الروح وانبساطاتها في علاقاتها مع المطلق، بل هو مجرد إرشادات عملية يمكن الرجوع إليها عندما نصادف اختبارات حقيقية من واقع الحياة.
الهدف بسيط بالنسبة لمتصوف، ولعله تافه بالنسبة لمن يضيق بالمهام البيداغوجية، ولكنه مفيد في نظر من هم أكثر تفاؤلا .. وأنا أحاول أن أكون من بين هؤلاء



#علي_المدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما يستفزني
- بؤس الوجود الرمزي للمثقف
- نقد الممارسة الأيديولوجية عند ريمون رويَّه
- عذابات النص بين كاتبه ومترجمه ومتلقيه
- رسالة من الجماهير الغاضبة في البصرة
- التراث .. أداةً لتزييف الوعي
- بذرة التفلسف
- السياسة والأمل
- الرئيس فيلسوفا
- متى يكون السياسي فاشلا؟
- الأساطير المؤسسة للعمل السياسي في العراق: السياسة كحرفة
- هل يؤسس الإلحاد مذهبا إنسانيا في الحب؟ نقاشات تنموية في فضاء ...


المزيد.....




- طيور وأزهار وأغصان.. إليكم أجمل الأزياء في حفل -ميت غالا 202 ...
- حماس تصدر بيانًا بعد عملية الجيش الإسرائيلي في رفح وسيطرته ع ...
- التعليم حق ممنوع.. تحقيق استقصائي لـCNN عن أطفال ضحايا العبو ...
- القاضي شميدت يتحدث عن خطر جر بولندا إلى الصراع في أوكرانيا
- فيتنام تحتفل بمرور 70 عاماً على نهاية الاستعمار الفرنسي
- نشطاء مؤيدون للفلسطينيين يحتلون باحة في جامعة برلين الحرة
- الأردن: إسرائيل احتلت معبر رفح بدلا من إعطاء فرصة للمفاوضات ...
- باتروشيف: ماكرون رئيس فاشل
- روسيا.. الكشف عن موعد بدء الاختبارات على سفينة صاروخية كاسحة ...
- الإعلام العبري يتساءل: لماذا تسلح مصر نفسها عسكريا بهذا الكم ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - علي المدن - إدارة التوحش