المصالحة المصرية القطرية

حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4682 - 2015 / 1 / 4 - 13:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

المصالحة المصرية القطرية
الأصل في سنة الله الجارية حصول التبدل في المخلوقات والأحداث والوقائع ، وانتقالها من حال إلى حال وتجاوزها من محطة إلى أخرى ، تراكة في أحيان كثيرة ، آثارا مهمة وربما خطيرة في مجالات عديدة ، وقطاعات مختلفة من المجتمع ، بينما تمر في أحيان أخرى كطيف عابر لا أثر له يذكر .
فالمتابع للمجتمع المصري وتطوره خلال الفترة الأخيرة ، يدرك أن أمورًا خطيرة قد طرأت على الميدان السياسي والركح الاجتماعي ، وأن قطاعات واسعة من المجتمع بكل أطيافها وعلى اختلاف أوزانها ومراكزها ، وتفاعلت مع إيجابياتها وسلبياتها على المدى القريبة والبعيدة ، واختلفت جل الفئات المجتمعية حول تكوين رؤى وتصورات تقييمها ، كل حسب مقدرته على تحليل الأحداث ، كما حدث مع القضية التي أصطلح على تسميتها "بالمصالحة " والتي تفاعل معها البعض من منطلق المصلحة السياسية المحضة ، بغض النظر عن الاعتبارات الوطنية والإنسانية البديهية. وتفاعل معها البعض الآخر بطريقة ميكانيكية تتأرجح بين المثالية والانتهازية، متخذين منها وسيلة لإثبات صحة آرائهم وانتقاداتهم فيما يتعلق بأداء النظام السياسي ومن دون إيلاء أي اهتمام للظرف الإنساني والسياسي ، وتفاعل معها فريق ثالث بطريقة يمينية بها الكثير من الحمية والقليل من العقلانية ، مشجعا الحلول الأمنية وحدها، على أنها المخلص الأوحد من الكوارث ، بينما أن هناك فريق رابع تفاعل معها من منظور وطني إنساني ، وفرح لزوال وضع وكرهه ومقت فاعليه ، ودون أن يكلف نفسه عناء تكوين فكرة عن الأسباب التي قد تكون قد أدت إلى مثل هذه المصالحة ، أطلق العنان لخفة دمه ونسج سلسلة من الطرائف والتنكات حول تصورهم ومنظر أولئك المتصيحفين المتحاملين على مصر ، وتصوره لوضعهم -وهم يقرؤون نص بيان شبكة الجزيرة ، والذي تم تطبقه بالفعل - الذي سيكون بدون شك ، كمن "دارها وجلس عليها" كما يقول المثل المغربي ..
لا أخفيك أيها القارئ الكريم ، إنني أيضا ، لا أتصور ماذا هم فاعلون بعد توقف قطر عن معاداة مصر وشعبها ، وقبولها شروط الرئيس المصري حول المصالحة التي دعا إليها شيخ الحرمين ؟ والتي من بين أهم ما جاء فيها : تغيير قناة الجزيرة لاتجاهها المناوئ لمصر 360 درجة ، والذي قد تم بالفعل وأقفلت الجزيرة مباشر أبوابها في انتظار فتحها في القاهرة ، كما جاء بيان لشبكة الجزيرة ، قرأته مذيعة بالقناة قالت فيه إنها " قدمت آخر مواجزيها، اليوم، وستغلق مكتب القناة بالدوحة، لحين توافر الظروف المناسبة لعودة البث من القاهرة" فكيف سيواجه سفهاء المعلومة أنفسهم بالحقيقة الناصعة التي إن دلت على شيء ، فإنها إنما تبرهن على غفلتهم أو غبائهم الشديد ؟ وهل سيتراجعون عن شطحاتهم وعدوانيتهم المجانية وينقلبون على قناعاتهم ؟؟ وأين سيوارون وجوههم - إن كان في وجوههم حياء – من الشعب المغربي قبل الشعب المصر الذي كثيراً ما هاجموه ظلمنا وبطريقة هستيرية في تلك الأوقات العصيبة الشّاذ ، واعتدوا على حكامه وانتقصوا من إيمانهم ، بل هناك من أخرج الكثير منهم من الملة والدين ، بشتى الأعذار، فهم تارة متبرجون، وتارة مستهترون ، وثالثة عملاء مارقين خارجين عن العربة ، وحجج أخرى ما أنزل الله ولا القانون ولا العرف من سلطان أو تعاليم أو خلق ، ليجروا هذا الشعب المسلم -الذي يعبد الله ويؤمن برسوله في تقوى صادقة ، ولا يرغب إلا في أن يعيش في أمن وأمان ورخاء إن أمكن - إلى الانقسام والفتنة والحروب البينية القاتلة المدمرة ، بفكرهم الفاسد والمغلوط وكأنه لم يكفيهم ما يضرب مفاصل العالم العربي والإسلامي من حروب بينية قاتلة مدمرة، ومعارك طائفية بسبب ما يشيعونه من التعصب والصوت الواحد، والضيق بالآخر..
حميد طولست [email protected]

#حميد_طولست (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل