أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - تناقض مقبول














المزيد.....

تناقض مقبول


سماح عادل

الحوار المتمدن-العدد: 4681 - 2015 / 1 / 3 - 20:49
المحور: الادب والفن
    



نص: سماح عادل
دوما ما تحتاج إلى وقفة مع النفس.. تزداد الحاجة إلى هذه الوقفة عند الأحداث الكبرى، كأن تترك العمل- وهذا أمر متكرر-، أو يقترب العام من الانتهاء، أو تتصاعد حدة الخلاف في وسطها العائلي.

في الماضي كانت تبذل جهدا أكبر لترضى عن نفسها، وتتقبل أمراضها، وعيوبها، أو على الأدق سلوكياتها غير المرغوبة والتي تعد الجينات الوراثية مسئولة عن جزء كبير منها، كان تحميلها للجينات الوراثية مسئولية كثير من سلبياتها أمرا مريحا لذهنها، لأنه يجعلها مجبرة بشكل ما ، وكأن التصرف بشكل لا يرضيها في الحياة، ويجلب سخطها بشكل يومي، أمر خارج عن إرادتها .

ومع تزامن حدثين من الأحداث الكبرى التي تتطلب وقفة كانت في حالة مختلفة، تركها للعمل وبداية سنة جديدة لم يكن لهما نفس الأثر في الماضي، أصبحت أكثر هدوءا، خبا الخوف المعتاد من المستقبل، والذي كان يأخذ شكلا مبالغا فيه في بعض الأوقات، كما خف التوتر الذي يعد مكونا هاما من شخصيتها، تشعر بالرضا، ليس كاملا لكنه كافي لإيقاف التوتر.

لا تعلم ما سبب الرضا، ترتاح له ولا تهتم لتقصي أسبابه بدقة، رغم شغفها لتقصي كل شيء يخصها وحتى الأشياء التي تخص الآخرين، فالتفكير والبحث وتحليل الأمور أمر تفعله بشكل لا إرادي ويوميا حتى أنها في بعض الأحيان تكره دوران ذهنها السريع، ومراوحة الأفكار التي تتداعي في كل اتجاه.

تجد نفسها مهتمة بكل التفاصيل، حتى تفاصيل أشخاص لا يمتون لها بصلة، جيران لا تتعامل معهم، أو أصدقاء أصدقاءها، تتماهي معهم في أحداث حياتهم وتتخيل نفسها تعيشها.

الهدوء غير المتوقع الذي تشعره داخلها لم يثر استغرابها بقدر ما أراحها حدوثه أخيرا، أصبحت قادرة على تقبل تناقضها دون سخط، رفضت أن تبحث عن عمل آخر في هذا الوقت، قررت أن تستمع بصحبة ذاتها لفترة، لتعرف ماذا تريد، ولما كانت على حافة التمزق في الفترة الأخيرة.

في تلك الفترة كان تخطيها ال35 مرعبا، جعلها تتخبط، وامتلكتها حالة مأساوية من الإحساس بالظلم، متوهمة أنها لم تعش سنوات شبابها كما ينبغي، آلمها شعور أن سنوات شبابها خطفت منها، لذا تقمصت حالة الشابة العشرينية لفترة، ولم يرحها ذلك أيضا بل شتت ذهنها أكثر.
الآن هي راضية، تستطيع أن تري الجانب الأفضل، حتى من أكثر الأحداث سوءا، تتقبل توترها، تلك اللعنة الحياتية، بل وتتلذذ أحيانا به، أصبحت أكثر قدرة على الشعور بالأمور الايجابية، لم تعد تقصف الشعر الأبيض الذي يتسلل لها، وتستمتع بكون شعرها يخلو من الشيب مقارنة بأصدقاء كثيرين في مثل عمرها أو أقل زحف إليهم الشيب، كما تستمتع بتعليقات البعض بأنها تبدو أقل من عمرها.

تنظر إلى جسدها الذي امتلأ ثانية بعد الجلوس في المنزل، حتى أصبحت الملابس ترفض مطاوعتها عند الارتداء، وتكرس في ذهنها تلك الصورة المتخيلة عن نفسها، والتي تكون فيها رشيقة، طويلة الشعر، يافعة.

تفرح لنظرة زوجها المفاجئة أثناء الحديث، وكأنه اكتشف شيئا مهما:" ايه ده انتي عينيكي حلوة قوي"، وتفرح أكثر لكلمات العشق الذي أصبح يمطرها بها أثناء توحدهما معا، وشغفه على جسدها، رغم مرور 7 سنوات، واللهفة في تلمس جسده، و التي تملئها لذة.

ربما كان اهتمام زوجها، واكتشافها أنه يعشقها أحد أسباب الرضا عن الذات، فهي تعرف جيدا أن الإشباع العاطفي أحد أهم الأولويات في حياتها، كذلك تحقيقها لحلم الإنجاب سبب آخر، أيقنت أنها حققت أكثر من نصف ما تمنته في الحياة، وربما ما حققته كان الأهم .

تفرح أيضا عندما يردد ابنها الأكبر كلماتها، ويعبر بوجهه بنفس تعبيرات وجهها، كأنها ترى نفسها تتكلم، يملؤها هذا بإحساس ساحر، وغريب ، خاصة عندما يردد بعض كلماتها البلهاء، أو تعبيرات وجهها المضحكة، تعلم أنه سيرث منها بعض الأشياء، وتخشى أن يصبح مثلها تماما، خاصة في تلك السلوكيات التي أرقتها في الماضي .

تقرر الابتعاد فترة عن الناس، والاستمتاع بالوحدة، وفي نفس الوقت تتواصل مع جميع الأصدقاء وتتلهف لمعرفة ردود أفعالهم على تواصلها معهم على "الفيس بوك".

أصبحت تقبل بالتناقض، أن تحب الشيء ونقضيه، أن تكون بداخلها شخصيات أخرى متباينة، أن تكون شابة عشرينية في بعض الأوقات، وتكون أما مسئولة في أخرى، زوجة ناضجة في بعض الأحيان، وشابة نزقة متهورة،أما تعلم أبنائها، وطفلة تلعب معهم، إنها هي في كل الأحوال، وتناقضها مغري وممتع، ويشي بالثراء.



#سماح_عادل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع المبدع كرم صابر
- عزلة
- في داخلي قمر
- أصبحت سافرة
- بين خانتين
- رواية رائحة كريهة صوت البرجوازي الصغير المهمش
- ...............!!!
- يوم عادي لفتاة ليست عادية بما يكفي
- تضامنوا معنا ضد إفقار ال مصريين تضامنوا معنا لإلغاء تجارة ال ...
- عرض كتاب السيرة الهلالية لمحمد حسن عبد الحافظ
- لا ألم في حوض الماء
- بورترية لجسد محترق...أنة وجع من عفن الحياة المعاشة
- -العالم لنا- اشكاليات تجذر حركات مناهضة العولمة النيوليبرالي ...
- الحركة النسائية العالمية ..محاولة للاستلاب وتفريغ المضمون ال ...
- اروى صالح مناضلة احبطها العنت الذكوري
- في ظل تأريخ متشابك للحركة الشيوعية يضلل أكثر مما يكشف محاولة ...
- تنويعات ملل بشري
- الجهاز قصة قصيرة
- كل الهواجس حوله
- إشكالية المثقف في المجتمع


المزيد.....




- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - تناقض مقبول