|
مقالات الليبراليين الديمقراطيين ... المقالة الثانية
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 19:53
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
المقالة الثانية : العقيدة الوطنية . هي كلمة مركبة أو قل مفهوم مركب ، من العقيدة : التي هي الفكر أو محتوى التفكير ودائماً ترتبط العقيدة بمعنى الإيمان لترسخ في الذهن ذلك المعنى المتداول للعقيدة وعلمها ومحتوآه ، لذلك يرى بعض الباحثين الليبراليين ان للفظة معنيين اصطلاحيين أحدهما أعم من الأخر : الأول : يعني جملة النظام الفكري والمعرفي . الثاني : يختص بالنظام الفكري المُحدد لشكل وطبيعة السلوك الانساني . وأما الوطنية : فتعني حب الوطن والتضحية من أجله بالنفس والمال ، وحين ترتبط العقيدة بالوطنية يكون الإرتباط شاملاً ومتعددالأبعاد ، وطبعاً لا يصح التفكيك بين حب الوطن والإيمان به ، لأن الحب في الغالب ينبع من إعتقاد ممزوج بعاطفة وعشق ولهذا كان الدمج بينهما أي بين العقيدة والوطن هو دمج إقتضاء وضرورة ، يقول ينس شاتيل : إنه من خلال الإعتقاد بالقيم الوطنية يمكننا تحويل المفهوم العلمي للفكر الانساني إلى أداة للفكر الوطني ويكون هو عاكس له ، وعندنا أعني حسب المفهوم الليبرالي الديمقراطي : لاتلغي العقيدة النشاط الوطني بل تعطيه زخماً وحيوية من خلال تمسكها بمبدأ العمل الصالح بين أبناء كل الوطن ولصالح كل الوطن ، وهذا المعنى نفهمه من جملة النظام المعرفي والفكري الذي تؤوسسه أو تعتني به ، أعني ان العقيدة الوطنية : تعمم النسق المعرفي للمفهوم الليبرالي الديمقراطي عن قضية الهوية الوطنية والتعلق بالوطن والإنتماء إليه والتضحية من أجله ، وحين نطرح العقيدة في هذا السياق نطرحها لأننا نعمل على الربط والتنسيق والتكامل بين المفهوم النظري للطبيعة الوطنية وبين نظرتنا السياسية والإجتماعية لمعنى ومفهوم الوطن الواحد . وبما أننا عرفنا الليبرالية الديمقراطية : كوعي إجتماعي يعبر عن صيرورة إجتماعية هدفها صيانة الانسان وحماية نظامه الفكري والاجتماعي والسلوكي ، يعني هذا كون الصيانة والحماية في هذا المجال بمثابة العنوان والرمز لقضية واقعية موضوعية نلتزم بها من خلال الالتزام بمنظومة القيم التي نؤمن بها ، ولا بد من القول إن الإيمان بالوطن في الفكر الليبرالي الديمقراطي ينطلق من الإيمان العام بالإنسان وبالتربة ، ولا يفرق الليبرالي بين الوطنية والعقيدة وعدم التفريق هذا يرتبط بسعي الليبرالية الديمقراطية لتحقيق الأمن والرفاهية للمواطن ، بل لكل كائن مخلوق حي وهنا تفترق الليبرالية الديمقراطية عن غيرها من النظريات وبعض المدارس الفكرية التي تلغي الأخر بحجة مخالفته للعقيدة بمعناها الديني ، والإلغاء في جوهره دائماً سياسي محض يقوم على أساس المنفعة ، وحين نستعرض تاريخ مدارس الفكر الديني نجد إنها تكرر نفسها في صيغة رفض الآخر ، ولهذا عاشت المحنة نفسها ضد جماعات وطوائف تنتمي إلى الدين نفسه كذلك ، فمحاكم التفتيش الديني في أوربا ودواوين الزندقه في العصر الأموي والعباسي ضد المختلفين شاهد على ذلك . وهذا الواقع ليس حالاً تأريخياً وحسب بل ان الفرق الدينية السياسية وغيرها تمارس عملية الجز التاريخي من خلال المسوغ الشرعي