أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عماد حياوي المبارك - دعوة سياحية















المزيد.....

دعوة سياحية


عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4685 - 2015 / 1 / 8 - 00:03
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


دعوة سياحية

التقارير التي تتحدث عن السفر والرحلات والسياحة والتي نطالعها على صفحات الصحف وعلى التلفاز تسمى (بأدب الرحلات)، وهي تنتشر اليوم كثيراً فمنهم من يستخدم طاقمه الخاص من مخرج ومصورين وبكافة مستلزماتهم، فمنهم من يقوم برحلات السفاري أو في أعماق البحار، وفيهم من يتجول بين البلدان ويصور نفسه إما على ثلوج الأسكيمو وبحلقة ثانية نجده في حمامات تركيا الحارة أو في شواطئ المحيط الهندي الدافئة أو غابات ومجاهل أفريقيا الساحرة... وهكذا.
هي صناعة بكل مقوماتها، ولها متابعيها الذين تشدهم رؤية تلك البقاع ، حتى أن الدول السياحية تقوم بتسهيل مهمة هذه الكوادر، لأن هذه البرامج والتقارير تقوم بالترويج السياحي لهذه البلدان بشكل قد يبدو غير مباشراً.

أنا بصراحة قد أغرتني تلك الجولات وحلمت أن أعيشها، ومع أني أأتابعها من داخل منزلي، فأطوف معهم بعقلي بينما جسمي مستلقي على الأريكة، لكني أتمتع بتلك الجولات... قطار يلف حدود ايطاليا ليضع مراسية أخيراً في فينيسيا، وسفينة تمخر نهر السين وتستريح بباريس، وباص ذي طابقين يتجول بلندن ودبي...

ولكي لا يُعتبر بحثنا هذا كأحد البرامج الترويجية، فسأصف (رحلة الأحلام) دون تسمية الشركات أو الأماكن كالفنادق والمتاحف وغيرها التي يمكن أن تشتملها هذه الرحلة.
وسنبحث معاً عن السؤال الآتي...
(هل يمكن أن تنطلق سفرة ـ نهرية ـ من شواطئ بحر الشمال للبحر الأسود، أكرر سفرة نهرية؟).

لنبدأ خطوة... خطوة.
علاقة الإنسان بالنهر حميمة، أعظم الحضارات، المصريون والعراقيون والصينيون، كل حضاراتهم القديمة قامت عند شواطئ الأنهار كونها مصدر الماء العذب والوسيلة السهلة للنقل والتجارة ومصدراً غنياً للأسماك.
في غابر الأزمان كان لا يمكن أن تقوم مدينة بدون وجود نهر، أما اليوم فيمكن للمدينة أن تنشأ بعيداً عن النهر بفضل تكنولوجيا ضخ المياه بعد تصفيتها أو تحليته.

(وهكذا فإن النهر يعتبر صديق المدينة ورفيقها الدائم)

في أوربا، حيث المطر وفير وبالتالي الماء متيسر، مما يعني بأن مدنهم لا تقـُم حتماً على الأنهار، ومع هذا فالكبيرة منها تقع قريبة من النهر بحيث تسهم الأنهار بشكل أو بآخر في التواصل فيما بينها، مستفيدة مما يـُـقدمه من تسهيلات في التنقـّـل والأتصال والشحن.
في هولندا وقبل عصر المكننة، كان يتم نقل الناس وبضائعهم بين المدن بواسطة (لنشات) تطفو على شبكة الأنهار المعقدة، كانت تسحبها الدواب بواسطة أمراس (حبال) تجرها الخيول والأبقار التي تسير على سدود ترابية بمحاذاة النهر...
هكذا تطورت علاقة الإنسان بالنهر، واليوم وبرغم تقدمنا التكنولوجي، لا يمكننا الاستغناء عنه، حيث تُستخدم مياهه ليس للشرب والسقي والاستخدام المنزلي فقط، بل في الصناعة وفي عمليات تبريد توربينات محطات الطاقة الكهربائية أو قضبان الكربون بمحطات الطاقة النووية...
× × ×

أكبر نهرين في أوربا بعد (الفولكا) هما (الدانوب والراين)، ينبع الأول من الأراضي الألمانية ويتجه شرقاً الى البحر الأسود قاطعاً أوربا لنصفين، ويتجه الثاني شمالاً ليصب بالمحيط الأطلسي، ويشترك النهران بأنهما ينبعان من مصدر واحد هو الغابة السوداء بمثلث الحدود الألمانية الفرنسية والسويسرية.

نهر الدانوب هو الأطول ويعبر عشرة بلدان وتقع عليه أربعة عواصم، ويقطع سلاسل الجبال بمشقة ويمتد مستريحاً بين السهول المنبسطة والمروج الخضراء لأوربا الشرقية ليكون شاهداً على تاريخ القارة، حروبها وأحداثها وفعالياتها على مدى قرون، حصون وقلاع وقصور شهد الدانوب على بناءها، قادة وملوك ودكاترة وطغاة، علماء وأدباء وموسيقيون، كلهم شربوا من مياهه على مر العصور.
أما الراين فله مكانة كبيرة في ذاكرة الأوربيين، وأختراقه في الماضي كان يعني عبور الحدود الفاصلة بين الرومان بالشرق والجرمان بالغرب ل ، حيث تختلف أصولهم وأنسابهم وحتى في مصادر لغاتهم.
× × ×