حسب مسماهم . إن الراديكاليين ولعدم إقتناعهم وإيمانهم بمبدأ الحوار يلجئون للقول بالتعارض بين العقيدة والوطنية ، والحوار العلمي هو الذي يقرب الأذهان إلى الطبيعة الموضوعية لمعنى العقيدة الوطنية ، ولكن المتطرفيين ونتيجة لأحساسهم بالعجز السياسي والإجتماعي يلغون الحوار بحجة دواعي الحفاظ على الهوية الدينية والتي يقولون أنها تتعرض لهجمة من العلمانيين ، أي إنهم في الحقيقة يغلبون الذاتي على الموضوعي والتغليب منشأه اعتبارات آنية وحسابات خاطئة محصورة في زاوية الحرص على الذات ، وهوحرص لايساعد في عملية البحث عن الذات بطريقة موضوعية ، طريقة من شأنها كسر حواجز الأنا التي تساهم في عملية التمدد الفكري باتجاه الأخر ودعوته للحق الذي يؤمنون به . مع إن مبدأ الحوار الذي نؤمن به مرغوب به في ذاته لذاته ، حتى من غير النظر في مسألتنا هذه ، لأنه في طبعه تحرير ورفض للأنا الذاتي ، أعني إن الحوار من أجل العقيدة الوطنية والإيمان بها ليس ترفاً فكرياً أو أدبياً ، وإنما كان تعليماً وتدريباً للجميع باعتبار الحوار في نفسه مقدساً ، والليبرالية الديمقراطية تعتبر الحوار من أجل الوطن وتقدمه هو الركيزة التي يقام عليها بناء المجتمع ، وهو نفسه الذي يؤسس للديمقراطية وللحياة الحرة الكريمة ، وإيماننا بالحوار ثابت وعام ويستهدف ملاحقة كل ما من شأنه ان يطور النظم الحياتية العامة ، لما يخدم الوطن وتحرره وإستقلاله وطرد قوى التخلف التي تعبث به عبر التشكيلات الفئوية والطائفية ، إن الإعتقاد بالوطن إعتقاد بالوجود وبالهوية وهو الشكل الملازم لحياتنا التي نشعر بها ونحس .. يتبع
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقالات الليبراليين الديمقراطيين
-
عام الأمل .... عام الرجاء
-
تهنئة للرئيس التونسي المنتخب السيد الباجي قائد السبسي
-
تكفير داعش
-
الأزهر وإشكالية التكفير
-
الدكتور العبادي والتحديات
-
الإسلام المتخلف
-
عقلانية الرئيس فؤاد معصوم
-
الحسين ثائراً
-
العلاقات العراقية السعودية
-
ستبدأ الحرب على داعش
-
تحرير المعنى
-
مؤتمر باريس
-
عن الغيير والديمقراطية
-
العيد في زمن الفتنة
-
الخلافة الإسلامية
-
على مشارف رمضان
-
عندما يطفح الكيل
-
بيان صادر عن - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – ( فلتسقط
...
-
الحاكم القوى
المزيد.....
-
ما أسباب فوز اليمين المتطرف في أوروبا وما تأثيره على الوضع ف
...
-
الانتخابات الأوروبية.. ما سر صعود اليمين المتطرف في أوروبا؟
...
-
حزب العمال يتوجه بنداء إلى الشعب التونسي وقواه المدافعة عن ا
...
-
تيسير خالد : استقالة غانتس وايزنكوت ، تركت حكومة الاحتلال فا
...
-
في تصويت بمثابة الاستفتاء على ميلوني... اليمين المتطرف الإيط
...
-
الانتخابات الأوروبية بدول الشمال..تراجع اليمين ومكاسب لليسار
...
-
ارتفاع الإنفاق الرأسمالي ينقذ اقتصاد اليابان من انكماش أكبر
...
-
أحزاب اليمين المتطرف تحقق مكاسب هامة في الانتخابات الأوروبية
...
-
اليمين المتطرف يعزز مواقعه بالانتخابات الأوروبية ويحدث زلزال
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 10يونيو 2024
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|