تعمل العديد من شركات السياحة على تنظيم سفرات نهرية طويلة بسفن سياحية تحمل على متنها عدة مئات من السُياح وبمبالغ تتعدى الألف دولار، تجوب هذه الأنهار العظيمة لعدة أيام.
قامت أحدى الشركات المتخصصة بإدارة الجولات السياحية، بتنظيم سفرة (نهرية) تبدأ من مصب (الراين) لمصب (الدانوب)، وبنفس الوقت تقوم أخرى معاكسة، فتسير الرحلتان نحو بعضهما كلٌ واحدة تسير بعكس المجرى، أي من مصبهما حتى (الغابة السوداء) حيث منابعهما.
تمر السفينتات بأجمل بقاع القارة العجوز وأعظم مدنها لتتوقفان على بعد عدة عشرات الأميال من بعض، فيتم نقل (الكروبات) بالباصات السياحية ويلتقون في فندق ويتعارفون ويقصون على الآخرين كيف كان النصف الأول لسفرتهم، ثم تستمر كل مجموعة بالسفينة الأخرى وهذه المرة بأتجاه جريان النهرين حتى يدرك (الكروبان) أخيراً المصبين، لتقوم طائرتان بإعادتهما من حيث أتوا.
هاتان السفينتان السياحيتان تبحران ليلاً وتتوقفان في أحدى المدن الكبيرة نهاراً بحسب منهاج مخطط له مسبقاً، تمر السفن بمدينة (فينا) لتتمتع حين تسترخي بليالي الأنس وبسماع سمفونية الدانوب الأزرق حيث عندها يصبح النهر أهدأ بجريانه وأصفى، وتقوم قناطر بتنظيم جريانه والسيطرة عليه.
يشطر (الدانوب) عاصمة هنكاريا لجزأين، (بودا) المرتفع بجبله الذي يضم كنيسة تغوص بين أحشائه، و(بست) السهلي الذي يحتضن مبنى البرلمان الرائع وبينهما الجسر الحجري الجميل، ومدينة (برتسلافا) عاصمة (سلوفاكيا) بقلعتها الشهيرة ذات أشجار (الآلو) المعمرة وجسرها المدهش، ومدينة بلغراد بتاريخها العريق.
ثم يتجه النهر الذي يُعد أغزر أنهار أوربا وملهم شعرائها وموسيقييها لدول المصب في أوربا الشرقية، يتلوى بين المروج الجميلة بأوكرانيا ثم يُشكل دلتا النهر عند الحدود بين بلغاريا ورومانيا ليصب بالبحر الأسود.
وينظر الأوروبيون (للدانوب) ليس كمجرد نهر كبير، وإنما على أنه يحمل ذاكرة وثقافة وتاريخ، وهذا ما تستعرضه السفرة النهرية من خلال توالي أيامها ليرى السياح صفحات متسلسلة لصروح الفن والثقافة والعلم، وتمر أمامهم مَشاهد القلاع الحصينة للقرون الوسطى ومسارح معارك كبرى وقصور لقادة عظام.
أما (الراين) فهو شقيقه لأنهما ينبعان من (رحم) واحد هو الغابة السوداء بألمانيا، فيتجه مخترقاً الأراضي الألمانية حيث مدن (بون وكولن ودسلدورف) ليصل الأراضي الهولندية المنخفضة ولينشطر عند مدينة (نايميخن) التاريخية لعدة أجزاء تصب كلها أخيراً ببحر الشمال، أهمها (الفال) الذي تقع عليه مدينة (روتردام) أكبر موانئ أوربا وثاني أكبر مرفأ لتجارة البترول في العالم.

من المفارقات أن نفس الكتلة الجليدية على أطراف جبال الألب السويسرية الفرنسية حين تذوب، تـُغذي روافد الدانوب فتذهب مياهها شرقاً للبحر الأسود أو تغذي نهر الراين المتجه شمالاً لبحر الشمال، بحران تفصلهما عدة ألوف الأميال.

السفرة ممتعة ومفيدة، فكلما تحط أقدامنا بمكان، نرى الفرق والتنوع بين أنماط بناء وتشييد مدن وبين ثقافات وعادات وتقاليد شعوبها، وتفاوت حتى ولو بسيط بهيئة وملامح البشر، ونحصل على فرصة لتذوّق أكلاتهم وقضاء أيام قليلة بمُتغيرات كثيرة...

عماد حياوي المبارك

http://forum.stop55.com/297495.html
بحث عن الأنهار



#عماد_حياوي_المبارك (هاشتاغ)       Emad_Hayawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غضب سانت هيلنز
- هل تخلع (أنتركتيكا) ثوبها الأبيض؟
- سيفن فل يُشهرْ
- جرذ... جرذين... جرذان
- عقول من تراب
- طوكيو تحت الصدمة
- وصيّة البابا البطران
- طليان
- صغيرة على الحب
- هدم زبناء
- حياة متألقة ووفاة هادئة
- الورث الذي سأتركه
- أغضب ... كما تشاء
- المايسترو
- الرجل الذي يعرف قدر نفسه
- الغزو مستمر
- أبو السَّحِب
- بانكوبان
- خرابة بارتي
- رون وآسو ... والآخرين


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عماد حياوي المبارك - دعوة سياحية